تشهد أعداد متزايدة من الجامعات الأميركية وتيرة متصاعدة من الاحتجاجات الطلابية، التي تطالب بوقف تعامل هذه المؤسسات الأكاديمية مع إسرائيل، وسحْب استثماراتها من شركات توريد الأسلحة، بالإضافة إلى الدعوة لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
ومع تجاوز الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شهرها السادس، وقتل إسرائيل أكثر من 34 ألف فلسطيني، تكررت المطالبة بسحب استثمارات الجامعات من تل أبيب، وهو المطلب الذي سبق وتبنّاه طلاب الجامعات الأميركية بعد الانتفاضة الفلسطينية مطلع الألفينيات.
وباستدعاء إدارات الجامعات للشرطة التي اعتقلت الأسبوع الماضي، أكثر من 100 طالب في جامعة كولومبيا، تزداد حدة القمع وتواصل الشرطة مواجهة الطلاب المحتجين، إذ تم اعتقال المزيد من الطلاب في كليات إيمرسون، وجامعات جنوب كاليفورنيا، وتكساس في أوستن، ونيويورك.
ويواجه كلا الطرفين، الطلاب وإدارات الجامعات، ضغوطاً لإيقاف هذه الاحتجاجات، لكن مجموعة من الطلاب المنظمين للاحتجاجات في الجامعات المختلفة قالوا لـ"الشرق"، إن رد الفعل يوضح مدى قوة الحراك الطلابي وتأثيره لإحداث تغيير في القرارات والسياسات الأميركية، لافتين إلى تخليهم عن الرئيس الأميركي جو بايدن، وإجماعهم على التصويت بـ"غير ملتزم" في الانتخابات المقبلة.
بينما اعتبر أكاديميون تحدثوا لـ"الشرق"، أن تأثير الطلاب على السياسة الداخلية والخارجية في الولايات المتحدة قوي، لكنه يحتاج بعض الوقت ليحدث.
وأثار الأكاديميون تخوفات ومقاربات بين ما يحدث اليوم من عنف الشرطة وما حدث في ستينيات وثمانينيات القرن الماضي والذي أدى إلى سقوط عدد من الطلاب المحتجين، وقالوا إن حملات القمع المتزايدة تنذر بإمكانية حدوث أشياء أسوأ، خاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل.
جامعة كولومبيا
من كاليفورنيا إلى جورجيا، ومن بوسطن إلى فلوريدا، ومن واشنطن إلى نيويورك، انتفضت الجامعات الأميركية ضد "الإبادة الجماعية التي تحدث في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي"، بحسب الشعارات التي رفعها المحتجون.
وكانت البداية من حرم جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك، الأسبوع الماضي، مع إقامة "مخيم تضامن مع غزة" امتد إلى جامعات أخرى.
وفي خطوة تصعيدية، استدعت رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شفيق، الشرطة لفض المخيم في 18 أبريل الجاري، بعد يوم واحد من خضوعها لجلسة استجواب في الكونجرس، على خلفية الاحتجاجات الطلابية.
وبعد اعتقال أكثر من 100 طالب في كولومبيا، اتسعت رقعة التظاهرات الداعمة لفلسطين في غالبية الجامعات الأميركية في الساحل الشمالي والجنوبي وفي كل أرجاء الولايات المتحدة، وهو ما اعتبره المؤرخ بجامعة ميشيجان ديريك أيدي، المستوى الأكثر تركيزاً للنشاط الفلسطيني الذي شهدته الولايات المتحدة على الإطلاق.
وقال أيدي لـ"الشرق"، إن الحراك الطلابي من حيث الحجم والنطاق، يُقزم أي شيء آخر، "فقد تولى هذا الجيل الجديد من طلاب الجامعات رفع راية فلسطين الحرة بطريقة لم يمكن لأجيال النشطاء السابقة سوى أن تأمل وتحلم بها. تكتيكاتهم أصبحت أكثر جرأة، مزيج من احتجاجات حرب فيتنام في ستينيات القرن الماضي، ونشاط مكافحة الفصل العنصري في الثمانينيات".
وشبَّه أيدي عام 2024 بـ 1968، حين اندلعت احتجاجات الطلاب على حرب فيتنام وتسببت في موجة إضرابات بجامعات الولايات المتحدة، لكنه وصف مستوى القسوة الإسرائيلية في غزة بأنه لا يضاهى ولا يشبه هذا الوقت من التاريخ.
من جانبه، لفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة وسط أوكلاهوما حسام محمد، إلى أن نشاط الجامعات والطلاب كان ولا يزال أحد أهم العوامل المؤثرة على السياسة الداخلية والخارجية في الولايات المتحدة، مستدركاً أن تأثير الحراك الطلابي قد يستغرق بعض الوقت ليحدث.
وذكر محمد في حديثه لـ"الشرق" أن غالبية الأميركيين ينظرون إلى إسرائيل كدولة ديمقراطية، والقضية الفلسطينية بالنسبة لجزء كبير منهم ليست بنفس أهمية حمايتهم لإسرائيل.
ومع ذلك يعتقد أن الحركات الطلابية في مختلف الجامعات آخذة في النمو ومن المرجح أن تستمر حتى تتوقف الحرب ضد الفلسطينيين في غزة.
وأضاف محمد: "وفي الوقت نفسه، ليس هناك شك في أن هذه الاحتجاجات ترعب صناع السياسات والمشرعين في الولايات المتحدة وإسرائيل، نشاط الطلاب يضر بالقادة السياسيين من بايدن إلى (رئيس الوزراء الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو".
ورحَّب الخبير السياسي ومدير معهد الدراسات النووية بالجامعة الأميركية في واشنطن بيتر كوزنيكنيك، بالاحتجاجات الطلابية. وقال لـ"الشرق"، إنه أمر قد طال انتظاره، "وأتمنى أن ينتشر إلى مناطق أخرى أيضاً".
لكن أكثر ما يقلق كوزنيك هو التوقيت "في معظم الجامعات، الفصل الدراسي ينتهي. بدأت الامتحانات النهائية. سوف يتفرق الطلاب قريباً. أنا أكره أن أرى الاحتجاجات تهدأ. يحتاج المنظمون إلى إيجاد طريقة لمواصلة هذا الأمر".
مطالب سلمية وتصعيد
ومن جامعة ييل في كونيتيكت، حيث اعتُقل عدد من المتظاهرين، قالت الطالبة وإحدى المنظمات للاحتجاجات في الجامعة ليلى هدروج لـ"الشرق"، إن مطالب الطلاب لإدارة الجامعة واضحة، وهي الكشف عن وسحب الاستثمارات من الشركات المنتجة للأسلحة، وأن تعترف الجامعة بدورها في الفصل العنصري الإسرائيلي، فضلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم وكيف تسهم استثماراتها في ذلك.
والمطلب الآخر، بحسب ليلى، هو "إنهاء الإبادة الجماعية في غزة، وأن تدعو الجامعات إلى وقف إطلاق النار".
وأُلقي القبض على ليلى، في ساعة مبكرة من صباح الاثنين الماضي من المخيم الموجود داخل باحة الحرم الجامعي. وقالت إنهم كانوا يريدون فعل ذلك في الصباح الباكر لأنهم لم يرغبوا في جذب كثير من الانتباه، إذ كان الحشد حينها صغيراً.
ووصفت ليلى عملية الاعتقال بأنها كانت نظامية للطلاب استناداً إلى العِرق والدين والجنس، موضحة: "انتهى الأمر بالطلاب المسلمين مثلي ليتم اعتقالهم أولاً. ثم اعتقال الطلاب من ذوي البشرة الملونة ثم البيض. وبعد ذلك، نقلونا في حافلات جامعة ييل، وبعد ذلك، اتهمونا بارتكاب جنحة من الدرجة الأولى والتعدي على الممتلكات، ثم أطلقوا سراحنا وأخبرونا أن علينا مغادرة المخيم الذي أعددناه قبل الحادث بأسبوع".
ولم يكن الوضع أفضل حالاً في جامعة نيويورك التي تشهد احتجاجات هي الأبرز من نوعها، حيث اعتُقل أكثر من 130 شخصاً.
وقال "إبو"، الذي طلب عدم ذكر اسمه الحقيقي خوفاً من التبعات الأمنية لـ"الشرق"، إن الطلاب يخفون وجوههم بعيداً عن الكاميرات تحسباً لاستهدافهم، لافتاً إلى أن هناك العشرات من الطلاب المحتجين قامت إدارة الجامعة بفصلهم، فضلاً عن الاعتقالات التي طالت الكثيريين.
وتسائل "إبو"، قائلاً: "كيف يمكن لإدارة بايدن دعم الإبادة الجماعية وإرسال الأموال لإسرائيل لقتل الفلسطينيين في حين يعاني الأميركيون هنا من البطالة والتضخم وارتفاع الأسعار؟".
وتابع أن الجامعات الخاصة بدأت في استدعاء الشرطة والتصعيد، وهو ما حفَّز الطلاب في الجامعات المختلفة على الاستنفار.
وأردف أن "جامعة نيويورك في منطقة ريفية ولم نر الشرطة من قبل حتى ولو مصادفة، لكنهم أرسلوا إلينا اليوم فرقاً وجحافلاً من الشرطة لقمعنا. الجميع يرى الإبادة الجماعية في غزة ويرى مشاركة الولايات المتحدة، لكن المشكلة الرئيسية في رأس المال الكبير والشركات المستثمرة مع إسرائيل والتي تملك أو تستثمر مع الجامعات".
وقال "ماسون" الذي اكتفى بذكر اسمه الأول فقط، وهو أحد الطلاب المنظمين للاحتجاجات لـ"الشرق"، إن "استجابة إدارة جامعة ميريلاند كانت أقل عدوانية مع الطلاب المعتصمين"، موضحاً أن إدارة الجامعة لم تقم بالتصعيد حتى الآن "على الرغم من أنهم طلبوا منّا تغيير مكان الاعتصام عدة مرات".
وذكر ماسون أن رد الفعل العنيف من قِبَل إدارة الجامعة في جامعة كولومبيا يوضح مدى قوة أصوات الطلاب في التأثير والتغيير، كما "يُظهر التهديد بإحضار الحرس الوطني قوة الطلاب في إنهاء الظلم وتغيير العالم"، بحسب وصفه.
وأشار إلى أن "الهدف من المعسكر الطلابي هو تعطيل الأنشطة بشكل أكبر للفت الانتباه إلى ما يجري في غزة، إذ يؤدي وجودنا في الحرم الجامعي إلى زيادة الوعي"، لافتاً إلى أنه يجرى التنسيق بين الطلاب المنظمين في جامعتي ميريلاند وجورج واشنطن لإقامة معسكر كبير في حرم الأخيرة.
وأوضح المؤرخ بجامعة ميشيجان ديريك أيدي أن "حملة القمع الوحشية في جامعة يوتا-أوستن، حيث تمت مواجهة المتظاهرين الطلابيين غير المسلحين وغير العنيفين بكامل القدرة القمعية للدولة، بما في ذلك شرطة مكافحة الشغب المسلحة بأسلحة هجومية"، على حد قوله.
وذكر أيدي أن "مديري الجامعات هم من بدأوا في التصعيد، إذ ارتفعت حالات الاعتقالات على مدار الأسبوع، حيث اعتُقل نحو 500 ناشط طلابي في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك في إيمرسون، وجامعة ولاية أوهايو، وما إلى ذلك".
وقال إنه "تم توجيه تهم جنائية ضد الطلاب المتظاهرين من قِبَل قسم الشرطة بجامعة ميشيجان، بعد أن عطَّل المتظاهرون حفل التكريم وقاطعوا خطاب رئيسها، لتقوم الجامعة بصياغة سياسة الأنشطة التخريبية الصارمة، مهددة باتخاذ إجراءات صارمة وطرد الطلاب الذين يعطلون أنشطة الجامعة".
ووقَّع أكثر من 1600 من أعضاء هيئة التدريس والموظفين على خطاب يدين السياسة المقترحة، "ولم تردع التهديدات الناشطين"، حسب قوله.
ضغوط مزدوجة
الشرارة التي انطلقت من جامعة كولومبيا كانت كلمة السر التي أشعلت الاحتجاجات في كل أرجاء الولايات المتحدة. واتفق الطلاب جميعهم على أنه لم يكن هناك تنسيقاً مركزياً من قِبَل الجامعات الأخرى للاحتجاج والاعتصام، لكن "صمود" كولومبيا دفعهم للمجازفة والوقوف أمام إداراتهم دعماً لفلسطين ولزملائهم.
ويعاني مدراء الجامعات من ضغوطات كبيرة ومزدوجة لقمع الاحتجاجات الطلابية. وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة وسط أوكلاهوما حسام محمد، إن الجمهوريين اليمينيين والجهات المانحة، ومعظمها من المنظمات والجماعات المؤيدة لإسرائيل، وانضمت إليهم مجالس إدارات الجامعات أو مجالس الأمناء الذين يتشكلون من أعضاء موالين لإسرائيل، قد اجتمعوا من أجل الضغط على مدراء الجامعات للحد من الاحتجاجات تحت ستار حماية الطلاب اليهود، وهي الحجة نفسها التي ساقها رئيس مجلس النواب مايك جونسون، إلى أسوار جامعة كولومبيا، في 24 أبريل الجاري، وقوبل بصيحات استهجان واسعة.
ومع ذلك، مدير معهد الدراسات النووية بالجامعة الأميركية في واشنطن بيتر كوزنيكنيك، أن "الجامعات تتحمل، في المقام الأول، مسؤولية حماية حرية التعبير، كما يجب عليها أيضاً حظر خطاب الكراهية وأفعال التهديد، بما في ذلك العنصرية وكراهية الإسلام والتي أطلت برأسها القبيح أحياناً خلال هذه الاحتجاجات".
وأردف كوزنيكنيك: "لكن خوفاً مما حدث لبعض الرؤساء الذين أجبروا على الاستقالة مثل رئيسة جامعة هارفارد كلودين جاي، ورئيسة جامعة بنسلفانيا إليزابيث ماجيل، كان رؤساء الجامعات على استعداد أكثر مما ينبغي للحد من الخطاب والنقاش في الحرم الجامعي، وبالتالي الاستسلام لليمينيين الذين طالما نظروا إلى الأوساط الأكاديمية باعتبارها معقلاً لليبرالية ولا بد من التغلب عليها".
ويقع ضغط آخر على عاتق مديري الجامعات، بحسب المؤرخ بجامعة ميشيجان ديريك أيدي، وهو حقيقة أن "الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين تهدد ركيزة أساسية للإمبريالية الأميركية في الشرق الأوسط، الدولة الإسرائيلية".
وقال أيدي إن "تحدي أحد الآثار الرئيسية للإمبراطورية الأميركية في منطقة حيوية جغرافياً وغنية بالموارد لا يعني مواجهة مديري الجامعات وموظفيهم فحسب، بل أيضاً مواجهة مجموعة واسعة من الهيئات الحكومية والسياسية، ومصالح الشركات"، لافتاً إلى أن "تحالف كل هذه القوى يعني أن الطلاب لديهم مهمة صعبة يتعين عليهم معالجتها".
نضالات سابقة
واستحضر طلاب 2024 نضال طلاب الستينيات والثمانينيات في حديثهم لـ"الشرق". وقالت الطالبة بجامعة كولومبيا جوانا لوكاس إن الطلاب الذين نظموا تظاهرات قبل أعوام قليلة تضامناً مع حركة "حياة السود مهمة" لم يتعرضوا لهذا القمع والعنف.
وأضافت جوانا أن "ما يحدث الآن لم يحدث منذ ستينيات وثمانينيات القرن الماضي، حين واجه الطلاب عنف الشرطة والحرس الوطني الذي قتل عدد من الطلاب".
فيما اعتبر كوزنيك أن "هذه هي المرة الأولى التي تستجيب فيها الجامعات بمثل هذا العنف لاحتجاجات الطلاب منذ أواخر الستينيات المناهضة لحرب فيتنام، ففي كولومبيا عام 1968، أُلقي القبض على 500 طالب، وتم نقل 100 منهم إلى المستشفى".
وعلى الرغم من وصْف كوزنيك لهذا العمل بأنه كان الأكثر فظاعة، فإنه ذكر حادث سقوط 4 طلاب على يد الحرس الوطني في ولاية كينت في أوهايو، اثنان منهم في ولاية جاكسون في ميسيسيبي عام 1970.
ونوَّه كوزنيك إلى أن "استدعاء الشرطة لوقف احتجاجات الطلاب هو عمل ينبغي أن يؤدي إلى طرد أي رئيس جامعة ينحى مثل هذا السلوك"، على حد وصفه.
من جانبه، لفت أيدي إلى أن "الجامعات تتمتع بتاريخ طويل من الرد العنيف على الاحتجاجات الطلابية"، وأثار مخاوف تتعلق بـ"حملات القمع المتزايدة في أماكن مثل يوتا-أوستن والتي تنذر بإمكانية حدوث أشياء أسوأ مما حدث في ولاية كينت وولاية جاكسون في الستينيات".
واتفق معه محمد قائلاً إنه "من الممكن أن يحدث هذا النوع من العنف من قِبَل الشرطة مرة أخرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل".
وتحدَّث محمد عن أن "الحراك الطلابي قد يأتي بأثر كبير، لكن على المدى الطويل فقط"، مستدعياً نموذج الحراك الطلابي الذي حدث في الثمانينيات، حيث بدأ الاحتجاج في جامعات النخبة المختلفة بالولايات المتحدة، وبالتحديد كولومبيا، وانتشر إلى جامعات أخرى وفي جميع أنحاء البلاد ضد الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وبيّن أن الكونجرس والبيت الأبيض كانا داعمين إلى حد كبير لنظام جنوب إفريقيا الأبيض في ذلك الوقت.
وأشاد نيلسون مانديلا نفسه بنشاط الطلاب في ذلك الوقت لـ"شجاعتهم والتزامهم بإنهاء نظام الفصل العنصري".
الطلاب "غير ملتزمين" ببايدن
وكان بايدن قد استنكر في 22 أبريل الجاري "الاحتجاجات المعادية للسامية، وأولئك الذين لا يفهمون ما يحدث مع الفلسطينيين". ثم عاد البيت الأبيض ليقول لاحقاً في 24 أبريل الجاري، إن بايدن يدعم حرية التعبير في الجامعات الأميركية.
ويواجه الرئيس الأميركي انقساماً متزايداً في الائتلاف الديمقراطي الذي دعمه في الوصول إلى البيت الأبيض عام 2020، وكان تصويت الشباب الحجر الأساسي فيه.
وبينما يشير، الطالب في جامعة ميريلاند ماسون، إلى أن الغالبية العظمى من المشاركين في الاحتجاجات ليسوا من العرب والمسلمين، بل هم من الفلبينيين والإسبان وأصحاب البشرة السوداء واليهود والبيض، قائلاً إن العرب والمسلمين هم الأقلية ضمن الأعضاء النشطين في الاحتجاج، فإنه توقَّع أن يخسر بايدن أصوات الطلاب بشكل كبير في انتخابات نوفمبر المقبل.
فيما وصفت الطالبة في جامعة ييل، ليلى هدروج، انتخابات الرئاسة بأنها "بائسة"، وقالت: "ليس لدينا خيار، بايدن و(الرئيس الأميركي السابق) دونالد ترمب وجهان لعملة واحدة، لذا لن نعطي أصواتنا لأي منهما، ونحاول تعميم التصويت بغير ملتزم في الانتخابات المقبلة".
واتفق "إبو" مع ليلى، قائلاً: "كما دعمنا بايدن منذ 4 أعوام سنتخلى عنه اليوم. وبالفعل نحاول تفعيل آلية التصويت بغير ملتزم بين الطلاب الذين يحق لهم التصويت في نوفمبر المقبل".
ورجَّح كوزنيك، أن بايدن معرَّض لخطر فقدان الكثير من جيل الناخبين أقل من 30 عاماً، وخاصة طلاب الجامعات في انتخابات نوفمبر المقبل، ومن شأن ذلك أن يضر بفرصه في الفوز بإعادة انتخابه.
وقال كوزنيك إن "العديد من الطلاب يعتقدون أنه معتوه أخلاقياً بسبب رفضه وقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل، وأنا أتفق معهم"، مشيراً إلى أنهم لن يصوتوا لصالح ترمب، "الذي يحتقرونه أيضاً"، على حد وصفه.
وأشار أيدي إلى أن مناورات بايدن في الأشهر القليلة المقبلة ستحدد ما إذا كان بإمكانه إنقاذ أصوات الشباب، مستدركاً: "من المؤكد أن الشباب أصبحوا أكثر تردداً في تقديم دعمهم وراء، جو الإبادة الجماعية، أكثر من أي وقت مضى".
ورجَّح أيدي أن تكون انتخابات 2024 واحدة من الانتخابات التي تشكل فيها الشرائح السكانية المؤيدة للفلسطينيين كتلة تصويتية كبيرة بما يكفي لإحداث تأثير.