بينما تدخل حرب إسرائيل على غزة يومها الـ316، ومع انتهاء جولة أخرى من المفاوضات في الدوحة، وُصفت بأنها "الأكثر إيجابية"، من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع، قال مسؤول أميركي كبير إن "الاتفاق جاهز للمضي قدماً"، بعدما قدمت واشنطن بدعم من مصر وقطر مقترحاً جديداً لـ"سد الفجوات" بين "حماس" وإسرائيل.
حركة "حماس" بدورها، وصفت "محاولة واشنطن لإشاعة أجواء إيجابية" بشأن الاتفاق بأنها "كاذبة"، الأمر الذي توافقت معه تقارير إسرائيلية أيضاً، إذ أشارت إلى أن "محادثات قطر" التي استمرت على مدار يومين "لم تحقق انفراجة كبيرة"، بينما شدد الرئيس الأميركي جو بايدن في أعقاب اتصال هاتفي مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد، على أنه "لا ينبغي لأي طرف تقويض جهود الاتفاق".
المسؤول الأميركي الكبير قال، في إحاطة صحافية عبر الهاتف، إن المفاوضين "بات لديهم اتفاقاً جاهزاً للتنفيذ"، بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، لافتاً إلى أن المحادثات التي ستعقد في القاهرة الأسبوع المقبل "تهدف إلى الحسم، وإنجاز بعض الأعمال".
ووصف المسؤول محادثات الدوحة الأخيرة، بأنها "الأكثر إيجابية منذ عدة أشهر". وأضاف أن "الفريق الإسرائيلي كان مفوضاً بوضوح.. وكذلك مسؤولو (حماس)، بالطبع، موجودون في الدوحة، إضافة إلى كبار المسؤولين من قطر ومصر"، موضحاً أن المفاوضين يعتقدون أن الاتفاق جاهز للمضي قدماً، وسيجتمعون في القاهرة أملاً في حسم الاتفاق".
وتابع: "يشمل المقترح العناصر الرئيسية للصفقة التي نعتقد أنها جيدة جداَ، ولهذا السبب قدم الرئيس (بايدن) شروطه، وأوضح أن هناك المزيد من العمل الذي يجب القيام به، خاصة في ترتيبات تنفيذ الصفقة".
بدوره، أعرب بايدن، عن تفاؤله بشأن إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، قائلاً إنه" أصبح أكثر تفاؤلاً بشأن إتمام الصفقة مما كان عليه في السابق".
وأضاف بايدن للصحافيين في ماريلاند، أن "اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال العمل جارياً عليه"، وأنه أكثر تفاؤلاً الآن مما كان عليه من قبل، لكنه رفض الإفصاح عن السبب.
كما شدد على أنه "لا ينبغي لأي طرف في الشرق الأوسط أن يقوض جهود التوصل إلى اتفاق" لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن، مؤكداً أنه سيرسل وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى إسرائيل لمواصلة الجهود المكثفة من أجل إبرام اتفاق.
ترتيبات التنفيذ
وتحدث المسؤول الأميركي الذي اشترط عدم ذكر اسمه، عن الاقتراح الذي قدمته واشنطن، في بيان مشترك مع مصر وقطر: "نعتقد جميعاً أنه يمكنه تقريباً سد جميع الفجوات التي كانت تحت المناقشة على مدار الأسابيع الماضية". وتابع: "يشمل المقترح العناصر الرئيسية للصفقة التي نعتقد أنها جيدة جداً، ولهذا السبب قدم الرئيس شروطه، وأوضح أن هناك المزيد من العمل الذي يجب القيام به، خاصة في ترتيبات تنفيذ الصفقة".
ومضى قائلاً: "لا يزال هناك المزيد من العمل الذي يجب القيام به، وخلال هذا الأسبوع، هناك مشاركات لمجموعات العمل لمناقشة كل شيء من قائمة الرهائن وتسلسل إطلاق سراحهم، وقائمة السجناء الفلسطينيين، لأن هذا في النهاية هو تبادل مشابه لما حدث في نوفمبر 2023، وصفقة لوقف إطلاق النار".
ورأى المسؤول أن "حماس تحت ضغط هائل وكبير جداً، إذ تحتجز سكان غزة كرهائن بعدم تنفيذ هذه الصفقة، لأن ما يأتي مع هذه الصفقة هو وقف الحرب.. المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار وتقديم الإغاثة للسكان، لأن مع توقف الحرب، يمكن تحريك المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء القطاع، ونقل عشرات الآلاف من الملاجئ المؤقتة ورفع الأنقاض"، وفق تعبيره.
إجراءات معقدة لإخراج المحتجزين من غزة
واعتبر المسؤول الأميركي، أن قضية إخراج المحتجزين من غزة ستكون "صعبة ومعقدة للغاية"، مشيراً إلى أنها "كانت جزءاً كبيراً من المحادثات على مدار الأيام الماضية، حيث تعرف قضية التبادل هذه في المصطلحات باسم (المفاتيح).. وبعد محاولات سد الفجوات بين الأطراف، ينصب تركيزنا على إخراج الرهائن من غزة، خاصة في هذه المرحلة الأولى".
وأوضح المسؤول الأميركي، أن عملية إخراج الرهائن ستتم بطريقة "تضمن تماماً المصالح الأمنية لإسرائيل"، مشيراً إلى أن القوات الإسرائيلية ستقوم بإعادة الانتشار في بعض المناطق، "بحيث يمكن للسكان العودة إلى منازلهم"، وأضاف أن المقترح الجديد ينص على أن "الأشخاص الذين ينتقلون من الجنوب إلى الشمال، وهم النازحون المدنيون غير المسلحين، ويعتبرون جزءاً أساسياً من الصفقة".
واستدرك: "بالطبع، تريد إسرائيل التأكد من تنفيذ هذا الشرط، ونحن نعتقد، كما يفعل الوسطاء، أن هذا مبدأ جوهري في الصفقة، وإذا كان هناك من يحمل سلاحاً من الجنوب إلى الشمال، فسيكون ذلك انتهاكاً للصفقة.. وقد تم تأكيد هذا الأمر مراراً وتكراراً".
وعقب إعلان الانتهاء من جولة المفاوضات في الدوحة، نقلت وكالة "رويترز" عن القيادي في "حماس"، سامي أبو زهري، قوله إن "الإدارة الأميركية تحاول إشاعة أجواء إيجابية كاذبة" بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، موضحاً أن "واشنطن لا تملك أي جدية لوقف الحرب، وإنما تهدف إلى شراء الوقت".
في المقابل، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الجمعة، في بيان، أن إسرائيل تأمل في أن تؤدي الضغوط من جانب الوسطاء الدوليين والولايات المتحدة إلى دفع "حماس" إلى قبول اتفاق وقف إطلاق النار مقابل تحرير المحتجزين والذي سبق اقتراحه في 27 مايو الماضي.
كما قال مسؤولون إسرائيليون، إنه تم إحراز بعض التقدم خلال المباحثات في الدوحة، لكنهم أوضحوا أن ذلك جرى مع الوسطاء، وليس حركة "حماس"، فيما "بقيت بعثة إسرائيلية تعمل على التفاصيل التقنية" في الدوحة، ومن المتوقع أن تغادر بعثة أخرى إلى القاهرة.
وكشفت مصادر مطلعة على المفاوضات لهيئة البث الإسرائيلية "مكان"، أنه "لم يتم تحقيق انفراجة كبيرة في المحادثات"، لافتة إلى أن "القضايا الرئيسية التي لا تزال محل خلاف لم تحل بعد".
وأضافت الهيئة أنه "لحل الخلافات، قدمت إسرائيل حلولاً جديدة في ما يتعلق بمحوري نتساريم، وفيلادلفيا"، مشيرةً إلى أنه في الأيام المقبلة، ستغادر بعثة تشمل رئيس "الموساد" ديفيد برنياع، ورئيس "الشاباك" رونين بار، ومنسق الحكومة الإسرائيلية للضفة الغربية وقطاع غزة اللواء غسان عليان، لحل القضايا العالقة.
"وقت مناسب" لإبرام صفقة
بدورها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية "مكان" وقناة "كان 11"، عن مسؤولين في الجيش الإسرائيلي وصفتهم بأنهم كبار، قولهم، إن عمليات الجيش في قطاع غزة "انتهت بشكل عام"، "لكن إسرائيل ستكون قادرة على العودة إلى القطاع، عندما تتوفر معلومات استخباراتية جديدة".
واعتبر المسؤولون، أن "الآن هو الوقت المناسب" لإبرام صفقة تبادل المحتجزين بين إسرائيل وحركة "حماس"، خاصة "بعد تفكيك معظم الوحدات القتالية" التابعة لحركة "حماس"، حسبما أكدت التقارير الإسرائيلية.
وكان الجيش الإسرائيلي أصدر، الجمعة، أوامر بإخلاء مناطق وأحياء جديدة من خان يونس ودير البلح بقطاع غزة.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن أوامر الإخلاء صدرت لأحياء خارج المنطقة الإنسانية، بالإضافة إلى أحياء شرقي دير البلح، ومناطق جرارة، المواصي، الجلاء، مدينة حمد والنصر بخان يونس.
وتقع مدينة خان يونس في النصف الجنوبي من قطاع غزة. ولجأ عشرات الآلاف من النازحين من الشمال إلى المدارس والخيام فيها، مما تسبب في اكتظاظ شديد وسط نقص في الغذاء والمياه.