الأرض تسجل أعلى مستوى لثاني أكسيد الكربون منذ 4 ملايين سنة

time reading iconدقائق القراءة - 6
دخان يتصاعد من مداخن محطة بيلشاتو للطاقة التي تعمل بالفحم في بولندا - REUTERS
دخان يتصاعد من مداخن محطة بيلشاتو للطاقة التي تعمل بالفحم في بولندا - REUTERS
دبي -الشرق

تسبب البشر خلال عام 2021 بضخ 36.3 مليار طن من غاز ثاني أكسيد الكربون المسبب للاحتباس الحراري في الغلاف الجوي، وهي أعلى نسبة منذ نحو أربعة ملايين سنة، وفق ما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن إدارة المحيطات والغلاف الجوي الوطنية الأميركية.

وحطمت كمية ثاني أكسيد الكربون التي أطلقت في مايو الماضي رقماً قياسياً جديداً، إذ تزيد هذه الكمية بنسبة 50% عن متوسط ما قبل عصر الصناعة، أي قبل أن يبدأ البشر باستخدام النفط والغاز والفحم في الأعمال الصناعية أواخر القرن التاسع عشر.

وقال العلماء إن كمية غاز ثاني أكسيد الكربون الموجودة حالياً في الغلاف الجوي أكثر من أي وقت مضى، منذ 4 ملايين عام على الأقل.

أعلى تركيز

ووصل تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى ما يقرب من 421 جزءاً في المليون خلال مايو الماضي، وهي وحدة القياس المستخدمة لتحديد كمية التلوث في الهواء. 

وبلغ إجمالي الانبعاثات 36.3 مليار طن في عام 2021، وهو أعلى مستوى في التاريخ.

مع زيادة كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة في الغلاف الجوي، تستمر درجة حرارة الكوكب في الارتفاع، مع حدوث عدة تأثيرات مثل زيادة مستوى الفيضانات وارتفاع درجة حرارة الجو بشكل مفرط، والجفاف، وحرائق الغابات المتفاقمة التي يعاني منها ملايين الأشخاص عبر العالم.

وارتفعت درجات الحرارة عالمياً بنحو 1.1 درجة مئوية، أعلى مما كانت عليه في عصور ما قبل الصناعة.

"مستويات لم يعرفها البشر"

يعد تزايد مستويات ثاني أكسيد الكربون دليلاً إضافياً على أن الدول لم تحرز تقدماً يذكر نحو الهدف المحدد في قمة باريس للمناخ في عام 2015، والمتمثل في الحدّ بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لقصر زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن على درجتين مئويتين، ومواصلة الجهود الرامية إلى إبقاء هذه الزيادة في حدود 1.5 درجة مئوية.

وقال ريك سبينراد، مدير الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي: "إنه تذكير بأننا بحاجة إلى اتخاذ خطوات عاجلة وجادة".

ورغم أن مستويات ثاني أكسيد الكربون انخفضت إلى حد ما في عام 2020، خلال التباطؤ الاقتصادي الناجم عن جائحة فيروس كورونا، إلا أن ذلك لم يكن له تأثير على المدى الطويل، حسبما اعتبر بيتر تانز، وهو عالم بارز في مختبر الرصد العالمي التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي.

وقال بيتر تانز إن "معدل الزيادة في تركيز ثاني أكسيد الكربون واصل ارتفاعه، وما زال مستمراً بالوتيرة نفسها تقريباً التي كان عليها خلال العقد الماضي".

ولاحظ بيتر تانس أن "الجنس البشري لم يعرف من قبل مثل هذه المستويات الموجودة اليوم من ثاني أكسيد الكربون". وأضاف "نعرف ذلك منذ نصف قرن وفشلنا في القيام بأي شيء يُذكر. إلامَ نحتاج لإيقاظنا؟".

وتختلف مستويات ثاني أكسيد الكربون على مدار العام، وتزداد مع موت النباتات وتحللها في الخريف والشتاء، وتنخفض في الربيع والصيف حيث تمتص النباتات النامية الغاز من خلال التمثيل الضوئي. ويتم الوصول إلى ذروة الانبعاثات في شهر مايو من كل عام، قبل أن يتسارع نمو النبات في نصف الكرة الشمالي.

قام الدكتور تانز وآخرون في مختبر الرصد العالمي بحساب ذروة التركيز هذا العام عند 420.99 جزءاً في المليون، استناداً إلى بيانات من محطة الطقس التابعة للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي على قمة بركان "ماونا لوا" في هاواي.

وهذه الذروة هي 140 جزءاً في المليون فوق متوسط التركيز في أيام ما قبل الصناعة، والذي كان دائما نحو 280 جزءاً في المليون. ومنذ ذلك الوقت، ضخ البشر نحو 1.6 تريليون طن من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.

انعكاسات لآلاف السنين

قال الدكتور تانز إنه إذا تم القضاء على الانبعاثات تماماً، فإن منحنى تركيز غاز ثاني أكسيد الكربون سيبدأ في الانخفاض، وستستمر المحيطات والنباتات في امتصاص ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء. وأشار إلى أن انخفاض هذا التركيز في الغلاف الجوي سيستغرق مئات السنين.

وأوضح أنه في مرحلة ما سيتم التوصل إلى توازن، ولكن تركيزات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي والمحيطات ستبقى أعلى من مستويات ما قبل الصناعة لآلاف السنين.

خلال هذا الزمن الطويل، يمكن أن ترتفع مستويات سطح البحر بشكل كبير مع ذوبان الجليد القطبي، ويمكن أن تحدث تغييرات أخرى. واعتبر تانز أن هذه التطورات "مقلقة جداً"، مضيفاً أن هذه المعطيات تشير إلى إمكانية تغير المناخ بشكل كامل. 

ويُعتبر ثاني أكسيد الكربون أحد غازات الدفيئة التي تساهم في حبس الحرارة مما يتسبب تدريجياً في الاحترار العالمي، وهو يبقى في الغلاف الجوي والمحيطات آلاف السنين.

وذكّرت إدارة المحيطات والغلاف الجوي بأن  هذا الاحترار بدأ يؤدي إلى عواقب وخيمة، منها كثرة موجات الحرارة والجفاف والحرائق والفيضانات.

اقرأ أيضاً:


 

تصنيفات