لبنان.. أضرار القصف الإسرائيلي تطال الأراضي الزراعية ومصادر المياه

استخدام إسرائيل للقذائف الفوسفورية يتسبب في حرائق ضخمة بالأراضي الزاعية والغابات

time reading iconدقائق القراءة - 7
مصورون صحافيون يوثقون القصف الذي تعرضت له قرية علما الشعب اللبنانية الحدودية من قبل الجيش الإسرائيلي. 13 أكتوبر 2023 - Reuters
مصورون صحافيون يوثقون القصف الذي تعرضت له قرية علما الشعب اللبنانية الحدودية من قبل الجيش الإسرائيلي. 13 أكتوبر 2023 - Reuters
بيروت -عماد عاصي

منذ 8 أكتوبر الماضي، يشهد لبنان عمليات قصف خلال المواجهات الحدودية بين حزب الله والقوات الإسرائيلية، وفي وقت تتواصل فيها الاشتباكات والقصف المدفعي، تتعدى الأضرار على الجانب اللبناني الخسائر البشرية وتدمير الممتلكات، إذ تتعرض الأراضي الزراعية والغابات ومصادر المياه لمخاطر كبيرة، جراء استخدام إسرائيل قذائف الفوسفور الحارقة.

وذكرت مصادر لـ"الشرق"، أن الهدف الإسرائيلي المباشر من استخدام هذه القذائف المحرمة دولياً هو "إشعال النيران في الغابات المتاخمة للخط الأزرق، لتصبح المنطقة مكشوفة، وبالتالي سهولة رصد تحركات المجموعات المقاتلة لحزب الله ومنصات الصواريخ، لكن لهذا الأمر انعكاسات خطيرة على الإنسان والأرض والثروة الحيوانية".

وعلى امتداد الخط الذي أقرته الأمم المتحدة عام 2005، ويحُدد مسافة الانسحاب الإسرائيلي من لبنان بطول 120 كيلو متراً، تتعرض القرى والبلدات اللبنانية الجنوبية لأخطار كبيرة، من الناقورة وعلما الشعب والضهيرة في القطاع الغربي، إلى رامية وعيتا الشعب ورميش ويارون وعيترون وميس الجبل وبليدا وحولا ومركبا وعديسة والطيبة ودير ميماس في القطاع الأوسط، وصولاً إلى الوزاني والخيام والميري وحلتا وكفرشوبا وجبل السدانة والهبارية وشبعا وسهل الخيام في القطاع الشرقي، حيث القنابل الفوسفورية تنهال من الجانب الإسرائيلي مسببة حرائق وأضرار في المنطقة.

وبحسب آخر تقرير لوزارة الزراعة اللبنانية، فإن القصف الإسرائيلي بالقنابل الفوسفورية على جنوب لبنان أدى إلى اندلاع 584 حريقاً طال مساحة تفوق 1620 دونماً، حيث تضرر 5200 دونم من الأراضي الزراعية والغابات، بينما استُهدفت أكثر من 63 ألف شجرة زيتون، إضافة إلى أشجار الصنوبر والسنديان، كما تم تدمير ما يزيد عن 600 متر مربع من مستودعات الأعلاف.

كما أدى القصف الإسرائيلي، إلى القضاء على 250 قفير نحل، وتدمير أكثر من 82 خيمة بلاستيكية، ونفوق حوالي 700 رأس غنم وماعز وبقر، وحوالي 300 ألف طير.

تحرك رسمي لمقاضاة إسرائيل

كانت وزارة الخارجية اللبنانية، وجهت بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة إلى تقديم شكوى إلى مجلس الأمن الدولي تُدين استخدام إسرائيل للفوسفور الأبيض في اعتداءاتها المتكررة ضد لبنان، وقيامها عمداً بحرق الأحراج والغابات اللبنانية والأراضي الزراعية.

كما تعمل وزارتا الزراعة والبيئة على توثيق كافة الاعتداءات والانتهاكات الحاصلة على المساحات الزراعية والغابات على الحدود الجنوبية، لإعداد ملف كامل يوضح حجم الأضرار التي طالت هذين القطاعين، وانعكاس ذلك على عدّة قطاعات أخرى، وذلك تمهيداً لتقديم شكوى موثّقة ضد سياسة "الأرض المحروقة" واستخدام الفوسفور التي تنتهجها إسرائيل، بحسب وصف الحكومة اللبنانية.

وفي حديث لـ"الشرق"، أكد النائب في البرلمان اللبناني، عبد الرحمن البزري، أنها "ليست المرة الأولى التي يعتمد فيها جيش الاحتلال الإسرائيلي على استخدام أسلحة ممنوعة ومحرمة في الحروب، ومن بينها قنابل الفوسفور، فقد استخدمها سابقاً في جنوب لبنان وغزة وغيرها من الأماكن".

وأشار إلى مخاطر استخدام هذا النوع من القنابل قائلاً "بالنسبة للطبيعة والبيئة، يحرق الفوسفور الكثير من المحاصيل والأشجار المثمرة، وهذا ما أدى إلى تدمير ما لا يقل عن 50 أو 60 ألف شجرة مثمرة في الجنوب، والقضاء على محاصيل عديدة من الأشجار المثمرة، إضافة إلى الكثير من المساحات الخضراء، وهو سلاح يستخدم من قبل العدو الإسرائيلي لكشف المنطقة التي هي في مواجهته".

أضرار الفوسفور على الإنسان

من ناحية أخرى، قال البزري وهو أخصائي الأمراض الجرثومية إن الضرر على الطبيعة سيؤدي في المحصلة إلى الإضرار بالإنسان، إذ أن "الفوسفور الأبيض هو مادة عضوية تتفاعل مع التغيرات المناخية، ولو كنا الآن في فصل الصيف لكان التفاعل أخطر، لأن الحرارة تصل إلى 30 درجة، بحيث تحفظ الفوسفور الأبيض لمدة طويلة، وتؤدي إلى الاحتراق والتفاعل".

وتابع "أما درجات الحرارة المنخفضة كما هو الحال في الشتاء الحالي، فبإمكانها أن تجعل الفوسفور غير فاعل، لكنه قابل للنشاط أيضاً، وهذا يعتمد على كمية الأمطار والمياه المتساقطة، أي أنه في حال كانت كمية المياه كبيرة جداً في الطبيعة وجرفت الفوسفور الأبيض، بالتالي تُخفف الكثير من تأثيراته وتمنع تفاعله، بينما إذا كانت كمية المياه قليلة جداً، فإنها قد تؤدي إلى تسهيل التفاعل الكيميائي".

وعن الإصابات التي يتسبب فيها الفوسفور الأبيض، لفت النائب في البرلمان اللبناني، إلى أن هناك 3 أنواع من الإصابات نتيجة التعرض المباشر للفوسفور الأبيض، أولها الحروق العميقة، والتي تحتاج إلى أطباء مختصين، لأن بعض المواد التي تستخدم في علاج الحروق بإمكانها ان تتفاعل مع الفوسفور الأبيض، وتُسبب حروقاً أكبر وأعمق وأكثر خطورة، وهناك أيضاً الحروق الكيماوية ذات الخطورة الكبيرة.

أما النوع الثاني من الإصابات فهو استنشاق مواد كيماوية نتيجة التعرض للفوسفور، والذي يؤدي إلى إصابات خطيرة في الأجهزة التنفسية بما في ذلك الرئتان، وأخطرها، وفقاً للبزري، ما يُطلق عليه "ذات الرئة الكيماوية" والتي قد لا تفيد فيها أي من الأدوية.

وتابع "لعلّ أخطر أنواع التفاعل نتيجة هذه الإصابات هو ما يسمى (بلع الفوسفور الأبيض)، ويُعتبر نادر الحدوث، ويُصيب الإنسان عند تناول مأكولات أو خضار تسرب إليها الفوسفور الأبيض أو أن تلامس الأيدي الملوثة الفم، وقد يؤدي تفاقم هذه الإصابات إلى الوفاة.

وشدد النائب في البرلمان اللبناني، على أهمية التحرك الرسمي لمواجهة خطر الفوسفور التي تستخدمه إسرائيل في قصف المناطق الحدودية، وقال البزري "يجب رفع دعاوى، لأن استخدم هذه المواد، وعلى لبنان أن يُطالب بتعويضات"، مستذكراً ما حدث عام 2006 عندما "تم تدمير خزانات النفط في منطقة الجية، ما أسف عن حدوث تلوث في مياه البحر".

وأضاف "انتزع لبنان آنذاك حكماً بـ900 مليون دولار كتعويض عن الأضرار، لكن العدو لم يدفع ولا اكترث حتى لذلك".

تقرير منظمة العفو الدولية

كانت منظمة العفو الدولية أصدرت الشهر الماضي تقريراً أكدت فيه "إطلاق الجيش الإسرائيلي قذائف مدفعية تحتوي على الفوسفور الأبيض، خلال العمليات العسكرية على طول حدود لبنان الجنوبية".

وقالت المنظمة في تقرير إن استخدام الجيش الإسرائيلي للفوسفور الأبيض ينتهك القانون الدولي الإنساني. ووثقت المنظمة في تقريرها "الاستخدام غير القانوني للفوسفور الأبيض من قبل الجيش الإسرائيلي في قصفه لبلدة الضهيرة في لبنان يوم 16 الماضي"، لافتةً إلى أن مختبر أدلة الأزمات، التابع لها تُحقق في مقاطع فيديو وصور تُظهر احتواء قذائف مدفعية أصابت بلدة الضهيرة على دخان الفوسفور الأبيض.

كما أشار التقرير إلى أن فريق المنظمة حصل على أدلة دامغة، تشمل صوراً ومقاطع فيديو، تُوثق استخدام الفوسفور الأبيض في 3 هجمات أخرى على الحدود، وقعت في الفترة ما بين 10 و16 أكتوبر، في بلدات الضهيرة، والماري، وعيتا الشعب.

ودعت المنظمة، الجيش الإسرائيلي، إلى "الكف فوراً عن استخدام الفوسفور الأبيض"، خصوصاً في المناطق المأهولة بالسكان.

تصنيفات

قصص قد تهمك