قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن التوغل الأوكراني في منطقة كورسك الروسية، فشل في تحقيق أهدافه، معتبراً أنه "ساعد على تسريع تقدم الجيش الروسي في إقليم دونباس"، وشدد على أن موسكو لم ترفض التفاوض مع أوكرانيا على أسس ما تم الاتفاق عليه من قبل في محادثات إسطنبول.
وأضاف بوتين، خلال جلسة حوارية في الدورة التاسعة من "المنتدى الاقتصادي الشرقي" المنعقد بمدينة فلاديفوستوك الروسية، أن عملية الجيش الأوكراني في منطقة كورسك أرادت دفع الجيش الروسي إلى نقل قواته من منطقة إلى أخرى لعرقلة تقدمه في إقليم دونباس، مشيراً إلى أن ذلك لم يحدث.
وتابع: "النقيض من هدفهم هو ما حدث، إذ أضعفت عملية العدو قواته في منطقة القتال الرئيسية، وسرعت قواتنا من وتيرة تقدمها هناك بمئات الكيلومترات".
ولفت إلى أن القوات الروسية بدأت في طرد القوات الأوكرانية من كورسك، ونجحت في التقدم نحو مدينة بوكروفسك بشرقي أوكرانيا.
وقال بوتين إن الضربات الأوكرانية للمحطات النووية في منطقتي كورسك وزابوروجيا "عمليات إرهابية خطيرة"، وتساءل: "ماذا لو قامت روسيا بالرد بالمثل، لكم أن تتخيلوا ما الذي سيجري في هذا الجزء من أوروبا حينها".
وساطة الهند والبرازيل والصين
وذكر بوتين أن موسكو لم ترفض أبداً التفاوض مع كييف، مستدركاً: "لكن ليس بالشروط التي يتم طرحها، ولكن على أساس ما تم الاتفاق عليه من قبل في إسطنبول، ووقع عليه رئيس الوفد الأوكراني الذي ما زال يشغل الكتلة الحزبية الحاكمة في برلمان أوكرانيا".
وأضاف: "نعم كان يتبقى أشياء يجب استكمالها، ولكن جاء السيد بوريس جونسون (رئيس الوزراء البريطاني آنذاك) والسلطات البريطانية، وأعطوا الإيعاز بالحرب إلى آخر أوكراني".
وواصل حديثه: "كانوا يريدون إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، وهذا لم يحدث".
وذكر الرئيس الروسي رداً على سؤال بشأن الدول التي يمكنها الوساطة في مفاوضات مستقبلية: "الصين والبرازيل والهند يمكنهم التوسط، وأنا دائماً على اتصال مع زملائي حول هذا الموضوع، ولا شك أن هذه الدول تجمعنا بها علاقات ثقة ولديهم نية لحل هذه العملية المعقدة".
وعن إمكانية التعرض لعملية خداع من الطرف الآخر في المفاوضات، أجاب بوتين: "نحن بالطبع نعرف وندرك مع من نتعامل، وأولئك الذين لا يحترمون مصالح الدول الأخرى، يخرقون كل الالتزامات حتى بعد التوقيع على الوثائق، ويجب البحث عن ضمانات يمكن أن تعمل، لكن الضامن الأساسي للأمن هو نمو الاقتصاد والقدرات العسكرية للاتحاد الروسي وبناء العلاقات المستقرة مع شركائنا، واقتصادنا".
المقايضة مع إيران
وقال الرئيس الروسي، إن إيران طلبت من بلاده تزويدها بمزيد من الغاز، مضيفاً أن موسكو ستنفذ عمليات بيع بنظام المقايضة للغاز.
وشدد على أن موسكو لا تستهدف التخلص من الدولار، قائلاً: "لم نرفض الحساب بالدولار، لكن هم من يرفضون استخدامنا هذه الأدوات (...) كانوا يعولون على أن كل شيء سينهار لدينا، ولهذا رفضوا استخدامنا للدولار، لكن الأمر في النهاية مرتبط بنمو الاقتصاد".
وأوضح: "العملة تشير إلى القدرات الاقتصادية للدول، كلما كان اقتصادها أكبر، تمتلك شركاء أكبر، وبالتالي يزداد احتياج استخدام عملتها، والولايات المتحدة استفادت من نتائج الحرب العالمية الثانية، وأوجدوا نظاماً جديداً، وجعلوا الدولار عملة عالمية، وكان هذا مرتبطاً بقوة اقتصاد الدولة، لكن الأمر تغير الآن، ودول الجنوب العالمي بها أكثر من 50% من الناتج الإجمالي العالمي، ودول بريكس بها ثلث اقتصاد العالم".
وتابع: "الأمر تغير الآن باستخدام العملات الوطنية. على سبيل المثال مع شركائنا في بريكس نحن نستخدم العملات الوطنية بنسبة 65%".
وذكر بوتين أن "السلطات المالية في الولايات المتحدة هي من تقوم بالحظر وإبعاد الناس بشكل فج عن استخدام عملتهم"، واعتبر أن عليهم الاعتراف بارتكاب خطأ، ومن يمكنه تغيير هذا الوضع والخروج منه هم السياسيون".
الانتخابات الأميركية
وعلّق بوتين على الانتخابات الرئاسية الأميركية، قائلاً: "روسيا أرادت في السابق فوز جو بايدن، لكنها الآن تفضل كامالا هاريس على دونالد ترمب".
وذكر بوتين ضاحكاً أن "ترمب سبق له فرض عقوبات على روسيا، ربما تمتنع هاريس عن فعل ذلك". وشدد على أن بلاده ستحترم إرادة الشعب الأميركي في جميع الأحوال.
كان بوتين قد قال في وقت سابق من هذا العام، قبل انسحاب بايدن من السباق، إنه يفضله على ترمب لأن بايدن كان سياسياً أكثر توقعاً في "المدرسة القديمة".
تبادل الأسرى
وقال بوتين إنه ممتن لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمساعدته في ترتيب أكبر عملية لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة وروسيا منذ الحرب الباردة.
وعاد الصحافي الأميركي إيفان جيرشكوفيتش والجندي السابق في مشاة البحرية الأميركية بول ويلان إلى الولايات المتحدة في الأول من أغسطس، بعد ساعات من إطلاق سراحهما في روسيا في إطار أكبر عملية لتبادل السجناء بين البلدين منذ الحرب الباردة.
وقال بوتين: "اضطلع ولي العهد السعودي بدور فعال في المراحل الأولى من هذا العمل. ونحن ممتنون له للغاية، إذ أدى ذلك إلى عودة مواطنينا إلى بلدهم".
كما شكر بوتين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على استضافة عملية التبادل. وذكر أن عدة دول عربية أخرى سهلت الصفقة، لكنه لم يذكرها بالاسم.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
وأوضح أن الموقف الروسي من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يستند إلى القرارات الدولية، التي نصت على إنشاء دولتين مستقلتين كسبيل لتسوية الصراع.
وذكر بوتين: "موقف روسيا ليس ذو طابع ظرفي. لقد كان دائماً يستند إلى القرارات التي اتخذت سابقاً، والتي أعتقد أنها يجب أن تكون أساساً للتسوية. بداية، وقبل كل شيء، إنشاء دولتين مستقلتين. وهذا موقف يتشاركه الكثير من الناس في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك داخل الولايات المتحدة".
اعتقال مؤسس تليجرام
وقال بوتين إنه لا يفهم الإجراءات التي اتخذتها فرنسا ضد بافيل دوروف مؤسس تطبيق تليجرام، بعدما خضع لتحقيق رسمي هناك الأسبوع الماضي، مضيفاً أن "الإجراءات الفرنسية تتسم بالانتقائية".
وذكر أنه التقى مع دوروف مرة واحدة فقط منذ سنوات، لكنهما لم يبقيا على اتصال.
وتأسس المنتدى الاقتصادي الشرقي عام 2015 كمنصة سنوية لبحث التعاون الاقتصادي مع الدول الآسيوية في منطقة شرق روسيا والمحيط الهادئ بمبادرة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.