
بينما يستمتع أصحاب البطاقات المصرفية الدولية بإمكانية الدفع بها في معظم دول العالم تقريباً، يعاني المواطنون الروس من تحديات كثيرة تتعلق ببطاقات مصرفية دولية ومحلية.
وبعد بدء الحرب في أوكرانيا فرض الغرب عقوبات على كبرى المصارف الروسية، لعزلها عن نظام المراسلات البنكية الدولي "سويفت"، وإثر ذلك فقد المواطنون الروس إمكانية الدفع بالبطاقات التي تم إصدارها في داخل روسيا، كما لا تعمل حالياً البطاقات المصرفية "ماستر كارد" و"فيزا" داخل الاتحاد الروسي.
وسعت الحكومة الروسية لإيجاد حلول لمواطنيها، من خلال بطاقات "مير" الروسية التي تعمل في بعض جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة.
وكشفت صحف روسية مؤخراً أن الهند تدرس إمكانية استخدام بطاقات "مير" الروسية على أراضيها، وفي المقابل قد تسمح موسكو بدورها بالدفع ببطاقات نظام الدفع الهندي "رو بييه"، وفقاً لتقارير "ذي إكونوميك تايمز".
وكانت بعض التقارير قد أشارت في أغسطس 2022 إلى أن الهند وروسيا قد تعترفان بأنظمة الدفع في البلدين، في حين أشارت تقارير أخرى إلى أن البلدين دشنا في نهاية مارس الماضي نظاماً بديلاً لـ "سويفت" الدولي من أجل تنفيذ تعاملات مصرفية متبادلة.
خطط التوسع
ويخطط بنك روسيا لتوسيع رقعة استخدام بطاقات نظام الدفع الروسي "مير" إلى 20 دولة بحلول عام 2025، وحتى 35 دولة بحلول عام 2030 وفقاً لتقرير مشترك للجهة التنظيمية ووزارة المالية الروسية.
وتعمل بطاقات "مير" حالياً في أرمينيا وفيتنام وبيلاروس وكازاخستان وطاجيكستان وقرغيزيا وأوزبكستان، إضافة إلى جمهوريتي أبخازيا وأوسيتا الجنوبية المعترف بهما من جانب موسكو.
ولم تتمكن "الشرق" من الحصول على تعليق رسمي من قبل شركة "النظام الوطني لبطاقات الدفع" الروسية، المسؤولة على إصدار بطاقات "مير" في روسيا.
لكن رومان بروخوروف، رئيس مجلس إدارة رابطة "الابتكارات المالية " الروسية، الذي يتابع هذا الملف عن كثب، قال لـ"الشرق" إن "آفاق توسيع جغرافية قبول بطاقات مير في العالم تعتمد بشكل كبير على استعداد الشركاء الأجانب، وقبل كل شيء بالطبع، من الدول الصديقة التي تتمتع بتدفقات سياحية أو تجارية كبيرة".
وأضاف أنه "في إطار برنامج توسيع قبول بطاقات مير في البلدان الصديقة، تجري المفاوضات مع عدد كبير نسبياً من الدول الأجنبية، بما في ذلك مصر والصين وتايلاند والهند وإندونيسيا والفلبين وفنزويلا وإيران وسوريا وأذربيجان"، مضيفاً أنه في كوبا ظهرت بالفعل إمكانية سحب الأموال من بطاقات "مير".
أما فيتشيسلاف بوتيلوفسكي، مدير تصنيفات البنوك في وكالة "إكسبيرت را" الروسية فتوقع في تصريحات لـ"الشرق" أن "تتوسع (جغرافية استخدام بطاقات مير) في الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، والبلدان الشريكة السياحية، والبلدان الآسيوية والتي تعمل معها روسيا بنشاط على زيادة التجارة الدولية".
وتابع "أتوقع أن تصل حصة بطاقات مير في روسيا إلى 60% من اجمالي البطاقات المصرفية المستخدمة في البلاد بحلول نهاية العام الجاري".
نظام غير مستقر
لكن خبراء ماليون أعربوا عن تشاؤمهم حيال توسع استخدام بطاقات "مير". وقال تيمور نيجماتولين، المستشار الاستثماري بشركة "فينام" الروسية المالية لـ"الشرق" إن هناك نقطة مهمة وهي أن بطاقات "ماستر كارد" و"فيزا" لا تعمل في الاتحاد الروسي.
وأضاف نيجماتولين أنه "لا يمكن الحديث عن المنافسة في روسيا بين بطاقات مير وبطاقات أخرى".
ورداً على سؤال بشأن آفاق توسيع جغرافية استخدام بطاقات "مير" في العالم مستقبلاً قال نيجماتولين: "بالنسبة لأي نظام دفع، فإن النقطة الرئيسية هي استقرار البنية التحتية وإمكانية التنبؤ بعملها".
وأوضح أنه "نظراً للقيود الخارجية لطبيعة العقوبات، لا توجد إمكانية للتنبؤ بمستقبلها. على سبيل المثال الوضع في تركيا، حيث كان من الممكن في البداية سحب النقود من بطاقات مير الروسية على شكل ليرات تركية. ثم تمت إزالة هذه الميزة، ثم بدأت مناقشة الخيار الثالث، أي لا يوجد استقرار".
وأضاف أنه لا يمكن القول بأن البطاقات تستخدم في 11 دولة "لأن هذا نظام غير مستقر ولهذا السبب يحتاج إلى إكمال تطويره، أو تطوير نوع من الأنظمة البديلة".
وأكد أن "ضغط المنظمين الدوليين والمحليين على نظام الدفع الروسي كبير، وهذا يحد من تطوره. من المستحيل التنبؤ بالتطور بسبب وجود مثل هذه القيود".
وتم إنشاء نظام بطاقات الدفع الوطني، الذي يعمل بنظام الدفع "مير"، في عام 2014 بعد فرض عقوبات غربية على روسيا بشأن شبه جزيرة القرم. وبدأ إصدار البطاقات في عام 2015.