أفادت قناة "دويتشه فيله" الألمانية، بأن المسؤولين الألمان يعربون عن مخاوفهم من أن يؤدي فصل الشتاء المقبل، والذي قد يشهد السيناريو الأسوأ المتعلق بمشاكل الطاقة، إلى رد فعل عنيف في البلاد، مشيرة إلى أن مدى سوء الأمور قد يعتمد على مدى قدرتهم على إدارة الأزمة.
وقالت القناة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، الأحد، إن المشرعين الألمان يدرسون مجموعة شاملة من الإجراءات لتوفير الطاقة، وذلك بدءاً من إطفاء أضواء الشوارع إلى خفض درجات حرارة المباني، كما يحثون السكان على خفض استهلاكهم في المنازل.
ولن يتضح ما إذا كانت هذه الجهود ستحفز الألمان على التضامن ضد الحكومة حتى يبدأ موسم الشتاء وتحل فواتير الطاقة، ولكن يبدو أن المستشار الألماني أولاف شولتز لا ينتظر لرؤية ما سيحدث، إذ صرّح لإذاعة "إيه آر دي" الشهر الماضي، بأن كلفة التدفئة المتصاعدة بمثابة "برميل بارود في المجتمع".
وأشار شولتز إلى أن شركائه في الحكم والمعارضين السياسيين وقادة الأعمال والمجتمع المدني يتشاجرون حول الاستجابات السياسية على حساب الدولة.
تحالف حزبي
وكان "البوندستاج" (البرلمان الألماني) أصدر تشريعاً من أجل حماية الفئات الأكثر احتياجاً في المجتمع من صدمات ارتفاع الأسعار، كما سيتم، في الوقت نفسه، السماح للمرافق الألمانية بتحويل بعض تكاليفها المتزايدة إلى المستهلكين.
ويبدو أن المسؤولين يسيرون على خط رفيع في أثناء صياغة مثل هذه السياسات، إذ يريدون المساعدة في تأمين الموارد المالية للأسر الألمانية، خاصة لأصحاب الأجور المنخفضة منهم، ولكن ليس للدرجة التي تؤدي لتقويض الحافز على توفير الطاقة.
ويسيطر أصغر الأحزاب في الائتلاف الحاكم وهو "الحزب الديمقراطي الحر" على وزارة المالية في برلين، مما يمنحه سلطة كبيرة على خزينة البلاد، وقد أوضح وزيرها، كريستيان ليندنر، أنه يعتزم استخدام سلطته بشكل معتدل، حيث يدافع عن قيم حزبه المتمثلة في الضرائب والإنفاق المنخفضين، فيما يضغط أكبر شركاء الحزب "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" من يسار الوسط، وحزب "الخضر"، من أجل تقديم مساعدة أكثر سخاءً.
وحتى إذا اتخذت الحكومة الإجراءات الصحيحة للتعامل مع الأزمة، فإنه لا يزال من الممكن أن يفهم الألمان الرسالة بشكل خاطئ، إذ أنه بالنظر لوباء فيروس كورونا، فإن الأموال والموارد ليست سوى نصف المعركة فقط، ولكن النصف الآخر يتمثل في التواصل بشكل واضح ومتسق مع الجمهور.
ويبدو أن نائب شولتز، روبرت هابك من حزب "الخضر" يدرك ذلك، فبصفته وزيراً للاقتصاد، فهو يتولى قيادة سياسة الطاقة، واضطر إلى اتخاذ خيارات صعبة غالباً ما كانت تتعارض مع أفكاره.
ومن جانبها، قالت وزارة الداخلية الفيدرالية في برلين لـ"دويتشه فيله"، إنها "تتوقع حدوث احتجاجات ذات حجم مماثل لتلك الاحتجاجات التي جرت ضد قيود كورونا، وذلك اعتماداً على حجم عبء كلفة الطاقة على المجتمع وكذلك حجم الإمدادات التي ستكون متاحة".
"الوباء والحرب والتضخم"
وقالت المتحدثة باسم الوزارة بريتا بيلاج هارمان: "يمكننا أن نفترض أن الشعبويين والمتطرفين سيحاولون مرة أخرى التأثير على الاحتجاجات حسب رغبتهم، كما يمكن للجهات الفاعلة والجماعات المتطرفة في ألمانيا أن تعمل على زيادة المخاطر".
فيما قالت الشرطة الفيدرالية، التابعة للوزارة، إنها ليس لديها أي رؤى بشأن وجود تهديدات محددة ناشئة عن الأزمة.
وكانت ألمانيا واحدة من أكثر البلدان الأوروبية اهتماماً بالمساواة بين السكان، حيث لم تأثر الطبقة أو الوضع الاجتماعي في تحديد نجاح المرء في الحياة، ولكن هذا الوضع بات آخذاً في التغير، حيث تتبع برلين توجهاً عاماً نحو تزايد التفاوت في الدخل.
ووفقاً للنماذج الاقتصادية، فالتضخم وأسعار الطاقة سيؤثران بشكل غير متناسب على الفئات الأكثر احتياجاً في البلاد، وذلك لأن أصحاب الدخل المنخفض لديهم دخل أقل يمكن إنفاقه لامتصاص التكاليف المتزايدة، وهذا يجعلهم أيضاً أكثر عرضة من فئات المجتمع الأخرى لتبني الخطاب المناهض للحكومة.
ونقلت القناة عن سوزان بيكل، وهي أستاذة السياسة المقارنة في جامعة "دويسبورج إيسن"، قولها إن "الوباء والحرب والتضخم يهددون الطبقى الوسطى، وفي حال لم نتمكن من تحقيق استقرار هذه الطبقة، فإن مخاوفهم من أن يتم دفعهم إلى الأسفل بشكل دائم ستزداد، وحينها قد نرى المزيد من الناس ينزلون إلى الشوارع في ألمانيا أو حتى الاتفاق مع حزب البديل من أجل ألمانيا (الشعبوي اليميني)".
اقرأ أيضاً: