البنك الدولي يحذر: آسيا تواجه أسوأ توقعات اقتصادية منذ نصف قرن

التدابير الحمائية التي تبنتها الولايات المتحدة وارتفاع مستويات الديون تشكل عبئاً اقتصادياً على هذه الدول

time reading iconدقائق القراءة - 6
عمال في شركة لتصنيع المحركات في مدينة تشنجتشو بمقاطعة شاندونج شرقي الصين. 31 أغسطس 2023 - AFP
عمال في شركة لتصنيع المحركات في مدينة تشنجتشو بمقاطعة شاندونج شرقي الصين. 31 أغسطس 2023 - AFP
دبي -الشرق

خفَض البنك الدولي توقعاته للنمو في الصين خلال العام المقبل، محذراً من أن معدلات النمو في الاقتصادات النامية بدول شرق آسيا من المتوقع أن تسجل أدنى مستوياتها خلال 5 عقود، وذلك في وقت تشكل فيه التدابير الحمائية التي تبنتها الولايات المتحدة وارتفاع مستويات الديون عبئاً اقتصادياً على هذه البلدان، وفق ما أوردت صحيفة "فاينانشينال تايمز".

وقالت الصحيفة البريطانية، في تقرير، إن توقعات البنك المتشائمة لعام 2024 تبرز القلق المتزايد بشأن تباطؤ الاقتصاد الصيني وإمكانية تأثيره على دول شرق آسيا، لافتة إلى أن صنَاع السياسات في بكين حددوا بالفعل أحد أدنى أهداف النمو منذ عقود لعام 2023، عند نحو 5٪.

واستناداً إلى مجموعة من المؤشرات الضعيفة لثاني أكبر اقتصاد في العالم، توقع البنك الدولي نمو الناتج الاقتصادي للصين بنسبة 4.4٪ في عام 2024، بانخفاض عن توقعه في أبريل الماضي بنسبة نمو 4.8٪.

كما خفَض البنك توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات النامية في شرق آسيا والمحيط الهادئ، بما في ذلك الصين، في عام 2024 إلى 4.5٪ من توقعاته في أبريل التي بلغت 4.8٪.

"أبطأ وتيرة نمو"

وتُظهر التوقعات أن المنطقة، التي تعد أحد محركات النمو الرئيسية في العالم، تستعد "لأبطأ وتيرة نمو" لها منذ أواخر ستينيات القرن العشرين، باستثناء الأحداث غير العادية مثل جائحة فيروس كورونا والأزمة المالية الآسيوية وصدمة النفط العالمية في السبعينيات، وفقاً للصحيفة.

ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن أديتيا ماتو، وهو كبير الاقتصاديين في البنك الدولي لشرق آسيا والمحيط الهادئ، قوله: "لقد كان الاقتصاديون يتوقعون أن يكون انتعاش الصين، بعد تخفيف الضوابط الصارمة المتعلقة بالوباء، أكثر استدامة وقوة مما تبين".

وأشار البنك إلى تراجع مبيعات التجزئة الصينية إلى ما دون مستويات ما قبل الجائحة، فضلاً عن ركود أسعار المنازل، وزيادة ديون الأسر، وتأخر استثمارات القطاع الخاص.

وحذّر ماتو من استمرار تباطؤ النمو ما لم تشرع الحكومات، بما في ذلك الصين، في إجراء إصلاحات أعمق في قطاع الخدمات، وذلك على الرغم من أن التحول بعيداً عن النمو القائم على العقارات والاستثمار لطالما شكَل تحدياً بالنسبة للعديد من الاقتصادات الآسيوية النامية.

ورأى ماتو أنه "في هذه المنطقة التي ازدهرت بالفعل من خلال التجارة والاستثمار في التصنيع، سيأتي مفتاح النمو الكبير التالي من إصلاح قطاعات الخدمات لتسخير الثورة الرقمية".

صعف الطلب العالمي

ولفتت الصحيفة إلى أن ضعف الطلب العالمي يؤثر سلباً أيضاً على معدلات النمو في هذه الدول، إذ انخفضت صادرات السلع بأكثر من 20٪ في إندونيسيا وماليزيا، وأكثر من 10٪ في الصين وفيتنام مقارنةً بالربع الثاني من عام 2022، كما أدى ارتفاع ديون الأسر والشركات والحكومة إلى تقليص آفاق النمو بشكل أكبر.

"فاينانشيال تايمز" نوهت بأن التوقعات السلبية تظهر أن جزءً كبيراً من المنطقة، وليس الصين وحدها، بدأ يتأثر بالسياسات الصناعية والتجارية الأميركية الجديدة بموجب قانوني "خفض التضخم" و"الرقائق والعلوم"، إذ ظلت منطقة جنوب شرق آسيا تستفيد على مدى سنوات من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتعريفات الجمركية التي فرضتها واشنطن على بكين، ما أدى إلى زيادة الطلب على الواردات في دول أخرى في المنطقة، وخاصةً فيتنام.

ولكن إدخال قانوني "خفض معدلات التضخم" و"الرقائق والعلوم"، وهي سياسات تهدف لتعزيز قطاع التصنيع الأميركي، وخفض اعتماد الولايات المتحدة على الصين، أثر سلباً على دول جنوب شرق آسيا، إذ انخفضت صادراتها من المنتجات المعنية إلى الولايات المتحدة، بحسب الصحيفة.

وفي تعليق على الأمر، أوضح ماتو: أن "هذه المنطقة بأسرها، التي استفادت من التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين من خلال تحويل التجارة إليها، باتت تعاني الآن من تحويل التجارة بعيداً عنها".

سياسة إدارة بايدن

ووفقاً للبنك الدولي، انخفضت صادرات الإلكترونيات والآلات من الصين ودول جنوب شرق آسيا بما في ذلك إندونيسيا وفيتنام والفلبين وماليزيا وتايلاند بعد دخول السياسات الحمائية التي تبنتها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حيز التنفيذ.

وفي المقابل، فإن معدلات تجارة الولايات المتحدة مع دول مثل كندا والمكسيك، والتي بخلاف الصين وجنوب شرق آسيا معفاة من متطلبات المحتوى المحلي المرتبطة بإعانات الدعم الأميركية، لم تتراجع.

وأضاف ماتو: "المعاملة بموجب هذه الأحكام تنطوي على تمييز ضد البلدان التي لا تُعفى من متطلبات المحتوى المحلي".

وتسارع دول جنوب شرق آسيا المعنية بالدفاع عن نفسها، إذ انتقدت شركات إندونيسية الاستبعاد الذي وصفته بأنه "غير منصف" للمعادن الحيوية في بلدها، من حزمة إعانات أميركية ضخمة للتكنولوجيا الخضراء.

وتمتلك إندونيسيا أكبر احتياطيات من النيكل في العالم، وهو عنصر بالغ الأهمية لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، وتحاول جاكرتا التفاوض على بند يجعل صادراتها من المعادن مؤهلة للحصول على معاملة مماثلة لكندا أو المكسيك.

وعلى نحو مماثل، قالت مجموعات ضغط تجارية في فيتنام أن الولايات المتحدة ينبغي أن توسع نطاق مزايا الائتمان الضريبي للسيارات الكهربائية إلى هانوي، لا سيما بعد أن عزز البلدان مستوى العلاقات بينهما رسمياً الشهر الماضي، إذ تعد الولايات المتحدة السوق الأكبر لفيتنام، ولكن الشحنات انخفضت بنسبة 19.1٪ خلال الفترة من يناير إلى أغسطس من هذا العام، مقارنةً بارتفاعها بنسبة 13.6٪ في عام 2022.

تصنيفات

قصص قد تهمك