إسرائيل والولايات المتحدة تتأهبان لهجوم إيراني وشيك "غير متوقع"

"صمت غاضب" من طهران تجاه جهود خفض التصعيد يضاعف مخاوف "حرب إقليمية"

time reading iconدقائق القراءة - 10
جانب من جنازة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران. 1 أغسطس 2024 - Getty Images
جانب من جنازة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران. 1 أغسطس 2024 - Getty Images
دبي -الشرق

تستعد إسرائيل والولايات المتحدة، لتهديدات إيرانية بهجوم انتقامي وشيك على تل أبيب، رداً على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في طهران، والقيادي في "حزب الله" فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية في بيروت، فيما تواصل طهران تجاهل دبلوماسيين يحاولون منع نشوب "حرب إقليمية".

وأفادت صحيفة "وول ستريت جورنال"، بأن واشنطن وتل أبيب في حالة تأهب لرد من إيران "لا يمكن التنبؤ به" مع نهاية الأسبوع الجاري (السبت والأحد)، بينما يعمل مسؤولون أميركيون على تجهيز قوات عسكرية، وشركاء إقليميين لوقف هجوم آخر يخشى البعض أن يكون "أوسع نطاقاً وأكثر تعقيداً" من هجوم طهران على تل أبيب في أبريل الماضي.

وأعلنت وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون"، تعزيز التواجد العسكري الأميركي في المنطقة، بسفن حربية وطائرات مقاتلة، وسفن مجهزة بأنظمة دفاع ضد الصواريخ الباليستية، فيما أكدت إسرائيل، أن جيشها بات في حالة "تأهب قصوى".

وأشارت الصحيفة الأميركية، إلى أنه في أبريل الماضي، أطلقت طهران أكثر من 300 طائرة مسيرة وصاروخ في هجوم مباشر لأول مرة باتجاه إسرائيل رداً على استهداف قنصليتها في دمشق، بعد إرسال تفاصيل ردها إلى دبلوماسيين "بشكل مُسبَق"، وإعطاء إسرائيل والولايات المتحدة الوقت اللازم للاستعداد، وفي نهاية المطاف، أُسقطت معظم القذائف قبل أن تصل إلى تل أبيب، لكن إسرائيل وحلفاؤها يعملون هذه المرة "بلا معلومات مُسبَقة".

وكشفت "وول ستريت جورنال"، أن دبلوماسيين أميركيين وعرب، يعملون على تجنب تصاعد العنف، يواجهون "صمتاً غاضباً" من إيران، وحليفها اللبناني "حزب الله"، اللذين يستعدان للرد على عمليتي اغتيال فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت، وإسماعيل هنية في طهران.

تعزيزات عسكرية أميركية

وتأتي الخطوات التي أعلنها البنتاجون، الجمعة، غداة إعلان البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال اتصال هاتفي بأن الولايات المتحدة ستوفر "انتشاراً عسكرياً أميركياً دفاعياً جديداً" في المنطقة، وفق "بلومبرغ".

وأشارت "بلومبرغ"، إلى أن بايدن تعهد بتقديم الدعم الدفاعي لإسرائيل في مكالمته مع نتنياهو، إلا أنه أخبر الصحافيين أيضاً أنه كان "مباشراً للغاية" في إخبار رئيس الوزراء بأنه بحاجة إلى دعم وقف إطلاق النار في الحرب على قطاع غزة. وقال بايدن: "لدينا الأساس لوقف إطلاق النار. يجب عليه (نتنياهو) المضي قدماً، ويجب عليهم المضي قدماً الآن".

وقالت نائبة المتحدث باسم البنتاجون، سابرينا سينج، في بيان، الجمعة، إن عمليات النشر تشمل إرسال طرادات ومدمرات إضافية قادرة على الدفاع الصاروخي الباليستي إلى مناطق القيادة الأميركية الأوروبية والمركزية.

وأضافت أن الولايات المتحدة تتخذ أيضاً خطوات "لزيادة استعدادنا لنشر دفاع صاروخي باليستي بري إضافي"، دون أن توضح هذه التحرّكات.

كما أمر وزير الدفاع لويد أوستن باتخاذ خطوات تشمل نقل سرب إضافي من الطائرات المقاتلة إلى المنطقة، وإرسال المجموعة القتالية لحاملة الطائرات USS Abraham Lincoln، لتحل محل USS Theodore Roosevelt، الموجودة حالياً في خليج عمان، وفقاً للبيان.

لكن العديد من التحركات التي أعلن عنها، وتشمل إرسال مجموعة حاملة الطائرات Lincoln، الموجودة حالياً في المحيط الهادئ، ستستغرق أسابيع لتنفيذها على الرغم من أن إيران ربما تكون على استعداد لضرب إسرائيل في وقت قريب.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت في بيان، الجمعة، إنه تحدث مع نظيريه، الأميركي لويد أوستن، والبريطاني، جون هيلي، وقدم "تقييماً للوضع في ضوء التطورات الأمنية الأخيرة".

مسؤول إيراني يتوعد برد "سريع وثقيل"

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن دبلوماسي إيراني، لم تكشف هويته، قوله إنه علِم من خلال حكومته أن "محاولات الدول المختلفة لإقناع طهران بعدم التصعيد كانت وستظل غير مُجدية بالنظر إلى الهجمات الإسرائيلية الأخيرة". وأضاف: "لا جدوى من ذلك، إسرائيل تجاوزت جميع الخطوط الحمراء، وسيكون ردنا سريعاً وثقيلاً".

وحذّرت الصحيفة، من أن نقص المعلومات هذه المرة دفع المنطقة إلى واحدة من "أخطر لحظاتها" منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر الماضي.

ونقلت عن أندرو تابلر، وهو المدير السابق للشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، قوله: "قلة المعلومات تعني إمكانية سوء تقدير الخطوة التالية على سلم التصعيد، والنتيجة قد تكون تصعيداً يصعب السيطرة عليه بدلاً من رد محدود مثل الذي حدث في أبريل".

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي، لم تكشف هويته أيضاً، قوله إن إدارة بايدن تتبنى نهجاً حذراً في الوقت الحالي، في ظل عدم وجود مؤشرات على أن إيران اتخذت قراراً بشأن كيفية استجابتها، متوقعاً أن "أي رد من المحتمل أن يكون بعد بضعة أيام إلى أسبوع".

ومع ذلك، فإن الإدارة الأميركية تتواصل بنشاط مع إسرائيل والحكومات العربية، وتدرس العديد من الخيارات بما في ذلك نقل المزيد من وحدات الدفاع الصاروخي إلى المنطقة، بحسب الصحيفة.

ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، فإن الولايات المتحدة لديها بالفعل قوة نارية كبيرة متاحة في المنطقة، بما في ذلك مجموعة ضاربة من حاملة طائرات وعدة مدمرات مزودة بصواريخ موجهة في خليج عمان، بالإضافة إلى مدمرات إضافية ومجموعة USS Wasp البرمائية في شرق البحر الأبيض المتوسط، إلى جانب بطاريات الدفاع الصاروخي في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

تجنب "حرب شاملة"

وذكرت مصادر مطلعة للصحيفة، أن إيران و"حزب الله" لا يزالا يريدان تجنب "حرب شاملة" ويعملان على ضبط ردهما، ولكن كلاً منهما زاد من حدة خطابه العلني ضد إسرائيل في أعقاب الهجمات الأخيرة، وهو ما اعتبرته "وول ستريت جورنال"، "يترك لهما مساحة صغيرة للتخفيف من ردهما دون أن يبدو وكأنهما يتراجعان".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين عرب، لم تكشف عن هوياتهم، قولهم إن المؤشرات من محادثاتهم تُظهر أن إيران و"حزب الله" يعتقدان أن الرد، أياً كان شكله، يجب أن يكون أقوى من الهجوم الذي وقع في أبريل الماضي، مشيرين إلى أن "حزب الله" أشار إلى أن رده قد لا يكون هجوماً واحداً بل سلسلة من الهجمات.

ويشعر البعض بالقلق من أن الهجوم المتوقَع قد لا يشمل مشاركة إيران و"حزب الله" فحسب، بل جماعات إقليمية أخرى مثل الحوثيين في اليمن، والفصائل المسلحة في العراق أيضاً.

وقال المسؤولون العرب الذين تحدثوا إلى الصحيفة، إنهم نقلوا تحذيرات إلى طهران نيابةً عن إسرائيل والولايات المتحدة، بأن "تل أبيب مستعدة لخوض الحرب في حال رد حزب الله وإيران بشكل عدواني للغاية، من خلال الهجوم على تل أبيب أو على إسرائيل بشكل أعمق"، ورد مسؤولون إيرانيون بأنهم "يتفهمون مخاطر التصعيد، لكن المرشد الإيراني علي خامنئي يتعرض لضغوط داخلية من المتشددين للرد".

وأشار المسؤولون العرب إلى أنه بعدما تلقى "حزب الله" تحذيرات مماثلة، رد على وسطاء قائلاً: "سنرد في ساحة المعركة".

ونقلت الصحيفة عن هليما كروفت، وهي محللة جيوسياسية في بنك RBC الكندي ومسؤولة أمنية أميركية سابقة، قولها إن تعدد الخصوم هذه المرة يزيد من المخاطر مقارنة بالمواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل في أبريل الماضي.

وأضاف كروفت: "يمكن أن تؤدي أحداث الأيام القليلة الماضية، على أقل تقدير، إلى إثارة ديناميكية ضبابية خطيرة تصبح فيها الخطوط الحمراء غير مرئية ويزداد فيها خطر سوء التقدير بشكل جدي".

مخاوف "سوء التقدير"

ولا تزال هناك أيضاً، قيود على رد إيران و"حزب الله"، فبالإضافة إلى رغبتهما في تجنب الحرب، فإن كلاهما يخشى كشف قدراته أو مواقعه لإسرائيل، حسبما أفاد أشخاص مطلعون للصحيفة.

في هذا السياق، قال المحلل الجيوسياسي الإيراني المستقل مصطفى باكزاد، إن طهران "تعاني في ضبط ردها"، لأنه في حين أن اغتيال هنية على أراضيها يتطلب الانتقام، فإنها لا تستطيع تحمل التصعيد غير القابل للسيطرة، مضيفاً: "لقد تم دفع النظام إلى زاوية ضيقة لا توجد فيها سوى خيارات سيئة".

وقالت "وول ستريت جورنال"، إنه على الرغم من عمل الدبلوماسيين على احتواء تداعيات الضربة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية في بيروت، فإن اغتيال هنية أضاف متغيراً جديداً "قلَب الموازين".

ونقلت عن مسؤول كبير في "حزب الله"، قوله إن "المحادثات أصبحت معقدة الآن بسبب شعور الجماعة اللبنانية بأنها تعرّضت للتضليل من قبل دبلوماسيين، أكدوا لها أن رد إسرائيل سيكون محدوداً، لكنه، بدلاً من ذلك، كان استفزازياً على جبهتين، حيث استهدف مسؤولاً كبيراً في بيروت، بالإضافة إلى سقوط مدنيين".

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول، إنه "عندما كانت إيران على وشك شن هجومها في أبريل الماضي للانتقام لاغتيال أحد كبار قادتها، فإنها أعلنت عن الهجوم بوضوح شديد لدرجة أن محطات الإذاعة والتلفزيون في إسرائيل، كانت تحسب الساعات المتبقية للناس للعودة إلى منازلهم بعد الاحتماء بالملاجئ.

ونقلت عن مسؤول أميركي لم تذكر اسمه قوله: "لقد أرادوا أن يعرف الجميع، لكنهم لا يرغبون في ذلك هذه المرة".

تصنيفات

قصص قد تهمك