انهيار مستشفيات غزة يضع الأطباء أمام "مفاضلة صعبة" بين المرضى

time reading iconدقائق القراءة - 6
فلسطينيون داخل مستشفى ناصر الذي يعاني من اكتظاظ بمئات الجرحى والنازحين الباحثين عن العلاج وسط محدودية القدرة الطبية في خان يونس جنوبي قطاع غزة. 10 نوفمبر 2025 - REUTERS
فلسطينيون داخل مستشفى ناصر الذي يعاني من اكتظاظ بمئات الجرحى والنازحين الباحثين عن العلاج وسط محدودية القدرة الطبية في خان يونس جنوبي قطاع غزة. 10 نوفمبر 2025 - REUTERS
القاهرة -رويترز

ينتظر محمد وائل حلس البالغ من العمر 14 عاماً إجراء عملية جراحية بعد إصابة خطيرة في العمود الفقري إثر غارة جوية إسرائيلية منذ ما يقرب من شهرين، وهو واحد من آلاف ينتظرون العلاج السريع في النظام الصحي المتهالك بقطاع غزة.

كان حلس طالباً متفوقاً يطمح لأن يصبح طبيباً، لكنه أصيب قبل أسابيع من وقف إطلاق النار الذي أوقف الحرب في غزة بعد عامين من القتال.

وأدى الهجوم، الذي أودى بحياة سائق الشاحنة التي كان يستقلها، إلى تمزق في نخاعه الشوكي وكسر ثلاث فقرات في عموده الفقري.

وبعد أن استيقظ من إصابته قبل 50 يوماً ووجد نفسه مصاباً بشلل جزئي، وقال من سريره في المستشفى بخان يونس إنه ما زال شاباً في بداية الحياة وريعان الصبا، لكنه أصيب بإصابات خطيرة وينتظر الجراحة منذ أسابيع.

وبحسب السلطات الصحية المحلية في غزة، أدت الحملة العسكرية المدمرة التي شنتها إسرائيل على القطاع إلى إصابة ما لا يقل عن 170 ألف شخص من سكان القطاع.

وشنت إسرائيل عدوانها على قطاع غزة في السابع من أكتوبر2023، وقتلت أكثر من 69 ألف فلسطيني، فضلاً عن فقدان الآلاف تحت الأنقاض .

ودفعت الحملة العسكرية الإسرائيلية معظم سكان غزة إلى العيش في مخيمات غير صحية تفتك بها الأمراض، مما أضاف المزيد من الضغوط على المنظومة الصحية التي أصابها الدمار.

وبحسب منظمة الصحة العالمية، لا يزال حوالي نصف مستشفيات القطاع المكتظ، البالغ عددها 36 مستشفى، تعمل بصورة جزئية فحسب، كما تعاني من نقص في العمالة والمعدات والأدوية والوقود، وذلك بعد أكثر من شهر من وقف إطلاق النار.

أمر مأساوي

ورغم خطورة الإصابة، ومع أن مستشفى ناصر الذي ينتظر حلس فيه العلاج هو الأكبر في جنوب غزة، إلا أنه قد يضطر للانتظار لفترة أطول من ذلك؛ لأن المستشفى يقدم خدماته لأعداد أكبر بكثير مقارنة بالماضي بسبب تدمير المرافق الصحية الأخرى.

وذكر محمد صقر، رئيس قسم التمريض والمتحدث الرسمي باسم المستشفى، أن طاقم المستشفى يعمل ليلاً ونهاراً، لكنه لا يستطيع إجراء سوى عمليات جراحية لما يصل إلى 100 مريض في اليوم، وهو عدد بسيط بالنظر إلى أعداد المرضى الذين يحتاجون إلى المساعدة.

وقال صقر عن المرضى المدرجين على قائمة الانتظار: "بالنسبة لغرف العمليات، الأمر مأساوي في الحقيقة".

وأضاف: "نضطر أن نفاضل أحياناً بين المرضى، أن نعطي الأولوية للحالات الطارئة. وهذا للأسف يؤثر على صحة المرضى".

40 ألف جراحة مؤجلة

في شمال غزة، حيث يعيش أكثر من نصف سكان القطاع، وتبدو الأضرار الناجمة عن الحرب أشد فداحة بكثير، يقول محمد أبو سلمية رئيس مستشفى الشفاء في مدينة غزة إن الوضع أشد حرجاً وأكثر خطورة.

وأضاف أبو سلمية أنه في مستشفى الشفاء وحده هناك 40 ألف عملية جراحية مؤجلة. ووصف اتخاذ القرار بشأن من الذي يجب إنقاذ حياته أولا، ومن يتعين تأجيل عمليته الجراحية، بأنه "أسوأ وأصعب قرار يجد الأطباء أنفسهم مجبرين على اتخاذه".

وقال إن المرضى الذين تتأخر عملياتهم الجراحية غالباً ما تتدهور حالتهم، حيث ينتهي الأمر بإصابات الساق في بعض الأحيان إلى البتر، ويكتشف مرضى السرطان أن مرضهم انتشر.

وأصيب إياد البقري، 50 عاماً، في غارة جوية إسرائيلية استهدفت مبنى في مدينة غزة، مما أدى إلى كسر ساقه نتيجة سقوط أحجار من المبنى المنهار. يحتاج الرجل إلى عملية جراحية لزرع مسامير لتثبيت ساقه، لكنه ينتظر منذ ثلاثة أشهر.

وليس أمام البقري خيار سوى المشي للحصول على الطعام والماء لعائلته، بينما تتفاقم إصابته. وقال: "أخبرني الأطباء أن بعض العظام في مشط القدم تهشمت تماماً".

تحسن طفيف

شهدت الأوضاع بعض التحسن منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر. وبعد ذلك التاريخ بدأ المزيد من المساعدات في الدخول إلى غزة. ولم يكن يعمل سوى 14 مستشفى قبل الاتفاق، بينما زاد العدد الآن إلى 18 مستشفى.

ويتدفق أيضاً المزيد من الوقود والإمدادات الطبية، وأطلقت منظمة الصحة العالمية برنامجاً للتطعيم.

وفي حين تقول إسرائيل إنها سمحت بدخول 600 شاحنة من الإمدادات يومياً بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، تقول حكومة غزة إن 150 شاحنة بالكاد تدخل يومياً.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي بعد على طلب التعليق على الأضرار التي لحقت بالمستشفيات والتأخير في دخول المعدات الطبية والأدوية اللازمة.

وقال أبو سلمية إن أكثر من 60 % من الأدوية التي يحتاجها في مستشفى الشفاء غير متوفرة على الإطلاق، ولا توجد أيضاً أجهزة تصوير بالرنين المغناطيسي أو أجهزة تصوير بالأشعة السينية للصدر في غزة.

وأضاف أن نقص الوقود يُقلل كمية الكهرباء المتاحة، ويؤثر بالسلب على قدرة سيارات الإسعاف على التحرك. وأوضح أن نقص الكوادر الطبية يثير مشكلات بعد قتل إسرائيل 1700 طبيب وممرض في القصف، واعتقال 350 آخرين.

وقال أبو سلمية لوكالة "رويترز" إن "القطاع الصحي ما زال في حالة من الانهيار التام".

تصنيفات

قصص قد تهمك