مصر وقطر ترفضان الاتهامات للوساطة: نعمل بتنسيق تام للتوصل لوقف النار في غزة

time reading iconدقائق القراءة - 12
أسرة فلسطينية تجلس على جانب الطريق إلى جانب متعلقاتها  فلسطينيون بعدما أجبرها الجيش الإسرائيلي على الإخلاء من شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة. 9 مايو 2024 - Reuters
أسرة فلسطينية تجلس على جانب الطريق إلى جانب متعلقاتها فلسطينيون بعدما أجبرها الجيش الإسرائيلي على الإخلاء من شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة. 9 مايو 2024 - Reuters
دبي -الشرق

أعرب مصدر مصري رفيع المستوى الأربعاء، عن رفض بلاده للاتهامات الموجهة للدور المصري في الوساطة بين حركة "حماس" وإسرائيل، فيما دعت الخارجية القطرية إلى عدم الالتفات إلى التقارير الإعلامية التي "تحاول التشكيك وكيل الاتهامات لجهود الوساطة الجارية لوقف العدوان على غزة".

وكانت شبكة "سي إن إن"، الأميركية نشرت تقريراً الثلاثاء، نقلاً عمن قالت إنها مصادر مطلعة، ويقول إن "مصر غيرت شروط صفقة وقف النار في غزة المقدمة لحركة حماس أوائل مايو الجاري، دون إبلاغ واشنطن أو إسرائيل"، وأن الدوحة أبلغت الجانب الإسرائيلي بأن القاهرة "تصرفت وحدها".

وقال المصدر المصري لوسائل إعلام محلية، إنه "من الغريب استناد بعض وسائل الإعلام لمصادر تطلق عليها مطلعة، ونتحدى إذا كان بالإمكان نسب ما تم نشره لمصادر أميركية أو إسرائيلية رسمية محددة".

وذكر المصدر المصري أن القاهرة "تستغرب من محاولات بعض الأطراف تعمد الإساءة إلى الجهود المصرية المبذولة للتوصل لوقف إطلاق النار في غزة"، وقال إن بعض الأطراف "تمارس لعبة توالي الاتهامات للوسطاء واتهامهم بالانحياز وإلقاء اللوم عليهم للتهرب من اتخاذ القرارات المطلوبة، تارة يتهم قطر وتارة يتهم مصر للتهرب من قراره لوقف إطلاق النار".

وأشار المصدر المصري إلى أن ممارسة مصر لدور الوساطة في صفقة وقف إطلاق النار وتحرير الرهائن بالقطاع "جاءت بعد طلب وإلحاح متواصل للقيام بهذا الدور".

وقال إن القاهرة لعبت هذا الدور "نظراً لخبرة وقدرة مصر في إدارة مثل هذه المفاوضات الصعبة".

تهديد بالانسحاب

وفي وقت لاحق الأربعاء، حذر رئيس هيئة الاستعلامات المصرية ضياء رشوان، من أن التشكيك في الوساطة المصرية بمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة قد يدفع القاهرة للانسحاب من دورها في الصراع الحالي.

وجاءت تصريحات رشوان رداً على تقرير لشبكة CNN الأميركية الثلاثاء، زعمت فيه أن مصر غيرت بنوداً في مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، وأضافت شروطاً طالبت بها الحركة دون إبلاغ الإسرائيليين.

وأضاف في بيان أن مزاعم الشبكة الأميركية "خاطئة" و"خالية من أي معلومات أو حقائق"، مشيراً إلى أن مصر "ترفض بصورة قاطعة" الادعاءات التي وردت في تقرير CNN، وأن هيئة الاستعلامات وجّهت خطاباً رسمياً للشبكة يطالبها بنشر الرد المصري فوراً.

وأوضح أن تقرير CNN "ربما يهدف، إلى تشويه دور مصر الرئيسي والبارز في محاولات ومفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة".

‌وأشار رئيس هيئة الاستعلامات المصرية إلى أن مصر "لاحظت خلال الفترات الأخيرة قيام أطراف بعينها بممارسة لعبة توالي توجيه الاتهامات للوسطاء، القطري تارة ثم المصري تارة أخرى، واتهامهم بالانحياز لأحد الأطراف وإلقاء اللوم عليهم، للتسويف والتهرب من اتخاذ قرارات حاسمة بشأن صفقة وقف إطلاق النار".

واتهم الأطراف التي لم يسمها بأنها تتهم الوسطاء بالانحياز "للحفاظ على مصالح سياسية شخصية لبعض هذه الأطراف، ومحاولاتها مواجهة الأزمات السياسية الداخلية الكبيرة التي تمر بها".

وقال رشوان إنه "لا يمكن قراءة ما يجري من نشر زائف وما يتم ترويجه من أكاذيب حول الدور المصري، سوى بأنه محاولة لعقاب مصر على مواقفها المبدئية الثابتة تجاه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في ظل قيامها بدور الوساطة".

وأكد أن التشكيك في الوساطة المصرية لن يؤدي إلا "لمزيد من تعقيد الوضع في غزة والمنطقة برمتها"، مشيرا إلى أن مصر "وسيط نزيه ينحاز للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني" حسب تعبيره.

وشدد رشوان على أن مصر "تمتلك من الوسائل ما يمكنها من الحفاظ على أمنها القومي".

وفي الدوحة، دعا المتحدث الرسمي باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري إلى "عدم الالتفات إلى التقارير الإعلامية التي تحاول التشكيك وكيل الاتهامات لجهود الوساطة الجارية لوقف العدوان على غزة".

وشدد الأنصاري في تصريح لوكالة الأنباء القطرية "قنا"، على "ضرورة أن ينصب التركيز في هذا الوقت الحساس على سبل إنهاء الحرب في القطاع".

وقال إن جهود وساطة دولة قطر المشتركة مع مصر والولايات المتحدة مستمرة، مؤكداً أن الدول الثلاث "تعمل بتنسيق تام من أجل التوصل لوقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين بما يقود إلى تحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة".

وزعم مصدران لشبكة CNN، أن وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، "أبلغ الموساد أن مصر تصرفت وحدها"، عقب علمه بالتغييرات على الورقة.

ماذا حدث في 6 مايو؟

وأعلنت حركة حماس، في 6 مايو، أنها أبلغت الوسيطين القطري والمصري، موافقتها على مقترح بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال مسؤولون في حركة حماس، إن "مصر وقطر قدمتا لهم ضمانات باسم كل من الرئيس الأميركي جو بايدن، والمصري عبد الفتاح السيسي، وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، مفادها بأن الحرب ستنتهي مع نهاية المرحلة الثالثة والأخيرة من الهدنة والتبادل".

وكشفت مصادر في حركة حماس لـ"الشرق" في 7 مايو، عن تغيير رئيسي أُدخل على "الورقة المصرية" خلال مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، والذي جعل الحركة توافق عليها.

وذكرت المصادر لـ"الشرق" أن التغيير تمثّل في الفقرة التالية الواردة في المرحلة الثانية من الاتفاق، وهي: "الإعلان عن عودة الهدوء المستدام (وقف العمليات العسكرية والعدائية) وبدء سريانه قبل البدء بتبادل المحتجزين والأسرى بين الطرفين - جميع من تبقى من الرجال الإسرائيليين الموجودين على قيد الحياة (المدنيين والجنود) - مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى في السجون الإسرائيلية، ومن المعتقلين في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل خارج قطاع غزة".

لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قال إن الاقتراح الذي قدمته "حماس" لا يفي بمطالب إسرائيل الأساسية، مضيفاً أن الضغط العسكري لا يزال ضرورياً لإعادة المحتجزين في قطاع غزة.

شرخ أميركي إسرائيلي

وقال مسؤولون إسرائيليون آنذاك، إن تل أبيب "تم التلاعب بها" من قبل الولايات المتحدة والوسطاء بشأن صياغة الاتفاق، الذي أعلنت حركة "حماس" موافقتها عليه في 6 مايو.

ونقل موقع "أكسيوس" الأميركي عن مسؤولين إسرائيليين أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن "كانت على علم" بمقترح اتفاق إطلاق سراح الرهائن، ووقف إطلاق النار، الذي تفاوضت عليه مصر وقطر مع حركة "حماس"، لكنها لم تطلع إسرائيل قبل أن تعلن الحركة موافقتها.

في المقابل، عارض مسؤول أميركي رفيع ذلك، قائلاً: "الدبلوماسيون الأميركيون كانوا يتواصلون مع نظرائهم الإسرائيليين. ولم تكن هناك مفاجآت".

وقال 3 مسؤولين إسرائيليين، إن إعلان "حماس"، الموافقة على المقترح، فاجأ الحكومة الإسرائيلية، وإن إسرائيل لم تتلق نص رد الحركة من الوسطاء إلا بعد مرور ساعة على إصدار الحركة بيانها.

وأضاف المسؤولون أنه عندما قرأ الإسرائيليون رد حماس، فوجئوا برؤيته يحتوي على "عدة عناصر جديدة"، والتي لم تكن جزءاً من الاقتراح السابق، الذي وافقت عليه إسرائيل، والذي قدم إلى "حماس" من قبل الولايات المتحدة ومصر وقطر قبل 10 أيام.

وأشار المسؤولون إلى أن "مدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز، ومسؤولين آخرين في إدارة بايدن، شاركوا في المفاوضات كانوا على علم بالاقتراح الجديد، لكنهم لم يخبروا إسرائيل".

ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين وصفتهما بأنهما مطلعين على المقترح المنقح، قولهما إن مقترح تبادل المحتجزين والسجناء، ووقف إطلاق النار به "تغييرات طفيفة" في الصياغة عن المقترح الذي قدمته إسرائيل والولايات المتحدة إلى الحركة مؤخراً.

وأضاف المسؤولان أن التغييرات أجراها وسطاء عرب، بالتشاور مع مدير CIA ويليام بيرنز، وأن النسخة الجديدة تحتفظ بعبارة رئيسية، وهي تطبيق "هدوء مستدام" في نهاية المطاف، وهي صياغة سبق أن قالت جميع الأطراف إنها يمكن أن تقبلها.

"مصر غيرت الشروط"

وفي تقريرها المنشور الثلاثاء، نقلت شبكة "سي إن إن"، عن مصادر وصفها بأنها "مطلعة" زعمها أن مصر غيرت شروط مقترح التفاوض على وقف إطلاق النار في غزة والمقدمة إلى حركة "حماس"، والتي كانت إسرائيل قد وافقت عليها بالفعل.

إلا أنها ذكرت في التقرير نفسه، أن مصدراً مصرياً أبلغها بأن القاهرة تلقت رد الحركة على المقترح وأبلغته لإسرائيل، قبل يوم من إعلان حماس في 6 مايو، موافقتها على المقترح، وهي الرواية التي تغاير التقرير الحالي.

وقالت المصادر إن صفقة وقف إطلاق النار التي أعلنتها حماس في 6 مايو، "لم تكن هي النسخة التي اعتقد القطريون أو الأميركيون أنه تم تقديمها إلى حماس، لمراجعة نهائية".

وذكرت المصادر أن التغييرات التي زعمت أن المخابرات المصرية أجرتها، "أغضبت المسؤولين الأميركيين والقطريين وإسرائيل، ووضعت وقف إطلاق النار أمام طريق مسدود".

وقال أحد المصادر للشبكة "لقد خُدعنا جميعاً".

ونقلت عن أحد المصادر قوله إن وليام بيرنز كان في المنطقة لقيادة الجهود الأميركية للتوسط في وقف إطلاق النار، حين وصلت إليه أنباء أن المصريين "غيروا شروط الصفقة".

وقال المصدر إن بيرنز غضب وأصيب بالإحراج، إذ أن تلك التغييرات جعلته يبدو وكأنه ليس "مطلعاً على مجريات الأمور، أو أنه لم يبلغ الجانب الإسرائيلي بتلك التغييرات".

ورفض متحدث باسم وكالة الاستخبارات المركزية التعليق على الأمر.

"مزيد من طلبات حماس في المقترح"

ونقلت الشبكة عن 3 مصادر قالت إنها مطلعة على تفاصيل الأمر، أن المسؤول الاستخباراتي المصري رفيع المستوى أحمد عبد الخالق، "كان وراء تلك التغييرات". 

وزعم مصدر ذكرت الشبكة أنه مطلع على المفاوضات أن عبد الخالق "أبلغ الإسرائيليين بشيء، وأبلغ حماس بشيء آخر".

وذكر المصدر أنه "تم إدخال المزيد من طلبات حماس إلى الإطار الأصلي الذي وافقت إسرائيل عليه ضمنياً، لضمان موافقة حماس، لكن لم يتم إبلاغ بقية الوسطاء، أو إسرائيل".

وقال مصدر إن "جميع الأطراف كانت تحت الانطباع بأن مصر قدمت لحماس نفس الورقة التي وقع الإسرائيليون عليها، وكان بقية الوسطاء الأميركيين والقطريين، على علم بها".

وأضاف: "ولكن بدلاً من ذلك، سعى المصريون إلى طمس الخطوط بين إطار العمل الأصلي، ورد حماس عليه"، وفق زعمه.

وقالت الشبكة إن الحكومة المصرية، لم ترد على طلب التعليق.

وقالت الشبكة إنها حصلت على نسخة وثيقة تعود لحماس، توضح النسخة التي وافقت عليها، وتتضمن الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار، و"هدوء مستدام"، في المرحلة الثانية من الاتفاق الذي يشمل 3 مراحل.

وترفض إسرائيل الموافقة على مناقشة وقف الحرب قبل هزيمة حماس، وتحرير المحتجزين الإسرائيليين المتبقين في غزة.

"آمل أن مصر تتفهم"

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الثلاثاء، في رد على سؤال لمذيع الشبكة جيك تابر إن إسرائيل لم تكن مستعدة للموافقة على شروط "تسمح لحماس بمهاجمة إسرائيل مرة أخرى". وأضاف: "آمل أن مصر تتفهم أننا لا يمكننا الموافقة على شيء كهذا".

وذكرت CNN أن "التغييرات المصرية"، جاءت بعد نحو أسبوع من سفر فريق مصري إلى إسرائيل نهاية أبريل الماضي، لوضع اللمسات النهائية على تفاصيل إطار العمل الذي ينص على وقف للقتال وتحرير المحتجزين في غزة، مقابل أسرى فلسطينيين.

ووصف وزير الخارجية الأميركي حينها أنتوني بلينكن أن الصفقة المعروضة على حماس "سخية للغاية".

تصنيفات

قصص قد تهمك