قال مسؤولان أميركيان، ومصدران أمنيان مصريان، ومسؤول مطلع لم تكشف "رويترز" هويته، إن واشنطن تسعى جاهدة لتقديم مقترح جديد لوقف حرب غزة وتحرير المحتجزين خلال الأيام المقبلة، بينما طالبت عائلات الرهائن الأميركيين البيت الأبيض بالنظر بجدية في صفقة أحادية مع "حماس" لتأمين الإفراج عن أقاربهم، فيما أكدت 5 مصادر مطلعة أن إدارة بايدن تبحث هذا الخيار، حسبما نقلت شبكة NBC NEWS.
وأوضح مسؤولان أميركيان، أن المقترح الجديد في مفاوضات غزة، يهدف إلى حل نقاط الخلاف الرئيسية التي أدت إلى الجمود المستمر منذ أشهر في المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر، سعياً إلى التوصل إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية على القطاع وتبادل الأسرى.
وذكر مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، للصحافيين، الأربعاء، إنه جرى التوافق على جزء كبير من الاتفاق، إلا أن المفاوضين ما زالوا يحاولون التوصل إلى حلول لعقبتين رئيسيتين.
وأوضح المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته، أن العقبتين تتمثلان في إصرار إسرائيل على إبقاء قواتها في محور فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وفي هوية الأفراد الذين ستشملهم صفقة تبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.
وتوقع المسؤول عرض مسودة الاتفاق الجديدة، الأسبوع المقبل، أو حتى قبل ذلك، وقال: "هناك شعور بأن الوقت نفد.. لا تستغربوا إذا رأيتم (المسودة المنقحة) مطلع الأسبوع".
وفي اجتماع، الأحد، مع مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، بعدما لقي 6 رهائن إسرائيليين، بينهم الأميركي هيرش جولدبيرج بولين، مصرعهم في غزة، حث أقارب المواطنين الأميركيين الذين ما زالوا محتجزين، إدارة بايدن على تقييم خيارات لا تشمل إسرائيل، وفقاً للمصادر.
وأخبر مسؤولون بالإدارة الأميركية، العائلات بأنهم سيبحثون "كل الخيارات"، لكنهم أكدوا أن الصفقة التي تشمل إسرائيل "لا تزال النهج الأفضل"، بحسب أشخاص مطلعين على المحادثات.
وتأتي المناقشات بشأن "صفقة أحادية" مع تزايد اعتقاد أفراد العائلات وبعض المسؤولين في الإدارة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يلتزم باتفاق مع "حماس" يتضمن وقف إطلاق النار في غزة مقابل الإفراج عن الرهائن، وفقا لأشخاص مطلعين على المناقشات.
وأشار مسؤول أميركي، حسبما نقلت "رويترز"، إلى أن ما سماه "إقدام (حماس) على قتل الرهائن الستة، الذين أعيدت جثامينهم إلى إسرائيل في الآونة الأخيرة، أدى إلى تعقيد الجهود المبذولة".
وكشف عن أن مدير الاستخبارات المركزية الأميركية CIA، وليام بيرنز، المفاوض الرئيسي عن الولايات المتحدة، يرأس مجموعة صغيرة من كبار المسؤولين الأميركيين الذين يعملون على صياغة مسودة المقترح، وتضم المجموعة منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط بريت ماكجورك، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن.
وأضاف المسؤول الأميركي الأول: "هناك إحساس قوي للغاية لدى المفاوضين بأن وقف إطلاق النار يضيع" ما يؤكد الحاجة الملحة لهذا الجهد.
وأوضح أنه منذ إخفاق آخر جولة لبلينكن في المنطقة، الشهر الماضي، في إحراز تقدم، يواصل الوسطاء المناقشات على مستوى فرق العمل، ولا تزال هذه المحادثات مستمرة.
وذكرت شبكة NBC NEWS، في يونيو الماضي، أن إدارة بايدن ناقشت احتمال التفاوض على صفقة أحادية مع "حماس" للإفراج عن الرهائن الأميركيين في غزة في حال انهيار محادثات وقف إطلاق النار التي تشمل إسرائيل. إلا أن الفكرة لم تتقدم بسبب معارضة بعض كبار المسؤولين في الإدارة، وقرار الرئيس بايدن بمواصلة السعي للوصول إلى اتفاق أوسع يشمل إسرائيل، ويحدد مساراً لإنهاء الحرب.
صفقة أحادية لا تشمل إسرائيل
ومع ذلك، كدليل على استكشاف صفقة أحادية مع "حماس"، قامت إدارة بايدن بإعداد قائمة تضم سجناء في الولايات المتحدة يمكن أن تهتم "حماس" بإطلاق سراحهم كجزء من اتفاقية للإفراج عن الأميركيين المختطفين، وفقاً لمصادر مطلعة من المسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين. وقال أحد المسؤولين إن القائمة تضم خمسة أفراد.
وأفاد المسؤولون بأن الإدارة أجرت أيضاً تواصلاً أوليا مع "حماس" عبر مسؤولين قطريين منذ حوالي 6 أشهر، لاستكشاف إمكانية صفقة أحادية في ظل تعثر المفاوضات بشأن اتفاق أوسع يشمل إسرائيل. وأكدوا أن هذه المحاولة الأولية لم تحقق أي تقدم.
وقال مسؤول في الإدارة الأميركية، إن فكرة صفقة أحادية مع "حماس" غير واقعية "لأن الولايات المتحدة ليس لديها ما يكفي لتقديمه مقابل الرهائن الأميركيين".
وأوضح المسؤول: "لقد درسنا جميع الخيارات الممكنة لتحرير الرهائن وإعادتهم إلى عائلاتهم. ونظراً لمطالب حماس، لم يُقدم عرض رسمي لصفقة جانبية؛ لأن مثل هذه الصفقة غير ممكنة".
وأضاف المسؤول: "حماس تريد أمرين لا يمكن إلا لإسرائيل تقديمهما: وقف إطلاق النار والإفراج عن نحو ألف أسير فلسطيني موجودين حالياً في السجون الإسرائيلية. كل مقترح آخر لم يصل إلى أي نتيجة لأن هذا ما تطلبه (حماس) مقابل الرهائن. ويظل الرئيس بايدن وباقي الحكومة الأميركية ملتزمين تماماً بإعادة الرهائن، بمن فيهم الأميركيون، إلى عائلاتهم. ونحن نواصل العمل ليلاً ونهارا لإتمام صفقة وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن التي لا تزال قيد المناقشة".
وقال جون كيربي، منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي الأميركي، الأربعاء، إن رسالة جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي، إلى عائلات الرهائن الأميركيين مؤخراً هي "أننا سنواصل بذل كل ما في وسعنا لإعادة ذويهم إلى الوطن حيث ينتمون".
وأضاف كيربي: "نستمر في الاعتقاد بأن الخيار الأفضل، وأفضل طريقة ممكنة لتحقيق ذلك، هي من خلال هذه الصفقة التي على الطاولة الآن"، مشيراً إلى المفاوضات بين إسرائيل و"حماس" والولايات المتحدة التي تمت بوساطة قطر ومصر وفشلت لعدة أشهر في التوصل إلى اتفاق.
وعندما سئل، الثلاثاء، عما إذا كانت إدارة بايدن قد فكرت بجدية في فكرة صفقة أحادية مع "حماس"، لم يجب المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر بشكل مباشر.
وقال ميلر: "ينصب تركيزنا بالكامل على تأمين اتفاقية لإعادة جميع الرهائن إلى ديارهم، وهذا بالطبع يشمل الرهائن الأميركيين". وعندما تم الضغط عليه بشأن فكرة اتفاق أحادي، رد مرة أخرى قائلاً: "نحن نعمل على إبرام صفقة لإعادتهم جميعاً إلى الوطن".
سجناء لدى واشنطن قد تهتم "حماس" بإطلاق سراحهم
وتضم قائمة السجناء المحتملين الذين قد تكون "حماس" مهتمة بالإفراج عنهم خمسة قادة من مؤسسة خيرية مقرها تكساس، هي مؤسسة الأرض المقدسة للإغاثة والتنمية، الذين أدينوا في عام 2008 بتقديم أكثر من 12 مليون دولار لـ"حماس"، التي تصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية، وفقاً للمسؤولين الأميركيين الحاليين والسابقين.
ومن بين قادة المؤسسة، يقضي شكري أبو بكر، وغسان العشي، أحكاماً بالسجن لمدة 65 عاماً. بينما حُكم على محمد المزين وعبد الرحمن عودة بالسجن لمدة 15 عاماً.
وتلقى مفيد عبد القادر، حكماً بالسجن لمدة 20 عاماً، وهو شقيق أحد قادة "حماس" السابقين.
وإلى جانب فكرة الصفقة الأحادية، تدرس إدارة بايدن أيضاً تقديم عرض "خذها أو اتركها" لإسرائيل و"حماس"، والذي قد يتم تجميعه في وقت قريب هذا الأسبوع، وفقاً لمصادر مطلعة على المناقشات.
في هذا السيناريو، إذا رفض كلا الطرفين العرض، فقد يعني ذلك نهاية المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة، لكن المصادر أكدت أن القرار بشأن هذه الاستراتيجية لم يُتخذ بعد.
ويوم الاثنين، قال بايدن للصحافيين، إنه "قريب جداً" من تقديم إطار عمل نهائي للأطراف المتفاوضة، وتوقع أن تكون النتيجة الإيجابية أمراً ممكناً. وأضاف بايدن: "الأمل دائماً موجود".
محاولة أميركية لفرض اتفاق
وقال مصدران مصريان لـ"رويترز"، إن الولايات المتحدة تحولت من نهج كان يوصف بأنه تشاوري بصورة أكبر في مفاوضات غزة، إلى محاولة "فرض خطة" لوقف إطلاق النار على الطرفين.
وأشار مسؤولان أميركيان، إلى أن الخطة المعدلة لن تكون عرضاً نهائياً لقبوله أو رفضه كلياً، وإن واشنطن ستواصل العمل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار إذا لم يكتب لها النجاح.
من جانبها قالت حركة "حماس" الفلسطينية، في بيان الخميس، إنه لا توجد حاجة إلى مقترحات جديدة لوقف إطلاق النار، وإن المطلوب الآن هو الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته وإلزامهم بما سبق التوافق عليه.
وقال القيادي في الحركة، عزت الرشق، لـ "رويترز"، الأربعاء، إن الحركة ستتعامل مع أي مقترح جديد يستجيب لـ"مطالب المقاومة ومطالب شعبنا" دون تقديم تفاصيل.
رفض الوجود الإسرائيلي في فيلادلفيا
والثلاثاء، انضمت 5 دول عربية من بينها السعودية والعراق، فضلاً عن مجلس التعاون الخليجي، والسلطة الفلسطينية، إلى مصر، في رفض طلب إسرائيل بإبقاء قواتها في محور فيلادلفيا، وأصدرت تركيا، الأربعاء، بياناً مشابهاً، بالتزامن مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى أنقرة.
وسبق أن وافق الطرفان بالفعل على اتفاق من 3 مراحل، تقضي بانسحاب إسرائيل من جميع المناطق المكتظة بالسكان في غزة في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.
وقال المسؤول الكبير في الإدارة الأميركية، إن الخلاف الحالي يدور بشأن ما إذا كان المحور يمكن وصفه بأنه منطقة مكتظة بالسكان. وأضاف: "لذا فإننا نتحدث هنا عن المرحلة الأولى، وعن الشكل الذي سيبدو عليه هذا الترتيب".
وأوضح المسؤول أن الفريق الأميركي يدرس المناطق التي يتعين على القوات الإسرائيلية الانسحاب منها في محور فيلادلفيا والمناطق التي يمكنها البقاء فيها.
وقال المسؤول المطلع على المحادثات، إن وفداً إسرائيلياً برئاسة رئيس جهاز المخابرات (الموساد) ديفيد برنياع، أبلغ الوسطاء في محادثات أجريت في قطر، الاثنين الماضي، بأن إسرائيل مستعدة لسحب قواتها من المحور بعد المرحلة الأولى التي تستمر 42 يوماً من وقف إطلاق النار.
نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن دبلوماسي عربي، لم تسمه، القول إن رئيس الموساد ديفيد برنياع سافر إلى الدوحة لإبلاغها تأييد تل أبيب الانسحاب من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية من اتفاق الأسرى، وذلك قبل ساعات من إعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الاثنين، تمسك إسرائيل بالبقاء في المحور الحدودي إلى الأبد.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية، أن المفاوضين الإسرائيليين أخبروا الوسطاء في الأيام الأخيرة أنهم مازالوا يؤيدون الانسحاب الإسرائيلي الكامل من محور فيلادلفيا في المرحلة الثانية من الاتفاق، على الرغم من تصريحات نتنياهو.
نتنياهو يتمسك بالبقاء في فيلادلفيا
لكن بعد ساعات عقد نتنياهو، مؤتمراً صحافياً في القدس، أصر خلاله على احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على المحور. وأوضح المسؤول المطلع أن التصريحات صدرت بعد عودة الوفد إلى تل أبيب.
وكرر نتنياهو، الأربعاء، رفضه القاطع للانسحاب من المحور في المرحلة الأولى من الاتفاق، وقال إن إسرائيل لن توافق على وقف دائم لإطلاق النار بعد ذلك إلا إذا كانت هناك ضمانات بعدم استخدام المحور كممر لتهريب الأسلحة والإمدادات إلى "حماس" في غزة.
واعتبر المسؤول المطلع أن هذا التمسك "وضع هذا الوسطاء في موقف صعب.. فلن توافق مصر ولا (حماس) على أي اتفاق إذا بقيت إسرائيل في محور فيلادلفيا".
وسيطرت إسرائيل على محور فيلادلفيا، في مايو الماضي، وزعمت أن "حماس" كانت تستخدمه لتهريب الأسلحة والمواد المحظورة عبر الأنفاق التابعة لها إلى غزة.
وأدى التقدم العسكري الإسرائيلي إلى إغلاق معبر رفح ما قلص المساعدات الإنسانية التي تدخل غزة بشكل حاد، وعطل معظم عمليات الإجلاء الطبي، وربما منع مصر من أداء الدور الذي كانت تؤديه في السابق، باعتبارها الطرف الآخر للمعبر الحدودي الوحيد إلى غزة الذي لا تسيطر عليه إسرائيل بشكل مباشر.
وتقول مصر إن الأنفاق التي كانت تستخدم للتهريب إلى غزة أُغلقت أو دُمرت، مشددة على ضرورة أن يعود الوجود الفلسطيني إلى رفح، مؤكدة أن منطقة فيلادلفيا العازلة مضمونة بموجب معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل الموقعة في عام 1979.