"الشرق" ترصد أخباراً وصوراً مضلّلة رافقت زلزال تركيا وسوريا

time reading iconدقائق القراءة - 14
مخيم للنازحين الأتراك الذين فقدوا منازلهم جراء الزلزال المدمر في ولاية هاتاي- 10 فبراير 2023 - REUTERS
مخيم للنازحين الأتراك الذين فقدوا منازلهم جراء الزلزال المدمر في ولاية هاتاي- 10 فبراير 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

ما إن وقع الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا وشمالي سوريا بقوة إلى 7.8 درجة على مقياس ريختر، حتى اكتظت مواقع التواصل الاجتماعي بعشرات آلاف المنشورات التي نقلت صور الأضرار وجهود الإنقاذ وقصص الضحايا وعائلاتهم.

لكن، وسط زحمة البيانات والتفاعل الكبير، انتشرت العديد من الشائعات والمعلومات المضللة بشأن الزلزال ومشاهد الدمار.

في هذا التقرير، ترصد "الشرق" أبرز تلك الشائعات التي تنوعت بين مقاطع فيديو وصور بعضها قديم والبعض الآخر لا يخص الزلزال الأخير، والدول التي ضربها لا من قريب ولا من بعيد.

"ابتسامة الأسد"

لم تكن السياسة بعيدة عن الشائعات التي انتشرت عبر المنصات الاجتماعية، إذ تداول معارضو الرئيس السوري بشار الأسد صورةً له وهو يبتسم، وادعى البعض أنها التقطت خلال اجتماع طارئ للحكومة السورية في 6 فبراير لمناقشة تداعيات الزلزال.

 الصورة المذكورة حصدت تفاعلاً كبيراً، وعلق البعض عليها قائلاً: "بهذه الابتسامة افتتح بشار الأسد جلسة مناقشة آثار الزلزال الذي ضرب سوريا"، بينما قال آخرون: "بهذه الملامح افتتح بشار الأسد جلسة مناقشة آثار الزلزال الذي ضرب أجزاء متفرقة من سوريا".

"الشرق" تحققت من الصورة  عن طريق البحث العكسي، ليتبيّن أنها قديمة وتعود إلى اجتماع عُقد في 30 مارس 2021، ما يؤكد أن الصورة ليست من الاجتماع الطارئ الذي عقده الأسد لمناقشة تداعيات الزلزال.

"فتح سد إليسو"

العلاقات بين الدول كانت هي الأخرى حاضرة بقوة في الادعاءات المضللة التي تزامنت مع حدوث الزلزال، ومنها على سبيل المثال الخلاف بين العراق وتركيا حول "سد إليسو".

ونشرت صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو ادعت أنه يرصد فتح السد بأوامر من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "خوفاً من حدوث زلزال جديد".

وحصد الفيديو آلاف المشاهدات،لكن تبين أنه مضلل وقديم أيضاً. فمن ناحية، يعود الفيديو لـ"سد ديرنير" المشيّد على نهر كورة على بعد 5 كيلومترات في مقاطعة أرتفين شمال شرقي تركيا، بالإضافة إلى أن المشاهد التُقطت في عام 2016، وبالتالي، ليس لها أي علاقة بزلزال تركيا وسوريا الأخير.

"صور لدول أخرى"

إلى ذلك، انتشرت بعض مقاطع الفيديو على أنها من تركيا، لكن بعد البحث تبيّن أنها من دول أخرى حول العالم.

ويُظهر أحد المقاطع المتداولة انهيار مبنى ضخم، ادعى ناشروه أنه للحظات الأولى في تركيا، لكن تبين أن هذا الادعاء خاطئ. ذلك أن الفيديو المذكور، وفقاً لبحث عبر شبكة الإنترنت يعود لحادث انهيار مبنى سكني مكون من 12 طابقاً في ميامي بولاية فلوريدا الأميركية في عام 2021.

كما حصد فيديو التُقط من كاميرا مراقبة داخل سيارة تقف أعلى جسر وتهتز بقوة على ملايين المشاهدات، بزعم أنه لزلزال تركيا الأخير، إلا أن الحقيقة تختلف تماماً عن هذا الزعم، فالفيديو نشره موقع باللغة اليابانية ضمن توثيق لأحداث زلزال اليابان المدمر (عام 2011)، وهو ما تؤكده البيانات المتوفرة على النسخة الأصلية قبل أن يتم إخفاؤها في مقطع مجتزأ تزامن نشره بعد زلزال تركيا.

وبالرغم من عدم رصد أي أخبار مؤكدة لموجات تسونامي عقب كارثة 6 فبراير وتوابعها، إلا أن حسابات وصفحات على مواقع التواصل تداولت مقاطع فيديو بشأن تسونامي ضرب سواحل تركيا.

أحد تلك الفيديوهات حصد انتشاراً واسعاً عبر تويتر وفيسبوك، يُظهر موجات مرتفعة تضرب شاطئاً وعلق البعض على المقطع قائلاً: "موجات تسونامي تجتاح الساحل التركي الجنوبي"، و"تسونامي يضرب شواطئ تركيا"، لكن الحقيقة أن الفيديو يعود لشهر مارس من عام 2017 للشاطئ الشمالي بمدينة دوربان في جنوب إفريقيا.

كما انتشر فيديو آخر عن تسونامي يُظهر أمواجاً بسيطة تضرب أحد الشواطئ، ورغم عدم التأكد من حقيقة ومكان الفيديو، إلا أن البحث يظهر أنه قديم ونشر في يناير الماضي.

ومع انتشار مشاهد التشققات الأرضية العميقة في بعض المناطق التركية بسبب الزلزال، تداولت حسابات في فيسبوك مقطع فيديو يُظهر آثار تشققات وخوفاً وهلعاً على أحد الطرق، مع تعليق يقول: "انشقاق الأرض في تركيا، و فيديو اللحظات الأولى للزلزال".

لكن بعد بحث أجرته "الشرق" بشأن حقيقة الفيديو وتاريخه، وجدت أنه نُشر في عام 2018 على موقع يوتيوب والُتقط في بالو بجزيرة سالاويسي شرقي إندونيسيا يوم 28 سبتمبر 2018، كما أعادت وكالة الأناضول نشره مرة أخرى في 10 أكتوبر على أنه من الحادثة ذاتها.

انهيار المباني

ساهمت صفحات إخبارية وبعض الحسابات الشخصية في انتشار مقطع فيديو لعائلة من 4 أفراد أمام كاميرا مراقبة مع تعليق "كاميرا مراقبة تُوثق لحظة انهيار منزل فوق أفراد عائلة تركية جراء الزلزال"، لكن إعادة البحث عن الفيديو المتداول أظهرت أنه غير صحيح.

مصدر الفيديو الأصلي، هو حساب على موقع تيك توك باسم ( cilgin_family)، قام بنشر المقطع في يناير 2020 ثم أعاد نشره مرة أخرى في 3 نوفمبر 2020.

علماً أن الحساب المذكور أعلاه يرصد يوميات عائلية بشكل ساخر. وفي فيديو لاحق تظهر الغرفة ذاتها والأثاث ذاته، كما يظهر الأفراد ذاتهم في فيديوهات مختلفة، ما يُشير إلى أن الفيديو المتداول مُعدل، مع بعض المؤثرات الخارجية.

وحاولت "الشرق" التواصل مع صاحب الحساب للتأكد من حقيقة الأمر، لكن لم تتلق رداً حتى كتابة التقرير، ومن المؤكد أن مقطع الفيديو نُشر قبل الزلزال الذي ضرب تركيا وشمال سورياً أخيراً.

 تداولت صفحات إخبارية وحسابات على مواقع التواصل أيضاً، مقطع فيديو ادعت أنه للحظة انهيار مبنى ضخم في تركيا جراء الزلزال الأخير، إلا أن الادعاء مُضلل هو الآخر، إذ انتشر الفيديو على منصات "الشرق" عام 2020، وهو يعود إلى زلزال بقوة 7 درجات ضرب ولاية إزمير التركية.

كاميرات المراقبة

بين زحمة الأخبار المضللة والصور المفبركة، انتشرت مقاطع فيديو من كاميرات مراقبة ادعى البعض أنها ملتقطة حديثاً خلال زلزال تركيا وسوريا، لكنها غير صحيحة، كما تبين من خلال الرصد.

وتظهر في أحد تلك المقاطع حالة من الهرج والهلع داخل أحد المطابخ، وسط محاولة الهروب مما يبدو أنه هزة أرضية قوية، وقد حصد الفيديو تفاعلاً كبيراً وكتب ناشروه "لحظات مرعبة عاشها موظفو فندق في تركيا جراء الهزة الأرضية التي أصابت الجنوب التركي وشمال سوريا".

ومن خلال البحث العكسي، تبيّن أن الفيديو المذكور التُقط خلال زلزال بقوة 6.6 درجة ضرب مقاطعة إزمير غربي تركيا في 30 أكتوبر 2020.

بينما يرصد فيديو آخر التقط من كاميرا مراقبة ونُشر في فيسبوك ويوتيوب رد فعل سيدتين داخل أحد المتاجر لحظة حدوث زلزال، وجاء في التعليق: "اللحظات الأولى لزلزال في تركيا"، في حين أظهر البحث أن الفيديو التقط في 30 أكتوبر 2020، وليس أخيراً.

كما رصدت "الشرق" مقطعاً متداولاً من كاميرا مراقبة أيضاً، يُظهر هروب المارة من مبنى إلى وسط الشارع قبل أن يسقط شخص بشكل مفاجئ، وادعى البعض أنه من لحظة سقوط مبنى أثناء زلزال تركيا الأخير.

إلا أن الفيديو المذكور نُشر في نوفمبر 2022 على وكالة "الأناضول" التركية، التي قالت إنه يعود إلى زلزال قوته 5.9 درجات على مقياس "ريختر" ضرب محافظة دوزجي التركية.

الحيوانات

وفيما تتواصل عمليات البحث عن ناجين تحت أنقاض الأبنية التي دمرها الزلزال في سوريا وتركيا، تم تداول بعض المقاطع والصور لعمليات إنقاذ حيوانات زعم ناشروها أنها حديثة، إلا أنه تبيّن من خلال البحث أنها قديمة.

أبرز تلك المنشورات صورة كلب يجلس فوق انقاض مبنى مهدم، وعلق البعض على الصور التي انتشرت بشكل واسع، قائلين: "كلب يُحاول إنقاذ أصحابه بعد الزلزال الذي ضرب تركيا من تحت الأنقاض".

وكشف البحث الذي أجرته "الشرق" أن الصورة نُشرت على  موقع  وكالة "alamy" في 18 أكتوبر 2018، ولا يُعرف على وجه الدقة هل كانت خلال تدريب على أعمال الإنقاذ، أم التقطت خلال عملية بحث حقيقية.

وحصد فيديو يصوّر قطة تخرج من تحت الأنقاض في وضح النهار، انتشاراً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وادعى البعض أنها من الزلزال الأخير في تركيا، وتم تداول فيديو آخر مصور ليلاً ويُظهر رجلاً يحمل قطة وسط تواجد مكثف لقنوات تلفزيونية ورجال الإنقاذ، وادعى البعض أن المقطع أيضاً من الزلزال الأخير الذي ضرب تركيا، وحصد آلاف المشاركات وأكثر من مليون مشاهدة على بعض الصفحات.

لكن أظهر البحث أن المقطعين قديمان، إذ التُقط الأول في نوفمبر 2020، وفقاً لصحيفة "ديلي ستار"، بينما نُشر الثاني في 31 أكتوبر 2020 وفقاً لمواقع إخبارية تركية.

المساعدات الدولية

تدفقت الكثير من المساعدات الدولية إلى تركيا للمساهمة في عملية الإنقاذ والإغاثة، إلا أن البعض استغل هذا الأمر لنشر مقاطع وصور غير صحيحة.

ومن بين ذلك صورة لفرق الهيئة الصحية الإسلامية التابعة لـ"حزب الله" اللبناني، انتشرت مع تعليق: "فرق من الهيئة الصحية الإسلامية تتوجه إلى سوريا لمساعدة شعبها الشقيق جراء الكارثة التي تعرض لها".

غير أن الصورة قديمة وتعود للعام 2020 خلال جائحة كورونا أثناء استعراض حزب الله لـ150 سيارة إسعاف من بينها 55 سيارة للعزل في جنوب لبنان، بحسب موقع "المدن".

كما نُشر مقطع فيديو قديم لقافلة مساعدات في طريقها إلى شمال سوريا وادعى ناشره أنها قافلة إغاثة سعودية في طريقها لتركيا وسوريا.

لكن بعد البحث تبيّن أن الفيديو قديم ونُشر على موقع تيك توك في 18 نوفمبر 2022، ويُظهر تقديم 20 ألف سلة غذائية للشمال السوري، وليست مساعدات لمتضرري الزلزال.

مليون و200 ألف دولار تحت الأنقاض

أظهرت 3 صور متداولة على نطاق واسع أكياساً بلاستيكية تحتوي على مبالغ مالية من الدولار الأميركي، وصاحب انتشارها تعليقات من بينها " تركيا: تم العثور على مليون و200 ألف دولار تحت الأنقاض من دون التعرف على هوية مالكها".

ومن خلال البحث في حقيقة الصور المتداولة، تبيّن لـ"الشرق"، أن الصورة قديمة ولا علاقة لها بزلزال تركيا أو سوريا الأخير، إنما تعود إلى 3 فبراير الجاري، أي قبل 3 أيام من وقوع الزلزال، ونشرتها الصفحة الرسمية لـ"وزارة الداخلية العراقية" في "فيسبوك".

وقال منشور الوزارة إن الصور لعملية نفذتها مكافحة الجريمة المنظمة في وكالة الاستخبارات العراقية، وضبطت خلالها مليون دولار معدة للتهريب في محافظة ديالى شرقي العاصمة بغداد.

 الحجاب

كما انتشرت أيضاً صورة لسيدة مُنقبّة تخرج من مكان مدمر وحولها رجل وترفع يديها، وعلقت المنشورات المرافقة عليها بالقول: بـ"سقط منزلها وسقطت جدرانه وسقط سقفه ولم يسقط حجابها ولم يسقط حياؤها"، وتم تداول الصورة على نطاق واسع عبر مواقع التواصل على أنها من الزلزال الأخير.

لكن على غرار الأخبار والمنشورات المفبركة، أظهر البحث أنه سبق أن نُشرت الصورة المذكورة في عام 2016، لكن لم يتسن لـ"الشرق" التأكد من حقيقتها أو مكانها، لكن المؤكد أنه لا صلة لها بالكارثة التي حلّت على تركيا وسوريا أخيراً.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات

قصص قد تهمك