الأزمة الاقتصادية الحادة تجبر السودانيين على التقشف

time reading iconدقائق القراءة - 7
سودانية تمشي أمام محل لبيع المواد الغذائية بالعاصمة الخرطوم. 19 يناير 2023 - AFP
سودانية تمشي أمام محل لبيع المواد الغذائية بالعاصمة الخرطوم. 19 يناير 2023 - AFP
الخرطوم-أ ف ب

في بقالة صغيرة بالخرطوم، انشغل حسن عمر في نفض الغبار عن البضائع التي تتكدّس منذ أشهر على الرفوف بسبب تراجع حركة الشراء في السودان وسط أزمة اقتصادية عميقة.

وقال عمر البالغ من العمر 43 عاماً لوكالة "فرانس برس" من داخل بقالته: "لم يعد لدى المواطن المال ليشتري، ما يجعلنا نعاني حالة كساد".

وأضاف: "القوة الشرائية تراجعت بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية"، مشيراً إلى أن مبيعاته في السابق كانت تبلغ في اليوم الواحد نحو 500 ألف جنيه (نحو 877 دولاراً)، لكنها انخفضت الآن إلى 200 ألف جنيه (حوالي 350 دولاراً).

وتعكس محنة عمر تدهور الوضع الاقتصادي في السودان، ما أرغم العديد من الأسر على التقشف في ظل أزمة غذاء وشيكة، في البلد الذي يعاني حوالي ثلث سكانه الـ45 مليوناً من الجوع الحاد.

ويعيش نحو 65% من السودانيين تحت خط الفقر، بحسب تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2020.

وعانى السودان على مدار 3 عقود في ظل حكم الرئيس السابق عمر البشير، من أزمات اقتصادية متلاحقة ناتجة عن سوء الإدارة من جهة، وما شهدته البلاد من صراعات قبلية وتمرد مسلح من جهة أخرى، فضلاً عن العقوبات الدولية المفروضة عليه.

ودفعت هذه الظروف القاسية السودانيين إلى الخروج في احتجاجات حاشدة ضد حكم البشير إلى أن أطاح به الجيش من السلطة في أبريل 2019، وتم الاتفاق على حكم انتقالي مشترك بين المدنيين والعسكريين وبدأت انفراجة اقتصادية تلوح في الأفق، مع ورود تعهدات بتقديم مساعدات دولية ورفع بعض العقوبات عن البلد.

وفي أكتوبر 2021 تبددت الآمال وتفاقمت الأزمة الاقتصادية بعد قرارات أصدرها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أطاح بموجبها بالمدنيين من الحكم، ما أدى إلى تراجع المساعدات الدولية للبلاد وخرجت تظاهرات شبه يومية احتجاجاً على الحكم العسكري.

وقالت سعاد بشير الموظفة الأربعينية وهي أم لـ4 أطفال، لـ"فرانس برس" إن "مقارنة الدخل مع المصروف غير ممكنة لذلك نحاول إيجاد بدائل (رخيصة) في الطعام".

وفي أحد شوارع شمال الخرطوم، يشكو نور آدم بجانب عربته لبيع الخضار من الوضع، موضحاً أنه تكبد خسائر فادحة خلال الأشهر التسعة الماضية.

وقال للوكالة: "فسد الكثير من المنتجات بسبب عدم الشراء.. لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو أو سأضطر إلى البحث عن وظيفة أخرى".

وعلى الرغم من ذلك، تراجع معدل التضخم في السودان، العام الماضي، مسجلاً 87% في ديسمبر مقارنة بـ318% في الشهر نفسه من عام 2021.

وبرر أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين عبد الله الرمادي تراجع التضخم بأن "الاقتصاد في حالة ركود كامل" موضحاً أنه ليس هناك طلب وبالتالي فإن الأسعار لا ترتفع.

ولم يعلن السودان بعد عن موازنة الدولة لعام 2023.

وأخيراً نظم المئات من طلاب الجامعات احتجاجات ضد الزيادات الأخيرة في الرسوم التعليمية.

وتساءل محمد حسين، الطالب في السنة الأولى بكلية الهندسة كيف سيتمكن من دفع الرسوم المطلوبة منه، وقال لـ"فرانس برس": "طُلب مني دفع 550 ألف جنيه (نحو 1000 دولار) ووالدي يعمل موظفاً براتب شهري"، مشيراً إلى أن الرسوم كانت حوالي 50 ألف جنيه العام الماضي.

ولم تقتصر الاحتجاجات على الطلاب، بل باشر المئات من أساتذة الجامعات إضراباً مفتوحاً منذ 10 يناير اعتراضاً على تدني رواتبهم.

ويواجه الملايين في السودان صعوبات متزايدة في الحصول على خدمات التعليم التي تعطلت، العامين الماضيين، نتيجة الاحتجاجات المناهضة للمكون العسكري في مجلس السيادة الانتقالي.

استقرار سياسي

وعلى غرار التعليم، ارتفعت رسوم العديد من الخدمات الحكومية الأخرى من إصدار جوازات السفر وحتى رسوم الطرق.

وقال سائق الشاحنة تيجاني عمر: "رسوم الطرق تضاعفت 5 مرات على الأقل مقارنة بالعام الماضي"، مشيراً إلى أن ذلك "سوف يرفع من تكلفة النقل وينعكس في النهاية على أسعار المنتجات".

ويعلق البعض آمالاً على اتفاق وقع، الشهر الماضي، بين العسكريين والمدنيين شكل الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين، لإنهاء الاضطرابات التي تعم البلاد، لكن الاتفاق يشكك به كثيرون باعتباره يفتقر إلى تفاصيل وجداول زمنية. 

ويأمل عبد الحليم حامد (53 عاماً)، الموظف بالقطاع الخاص والأب لأسرة من 6 أفراد، في أن يساعد الاتفاق على استئناف برنامج دعم الأسرة.

وقال حامد أثناء تفاوضه مع بائع فاكهة في الخرطوم على الأسعار: "فقدت المساعدة القليلة التي كان يقدمها لي هذا البرنامج".

وأضاف: "إذا نجح الاتفاق الأخير في جلب الاستقرار السياسي يمكن للاقتصاد أن يبدأ في التحسن، لكن التحسن الكامل يحتاج إلى وقت".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات