قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، السبت، إن الولايات المتحدة تسعى للتوصل إلى "تفاهم ثنائي" مع السعودية بجانب تطبيع العلاقات مع إسرائيل، مصحوباً كذلك بـ"خطوات جادة لمصلحة الشعب الفلسطيني"، مؤكداً في الوقت نفسه، أن واشنطن تحاول أن تعرض "مساراً أفضل" من الممكن أن يجعل تل أبيب والمنطقة "أكثر أمناً وسلاماً".
ورداً على سؤال بشأن إمكانية أن تبحث الولايات المتحدة مسألة التوصل إلى "اتفاق دفاعي" مع السعودية في حال رفضت إسرائيل تقديم تنازلات للفلسطينيين، قال سوليفان، إن "هذه رؤية متكاملة ومتمثلة بالتوصل إلى تفاهم ثنائي بين واشنطن والرياض بجانب تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، مصحوباً كذلك بخطوات جادة لمصلحة الشعب الفلسطيني".
وشدد سوليفان في فعالية FT Weekend التي نظمتها صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في واشنطن، على "وجوب أن يأتي كل ذلك معاً من أجل استقرار المنطقة، ولا يمكن فصل جزء (من الصفقة) عن باقي الأجزاء الأخرى".
وأضاف مستشار الأمن القومي الأميركي، أن "إدارة بايدن لن توقع اتفاقاً أمنياً مع السعودية، في حال لم تقم الرياض وإسرائيل بتطبيع العلاقات بينهما"، مشدداً على أن "الاتفاق لا يمكن أن يتم بفصل جزء عن باقي الأجزاء".
وبسؤاله عن رؤية الولايات المتحدة المستقبلية للمنطقة، ومدى قدرتها على تغيير موقف إسرائيل الرافض لإقامة دولة فلسطينية، أجاب مستشار الأمن القومي الأميركي: "أولاً، نحن مستمرون بالعمل بشكل وثيق ومكثف مع السعودية ودول عربية أخرى لبحث تفاصيل هذه الرؤية".
وأضاف: "ثانياً، أتوقع أن تسمعوا خلال الأشهر المقبلة من الرئيس (جو بايدن) و(مسؤولين) آخرين المزيد عن المسار الذي نعتقد أنه يمكن جعل إسرائيل أكثر أمناً، ويجعل المنطقة أكثر سلاماً".
ولفت إلى أنه "كل ما يمكننا عمله هو التوصل إلى ما نعتقد أنه منطقي، وأن نحاول إقناع عدد أكبر من دول المنطقة بالموافقة عليه ومن ثم تقديمه، وسيكون الأمر في النهاية متروكاً للقيادة الإسرائيلية، وبصراحة، في نهاية المطاف يمكن للشعب الإسرائيلي أن يقرر ما إذا كان هذا مساراً يريدون اتباعه أم لا".
وأكد سوليفان أن الولايات المتحدة لا يمكنها إجبار إسرائيل على القيام بذلك، لكنه أضاف: "كل ما يمكننا القيام به هو محاولة عرض مسار بديل نعتقد أنه أفضل للتقدم من المسار الحالي، وهذا ما ننوي القيام به".
اتفاق تاريخي مرتقب
وكانت "بلومبرغ" قالت نقلاً عن مصادر مطلعة، الخميس الماضي، إن الولايات المتحدة والسعودية تقتربان من "اتفاق تاريخي" من شأنه أن يوفر ضمانات أمنية للمملكة، وقد يشمل انضمام إسرائيل لاحقاً، في حال أنهت حكومتها الحرب على قطاع غزة، وأقرت مساراً لإقامة دولة فلسطينية، ما يسمح بعلاقات دبلوماسية مع الرياض.
وأضافت أنه عندما تنتهي الولايات المتحدة، والسعودية من الاتفاق، سيعرض البلدان على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن يختار، "إما الانضمام إلى الاتفاق، بما يتبعه من إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع المملكة لأول مرة، وزيادة الاستثمار والتكامل الإقليمي، أو تركه يتخلف عن الركب".
وبحسب "بلومبرغ"، فإن هناك تحولاً في المقاربة من قبل بايدن، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فالاتفاق في صيغته الأصلية، كان صفقة ثلاثية تصوغ علاقات دبلوماسية بين السعودية وإسرائيل، إلى جانب تعزيز الاستثمارات، والتكامل في المنطقة.
بدورها، نقلت "رويترز" عن 7 مصادر مطلعة، السبت الماضي، إن إدارة بايدن والسعودية تعملان على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بشأن ضمانات أمنية أميركية ومساعدة في المجال النووي للأغراض المدنية، رغم أن اتفاق التطبيع الذي يجري الحديث عنه بين إسرائيل والسعودية في إطار "صفقة كبرى" في الشرق الأوسط "لا يزال بعيد المنال".
وقال 5 من المصادر لـ"رويترز"، إن المفاوضين الأميركيين والسعوديين يعطون في الوقت الراهن الأولوية لمعاهدة أمنية ثنائية يمكن أن تكون بعد ذلك جزءاً من حزمة أوسع يتم عرضها على نتنياهو الذي سيتعين عليه أن يقرر ما إذا كان سيقدم تنازلات لضمان التوصل لعلاقات تاريخية مع الرياض.
وتوقعت مصادر مطلعة، أن يتضمن الاتفاق الأمني الأميركي السعودي، تبادل التقنيات الحديثة مع الرياض بما في ذلك الذكاء الاصطناعي.
وقال مسؤول أميركي، طلب عدم كشف هويته، إن من المتوقع استكمال البنود في غضون أسابيع.
"شروط سعودية"
وفيما يتعلق بملف تطبيع العلاقات بين تل أبيب والرياض، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، الخميس، إن السعودية كانت "واضحة للغاية" في تحديد مطلبين كجزء من أي صفقة تطبيع مع إسرائيل، الأول أن يسود الهدوء قطاع غزة، والثاني وجود مسار نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة.
وقال ميلر، خلال إحاطة صحافية: "هناك بعض التفاصيل التي يتعين علينا مواصلة العمل عليها، لكننا نعتقد أنه يمكننا التوصل إلى اتفاق في وقت قصير جداً، فلا يزال هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به بشأن جزء منفصل من الاتفاق يتمثل في وضع مسار يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، لكننا نناقش ذلك بنشاط مع نظرائنا السعوديين، وكذلك مع المجموعة الأوسع من الدول العربية التي التقى (وزير الخارجية أنتوني) بلينكن مع مسؤوليها، الاثنين الماضي، في الرياض، إذ أننا لم نبحث هناك عن مسار نحو حل الدولتين فحسب، بل أيضاً إعادة إعمار غزة، وقضايا الحكم والأمن في القطاع".
وأردف: "نعمل على كل ذلك، كما أن هناك بعض الأجزاء في الاتفاق تكون أبعد من غيرها، فصحيح أن الأجزاء الثنائية بين واشنطن والرياض هي الأقرب الآن، لكن بعض الأجزاء الأخرى تبدو أبعد قليلاً، إلا أننا نأمل أن نحرز تقدماً في هذا الشأن وأن تكون الاتفاقيات جاهزة للطرح في أقرب وقت ممكن".