"رويترز": صفقات "مقايضة تجارية" بين روسيا والصين لتجاوز قيود واشنطن

time reading iconدقائق القراءة - 6
عمال يقفون قرب رافعة أثناء تفريغ شحنة فول صويا روسية في ميناء هيهي بمقاطعة هيلونججيانج شمال شرق الصين. 10 أكتوبر 2018 - REUTERS
عمال يقفون قرب رافعة أثناء تفريغ شحنة فول صويا روسية في ميناء هيهي بمقاطعة هيلونججيانج شمال شرق الصين. 10 أكتوبر 2018 - REUTERS
موسكو -رويترز

قالت ثلاثة مصادر في مجال التجارة والمدفوعات لوكالة "رويترز"، الخميس، إن روسيا والصين ربما تبدآن استخدام أنظمة المقايضة التجارية، فيما يتوقع مصدران إبرام صفقات تتعلق بالزراعة في الخريف المقبل، في الوقت الذي تحاول فيه موسكو وبكين الحد من استخدام الأنظمة المصرفية التي تراقبها الولايات المتحدة.

كانت مسألة تأخير السداد في التعاملات الثنائية على رأس جدول الأعمال، عندما زار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكين، في مايو الماضي. وعلى الرغم من ظهور حلول بديلة مثل استخدام البنوك الصينية المحلية الصغيرة، التي يصعب على واشنطن اكتشاف أنشطتها، لا تزال مشكلات السداد قائمة.

ومن شأن المقايضة التجارية، أن تسمح لموسكو وبكين بتفادي مشكلات السداد وبتقليص مراقبة الجهات التنظيمية الغربية لمعاملاتهما الثنائية والحد من مخاطر العملة.

وتعمل روسيا على تطوير قواعد للمقايضة التجارية، وتفترض المصادر الروسية التي تحدثت إليها "رويترز"، أن الصين تفعل الشيء نفسه.

والمصادر، التي طلبت عدم كشف هوياتها، بسبب طبيعة المعلومات غير المعلنة، مشاركة على نحو وثيق في التجارة الثنائية.

وقال مدير كبير في بنك روسي بارز، إنه يعد خطة مقايضة لكنه رفض الكشف عن التفاصيل. وقال مصدر يعمل في مجال المدفوعات إن التجارة مع روسيا في تصدير المنتجات الغذائية قيد المناقشة.

ولم ترد وزارة الصناعة والتجارة الروسية، ولا وزارة التجارة الصينية على أسئلة بشأن المقايضة التجارية للسلع.

تاريخ من المقايضات

والصين وروسيا لديهما تاريخ من صفقات المقايضة. ففي عام 2019، وافقت الصين على مقايضة زيت نخيل بقيمة 150 مليون دولار تقريباً من ماليزيا مقابل خدمات بناء، ومنتجات موارد طبيعية ومعدات مدنية ودفاعية.

وفي عام 2021، صدرت شركة صينية قطع غيار سيارات بقيمة مليوني دولار إلى إيران مقابل الفستق.

وكانت صفقات المقايضة بين موسكو وبكين شائعة قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، واستمرت حتى تسعينيات القرن الماضي، لكن الصفقات قيد المناقشة الآن ستكون الأولى منذ نحو 30 عاماً، وفقاً للمصادر.

من جهته، قال كايل شوستاك، نائب رئيس مجلس الإدارة في شركة Qifa، وهي شركة صينية روسية تسعى إلى تخفيف مشكلات التجارة الثنائية من خلال تسويات رقمية: "أتذكر في أوائل التسعينيات... كانت هناك صفقات مقايضة بين الصين وروسيا في ذلك الوقت".

وأضاف: "بعد ذلك، وبسبب تطوّر القطاع المصرفي، تحولت الأعمال التجارية بالكامل، والتجارة بالكامل بين روسيا والصين إلى تسويات مصرفية"، مشيراً إلى أن منصة Qifa ستكون جاهزة لتسهيل تجارة المقايضة عندما يكتمل تطبيق اللوائح.

وثيقة روسية

وفي فبراير الماضي، نشرت وزارة الاقتصاد الروسية وثيقة تسدي المشورة للشركات الروسية بشأن كيفية إجراء معاملات المقايضة، وتشير إلى أخطاء يتوجب تجنبها.

وتتضمن الوثيقة المؤلفة من 15 صفحة دليلاً خطوة بخطوة لحساب التكاليف والرسوم الجمركية، وتشرح متطلبات المحاسبة المطلوبة وتوفر نماذج عقود لأنواع مختلفة من تجارة المقايضة الثنائية، ومتعددة الأطراف والرسمية، حيث يستخدم طرف ثالث مصنعاً على سبيل المثال. وتصف الوثيقة تجارة المقايضة بأنها طريقة جيدة لتجنب التسويات الدولية والنقد.

وقال مصدر حكومي روسي، إن تجارة المقايضة توفر وسيلة للخروج من مشكلات الدفع الضخمة مع كل من السلع الخاضعة للعقوبات والسلع المدنية، معرباً عن أسفه لأن رحلة بوتين إلى الصين لم تحسن الفرص كما كان متوقعاً.

وأضاف المصدر: "هناك أمور سياسية تحتاج إلى حل، ولكن على الرغم من زيارة رئيسنا للصين، لم يتم حلها"، فيما قال مصدر آخر في شركة صناعية روسية، إن صادرات المعادن من روسيا في مقابل الآلات من الصين كانت قيد المناقشة بين الشركات.

وقال مصدرون، إن شفافية وسائل التجارة الأكثر تقليدية تشكل رادعاً للتجارة الثنائية بين الصين وروسيا، كما هو الحال مع افتقار روسيا والصين إلى آلية مدفوعات مباشرة.

ويظل نظام المراسلات المالية العالمي "سويفت" SWIFT، خياراً للبنوك غير الخاضعة للعقوبات، لكنه "نظام مصرفي دولي شفاف تماماً لأصدقائنا، ومن بينهم الأميركيون"، كما قال وسيط مدفوعات لوكالة "رويترز".

عقوبات أميركية

وأصبحت المصارف الصينية، خلال الأشهر الأخيرة، أكثر حذراً في التعاملات التجارية مع روسيا خوفاً من فرض عقوبات أميركية صارمة جديدة على خلفية الغزو الروسي لأوكرانيا.

وسجّلت التجارة بين الصين وروسيا مستويات قياسية في السنوات الأخيرة، ما تسبب للصين باتهامات بأنها تساهم في إنعاش اقتصاد موسكو.

لكنّ ملاحقة واشنطن للمؤسسات المالية، التي تساعد موسكو، شكّل اختباراً لصلابة العلاقة بين بكين وموسكو وجعل مصارف الصين تخشى التعرض للعزل.

ويتيح أمر تنفيذي، أصدره الرئيس الأميركي جو بايدن في ديسمبر الماضي، فرض عقوبات ثانوية على المصارف الأجنبية التي تتعامل مع "آلة الحرب الروسية"، ما يسمح لوزارة الخزانة الأميركية، باستبعادها من النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار.

تصنيفات

قصص قد تهمك