مصر.. تحديات كبرى على طاولة الحكومة الجديدة

خبراء لـ"الشرق": ملفات الاقتصاد والغاز والمياه والحدود الملتهبة تتصدر أولويات الوزراء الجدد

time reading iconدقائق القراءة - 10
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في جولة تفقدية بالقاهرة بعد تشكيل حكومته الجديدة. 6 يوليو 2024 - Facebook/@EgyptianCabinet
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي في جولة تفقدية بالقاهرة بعد تشكيل حكومته الجديدة. 6 يوليو 2024 - Facebook/@EgyptianCabinet
القاهرة-محمد الخوليأمير فتحي

تواجه الحكومة المصرية الجديدة العديد من التحديات الداخلية والخارجية، وفي مقدمتها ملفات الاقتصاد والطاقة والمياه والأمن القومي وغيرها، وسط توجيهات رئاسية بـ"استكمال مسار الإصلاح الاقتصادي، وتحقيق طفرة في الخدمات المقدمة للمواطنين، ومواصلة تعزيز جهود صون الأمن القومي المصري، في ظل التحديات غير المسبوقة التي يموج بها المحيطان الإقليمي والدولي".

وأدَّت الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى مدبولي اليمين الدستورية، الأربعاء، بعد أن استمرت مشاورات تشكيلها نحو شهر. وشملت تغيير 20 وزيراً معظمهم من المجموعة الاقتصادية التي تضم 11 وزارة، بالإضافة إلى وزارتي الدفاع والخارجية، فضلاً عن دمْج وزارتي النقل والصناعة، والهجرة والخارجية، والتخطيط والتعاون الدولي، واستحداث وزارة للاستثمار والتجارة الخارجية.

ووجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الحكومة الجديدة بـ"العمل على جذب وتشجيع الاستثمارات الداخلية والخارجية وتشجيع نمو القطاع الخاص، بهدف تحسين الأداء المالي والاقتصادي الشامل للدولة، بما يحقق تطلعات الشعب في التنمية والتقدم"، وشدد على "ضرورة بناء وتطوير الصناعة، باعتبارها هدفاً استراتيجياً في مسيرة بناء الدولة"، بحسب بيان المتحدث باسم الرئاسة المصرية.

تحديات اقتصادية

وأمام الحكومة الجديدة تحديات اقتصادية كبيرة وعلى رأسها أزمة الديون التي بلغت بنهاية الربع الأول من العام الجاري 160 مليار 607 ملايين دولار، مقابل ما يزيد قليلاً على 168 مليار دولار في الربع الأخير من العام الماضي، وفقاً لبيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية التي استندت إلى إحصائيات البنك المركزي المصري.

وقال الخبير الاقتصادي وليد جاب الله، في تصريحات لـ"الشرق"، إن الحكومة الجديدة ينبغي عليها خفض معدلات التضخم القياسية التي اقتربت من عتبة 40% خلال العام الماضي، منبهاً أنها "من أبرز التحديات التي تؤثر بشكل مباشر على المواطنين".

وفي فبراير الماضي، سجل المعدل السنوي للتضخم العام في مصر 35.7%، قبل أن يتباطأ خلال مايو الماضي إلى 28.1% مقابل 32.5% في أبريل، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.

ورأى جاب الله أن الحكومة الجديدة تواجه تحدٍ آخر يتمثل في ملف الدعم الذي يُكبّد الميزانية العامة للدولة 297 مليار و806 ملايين جنيه (ما يزيد قليلاً على 6 مليارات دولار) خلال العام المالي الجاري، وفق بيانات وزارة المالية، معتبراً أنه يتعيّن العمل على "عدم إنهاك الميزانية بأعباء مالية إضافية دون تحميل المواطن فاتورة الخدمات المقدمة إليه، وفي مقدمتها الوقود والطاقة والخبز"، على حد قوله.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى ضرورة تقديم الحكومة الجديدة نتائج ملموسة إلى المواطن خلال 100 يوم من توليها مهامها، وتطبيق "استراتيجية رؤية مصر 2030" بشكل دقيق، في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات أثَّرت بشكل مباشر على أحد أهم مصادر النقد الأجنبي للبلاد وهي قناة السويس.

وانخفضت إيرادت قناة السويس بنحو 50% بسبب اضطراب حركة الشحن في البحر الأحمر، حسبما أعلنت وزيرة التخطيط المصرية السابقة و(المستشارة الحالية للرئيس عبد الفتاح السيسي للشؤون الاقتصادية) هالة السعيد، خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي في العاصمة السعودية الرياض في أبريل الماضي.

اقرأ أيضاً

وزير المالية المصري يتحدث لـ"الشرق" عن الديون وإيرادات قناة السويس

قال وزير مالية مصر محمد معيط إن التصعيد في البحر الأحمر أثر على إيرادات قناة السويس بنسبة 50%، لافتاً إلى أن توقعات سابقة بتحقيق إيرادات تبلغ 10 مليارات دولار.

ولفت جاب الله إلى أن من بين الملفات الاقتصادية التي تُمثّل تحدياً للحكومة، مديوناتها للشركاء الأجانب للبترول، والتي قُدّرت حتى أبريل الماضي بحسب صندوق النقد الدولي، ما بين 4 إلى 5 مليارات دولار، مشدداً أن مجلس الوزراء يتعين عليه جدولتها.

ودعا الخبير الاقتصادي الحكومة إلى السماح للقطاع الخاص بالانخراط بشكل أكبر في الاقتصاد من خلال قطاعات مثل السياحة والصناعة والزراعة، إلى جانب تقليل المساهمة الحكومية في قطاعي العقارات والاتصالات، ولكن ليس بنسبة كبيرة، على حد قوله.

مخاطر خارجية

ووجَّه السيسي، خلال تكليفه لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي بتشكيل الحكومة الجديدة، بالحفاظ على محددات الأمن القومي في ضوء التحديات الدولية والإقليمية.

وقال مساعد وزير الخارجية المصري السابق السفير محمد حجازي، في تصريحات لـ"الشرق"، إن مصر تواجه تحديات وتداعيات سلبية للنزاعات المسلحة التي تجري في محيطها، مشيراً إلى أن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هي الأكثر إلحاحاً بحكم ارتباطها بالأمن القومي المصري.

ولفت حجازي إلى أن مخاطر اتساع الحرب في غزة يهدد المصالح المصرية، ويؤثر على القضية الفلسطينية، وهو ما تسعى القاهرة لتجنب حدوثه عن طريق الدعم السياسي والوساطة لإنهاء الصراع وإقامة دولة فلسطين المستقلة.

وانتقل الدبلوماسي السابق إلى الحديث عن الوضع في السودان، مشدداً على أنه "يؤرق مصر بشكل واضح مع تصاعد أعمال القتال بين طرفي النزاع، الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع".

وأشار حجازي إلى أن استضافة القاهرة لمؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية "خطوة ضمن خطوات أخرى للسياسة الخارجية المصرية بحثاً عن حل داخلي سوداني لوقف العنف دون ضغوط أو تدخلات خارجية، وتقديم المساعدة للإخوة في السودان الشقيق".

وعن المشهد الليبي، رأى مساعد وزير الخارجية السابق أن مصر تعمل على "رأب الصدع بين الشرق والغرب في ليبيا بعيداً على الجماعات المسلحة، وهو ملف يقع أيضاً ضمن تحديات السياسة الخارجية لمصر خلال الفترة القادمة"، على حد قوله.

وأردف بالقول إن الاضطرابات في البحر المتوسط من بين تحديات السياسة الخارجية لمصر، بعدما كان ساحة ونافذة لدعم اقتصاد البلاد.

حل الخلافات

من جهته، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري (البرلمان) اللواء أحمد العوضي لـ"الشرق" إن مصر قطعت شوطاً كبيراً في تحسين علاقاتها بمختلف دول العالم، وأشار إلى ضرورة متابعة الحكومة الجديدة تطوير العلاقات مع كافة البلدان، وحل أي خلافات سابقة بما يعود بالنفع على القاهرة والدول الإقليمية الأخرى لزيادة الأمن والاستقرار في المنطقة.

ولفت العوضي إلى ضرورة مجابهة التحديات على مختلف المحاور الاستراتيجية التي تهدد الأمن القومي المصري، وفي القلب منها القضية الفلسطينية، مشدداً على ضرورة مواصلة منع تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة لقطع الطريق على المخططات الإسرائيلية التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية".

واستكمل العوضي حديثه بضرورة مواصلة الدور المصري مع الوسطاء الآخرين لإقرار هدنة في قطاع غزة، ووقف العمليات العسكرية تمهيداً لدخول مرحلة انتقالية تؤدي إلى قيام دولة فلسطينية، "انطلاقاً من الثوابت المصرية بأنه لا استقرار في المنطقة دون حل الدولتين".

أزمة الطاقة

وفيما يتعلق بملف الطاقة، قال أستاذ هندسة الطاقة حافظ سلماوي، إن الحكومة السابقة كانت تواجه أزمة انقطاع التيار الكهربائي، ما دفعها لاتخاذ حلول قصيرة المدي للتخلص منها بالإعلان عن التعاقد على 21 شحنة من الغاز و300 ألف طن من المازوت لتشغيل محطات توليد الكهرباء.

ولفت سلماوي إلى أهمية تفاوض الحكومة الجديدة على إعادة جدولة مديونية الشركاء الأجانب للبترول، لأن تراكم الديون من بين أسباب وجود نقص في الغاز، مشدداً على ضرورة زيادة الإنتاج من حقول الغاز خلال فترة قدرها بين عامين إلى 3 أعوام.

وأوضح أستاذ هندسة الطاقة أن الحكومة الجديدة تحتاج للتوسع في مجالات الطاقة المتجددة، مشيراً إلى اتفاقيات مبرمة لتوليد الكهرباء من الرياح بقدرة 28 ألف ميجاواط، ومن الطاقة الشمسية بـ15 ألف ميجاواط، قائلاً إن هذه الاتفاقيات "يجب تنفيذها على الأرض الواقع".

وأكد سلماوي ضرورة توفير الحكومة لمخزون استراتيجي من الغاز، لافتاً إلى توقعات باستمرار مصر في استيراد الغاز لمدة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات.

مفاوضات المياه

وفي ظل توقف مفاوضات السد الإثيوبي، وتوجُّه أديس أبابا إلى الملء الخامس، يبرز ملف المياه كواحد من التحديات التي تنتظر الحكومة الجديدة. وقال خبير الموارد المائية والري ضياء القوصي أن "التفاوض مع إثيوبيا وصل إلى نقطة اللاعودة"، وتابع: "لا بد من حلول أخرى لتفادي حدوث أزمة عطش في دولة يتجاوز عدد سكانها  106ملايين نسمة".

وأوضح القوصي أن نصيب الفرد من المياه سنوياً يصل إلى ألف متر مكعب، بحسب تقارير دولية، ما يخلق فجوة بين المتاح والاستهلاك إذ تبلغ حصة مصر من مياه النيل 55 مليار متر مكعب يُضاف إليها مياه الأمطار والمياه الجوفية، ليصبح الإجمالي نحو 65 مليار متر مكعب.

وأشار خبير الموارد المائية إلى أن الحكومة الجديدة ستكمل خطة الحكومة السابقة الهادفة إلى التوسع في إيجاد مصادر جديدة للمياه من خلال تحلية مياه البحر، والمياه الجوفية، لكنها في الوقت ذاته تحتاج إلى تغيير المكون المحصولي للزراعات والتوجه لنظم الري الليلي بطرق حديثة، إضافة لاستخدام الطاقة المتجددة في محطات معالجة المياه الجوفية.

تصنيفات

قصص قد تهمك