كارليس بويجديمونت.. زعيم الانفصاليين في كتالونيا يتحدى مدريد

time reading iconدقائق القراءة - 8
زعيم الانفصاليين الكتالونيين كارليس بويجديمونت يحيي أنصاره لدى عودته إلى إسبانيا. برشلونة. 8 أغسطس 2024 - Reuters
زعيم الانفصاليين الكتالونيين كارليس بويجديمونت يحيي أنصاره لدى عودته إلى إسبانيا. برشلونة. 8 أغسطس 2024 - Reuters
دبي-الشرق

أثارت العودة القصيرة لزعيم الانفصاليين في كتالونيا كارليس بويجديمونت، إلى برشلونة، الخميس، بعد 7 سنوات قضاها في المنفى، جدلاً في إسبانيا، خصوصاً وأنه تحدى مذكرة اعتقال أصدرتها السلطات الإسبانية ضده، بعد تنظيمه استفتاءً غير مسبوق، يدعو إلى الانفصال عن مدريد.

وقال محامي بويجديمونت إنه "لم يعد موجوداً في إسبانيا" بعد عودته القصيرة الخميس إلى برشلونة، حيث طعن على مذكرة اعتقاله بتهمة إساءة استخدام أموال عامة، مشيراً إلى أنه عاد مجدداً إلى بلجيكا.

وصدرت مذكرة اعتقال بحق بويجديمونت بتهمة إساءة استخدام الأموال العامة خلال محاولة الانفصال. وفي الأشهر الأخيرة، فتح قاضي تحقيق آخر تحقيقاً لفحص إمكانية أن يكون بويجديمونت زعيماً لمجموعة مشبوهة على الإنترنت تسمى "تسونامي الديمقراطية"، والتي نظمت احتجاجات في برشلونة وأجزاء أخرى من كتالونيا، وتحولت إلى أعمال عنف في عام 2019.

ورغم أنه غادر إلى بروكسل قبل أن تستدعيه المحكمة للإدلاء بشهادته باعتباره قيد التحقيق بتهمة الترويج للانفصال، إلا أن بويجديمونت لم يغيّر مواقفه الانفصالية، ولم يقطع العمل السياسي، ورغم منفاه في بروكسل وألمانيا، إلا أنه انتخب نائباً في البرلمان الأوروبي، وكان له دور نشط للغاية في السياسة الوطنية الإسبانية.

من الصحافة إلى "حلم الاستقلال"

بويجديمونت المولود في آميري، إحدى بلدات مقاطعة جيرونا، في عام 1962، درس اللغة الكتالونية في عاصمة هذه المقاطعة، وعمل صحافياً لوسائل إعلام محلية في كتالونيا.

وقال جامي ماتمالا، وهو صديق بويجديمونت لشبكة "CNN": "يحمل كارليس بداخله حركة الاستقلال. إنه شيء يعرفه جيداً، وهو جزء من شخصيته، وطريقته في الوجود".

بدأ بويجديمونت حياته العملية صحافياً في مجلة "إل بونت" المؤيدة للاستقلال في كتالونيا، وظل خلال هذه التجربة يجاهر بدعوته إلى الانفصال عن مدريد.

وبينما نال نجاحاً في مهنته، وترقى في صفوف "إل بونت" ليصبح رئيس تحريرها ثم أسس وكالة الأنباء الكتالونية، جاءت أول مشكلة له مع مدريد، خلال دورة الألعاب الأولمبية في برشلونة عام 1992، عندما ألقي القبض عليه لمشاركته في منظمة تدعم القوميين الكتالونيين.

وشهدت أولى محاولاته في السياسة انضمامه إلى التحالف القومي الكتالوني "التقارب والاتحاد"، ونجح في الطعن في نتائج الانتخابات لدخول البرلمان الإقليمي من جيرونا.

دخل بويجديمونت السياسة رسمياً في عام 2006 عندما تم تعيينه مستشاراً لمجلس مدينة جيرونا، وهو المنصب الذي شغله لمدة عشر سنوات. وفي الوقت نفسه، شغل من عام 2011 إلى عام 2016 منصب المحافظ في مدينة جيرونا، وبين عامي 2015 و2016 رئيساً لجمعية بلديات كتالونيا من أجل الاستقلال.

وخلال ترؤسه لمحافظة مدينة جيرونا، صرّح حينها لشبكة CNN: "نريد إعادة الاتصال بشكل أفضل مع إسبانيا، لأن الاتصال الحالي لا يعمل". وأضاف: "العلاقات بين كتالونيا وإسبانيا ليست جيدة، ولم تتحسن في السنوات الأخيرة، بل ساءت".

تنظيم الاستفتاء

كرّس بويجديمونت حياته المهنية لهدف إنشاء دولة جديدة في شمال شرق إسبانيا، وأدى نهجه المتشدد إلى صراع سياسي مع أحزاب انفصالية أخرى، وكذلك مع الحكومة المركزية في إسبانيا.

وبعد استفتاء رمزي في نوفمبر 2014، حظرته إسبانيا، فاز الانفصاليون، بزعامة بويجديمونت، بالانتخابات الإقليمية لعام 2015. ثم مضى زعماء الاستقلال في كتالونيا قدماً في استفتاء كامل في الأول من أكتوبر 2017، والذي اعتبرته المحكمة الدستورية الإسبانية غير قانوني بموجب الدستور الإسباني. 

واستناداً إلى السلطة القضائية، أرسلت مدريد إلى كتالونيا آلافاً من رجال الشرطة قبل التصويت. واستولى الضباط على ملايين أوراق الاقتراع وأغلقوا المدارس والمباني الأخرى، لمنع استخدامها كمراكز اقتراع.

لعب بويجديمونت دوراً هاماً في تسريع عملية الاستفتاء، إذ وافق على قوانين تسمح بإجراء استفتاء على الاستقلال والانتقال القانوني وتأسيس جمهورية.

وقال بويجديمونت الذي كان حينها رئيساً للحكومة الكتالانية، إن 90٪ من الناخبين أيدوا الانفصال. لكن نسبة المشاركة لم تتجاوز 43٪ وسط مقاطعة من قبل النقابيين.

وفي جو محموم، أعلنت الأغلبية الانفصالية في البرلمان الكتالوني الاستقلال في 27 أكتوبر 2017. وباستخدام سلطات الطوارئ المنصوص عليها في المادة 155 من الدستور الإسباني، حلت مدريد البرلمان الكاتلاني، وأقالت قادته ودعت إلى انتخابات مبكرة في 21 ديسمبر.

وفرضت مدريد الحكم المباشر على المنطقة بعد فترة وجيزة، وأقالت بويجديمونت والحكومة الكتالونية. وبعد حل البرلمان الكتالوني، أُجريت انتخابات إقليمية جديدة، فيما وُجِّهت اتهامات بالتمرد والفتنة وإساءة استخدام الأموال العامة إلى بويجديمونت وأعضاء آخرين في حكومته.

وبعد فترة وجيزة من تلك الحادثة، فر بويجديمونت خارج البلاد في صندوق سيارة لتجنب الاعتقال، وأقام في بروكسل بينما سعت الحكومات الإسبانية المتعاقبة إلى تسليمه للمحاكمة.

وفي الانتخابات الإقليمية التي نُظمت في 21 ديسمبر 2017، جاء حزب بويجديمونت، "معاً من أجل كتالونيا"، في المرتبة الثانية، واحتفظ الانفصاليون الكتالونيون بأغلبية ضئيلة من المقاعد بـ47.6٪ من الأصوات. ودعا بويجديمونت إلى محادثات جديدة مع رئيس الوزراء الإسباني آنذاك ماريانو راخوي، ولكن تم رفضها.

نزاع طويل

عندما توفي الديكتاتور الإسباني فرانسيسكو فرانكو، الذي عارض نظامه الحكم الذاتي المحدود في كتالونيا، مُنحت المنطقة الحكم الذاتي مرة أخرى بموجب دستور عام 1978، وازدهرت المنطقة كجزء من إسبانيا الديمقراطية الجديدة.

وفي عام 2006، منح قانون صدر في كتالونيا سلطات أكبر، وعزز النفوذ المالي لكتالونيا ووصفها بأنها "أمة"، ولكن المحكمة الدستورية الإسبانية ألغت الكثير من هذا في عام 2010.

ويعترف الدستور الاسباني بكتالونيا منطقة تاريخية تتمتع بالحكم الذاتي، ولها تاريخها وثقافتها ولغتها الخاصة، لكن القوميين الكتالونيين يطمحون إلى الحصول على قدر أكبر من الاستقلال المالي، من بين مطالب أخرى.

وأثار بويجديمونت، المعروف بمواقفه الانفصالية الراسخة، اضطرابات باعتباره أول رئيس كتالوني يرفض أداء قسم الولاء لدستور إسبانيا والملك، وهي الممارسة المعتادة قبل أي تعيين.

ويقول من يعرفون بويجديمونت إنه رجل هادئ، وسياسي ذو أخلاق سليمة، وحوار هادئ، على الرغم من أن تحركاته نحو الانفصال، أدت إلى توتر سياسي كبير، ليس فقط في كتالونيا، بل أيضا في بقية البلاد، وفق "CNN".

العودة إلى برشلونة

في وقت سابق من هذا الأسبوع، نشر بويجديمونت رسالة على "إكس" تلتها مقطع فيديو، صرح فيها أنه ينوي العودة إلى إسبانيا لمنع البرلمان الكتالوني من التصويت لصالح حكومة إقليمية بقيادة اشتراكية.

وتحدث بويجديمونت، الخميس، إلى الآلاف من أنصاره في برشلونة أمام أعين ضباط الشرطة، الذين لم يبذلوا جهداً فيما يبدو لاعتقاله، وفق "بلومبرغ".    

وقال الزعيم الانفصالي للحشد: "اليوم يعتقد كثيرون أنهم سيحتفلون بإلقاء القبض علي، ويظنون أن هذا العقاب سيثنينا. حسناً إنهم مخطئون".

وبعد ساعات، تم تأكيد إيلا كرئيس للحكومة الكتالونية بفضل تأييد حزب اليسار الجمهوري الكتالوني وحزب "كومون سومر" اليساري.   

كما أكد محامي بويجديمونت أنه "لم يعد موجوداً في إسبانيا" وتوجه إلى فرنسا ثم بلجيكا.

تصنيفات

قصص قد تهمك