يتسابق فنانون تشكيليون ومدرسون ورجال أعمال سودانيون، إلى جانب العديد من المصريين، لإطلاق مبادرة "بتهون"، لدعم متضرري الحرب واللاجئين المهاجرين من السودان بشكل قسري، خاصة الأطفال، في ضاحية مدينة نصر شرق العاصمة المصرية القاهرة.
وقال المنسق الإعلامي لـ"بتهون" سعد التجاني لـ"الشرق" إن المبادرة ستقدم كافة الدعم المعنوي والنفسي لمتضرري الحرب، مشيراً إلى أن البداية ستكون مع الأطفال من خلال برامج متنوعة للتخلص من آثار الحرب والهجرة القسرية، إذ سيتم تدشين احتفالية خاصة بإطلاق المبادرة، الثلاثاء.
وتتنوع هذه البرامج ما بين الرسم والموسيقي والتصوير وصناعة الأفلام القصيرة والحوارات مع مشرفين نفسيين من مصر والسودان، بحسب التجاني، الذي لفت إلى أن الهدف دمج الأطفال في المجتمع الذي يعيشون فيه، وسط تزايد لأعداد المهاجرين إلى مصر في أعقاب الحرب الأخيرة.
وبدأ القتال بالخرطوم في 15 أبريل الماضي بين الجيش وقوات الدعم السريع اللذين أطاحا معاً بالرئيس السابق عمر البشير إثر احتجاجات شعبية في عام 2019، وذلك عقب خلاف على دمج قوات الدعم في الجيش في إطار انتقال ديمقراطي جديد.
"الشدة.. ستزول"
وستعمل المبادرة، وفقاً لمنسقها الإعلامي، على الاهتمام بالأسرة كأب وأم، وإدارة حوار متكامل مع أفرادها لتجاوز تلك المرحلة الصعبة، والتعايش مع الواقع الجديد وتحدياته، مؤكداً أن تلك الشدة على حد قوله "ستزول.. لكن بتكاتف الجميع".
ونزح حتى الآن حوالي 220 ألف سوداني إلى مصر عقب النزاع الأخير الذي اندلع في بلادهم، وفق آخر تصريح للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي قال إن "القاهرة استقبلت ملايين النازحين من دول مجاورة شهدت حروباً، ويتم معاملتهم كغيرهم من المصريين".
ويواجه السودانيون في مصر تحديات عدة، منها تأمين المسكن وسط غلاء لأسعار العقارات، حيث لا يزال البعض، بحسب مقابلات مع "الشرق"، يعيشون في منازل مشتركة مع أقارب أو أصدقاء لهم، فيما لا يزال آخرون يبحثون عن مسكن مناسب، ما دفع بعض الجمعيات والأهالي لمحاولة تأمين مأوى لهم.
تنسيق متعدد
من جانبها، توقعت منظمة "اليونيسف" مصر في تصريحات لـ"الشرق"، أن يكون نصف النازحين السودانيين من الأطفال، مشيرةً إلى أنها تنسق مع الحكومة المصرية والهلال الأحمر وبعض شركاء التنمية لتقديم خدمات فورية للأسر المتضررة، إلى جانب تقديم الدعم النفسي والاجتماعي إلى الأطفال بشكل خاص.
كما أجرت "اليونيسف" لقاءات جماعية مع عائلات سودانية وصلت أخيراً إلى مدينة أسوان المصرية، لفهم الاحتياجات والتحديات والأولويات، حيث تم إنشاء 3 مساحات صديقة للأطفال، واحدة داخل محطة حافلات "كركر"، واثنتان في أسوان، لتكون مركزاً لتقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي لهم.
شهادات مؤلمة
ونقلت "اليونيسف" شهادات عن بعض العائلات النازحة، إذ ذكرت إحدى الأمهات أن "طفلها يعاني من كوابيس متكررة واضطراب في النوم منذ تصاعد الصراع".
وقالت أم لأربعة أطفال إنهم تناولوا وجبة واحدة فقط خلال 4 أو 5 أيام في طريقهم من أم درمان إلى معبر "أرقين" الحدودي مع مصر.
بدورها، ذكرت أم وشقيقتها قادمتان من أم درمان، أنهم تركا كل المتعلقات بما في ذلك الأدوية، مشيرة إلى أن الابنة تعاني من مرض خطير والدواء غالي الثمن.
من جانبها، قالت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين في مصر كريستين بشاي إن المفوضية تلقت أعداداً كبيرة من طلبات اللجوء في القاهرة والإسكندرية، مشيرة إلى أنه يجري حالياً تسجيل كل الطلبات.
وأشارت بشاي في حديث لـ"الشرق" إلى أن المفوضية أطلقت برنامجاً لتقديم مساعدات نقدية طارئة للأسر الأكثر احتياجاً بخلاف تقديم المساعدات الطبية والتعليمية وفي مقدمتها تقديم المساعدات للطلاب السودانيين لدخول الامتحانات في مصر حتى لا تضيع السنة الدراسية عليهم.