
وقف باسم الحبل وسط أنقاض غزة، ومن حوله أناس مستلقون على الأرض، بينما يتطاير الرصاص حولهم ومن فوقهم، وصوَّر نفسه وهو يشرح بلغة الإشارة أهوال الحرب للفلسطينيين الصم، ولمتابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي.
يصف باسم (30 عاماً) نفسه على حسابه على إنستجرام بأنه مراسل فلسطيني أصم في غزة، ويريد رفع مستوى الوعي بشأن الصراع عن طريق تسليط الضوء على الغارات الإسرائيلية المدمرة، والمجاعة التي يعاني منها معظم السكان، من خلال تقديم المعلومات للفلسطينيين، ومن هم في الخارج من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ومع استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة والتي تقترب من دخول عامها الثالث، يشكو كثيرون من سكان قطاع غزة من أن العالم لا يسمع صراخهم رغم المعاناة الجماعية، ورغم تجاوز عدد الضحايا 60 ألفاً، وفقاً للسلطات الصحية في القطاع المدمَّر.
والتقى باسم، صديقه محمد مشتهى خلال الحرب، وأصبح مترجمه ورفيقه.
قصة الحرب بلغة الإشارة
قال باسم، بلغة الإشارة وفقاً لترجمة مشتهى: "كنت كتير متحمس، وكان نفسي أشتغل في الصحافة، وما كان نفسي إني أضل قاعد، كان نفسي إني أوصل صوتي للعالم، وأوصل صوت الصم إللي ما بيحكوا ولا بيسمعوا.. أوصل صوتهم لبرا (للخارج) إنه حدا يقدر يساعدنا".
وأضاف: "حاولت إني أساعد وأصور وأجيب من هنا فيديو، ومن هنا فيديو، وأنشر على أساس نوصل صوتنا للعالم".
ولباسم 141 ألف متابع على إنستجرام. وصفحته التي يظهر فيها مرتدياً سترة واقية وخوذة، تعرض صوراً لأطفال جائعين أصابهم الهزال، وأشكالاً أخرى من صور المعاناة.
وقال، عبر مترجمه مشتهى: "صورت حجم الدمار الهائل هذا. صورت فيديو.. الآن هروح على الخيمة أمنتجه وأصممه، وأنشره علشان أوصل صوتنا".
ويلوذ الفلسطينيون بالخيام سعياً للمأوى والأمان خلال الحرب، التي اندلعت بعد هجوم خاطف شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
وصور باسم لقطات لسكان يجمعون الدقيق (الطحين) من الأرض ممزوجاً بالرمل، وشرح بلغة الإشارة محنة سكان القطاع، ما يعزز وجهة نظر منظمة عالمية لمراقبة الجوع حذرت من أن سيناريو المجاعة يتكشف في القطاع.
وقال مشتهى ناقلاً ما يرويه باسم بلغة الإشارة: "حاولت إني أوصل صوتنا للعالم، وأوري للناس كيف الحياة إللي إحنا فيها.. المعاناة. رحت على المساعدات، وشفت شهداء وإصابات كتيرة. وكانت الناس والطحين كله مرمى على الأرض، يلموه هو والرمل.. الطحين والرمل. وأنا أصور الناس وأترجم بالعربي وبالإنجليزي لأوصل صوتنا للعالم ويشوفوا إيش بيصير فينا".
نزح باسم وعائلته مع اندلاع الحرب، فأقاموا في خيام داخل مدرسة.
وتابع: "كنت في شمال بيت لاهيا مع عيلتي نزحت على الجنوب أول ما صارت الحرب. نزحت على الجنوب في دير البلح كنت قاعد في مدرسة كانت كلها خيم في بعض، وكانت حياة كتير صعبة جوا (في الداخل) وكان ما في مجال الواحد يتريح بالمرة، كان سنة ونص مستمرين موجودين بالمدرسة".
وسيظل باسم على الأرجح يؤدي نفس المهمة لبعض الوقت، إذ لا توجد أي بوادر على وقف إطلاق النار رغم جهود الوساطة.
ووافق مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي المصغر في ساعة مبكرة من صباح الجمعة، على خطة للسيطرة على كامل مدينة غزة، في وقت توسع فيه إسرائيل عملياتها العسكرية، رغم الانتقادات المتزايدة في الداخل والخارج.
وقال مشتهى ناقلاً ما يرويه باسم: "نتمنى نوصل صوتنا للعالم، ونوقف الحرب، وبدنا تدخلوا لنا أكل... وأطعم أطفالي.. و(بدنا) كل الحياة تكون حلوة".