كشفت مذكرة وقعها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الجمعة، إلغائه اتفاق إقرار بالذنب تم الاتفاق عليه، قبل أيام، مع خالد شيخ محمد، المتهم بالتخطيط لهجمات 11 سبتمبر في الولايات المتحدة، واثنين من شركائه المحتجزين في سجن جوانتانامو الأميركي العسكري في كوبا.
وسبق أن أعلنت وزارة الدفاع الأميركية، الأربعاء، التوصل إلى اتفاقات إقرار بالذنب، لكنها لم تكشف تفاصيلها. وقال مسؤول أميركي، إن هذه الاتفاقات تضمنت على الأرجح إقرارات بالذنب مقابل استبعاد عقوبة الإعدام.
لكن أوستن أعفى، الجمعة، سوزان إسكالييه، التي تشرف على محكمة الحرب التابعة للبنتاجون في جوانتانامو، من سلطتها في إبرام اتفاقات ما قبل المحاكمة في القضية، وتولى المسؤولية بنفسه.
وكتب أوستن في مذكرة: "اعتباراً من الآن، وفي إطار ممارستي لسلطاتي، أعلن انسحابي من اتفاقات ما قبل المحاكمة الثلاثة...".
وانتقد العديد من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين، بما في ذلك رئيس مجلس النواب مايك جونسون، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل، صفقات الإقرار بالذنب بشدة.
ويعد خالد شيخ محمد، السجين الأكثر شهرة في منشأة الاحتجاز في خليج جوانتانامو، التي أنشأها الرئيس الأميركي آنذاك جورج دبليو بوش في عام 2002، لاحتجاز المشتبه بهم من المتشددين الأجانب في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.
ويُتهم خالد شيخ محمد بالتخطيط لمؤامرة اختطاف طائرات ركاب تجارية لضرب مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك ومبنى وزارة الدفاع "البنتاجون". وأسفرت هجمات 11 سبتمبر عن سقوط ما يقرب من ثلاثة آلاف شخص، ودفعت الولايات المتحدة إلى ما سيصبح حرباً استمرت 20 عاماً في أفغانستان.
وتم التوصل إلى اتفاقات إقرار ذنب أيضاً مع اثنين من المعتقلين الآخرين، هما وليد محمد صالح مبارك بن عطاش، ومصطفى أحمد آدم الهوساوي.
اتفاقيات تسوية
وبعد قضاء ما يقرب من عقدين في السجن العسكري الأميركي في خليج جوانتانامو بكوبا، وافق المتهم المعروف بأنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر التي ضربت الولايات المتحدة في عام 2001، خالد شيخ محمد، واثنان من شركائه، على الإقرار بالذنب مقابل أحكام بالسجن المؤبد بدلاً من مواجهة عقوبات بالإعدام.
واتفاقيات التسوية مع وزارة الدفاع الأميركية، التي أُعلن عنها الأربعاء الماضي (بالتوقيت المحلي)، كانت ستسمح بإغلاق جزئي لقضية استمرت 20 عاماً وغرقت في حالة جمود قانوني.
ويرغب العديد من أفراد أسر ما يقرب من 3000 شخص لقوا مصرعهم في هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، في توقيع عقوبة الإعدام بحق المتهمين، لكن مع تزايد احتمالات عدم إجراء محاكمة، أصبح يُنظر إلى صفقات الإقرار بالذنب على نطاق واسع باعتبارها السبيل الوحيد لحل القضية.
وبموجب رسائل من الحكومة الفيدرالية، تلقاها بعض أقارب ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر، طلب محامو الدفاع، أن يحكم على المتهمين بالسجن مدى الحياة مقابل الإقرار بالذنب.
العقل المدبر
يُعرف خالد شيخ محمد، البالغ من العمر 56 عاماً، بالعقل المدبر لاعتداءات 11 سبتمبر، وهو مواطن باكستاني نشأ في الكويت، حيث يُعتقد أنه اقترح أول مرة على مؤسس تنظيم "القاعدة" أسامة بن لادن، تدبير عملية اصطدام لطائرات بأهداف في الولايات المتحدة عام 1996.
وتخرّج محمد من جامعة أميركية، وخطط محمد مع ابن أخته رمزي يوسف في عام 1994 لتفجير طائرتين متوجهتين من الفلبين إلى الولايات المتحدة. وفشلت المحاولة الأولى وتم توقيف يوسف في باكستان وتسليمه إلى الولايات المتحدة، وعندما وافق بن لادن أخيراً على مخطط 11 سبتمبر، تولى محمد مهمة تنفيذه.
واعتقل محمد في روالبندي بباكستان في مارس عام 2003، ثم نقلته وكالة الاستخبارات المركزية CIA، إلى ما يعرف بأنه "مواقع سوداء" في أفغانستان وبعدها إلى بولندا ليتم استجوابه.
وتعرض محمد للتعذيب بتقنية "الإيهام بالغرق" 183 مرة على مدى 4 أسابيع، إضافة إلى أساليب تحقيق قاسية أخرى، فيما أرسل في سبتمبر 2006 إلى جوانتانامو، بحسب وكالة "فرانس برس".
وأقر بعد عام، في جلسة مغلقة، بمسؤوليته ليس فقط عن 11 سبتمبر فحسب، بل كذلك عن تفجيرات أخرى مرتبطة بتنظيم "القاعدة" في بالي وكينيا ومحاولة فاشلة قام بها مهاجم لإسقاط طائرة أميركية عبر حشو حذائه بالمتفجرات، وعملية قتل الصحافي الأميركي دانيال بيرل.
وليد بن عطاش.. المدرب
ويعرف بن عطاش، البالغ من العمر 43 عاماً، بأنه "قيادي عسكري رفيع" في القاعدة، حيث ساعد خالد شيخ محمد في التخطيط لاعتداءات 11 سبتمبر وغيرها.
وسافر عطاش، الذي يحمل الجنسية اليمنية، إلى أفغانستان وطاجيكستان مطلع تسعينات القرن الماضي لمحاربة قوات الاتحاد السوفيتي السابق، وفقد جزءاً من ساقه اليمنى أثناء القتال في أفغانستان عام 1996.
وفي 1999، أدار دورة للقتال المباشر في معسكر للقاعدة حضرها بعض الخاطفين للطائرات التي ضربت برجي التجارة في نيويورك.
وصعد قبل 11 سبتمبر عام 2001 على متن رحلات تابعة لشركات طيران أميركية سافر فيها في أنحاء جنوب شرق آسيا لاختبار أمن المطارات بهدف خطف واحدة منها والتسبب بتحطمها.
ويشتبه بأن عطاش حصل على المتفجرات التي استخدمت في الهجوم الانتحاري الذي استهدف المدمّرة الأميركية "يو إس إس كول" في أكتوبر 2000، وأسفر عن قتل 17 بحاراً أميركياً.
ولدى عطاش، الذي ينحدر من عائلة على علاقة ودية بأسامة بن لادن، شقيق أصغر في جوانتانامو أيضاً، لم توجه إليه تهم ولا يعد متورطاً بشكل مباشر في مخطط 11 سبتمبر.
مصطفى الهوساوي.. مساعد الخاطفين
ولد مصطفى أحمد الهوساوي في 5 أغسطس عام 1968 بجدة غربي السعودية، وهو مقرب من أسامة بن لادن منذ فترة طويلة، حيث كان المسؤول المالي عن عملياته في السودان وذلك بين عامي 1991 الى 1996.
يشتبه في أن الهوساوي، البالغ من العمر 53 عاماً، ساعد منفذي عمليات الخطف في 11 سبتمبر في ترتيبات السفر وتولى الحوالات المالية لهم بالتعاون مع البلوشي.
واعتقل الهوساوي في روالبندي في باكستان في مارس 2003 وخضع لعمليات استجواب قاسية من قبل الاستخبارات الأميركية، ومن ثم احتجز في "مواقع سوداء" قبل أن يحول إلى جوانتانامو في سبتمبر 2006.
وقال محامو المتهمين، إنه "تعرض لأضرار في المستقيم جرّاء التقنيات التي استخدمت في تعذيبه".