لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تاريخ طويل في التفاعل مع السياسة الأميركية على مدار عقود. وعندما يتحدث رئيس وزراء إسرائيل أمام جلسة مشتركة للكونجرس الأميركي، الأربعاء، ستكون هذه المرة الرابعة التي يقوم فيها بذلك منذ عام 1996، متفوقاً على أي قائد أجنبي آخر في هذا المجال، وهو نفس عدد المرات التي يتحدث فيها رئيس أميركي أمام الكونجرس خلال فترة ولايته، بحسب شبكة CNN.
ويعرف نتنياهو الرئيس جو بايدن منذ سنوات عديدة، لكن بايدن يشك في صدق نوايا نتنياهو. بالإضافة إلى ذلك، يسعى نتنياهو لاستعادة ثقة الرئيس السابق دونالد ترمب، الذي شعر بالإهانة من نتنياهو بعد الانتخابات الرئاسية في عام 2020.
واجتذب نتنياهو عداء الرئيس السابق باراك أوباما بسبب محاولته إفشال الاتفاق النووي مع إيران، بينما كان نتنياهو صديقاً مقرباً لميت رومني، منافس أوباما في انتخابات 2012 وعضو مجلس الشيوخ الأميركي الحالي، منذ أن عملا معاً في نفس الشركة ومقرها الولايات المتحدة في سبعينيات القرن الماضي.
كما استشاط الرئيس السابق بيل كلينتون غضباً بعد أول اجتماع له مع نتنياهو في عام 1996، قائلاً لمساعديه: "من هو صاحب القوة العظمى هنا؟"، حسبما أفاد المفاوض السابق في الشرق الأوسط، آرون ديفيد ميلر.
في عام 2015، عندما تحدث نتنياهو أمام الكونجرس، كانت الخطبة حماسية ومثيرة للانقسام، إذ جعلت أعضاء الكونجرس يقفون تعبيراً عن حماسهم ووجهت الرأي العام ضد الاتفاق الدولي الهش الذي كان يهدف إلى منح إيران إمكانية الوصول إلى أموال النفط مقابل السيطرة على برنامجها النووي.
ودعاه قادة الجمهوريين في الكونجرس لإلقاء الخطبة في عام 2015، واستغل نتنياهو الفرصة لتأجيج الانقسامات السياسية الداخلية في الولايات المتحدة بشأن الاتفاق النووي مع إيران.
وتجاوز نتنياهو أوباما بالتدخل في السياسة الأميركية على الأراضي الأميركية. وتغيب نائب الرئيس آنذاك بايدن، إلى جانب 58 عضواً في الكونجرس، عن خطاب عام 2015 على الرغم من أن بايدن كان، في ذلك الوقت، رئيساً لمجلس الشيوخ.
هاريس أبرز الغائبين عن خطاب نتنياهو
ولن تحضر نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي أصبحت المرشحة الديمقراطية المحتملة للرئاسة بعد انسحاب بايدن من سباق 2024، خطاب نتنياهو، الأربعاء، إذ تركز بشكل أكبر على حملتها الانتخابية أكثر من تركيزها على الكابيتول هيل في الوقت الحالي.
وقد حوّل الرئيس السابق دونالد ترمب معارضته للاتفاق النووي الإيراني إلى قضية رئيسية في حملته الانتخابية في عام 2016. وسحب الولايات المتحدة من الاتفاق في عام 2018 لكنه لا يزال يتحدث عنه حتى اليوم.
وكانت لنتنياهو علاقات قوية مع إدارة ترمب، التي عطلت الاتفاق النووي مع إيران، ونقلت السفارة الأميركية إلى القدس، وحاولت التوسط لإقامة علاقات دبلوماسية بين إسرائيل والدول العربية. لكن نتنياهو أثار غضب ترمب عندما اعترف في عام 2020 بفوز بايدن الانتخابي على ترمب.
وقال ترمب لموقع "أكسيوس"، متحدثاً عن نتنياهو في ديسمبر 2021: "اللعنة عليه". ورغم علاقته الطويلة مع نتنياهو، انتقد بايدن حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي لكونها يمينية متطرفة.
وقد قسّم الاختلاف حول تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة البشرية، الديمقراطيين هذا العام. ولكن على الرغم من كل انتقاداته لنتنياهو، استمر بايدن في تزويد إسرائيل بالأسلحة والمساعدات، وسيلتقي الرجلان في البيت الأبيض، الخميس.
وبدلاً من محاولة إفشال اتفاق دولي، يحتاج نتنياهو إلى مساعدة من الولايات المتحدة، بحسب شبكة CNN الأميركية. إذ أن واشنطن لاعب أساسي في الجهود الرامية للتوسط في وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة، لكن جيريمي دايموند من CNN، يعتبر أن "دوافع نتنياهو ليست واضحة".
ويضيف: "هل يريد نتنياهو بالفعل اتفاقاً (وقف إطلاق النار في غزة)؟ الحكمة التقليدية في وسائل الإعلام الإسرائيلية والسياسة والشوارع في تل أبيب ستخبرك بأن الإجابة على هذا السؤال هي لا، وأن نتنياهو لديه الكثير ليكسبه من إطالة أمد الحرب والكثير ليخسره بإنهائها".
واعتبر الرئيس الأميركي في تصريحات سابقة، أن "هناك سبباً للاعتقاد بأن نتنياهو يطيل أمد الحرب للبقاء في السلطة".
ولا يزال لدى نتنياهو الكثير من الدعم في واشنطن، ومن المتوقع أن يتلقى تصفيقاً حاراً عندما يتحدث أمام الكونجرس. لكن دايموند يجادل بأن "زيارته هي أيضاً فرصة للمسؤولين الأميركيين والمشرعين البارزين لدفعه، وتحفيزه، وإقناعه باتجاه إبرام اتفاق بشأن غزة سواء علناً أو سراً".