في ظل شح الموارد وضعف الحشد.. توغل كورسك يزيد ضغوط روسيا على شرق أوكرانيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
جنود من اللواء الميكانيكي الرابع والعشرين من القوات المسلحة الأوكرانية يطلقون النار من مركبة قتالية مشاة من طراز BRM-1K باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة في منطقة دونيتسك. 17 أغسطس 2024 - Reuters
جنود من اللواء الميكانيكي الرابع والعشرين من القوات المسلحة الأوكرانية يطلقون النار من مركبة قتالية مشاة من طراز BRM-1K باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة في منطقة دونيتسك. 17 أغسطس 2024 - Reuters
دبي-الشرق

استولت أوكرانيا في غضون أسبوعين على المزيد من الأراضي في روسيا، أكثر مما استولت عليه قوات موسكو في أوكرانيا طوال العام، مما أدى إلى تغيير التصورات بشأن قدراتها وتعزيز الروح المعنوية بين الأوكرانيين، لكن هذا النجاح العملي لم يحقق هدفاً حاسماً بشأن تخفيف الضغط في ساحات المعارك الأكثر سخونة في شرق أوكرانيا، حيث تتقدم موسكو بثبات.

وذكرت "فاينانشيال تايمز" أن الجنود الرّوس لا يزالوا يشقون طريقهم عبر الدفاعات الأوكرانية، ويستولون على القرى والبلدات، ويُقربون موسكو من هدفها المعلن المتمثل في السيطرة الكاملة على منطقة دونيتسك شرقي أوكرانيا.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، سيطرة القوات الروسية على تجمع نيو-يورك السكني في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا. وقال قائد لواء المدفعية الأوكراني في شرق أوكرانيا لصحيفة "فاينانشيال تايمز"،  إن من أسباب التقدم الروسي كان "نقل كييف لمواردها الشحيحة إلى الشمال".

كما نقلت كييف ما يزيد عن 10 آلاف جندي، بما في ذلك العديد من قواتها المحمولة جواً وألويتها الميكانيكية، من منطقتي دونيتسك وخاركيف، حيث تدور أعنف المعارك، وفقاً للمسؤولين المشاركين في العملية.

 20 وحدة أوكرانية في كورسك

وبحسب محللين عسكريين، فقد تأكد مشاركة ما لا يقل عن 20 وحدة أوكرانية في توغل كورسك. وكان من المفترض أن تكون بعض هذه الوحدات بمثابة قوات احتياطية للمساعدة في تعزيز خطوط الدفاع المتصدعة، وتوفير هدنة للقوات التي قاتلت بلا راحة لشهور أو حتى سنوات.

وحتى في الأيام التي سبقت الانطلاق إلى كورسك، كانت الدفاعات الأوكرانية في منطقة دونيتسك "تظهر عليها الانقسامات"، حسبما قال أحد كبار المسؤولين الأوكرانيين المطلعين على العمليات العسكرية، والذي أشار في تصريحات لـ"فاينانشيال تايمز"، إلى أن القوات الروسية حققت "نجاحاً تكتيكياً" في دونيتسك، ومن المرجح تحقيق المزيد من التقدم ما لم يتغير الوضع.

مشكلات أوكرانية في الحشد

وقال كونراد موزيكا، مدير شركة Rochan Consulting، وهي مجموعة بحثية مقرها بولندا تتابع الحرب، إن أوكرانيا ستكافح لسد الثغرات الدفاعية ومواجهة التهديدات الروسية المختلفة، مع توجيه معظم احتياطياتها إلى كورسك.

وأضاف أن "روسيا لا تواجه مشكلة في حشد القوات، في حين أن أوكرانيا لا تزال تواجه مشكلة في حشد العدد اللازم للاحتفاظ بعمليات في دونيتسك وإدارتها".

ونقلت وكالة "تاس" الروسية للأنباء، عن وزارة الطوارئ قولها، الثلاثاء، إن أكثر من 122 ألف شخص غادروا منطقة كورسك الروسية التي أمرت السلطات بعمليات إخلاء فيها في أعقاب توغل أوكرانيا قبل أسبوعين، وفق "رويترز".

وقال العديد من الضباط وقوات المشاة على الجبهة الشرقية لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، إنهم يواجهون الآن فترات أطول في الخطوط الأمامية دون تناوب.

وقال ملازمان يخدمان في لواء كان على الجبهة في منطقة دونيتسك قبل إرسالهما إلى كورسك، إنهما خلال أكثر من عامين من القتال لم يحصل كل منهما على استراحة لمدة شهر واحد فقط.

وقال جندي آخر إنه أمضى شهوراً في القتال بالقرب من توريتسك دون أي راحة، قبل أن يُطلب منه الذهاب إلى كورسك. وقال: "لا أحد يستطيع أن يطلب (استراحة تناوب) الآن. كنا احتياطيين ولكننا الآن هنا".

وبينما لا تعلق كييف على الخسائر، فإن التوغل في كورسك تسبب في أضرار مادية، فقد خسرت أوكرانيا ما لا يقل عن 51 قطعة من المعدات العسكرية القيمة، بما في ذلك مركبات ماردر الألمانية ومركبات سترايكر الأميركية الصنع وصواريخ هيمارس، مقارنة بـ 27 خسارة من هذا القبيل على الجانب الروسي، وفقاً موقع الاستخبارات مفتوح المصدر "نالسيو".

وطمأن الرئيس فولوديمير زيلينسكي، وقائده العام أوليكساندر سيرسكي بأن الجبهة الشرقية لا تقل أهمية عن توغل كورسك.

وقال زيلينسكي الأسبوع الماضي، إن دونيتسك هي المكان الذي تحدث فيه "معظم الهجمات الروسية، ويتركز أقصى قدر من اهتمامنا الدفاعي هناك". وأضاف أن الوضع في الشرق "ما زال صعباً، ولكن تحت السيطرة".

وقال مسؤولون أميركيون هذا الأسبوع، دون تقديم تفاصيل، إنهم رأوا علامات على قيام روسيا بنقل قوات من جنوب وشرق أوكرانيا شمالاً إلى كورسك.

وقال جنود أوكرانيون ومحللون عسكريون يتابعون الحرب، إنه "لم يكن هناك ما يشير بوضوح إلى أن روسيا تحرك كمية كبيرة من القوات من المنطقة الأكثر سخونة على خط المواجهة في شرقها".

وقال اللواء الميكانيكي 47 الأوكراني: "على الرغم من نجاحات المدافعين في منطقة كورسك، فإن الروس لم ينقلوا قواتهم بعد بشكل جماعي من هنا. لا تزال قوتها الضاربة الرئيسية قائمة"، وفق "فاينانشيال تايمز".

وبحسب ما ذكرته مجموعة تحليلية أوكرانية تدعى Deep State، والتي تربطها علاقات وثيقة بوزارة الدفاع الأوكرانية، فإن القوات الروسية بدت وكأنها احتلت كل شيء باستثناء منطقة صغيرة من نيو يورك، الاثنين. كما تسلل الروس إلى بوكروفسك.

وتعد بوكروفسك، التي يسكنها أكثر من 60 ألف نسمة، مركزاً لوجستياً مهماً للجيش الأوكراني ومحوراً أساسياً لدفاعه عن بقية منطقة دونيتسك.

وفي نهاية الأسبوع، حث سيرجي دوبرياك، رئيس الإدارة العسكرية لمدينة بوكروفسك، السكان، وخاصة الأسر التي لديها أطفال وكبار السن، على الإخلاء على الفور.

وقال مسؤولون إقليميون إن الإخلاء الإجباري للأسر التي لديها أطفال من بوكروفسك يبدأ الثلاثاء. وقال ماكسيم زابيليا، رئيس تحرير آخر صحيفة محلية متبقية في مدينة ميرنوهراد المجاورة، إن السكان في مدينته بدأوا أيضاً في الإخلاء.

وقال زابيليا لصحيفة "فاينانشيال تايمز": "الناس يغادرون، ويأخذون معهم أمتعتهم. بل إن كثيرين يأخذون معهم الأثاث". وأصبحت شركات تأجير السيارات "الأكثر طلبا الآن" في المدينة حيث انخفض عدد السكان إلى النصف تقريباً من 40 ألف نسمة قبل الحرب.

وقال فيكتور، وهو عامل منجم متقاعد: "لم يكن لدينا خيار". وأضاف أن ميرنوهراد، التي يعني اسمها "مدينة السلام"، "تتعرض للمحو".

تصنيفات

قصص قد تهمك