حرائق الغابات بحوض البحر المتوسط تدق "ناقوس الخطر" في أوروبا

time reading iconدقائق القراءة - 7
طائرة إطفاء وسط أعمدة الدخان أثناء مشاركتها في عمليات إخماد حرائق غربي أثينا في اليونان. 20 يوليو 2023 - REUTERS
طائرة إطفاء وسط أعمدة الدخان أثناء مشاركتها في عمليات إخماد حرائق غربي أثينا في اليونان. 20 يوليو 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

تتواصل أزمة حرائق الغابات في الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط مع اشتداد حدة موجات الحرارة بالمنطقة، حيث  أودت الحرائق بحياة 34 شخصاً في الجزائر، الشهر الماضي، وتسببت في إجلاء 19 ألف شخص في اليونان.

وفي إيطاليا، تصدى رجال الإطفاء إلى 1400 حريق في 3 أيام فقط، الأسبوع الماضي. وتحاول الأسر في تونس، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى 120 درجة فهرنهايت (48.8 درجة مئوية)، التعافي بعدما التهمت النيران عشرات المنازل والأراضي الزراعية.

واختلفت الاستجابات للحرائق من دولة لأخرى، حيث اعتمد بعضها على أساطيلها الخاصة من طائرات مكافحة الحرائق، بينما طلبت دول أخرى المساعدة. وكان لدى الدول الأكثر ثراءً خطط إجلاء أكثر وضوحاً من نظيراتها الأفقر في شمال إفريقيا.

"واقع جديد مخيف"

ومع ذلك، يرى الخبراء، بحسب "واشنطن بوست"، أن الحرائق في دول البحر الأبيض المتوسط تشير إلى واقع جديد مخيف، وهو أن حرائق الغابات تزداد حدة، وأصبحت أكثر تواتراً، وتندلع في مساحات شاسعة للغاية لا يمكن احتوائها دون اتخاذ تدابير وقائية قوية. 
 
وقال كريج كليمنتس، مدير مركز أبحاث بجامعة سان خوسيه، للصحيفة: "دول جنوب أوروبا -إسبانيا، والبرتغال، واليونان، وإيطاليا- تعاني من حرائق الغابات. ولكن مع استمرار الاحتباس الحراري، نحن نتحدث عن حرائق غابات في غابات ألمانيا، والنمسا، وسلوفينيا. إنها تحدث هنا. أوروبا تعرف أن ذلك سيحدث. إنهم يستعدون لذلك ". 
 
ومع اشتداد حدة حرائق الغابات، تخوض الدول المعرضة للخطر سباقاً لتوفير الموارد. ومع ذلك، يتفق خبراء على أن هناك حدود لهذه الجهود، وأنه لا توجد دولة تمتلك الموارد الكافية لمكافحة الحرائق بمفردها.



وأوضحت "واشنطن بوست"، أن المناخ في دول البحر الأبيض المتوسط يجعلها أرضاً خصبة لحرائق الغابات، حيث تساعد فصول الشتاء الرطبة على نمو النباتات، والتي تحولها فصول الصيف الحارة والجافة إلى "صندوق مواد سريعة الاشتعال". 

 وهزت سلسلة من حرائق الغابات المدمرة أوروبا والدول المحيطة بحوض البحر الأبيض المتوسط. وفي عام 2017، تسببت الحرائق في مصرع 66 شخصاً في البرتغال. واجتاحت الحرائق بلدة ماتي الساحلية في اليونان في عام 2018، وأسفرت عن مصرع أكثر من 100 شخص. 
 
وفي أغسطس 2021، تسببت حرائق الغابات في مصرع 90 شخصاً في الجزائر. وكان هناك العشرات من الوفيات الناجمة عن حرائق الصيف في السنوات التالية. 

تباين في الموارد

وفرضت هذه الأحداث حسابات جديدة في المنطقة، ولكن الموارد لا تزال متباينة على نحو كبير. وحصلت الجزائر على أول طائرة هذا العام، بينما تمتلك إيطاليا أسطولاً يحتوي على ما لا يقل عن 19 طائرة مكافحة حرائق.

وبعد الحرائق القاتلة التي اندلعت في الجزائر في عام 2021، ألقى المدنيون باللوم على الحكومة في ارتفاع عدد القتلى.

وأوضح أنطونيو خوسيه بينتو جونسالفيس، مدير برنامج الحماية المدنية وإدارة الأراضي بجامعة مينهو البرتغالية، أن الجزائر بها مجتمعات جبلية شديدة الانحدار يصعب الوصول إليها، ما يجعلها عرضة بشكل خاص للحرائق المميتة.

وقال جونسالفيس إن الجزائر، على الرغم من أنها عززت قدراتها، لا تزال مجبرة على اتخاذ قرارات صعبة في مواجهة الحرائق واسعة النطاق.

وعملت تونس على رفع مستوى خطط الاستجابة الخاصة بها، بما في ذلك التعاون مع الخبراء بشأن وضع نظام جديد لرصد جفاف النباتات والأحوال الجوية، ولكن الاقتصاد الحالي للبلاد لا يمكنه تحمل تكاليف الصيانة الخاصة بكل ذلك، وفقاً لفلوران مويو، الباحث في مجال تغير المناخ والحرائق في المعهد الفرنس لأبحاث التنمية.

وقال مويو إن الشيء نفسه ينطبق على الجزائر، وهي أكبر بكثير من تونس وتشهد قدراً أقل من التعاون الدولي.

وتُعد اليونان دولة رائدة في المنطقة من حيث الاستجابة لحرائق الغابات، ولكن هناك تبايناً أيضاً. وقال كليمنتس، متحدثاً عن زيارة عمل إلى اليونان، إن ما علمه كزائر للمرصد الوطني لأثينا "أنهم متخلفون كثيراً من حيث تقنيات مكافحة الحرائق واستخدام علم الطقس وعلوم الحرائق". 

 ولم تعط اليونان طابعاً رسمياً للتعاون بين الدوائر الحكومية المعنية بالغابات وإطفاء حرائق إلا بعد الحرائق المميتة التي اندلعت في بلدة ماتي. وفي العام الماضي، شكلت اليونان أول مجموعة من خبراء الطقس المتخصصين في حرائق الغابات. 
 
وأضاف كليمنتس: "لقد أدليت بشهادة أمام الكونجرس بشأن الأسباب التي تجعل ما نفعله (في الولايات المتحدة) سيئاً للغاية. ولكن ما نقوم به أفضل بكثير مما يفعلونه"، مُشيراً إلى جاهزية واستجابة اليونان.

أنظمة الإنذار المبكر 

ويرى ثيودور جياناروس، وهو عالم أرصاد جوية متخصص في الحرائق وباحث في المرصد الوطني لأثينا، أن طريقة تعامل المنطقة مع الحرائق الشديدة يجب أن تتغير "بأكملها". 
 
وقال جياناروس: "يجب أن ندرك أنه غالباً ما يكون من المستحيل تقريباً إيقاف هذه الوحوش (النيران)، حتى مع وجود المزيد من القدرات. المشكلة لا تتعلق بالموارد، والمعدات، والأيدي العاملة فقط؛ لأنه عندما يقع حادثين، أو ثلاث، أو أربعة حوادث حرائق غابات كبيرة، لست متأكداً مما إذا كانت هناك آلية لإخماد الحرائق في جميع أنحاء العالم للتصدي إليها". 
 
ويرى جياناروس أن التركيز يجب أن ينصب على اتخاذ تدابير وقائية للتخفيف من حدة المخاطر، بما في ذلك أنظمة الإنذار المبكر التي تساعد على التدخل قبل أن تتحول الحرائق إلى "وحوش". 
 
وقالت "واشنطن بوست"، إن التشريع المقترح الذي يهدف إلى وضع إطار لمراقبة الغابات على مستوى الاتحاد الأوروبي تأخر إصداره لأن بعض بعض الحكومات ترى أن إدارة الغابات تعد شأناً داخلياً. 
 
وأضافت الصحيفة أن البرتغال تتميز بنهجها التطلعي، حيث خصصت 20% من ميزانيتها الخاصة بمكافحة الحرائق لجهود الوقابة قبل اندلاع الحرائق المميتة في عام 2017. ولكن الإنفاق على جهود الوقاية والإخماد يكاد يكون متساوياً في الوقت الحالي.







كما تتعاون البرتغال بشكل وثيق مع الباحثين الذين يجمعون البيانات الفورية ويدرسون أفضل الطرق لاحتواء حرائق الغابات خلال موسم الذروة.

وقال جياناروس: "لدينا المعرفة العلمية، والخدمات، ولدينا الخدمات والأدوات. ولكن للأسف لا يتم استخدامها بالكامل".

وقالت "واشنطن بوست"، إن هناك طائرتين حديثتين فقط من أصل 24 طائرة وأربع مروحيات مكافحة حرائق تتواجد في جميع أنحاء أوروبا، مشيرة إلى أن هناك عمليات شراء لزيادة عدد طائرات الهليكوبتر إلى 12 بحلول عام 2030. 

اقرأ أيضاً:

 

تصنيفات