"التمييز الإيجابي" في الجامعات الأميركية.. انقسام سياسي يستهدف طلاب الأقليات

دعوات متزايدة من اليمينيين لإلغاء برامج "التنوع والإنصاف والشمول"

time reading iconدقائق القراءة - 5
عدد من طلاب جامعة هوارد يحضرون افتتاح متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ والثقافة الأميركية الإفريقية في واشنطن، الولايات المتحدة، 24 سبتمبر 2016 - Reuters
عدد من طلاب جامعة هوارد يحضرون افتتاح متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ والثقافة الأميركية الإفريقية في واشنطن، الولايات المتحدة، 24 سبتمبر 2016 - Reuters
واشنطن-أ ف ب

أصبحت البرامج الجامعية الهادفة لضمان التنوّع، والتي صارت تخضع لقيود أو حتى حُظرت في عدد متزايد من الولايات، معركة جديدة في الحروب الثقافية التي تقسّم المجتمع الأميركي، إذ يريد المحافظون وضع حدّ لاستخدام مصطلح "التمييز الإيجابي" في التعليم.

ويندلع جدل بين اليساريين الذين يدافعون عن تعزيز وضع طلاب الأقليات الذين غالباً ما يقعون ضحية عدم المساواة المتجذّرة في المجتمع، واليمينيين الذين يشددون على وجوب الحكم على الناس على أساس الجدارة الفردية، وليس لون البشرة.

ويقول جوردان بايس العضو الجمهوري في مجلس النواب عن ولاية ساوث كارولاينا، إن "جعل التمييز الحالي علاجاً لما كان عليه التمييز سابقاً.. هي فكرة خاطئة بطبيعتها".

ويضيف: "لا تستهوينا فكرة الحكم على الناس على أساس خصائص ثابتة، سواء كان ذلك الجنس أو العرق أو الطول أو أي شيء آخر"، واصفاً الولايات المتحدة بأنّها "مجتمع مفرط في الجدارة".

برامج "التنوع والإنصاف والشمول"

وأولت العديد من الجامعات الأميركية اهتماماً خاصاً بالطلاب من الأقليات، وخصوصاً السود واللاتينيين والأميركيين الأصليين، في إطار برامج "التنوع والإنصاف والشمول"، وذلك بهدف السعي إلى تصحيح أوجه عدم المساواة التي طال أمدها.

ولكن المحكمة العليا ذات الغالبية المحافظة في البلاد وضعت في يونيو الماضي، حدّاً للإجراءات التي تندرج في إطار ما يسمّى "العمل الإيجابي" في إدارات الجامعات، ما أدى إلى التراجع عن أحد المكاسب الرئيسية لحركة الحقوق المدنية في ستينيات القرن الماضي، والآن، يحثّ بايس ولايته على الاحتذاء بولاية فلوريدا وحوالي 12 ولاية أخرى؛ ألغت برامج "التنوّع والإنصاف والشمول" في الحرم الجامعي.

يقول ريكي جونز، أستاذ الدراسات الإفريقية في جامعة لويسفيل في كنتاكي، إن "المجموعة الأساسية المستهدفة (من خلال تقييد هذه البرامج) في جميع أنحاء البلاد هي السود".

من جهتها، تشير كارلي ريفيز (19 عاماً) التي تعدّ أول فرد في عائلتها يلتحق بالجامعة، إنها عندما وصلت إلى جامعة لويسفيل "كان واضحا جداً أن أساتذتي لم يعتقدوا أنّني أنتمي إلى هذا المكان.. لم ينظروا لي كشخص ذكي حقاً".

وتضيف أن المسؤولين عن برامج التنوّع والإنصاف والشمول "تحدّثوا إلي وأخبروني.. أنّك تتمتعين بالجدارة".

وإذ توضح أن العديد من طلّاب الأقليات يلتحقون بالجامعة بعد حصولهم على منحة "بنسبة 100% بفضل برامج التنوع والإنصاف والشمول"، تشير إلى طلاب سود استفادوا من المنح الدراسية على أساس العرق.

ولكن في 15 مارس، تقدّم المشرّعون في ولاية كنتاكي باقتراح لتقييد مثل هذه البرامج، ممّا دفع ريفز إلى المشاركة في تنظيم احتجاج في الحرم الجامعي.

وفي هذا السياق، تقول "شعرت أن من واجبي القول للطلاب: مرحباً جميعاً، هؤلاء الأشخاص يحاولون طردنا حرفياً من الحرم الجامعي.. علينا أن نفعل شيئاً"، وبقرارها، تلحق كنتاكي بولايات محافِظة أخرى، بينها تكساس وألاباما وأيداهو.

وكانت جامعة فلوريدا أنهت العمل ببرامج "التنوّع والإنصاف والشمول" والوظائف ذات الصلة، في بداية مارس، في إطار الهجوم الذي يشنّه الحاكم الجمهوري للولاية رون ديسانتيس على ما يسميه "أيديولوجيا اليقظة" Woke Ideology.

نظرية العرق النقدية

تعرب ستيفاني آن شيلتون، الأستاذة ومديرة التنوّع في كلية التربية في جامعة ألاباما، عن "قلق عميق للغاية"، وفي حين تسمح لها بنود قانون الولاية الجديد بإخضاع معلّمي المستقبل لدورات معيّنة غايتها التوعية؛ فإنها تشعر بالقلق حيال "استمرار مفاهيم مثل الحرية الأكاديمية".

غير أنّ الجمهوريين يهاجمون بشكل روتيني "نظرية العرق النقدية"، وهو نهج أكاديمي لدرس الطرق التي تتغلغل من خلالها العنصرية في الأنظمة والمؤسسات القانونية الأميركية بوسائل غير منظورة في كثير من الأحيان.

وفي السياق، دعا المرشح الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترمب إلى إجراء إصلاحات على المستوى الفيدرالي.

وقال أمام حشد في أوهايو "في اليوم الأول (إذا انتُخب رئيساً) سأوقّع أمراً تنفيذياً جديداً لخفض التمويل الفيدرالي لأيّ مؤسسة تعليمية تدفع بنظرية العرق النقدية، أو (تروّج لـ) الجنون المرتبط بالمتحوّلين جنسياً، وغيرها من المحتويات العنصرية أو الجنسية أو السياسية غير المناسبة لأطفالنا".

من جهته، يقول ريكي جونز الأستاذ في جامعة لويسفيل، إنّ القوانين الجديدة تشكل "تراجعاً على المستوى المحلّي وعلى مستوى الولاية، وعلى المستوى الوطني".

ويضيف أنّه من الآن فصاعداً، سيتجنّب الأكاديميون السود ولايات مثل فلوريدا وتكساس.

تصنيفات

قصص قد تهمك