الصين تتودد إلى نخب الفلبين في ظل التقارب بين مانيلا وواشنطن

تدريبات مشتركة بين أميركا والفلبين على "صد غزو صيني لتايوان"

time reading iconدقائق القراءة - 6
علم الفلبين يرفرف بجوار سفن تابعة للبحرية راسية في جزيرة ثيتو التي تحتلها الفلبين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه. 21 أبريل 2023 - AFP
علم الفلبين يرفرف بجوار سفن تابعة للبحرية راسية في جزيرة ثيتو التي تحتلها الفلبين في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه. 21 أبريل 2023 - AFP
دبي-الشرق

أحرزت الصين تقدماً في علاقاتها مع سياسيين بارزين في شمال الفلبين، بالقرب من قاعدة عسكرية حاسمة للدفاع عن تايوان سُمح للولايات المتحدة أخيراً باستخدامها، فيما يرى مسؤولون فلبينيون أن العلاقات الوطيدة بين مانيلا وواشنطن تقوض العلاقات مع بكين، وفق ما أوردته "بلومبرغ". 

وأنهى جنود أميركيون وفلبينيون، الجمعة، تدريبات عسكرية مشتركة استمرت 3 أسابيع، تحاكي الاستعدادات اللازمة للمساعدة في صد أي غزو صيني لتايوان.

وتتضح العلاقات الوثيقة بين الولايات المتحدة والفلبين أكثر على الجانب العسكري، إذ شهدت التدريبات، مشاركة أكثر من 10 آلاف جندي في الحرب الإلكترونية، وإطلاق الذخيرة الحية، وصد الهجمات البرمائية، وتُوجت بقصف ناقلة نفط صينية متوقفة عن العمل، ما أدى إلى إغراقها.

وزار حاكم إقليم كاجايان الفلبيني، مانويل مامبا، الصين مرتين خلال الأشهر الـ12 الماضية، ولديه 4 نسخ من كتاب "شي جين بينج: حكم الصين".

وفي مقابلة أجرتها معه "بلومبرغ" في مكتبه أثناء التدريبات العسكرية، قال مامبا عن زيارته إلى الصين: "كنا من كبار الشخصيات، وتمت معاملتنا بشكل جيد للغاية. وأقمنا في فنادق فاخرة. وكنا نتجول بحرية في كل مكان، حتى في المساء". 

وأوضح مامبا أنه ليس "مؤيداً للصين، على الرغم من كونه من أشد المنتقدين لقرار الرئيس الفلبيني، فرديناند ماركوس الابن، العام الماضي، بالسماح للولايات المتحدة باستخدام 4 منشآت عسكرية إضافية، بينها اثنتان في إقليم كاجايان، بموجب اتفاق التعاون الدفاعي المعزز "EDCA".

وأضاف: "سيعاملونك بشكل جيد، إذا عاملتهم جيداً، وإذا عارضتهم، كما يحدث الآن، فلن يعاملونك بشكل جيد"، مشيراً إلى الصين. 

الولايات المتحدة تثير التوتر

ولفت مامبا إلى أنه اجتمع مع نائب وزير الخارجية الصيني، سون ويدونج، لمدة ساعة ونصف الساعة أثناء وجوده في بكين، مشيراً إلى أن المسؤول الصيني حذره من عواقب استضافة القوات الأميركية، ودعاه إلى حض ماركوس على حل النزاع في بحر الصين الجنوبي على أسس ثنائية.

وأضاف أنه بعد عودته إلى الفلبين، أرسل خطاباً إلى الرئيس لتوضيح هذه النقطة. 

وأوضح مامبا أن آخر ما قاله المسؤول الصيني له هو: "رغم أننا جيران وأصدقاء، إذا سمحتم لأعداء الصين بالبقاء معكم، فسنضطر إلى الاشتباك معكم أيضاً". 

ورداً على سؤال "بلومبرغ" بشأن زيارة مامبا، وما إذا كانت الصين تعتبر الولايات المتحدة "عدواً"، رد مسؤولون في وزارة الخارجية الصينية بأن الولايات المتحدة "تثير التوتر في المنطقة، وتعرض السلام والاستقرار الإقليميين للخطر".

وقال مسؤول فلبيني، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الفلبين "تستفيد من المنافسة بين الولايات المتحدة والصين"، موضحاً أن تحول الرئيس الفلبيني السابق، رودريجو ديوتيرتي، إلى بكين ساعد في دفع واشنطن إلى التودد إلى مانيلا بشكل أقوى. 

وأضاف أن الصين "لا يزال لديها الكثير لتقدمه للفلبين، عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الاقتصادية، وأن الشركات الصينية هي الخيار الأكثر جاذبية في غياب البدائل الأميركية، عندما يتعلق الأمر بمعالجة احتياطيات النيكل الكبيرة".

وكان ديوتيرتي، متشككاً للغاية تجاه الولايات المتحدة، وجعل الفلبين أقرب إلى الصين، في حين يشعر الساسة من أمثال مامبا بالقلق من انجرار البلاد إلى حرب. 

وقال المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون)، بريان هاردينج : "العلاقات بين الولايات المتحدة والفلبين في أفضل حالاتها على الإطلاق، ولكن ثمة تساؤلات بشأن إمكانية استمرار ذلك". 

وأضاف هاردينج، وهو الآن خبير في شؤون جنوب شرق آسيا بمؤسسة "معهد الولايات المتحدة للسلام": "ماركوس يجب أن يظهر أن مساعيه المؤيدة للولايات المتحدة يمكن أن تؤتي ثمارها اقتصادياً للفلبين". 

تقارب أميركي- فلبيني

ورأت "بلومبرغ" أن تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة والفلبين خلق تفاؤلاً في واشنطن، حيث يأمل صانعو السياسات أن تصبح الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا، جزءاً موثوقاً به من استراتيجيتها الدفاعية إلى جانب اليابان، وكوريا الجنوبية، وأستراليا. 

وأضافت الوكالة أن واشنطن وبكين لا تزالا عالقتين في صراع النفوذ الجاري، وعلى الرغم من تحقيق الولايات المتحدة مكاسب في السنوات الأخيرة، إلا أن الصين لم تستسلم. 

وفي الوقت الحالي، لا يزال أمام الولايات المتحدة الكثير لتفعله، إذ أظهر استطلاع رأي أجرته مؤسسة "نبض آسيا للأبحاث" في ديسمبر الماضي، أن 10% فقط من الفلبينيين يفضلون الشراكة مع الصين، بينما قال 78% إنهم يفضلون التعاون مع الولايات المتحدة. 

وتزايدت المشاعر المؤيدة للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، مع وقوع اشتباكات بين الفلبين والصين، بشأن سلسلة من الشعاب المرجانية والجزر المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. 

ودفع هذا التوتر العديد من السياسيين الفلبينيين، بما في ذلك ماركوس، إلى التقرب من الولايات المتحدة، بحسب "بلومبرغ". 

وقال وزير الدفاع الفلبيني، جيلبرتو تيودورو، للوكالة: "الرئيس ماركوس ليس مؤيداً للولايات المتحدة وليس مناهضاً للصين؛ بل مؤيد للفلبين. هذا يحدث فقط، لأن التحدي الرئيسي أمام حقوقنا يتمثل في الصين".

وأقر مسؤولون أميركيون بأن تعزيز التحالف بين الولايات المتحدة والفلبين سيتطلب من واشنطن على المدى الطويل تقديم فوائد اقتصادية، وليس مجرد تدريبات عسكرية. 

تصنيفات

قصص قد تهمك