مع انطلاق فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP 28) في دبي، تبرز الاتهامات المتبادلة بين الدول بشأن مسؤولية كل منها عن التغير المناخي الناتج عن تزايد انبعاثات غاز الدفيئة، وما الذي يعنيه ذلك من المطالبة بدفع تعويضات عن الدول الأكثر تضرراً من تداعيات التغير المناخي.
وتبرز الاتهامات الموجهة إلى الصين باعتبارها أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة، وغالباً ما تعد استراتيجيتها المناخية الرامية إلى تحقيق تحييد أثر انبعاثات الكربون حاسمة لمستقبل الكوكب.
ما كمية الانبعاثات التي تصدرها الصين؟
في العام 2021، أطلقت الصين 14,3 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، وفق بيانات لمعهد بوتسدام لبحوث آثار تغير المناخ استناداً إلى أرقام أداة "كلايمت ووتش".
وهذا الرقم يجعل من الصين أكبر مصدر للانبعاثات في العالم. ومع الأخذ في الاعتبار الانبعاثات التراكمية للبلدان، تظهر الصين في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.
وتؤكّد الوكالة الدولية للطاقة أن لا "سيناريو معقولاً" يمكن من خلاله حصر الاحترار عند 1,5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة من دون الصين.
من أين تأتي الانبعاثات؟
تفيد الوكالة الدولية للطاقة بأن الفحم هو مصدر نصف انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الصين التي تولد من خلاله 60% من احتياجاتها من الكهرباء.
والصناعة مسؤولة عن 36% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، في حين يساهم قطاع النقل بنسبة 8% والبناء بنسبة 5%.
وتعمل الصين على زيادة قدراتها لتوليد الطاقة المتجددة بوتيرة قياسية، خصوصاً الطاقة الشمسية، لكن الأخيرة لم تلب حتى الآن سوى الطلب المتزايد على الكهرباء، أي أنها لم تحل مكان قدرات أحفورية.
قد يكون 2024 عام التغيير. بحسب دراسة أجراها موقع "كاربون بريف"، فالزيادة في قدرات توليد الطاقة المتجددة والزيادة المتوقعة في إنتاج الطاقة الكهرومائية من شأنهما "تقليل إنتاج الكهرباء من الوقود الأحفوري؛ وبالتالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون" من الصين بدءاً من العام 2024.
ما أهداف الصين المناخية؟
في العام 2020، تعهّد الرئيس الصيني شي جينبينج أن تحاول بلاده الوصول إلى ذروة انبعاثات الكربون قبل العام 2030 وتحقيق "تحييد أثر انبعاثات الكربون" بحلول العام 2060.
وفي العام التالي، تعهد وضع حد لتمويل وإنشاء محطات جديدة عاملة بالفحم في الخارج، وأعلن خطة لخمس سنوات بأهداف جديدة.
ثم التزمت الصين خفض انبعاثاتها نسبة إلى ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 65% مقارنة بالعام 2005 مع هدف الوصول إلى إنتاج أكثر من 1200 جيجا وات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول العام 2030.
وفي العام 2021، تمكّنت البلاد من إنتاج 1056 جيجا وات بالطاقات النظيفة، وفقاً للوكالة الدولية للطاقة، متقدمة بفارق كبير عن الولايات المتحدة (345 جيجا وات).
وفي نوفمبر، كشفت بكين خطة للسيطرة على انبعاثات غاز الميثان، لكن دون تحديد أهداف معينة.
هل الصين على الطريق الصحيح؟
بشكل عام، يؤكّد الخبراء أن الصين ستحقق أهدافها المناخية، لكن ذلك يعود جزئياً إلى أن طموحاتها ليست كبيرة بما يكفي.
وقال 70% من 89 خبيراً شملهم استطلاع، أجرته مؤسسة "سنتر فور ريسيرتش أون إنرجي أند كلين إير" للبحوث، إنهم يعتقدون أن الصين ستصل إلى ذروة انبعاثاتها قبل العام 2030.
وكان برنامج الأمم المتحدة للبيئة قال، في نوفمبر، إن الصين "ستحقق على الأرجح" أهدافها، مشيراً إلى أن أكثر من نصف قدرات توليد الكهرباء تأتي الآن من مصادر غير أحفورية.
وقد حقِّق هذا الهدف قبل الموعد المحدد (2025) ومن المتوقع أن تستمر هذه الحصة في النمو.
لكن من المتوقع أيضاً أن يرتفع الطلب على الطاقة، وقد أدت المخاوف بشأن العرض إلى توسّع القدرات المرتبطة بالفحم، بحسب المصدر نفسه، ما يهدد التقدم الذي أحرزته البلاد بحسب الخبراء.
ورغم الوعود التي قطعها الرئيس الصيني في ما يتعلّق بالفحم، أبدت الصين تردداً في التعامل مع أي صيغة تقترح التخلص أو حتى الحد من استخدام الوقود الأحفوري، وهي مسألة يرجح أن تكون نقطة تفاوض رئيسية في محادثات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "COP28"