أعادت السلطات الفرنسية فتح كاتدرائية "نوتردام" (Notre-Dame) في باريس الشهيرة، مساء السبت، والتي دمرتها النيران جزئياً في عام 2019، وعُرضت كلمة "Merci" (شكراً) على واجهة المبنى الذي يعود بناءه لـ860 عاماً.
ودُقت أجراس الكاتدرائية وقرع رئيس أساقفة باريس لوران أولريش الأبواب ثلاث مرات بصولجانه، لتقابله الأناشيد في الداخل، فيما حظي المستجيبون الأوائل الذين ساعدوا في الحفاظ على المبنى وبعض أولئك الذين قاموا بترميمها لاحقاً، بتصفيق حار.
ورحّب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بضيوف حفل الافتتاح، والذي كان أبرزهم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الذي خطف الأضواء.
وشارك في هذا الافتتاح حوالي 40 رئيس دولة وحكومة، فيما حظي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بتصفيق حار عند دخوله.
وحضر الحفل أيضاً الملياردير إيلون ماسك، إلى جانب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، والرئيسين الفرنسيين السابقين فرانسوا هولاند ونيكولا ساركوزي.
وألقى إيمانويل ماكرون خطاباً داخل الكاتدرائية احتفالاً بما وصفه بـ"فخر فرنسا" الجديد بعد أولمبياد باريس هذا الصيف، وهو خطاب كان مخططاً له في البداية بساحة الكاتدرائية، لكنه انتقل إلى الداخل بسبب الرياح القوية.
وقال ماكرون: "أقف أمامكم للتعبير عن امتنان الأمة الفرنسية، وامتناننا لكل من أنقذ وساعد وأعاد بناء الكاتدرائية"، مضيفاً أنه من خلال التجديد السريع، حققت فرنسا "المستحيل".
وتابع: "الليلة يمكننا أن نتقاسم معاً الفرح والفخر. تحيا نوتردام باريس، تحيا الجمهورية وتحيا فرنسا".
عمليات ترميم دقيقة
وخضعت نوتردام لعملية ترميم دقيقة مع تشييد برج وأقبية مضلعة جديدة، وعودة دعائمها وتماثيل "الجارجول" الحجرية المنحوتة، التي تمثل كائناً خرافياً، فيما أصبحت الأحجار البيضاء والزخارف الذهبية أكثر تألقاً من أي وقت مضى.
وعمل آلاف الحرفيين الخبراء، من نجارين وبنائين وفناني الزجاج الملون، على مدار الساعة طوال السنوات الخمس الماضية باستخدام أساليب قديمة لإصلاح أو استبدال كل ما تم إتلافه.
وفي مساء يوم 15 أبريل نيسان 2019، وأمام أعين الباريسيين المذعورين الذين هرعوا إلى المكان وعلى شاشات التلفزيون في شتى أنحاء العالم، انهار برج الكاتدرائية وسقفها في حريق هائل، هدد أبراج الأجراس الرئيسية والهيكل بأكمله، والذي نجا بأعجوبة من الدمار.
وستتاح الزيارات الجماعية لـ"نوتردام" العام المقبل، من أول فبراير، للمجموعات الدينية، ومن التاسع من يونيو للسياح بصحبة المرشدين السياحيين.
وتتوقع الكنيسة الكاثوليكية أن تستقبل الكاتدرائية نحو 15 مليون زائر سنوياً.
ووضع حجر الأساس للكاتدرائية في عام 1163، واستمر البناء لمعظم القرن التالي مع إجراء عمليات ترميم وإضافات كبرى في القرنين السابع عشر والثامن عشر.
وساعد الروائي والشاعر الفرنسي فيكتور هوجو في جعل الكاتدرائية رمزاً لكل من باريس وفرنسا، عندما استخدمها مكاناً لروايته الشهيرة "أحدب نوتردام" عام 1831. وتم تصوير كوازيمودو، الشخصية الرئيسية في الرواية، في أفلام هوليوود ونسخة أفلام متحركة من إنتاج ديزني وفي مسرحيات موسيقية.
وتدفق المال من أنحاء العالم من أجل أعمال الترميم، وقال مكتب ماكرون إن المبلغ تجاوز 840 مليون يورو (882 مليون دولار)، ولا تزال هناك أموال متبقية لمزيد من الاستثمار في المبنى.