أوكرانيا تدخل مرحلة جديدة من الحرب.. تحصينات تحسباً للهجوم المضاد

time reading iconدقائق القراءة - 11
كبار القادة في الجيش الأوكراني على خطوط الجبعة في شرقي البلاد. 14 فبراير 2024 - AFP
كبار القادة في الجيش الأوكراني على خطوط الجبعة في شرقي البلاد. 14 فبراير 2024 - AFP
دبي -الشرق

دخلت أوكرانيا مرحلة جديدة في الحرب مع روسيا، من أجل التصدي لموسكو الأفضل تسليحاً والأكبر عدداً، إذ يحفر الجيش في المنطقة الواقعة غرب مدينة أفدييفكا الشرقية، لإنشاء خنادق متعددة الطبقات، وأخرى مضادة للدبابات، وفق تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الخميس.

وأضافت الصحيفة أن الأوكرانيون يحاولون تكرار إنشاء نفس التحصينات التي بناها الروس على جانبهم من الجبهة قبل أكثر من عام، والتي كان لها فعالية كبيرة في إحباط هجوم كييف، الصيف الماضي.

وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا تهاجم القوات الأوكرانية الآن في عدة نقاط على طول خط المواجهة الذي يبلغ طوله 600 ميل، وذلك في إطار سعيها للاستفادة من سيطرتها مؤخراً على أفدييفكا، التي تمثل أول انتصار كبير تحققه في ساحة المعركة منذ أشهر.وتعلم روسيا أن الوحدات العسكرية الأوكرانية، باتت تعاني نقص الجنود والذخيرة، وسط إخفاق الولايات المتحدة وأوروبا في إعادة تسليحها بسرعة.

ويرى المسؤولون والقادة العسكريون في كييف، أن التكتيك الروسي الحالي يهدف إلى الاستفادة من تقدم موسكو في ساحة المعركة، قبل هجومها الكبير المحتمل في وقت مبكر من الربيع المقبل.

في المقابل، يعمل الجيش الأوكراني، الذي يكافح من أجل الرد على الهجمات الروسية، لحشد ذخيرته والبحث عن فرص لضرب قوات روسيا أثناء تحركها، وهو النهج المعروف باسم "الدفاع النشط".

وقال قائد القوات البرية الأوكرانية أولكسندر بافليوك، الأربعاء، إن قيادة الجيش تعمل على تحقيق الاستقرار على خط المواجهة، وتشكيل وحدات قتالية من أجل إطلاق "هجوم مضاد جديد" في وقت لاحق من العام الجاري 2024.

وشنت أوكرانيا في صيف 2023 هجوماً مضاداً على القوات الروسية التي تسيطر على أجزاء واسعة من شرق البلاد، لكن ذلك الهجوم واجه خطوط دفاع روسية قوية استنفدت موارد الجيش الأوكراني، ما حال دون مساعي محاولة استعادة المناطق التي تسيطر عليها روسيا.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن نائب قائد اللواء الهجومي الثالث في الجيش الأوكراني ماكسيم زورين، والذي انسحب من أفدييفكا الشهر الماضي، قوله إن "ما يحدث الآن هو ما أمضت روسيا وقتاً طويلاً في الاستعداد له؛ فقد جمعت ما يكفي من القوات والموارد للضغط على محاور مختلفة في وقت واحد".

وأعلنت أوكرانيا في نوفمبر الماضي، عن حملة لبناء شبكة واسعة من التحصينات على طول الخطوط الأمامية، خاصةً في المناطق القريبة من أفدييفكا.

بناء التحصينات الأوكرانية

ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تسريع عملية البناء، وحث الشركات الخاصة، والجهات المانحة على المشاركة فيها، وقال في ذلك الوقت: "نحن بحاجة إلى الحفر، وتسريع وتيرة البناء على جميع الجبهات الرئيسية". 

وقال رئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال، الاثنين الماضي، إنه تم تخصيص ما يقرب من 31 مليار هريفنيا (نحو 800 مليون دولار) من أجل بناء هذه التحصينات.

ولكن المسؤولين الغربيين، والجنود الأوكران يقولون إن هذه الحملة لم تسفر عن نتائج مهمة بعد، كما أن عدم إحراز تقدم فيها يشكل عائقاً بالنسبة لكييف مع تصعيد روسيا للهجمات، حيث تمكنت موسكو في الأيام الأخيرة من طرد القوات الأوكرانية من مجموعة من القرى الواقعة غرب أفدييفكا، رغم أن التلال والمسطحات المائية هناك كان من الممكن أن تمثل عقبات طبيعية يسهل على كييف الدفاع من خلالها.

ونقلت الصحيفة عن فرانز ستيفان جادي، وهو محلل دفاعي مقيم في فيينا، وتجول مؤخراً في مناطق الخطوط الأمامية في منطقة دونباس الشرقية، قوله: "الافتقار إلى الدفاعات متعددة الطبقات على طول خط المواجهة، يمثل مصدر قلق لكييف، وهو ما سيؤدي إلى جعل الوضع حرجاً للغاية بالنسبة لقواتها".

ويقول الجنود في المنطقة، إن القوات المُكلَفة بمهام قتالية باتت تضطر إلى حفر الخنادق، وهو غالباً ما يكون تحت إطلاق النار.

وقال زورين: "في ظل الظروف التي نشهدها الآن، علينا أن نحفر ونحصن ونبني بأنفسنا"، معرباً عن أمله في أن يصبح خط الدفاع عن مدينة بوكروفسك جاهزاً بشكل كافٍ، لمواجهة الهجوم الروسي المتوقع في الأسابيع المقبلة.

وعندما شنَّت القوات الأوكرانية هجومها الكبير في الصيف الماضي، سرعان ما تعثرت في شبكة العقبات المعقدة التي أمضت روسيا أشهراً في الإعداد لها؛ إذ تضمن خط دفاعها الرئيسي خنادق متعددة الطبقات، وأخرى مضادة للدبابات، وحواجز من كتل خرسانية، وحقول ألغام واسعة النطاق، ثبت أنه من المستحيل تقريباً اجتيازها.  

وأصبح بناء مثل هذه التحصينات أمراً بالغ الأهمية بالنسبة لأوكرانيا في الوقت الحالي، خاصةً وأنها تكافح أيضاً لحشد القوات، وذلك بالنظر إلى أن تعديل قانون التعبئة الذي يهدف إلى توسيع قاعدة المجندين، وخفض سن التجنيد إلى 25 عاماً، ما زال عالقاً في البرلمان.

وقال ميخايلو بودولياك، وهو أحد كبار مساعدي زيلينسكي، الشهر الماضي، إن حوالي 300 ألف جندي فقط من الجيش الأوكراني، البالغ قوامه مليون جندي، شاركوا في القتال الفعلي.

تقدم روسي على الأرض

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول كبير في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لم تكشف هويته، قوله إن "القادة الروس يكافحون من أجل تنسيق الجهود المشتركة المعقدة؛ إذ أنهم يصدرون الأوامر لوحدات تعاني من نقص في العدد والخبرة لتحقيق أهداف غير واقعية بسبب الضغوط السياسية".

وأضاف المسؤول: "في حين أن الدفاعات الأوكرانية تبدو غير منتظمة، فإننا لا نرى أن روسيا لديها القدرة على استغلال الاختراقات، وتحقيق مكاسب كبيرة".

ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، فإنه مع ذلك، تمكنت روسيا من إحراز تقدم على الأرض، إذ أنها تتقدم على طول 4 محاور مختلفة في شرق أوكرانيا، وتدفع آلاف الجنود إلى القتال في محاولة لصد القوات الأوكرانية التي لم يكن لديها الوقت الكافي، لإنشاء خطوط دفاعية قوية. كما أن الطقس الجاف على نحو غير عادي ساعد في تسهيل تقدم موسكو، وذلك عكس التوقعات بأن الطين، الذي عادةً ما يكون شائعاً في أواخر فبراير، قد يعوق تقدمها.

وقالت دارا ماسيكوت، وهي خبيرة في شؤون الجيش الروسي في مركز كارنيجي للسلام الدولي، إن أوكرانيا ليس لديها سوى عدد قليل من المعاقل العسكرية المتبقية في دونباس، وهذا يعني أنه مع كل تقدم روسي سيتعين عليها أن تتراجع إلى مواقع غير مهيأة للدفاع. 

ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم الجيش الأوكراني سيرهي تشيريفاتي، قوله إن روسيا تطلق 7 قذائف مدفعية مقابل كل قذيفة تطلقها أوكرانيا.

ويقول ميكولا بيليسكوف، وهو باحث في المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية المرتبط بالحكومة في كييف، إن موسكو تريد إنهاك القوات الأوكرانية، وشن هجمات على طول خط المواجهة بدلاً من الهجمات واسعة النطاق التي تهدف إلى الاستيلاء على أراضٍ جديدة، مشيراً إلى أن هذا النهج يهدف إلى استنزاف عدد الجنود في كييف، وإجبارها على استخدام الذخيرة الثمينة الموجودة بحوزتها.

وتابع: "هم في وضع مريح للغاية، ويمهدون الطريق لتحقيق تقدم كبير في النصف الثاني من هذا العام".

خسائر الجيش الروسي في أوكرانيا

وبينما تعاني أوكرانيا مشكلات في عدد القوات، فإن روسيا تضيف حوالي 30 ألف فرد إلى جيشها كل شهر، وفقاً لكيريلو بودانوف، وهو رئيس الاستخبارات العسكرية الأوكرانية.

ولكن موسكو تفقد أيضاً قواتها بوتيرة سريعة، ودفعت روسيا ثمناً باهظاً للسيطرة على أفدييفكا، إذ يقول أحد المدونين العسكريين الروس إن 16 ألف جندي لقوا حتفهم في العملية، كما أنها فقدت أكثر من 400 دبابة وغيرها من المدرعات الثقيلة، بحسب المسؤول في الناتو الذي تحدث إلى الصحيفة.

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في إحاطة استخباراتية، هذا الأسبوع، إن ما معدله 983 جندياً، إما قضوا أو أُصيبوا في أوكرانيا بشكل يومي، خلال شهر فبراير الماضي، وهو أعلى معدل للخسائر البشرية منذ أن بدء الحرب في أوكرانيا قبل عامين.

ويقول زورين: "لست متأكداً من مدى قدرتهم (الروس) على الحفاظ على وتيرة التقدم هذه لفترة طويلة، وذلك لأن خسائرهم تبدو جنونية ومن الصعب استيعابها، ولكنهم في الوقت الحالي لديهم القدرة على القيام بذلك".

تصنيفات

قصص قد تهمك