تعترف إسبانيا وإيرلندا والنرويج، الثلاثاء، رسمياً بدولة فلسطين، رغم رد الفعل الغاضب من إسرائيل التي تجد نفسها منعزلة على نحو متزايد بعد 7 أشهر من اندلاع الحرب في قطاع غزة.
وقال رئيس وزراء إسبانيا، بيدرو سانشيز، في كلمة تلفزيونية، الثلاثاء: "إسبانيا ستعترف بدولة فلسطينية تشمل قطاع غزة والضفة الغربية وعاصمتها القدس الشرقية. لن نعترف بأي تغييرات على حدود 1967 ما لم تتفق عليها جميع الأطراف".
وشدد سانشيز على أن الاعتراف "ضروري لتحقيق السلام" بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فضلاً عن كونه "مسألة عدالة تاريخية".
ويلقي رئيس الوزراء الإسباني كلمة عند الساعة 06:30 بتوقيت جرينتش، قبل إقرار حكومته مرسوماً تعترف بموجبه إسبانيا بدولة فلسطين، فيما تجتمع الحكومة الإيرلندية قبل ظهر الثلاثاء، في وقت رفعت النرويج مذكرة شفهية إلى رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى تنص على دخول هذا القرار حيز التنفيذ اعتباراً من الثلاثاء.
ورغم رمزية الإعلان، تأمل الدول الثلاث، في أن يكسب زخماً يدفع دولا أخرى في الاتحاد الأوروبي إلى الاقتداء بها، إذ ترى مدريد ودبلن وأوسلو قرارها، وسيلة لتسريع الجهود الرامية إلى تحقيق وقف لإطلاق النار في حرب إسرائيل في قطاع غزة.
وإسبانيا وإيرلندا من الدول الأعضاء الأكبر والأكثر نفوذاً التي تتخذ قرار الاعتراف بدولة فلسطينية في التكتل المكون من 27 بلداً، وتنضما بذلك إلى السويد وقبرص والمجر والتشيك وبولندا وسلوفاكيا ورومانيا وبلغاريا.
وتشدد هذه الدول على الدور الذي اطلعت به إسبانيا والنرويج في عملية السلام في الشرق الأوسط في تسعينيات القرن الماضي، فقد استضافت مدريد مؤتمراً للسلام في العام 1991 قبل سنتين على اتفاقات "أوسلو" في العام 1993.
وتعترف نحو 144 من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 بدولة فلسطينية، بما في ذلك معظم دول الجنوب العالمي وروسيا والصين والهند.
اختلافات أوروبية
واعترفت الدول الثلاث، بدولة فلسطينية يتم ترسيم حدودها على ما كانت عليه قبل عام 1967 على أن تكون القدس عاصمة للدولتين، ومن المرجح أن تؤدي هذه الخطوة إلى رفع مستوى البروتوكولات الدبلوماسية، لتصبح مكاتب تمثيل تلك الدول في الضفة الغربية سفارات كاملة.
في حين ردت إسرائيل، بسحب سفرائها من مدريد وأوسلو ودبلن، واستدعت سفراء الدول الثلاث لمشاهدة مقاطع فيديو تظهر مقاتلي "حماس" وهم يحتجزون مجندات.
وأعلنت سلوفينيا أيضاً أنها بصدد الاعتراف بدولة فلسطين، إلا أن المسألة تثير اختلافات عميقة داخل الاتحاد الأوروبي. وترى دول أعضاء أخرى مثل فرنسا، أن الوقت غير مؤات راهناً، أما ألمانيا فلا تفكر باعتراف كهذا إلا بنتيجة مفاوضات بين الطرفين.
وحتى الآن كانت السويد الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي اعترف بدولة فلسطين في عام 2014، أما التشيك والمجر وبولندا وبلغاريا ورومانيا وقبرص فكانت قد اعترفت بها قبل انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.
غضب إسرائيلي
وأثار قرار مدريد ودبلن وأوسلو الأسبوع الماضي، غضب إسرائيل، إذ تصاعد التوتر بشكل مطرد في الأيام الأخيرة.
واتخذ وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الاثنين "إجراءات عقابية" حيال القنصلية الإسبانية في القدس التي أمرها بوقف تقديم الخدمات القنصلية للفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة، اعتباراً من الأول من يونيو المقبل.
وقال: "لن نقبل المساس بسيادة إسرائيل وأمنها"، مؤكداً أن "كل من يمنح مكافأة لحماس، ويحاول إقامة دولة فلسطينية إرهابية لن يكون على اتصال بالفلسطينيين".
ونشر كاتس عبر منصة "إكس"، الأحد، فيديو يجمع بين مشاهد عن هجوم حركة "حماس" مع لقطات لراقصي الفلامنكو، معتبراً أن الحركة "تشكر (بيدرو سانشيز) على خدماته"، فيما وصف وزير الخارجية الإسباني هذا الفيديو بأنه "مريع وشائن".
وشددت وزيرة الدفاع الإسبانية مارجاريتا روبلس من لهجتها، متهمة إسرائيل بـ"ارتكاب إبادة جماعية في غزة"، وهي عبارة اقتصر استخدامها حتى الآن على وزراء اليسار في إسبانيا، وأحجم عن استخدامها أي عضو في الحكومة الإسبانية.
بدوره، أكد وزير الخارجية الإيرلندي مايكل مارتن، الاثنين، أن "البعض وصف قرارنا بأنه مكافأة ممنوحة للإرهاب. هذا بعيد كل البعد عن الحقيقة"، مشدداً على أن قرار الاعتراف بدولة فلسطين ينم على إرادة دبلن ومدريد وأوسلو لـ"قيام مستقبل من العلاقات الطبيعية بين الشعبين" الفلسطيني والإسرائيلي.
ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، فقد بلغ عدد الضحايا الفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر الماضي أكثر من 36 ألفاً حتى الآن.