دبي -الشرق
دخل المفاعل الثاني من مفاعلين نوويين جديدين في ولاية جورجيا الأميركية، الاثنين، مرحلة التشغيل التجاري، متوجاً مشروعاً كلف مليارات الدولارات واستغرق سنوات أطول مما كان متوقعاً في الأصل،
ووفق ما أفادت به شبكة ABC News، فقد أعلنت شركة Georgia Power وشركاؤها المالكون عن تحقيق إنجاز بارز بالنسبة للوحدة الرابعة في محطة "فوجتل" Vogtle، والتي تنضم إلى مفاعل جديد سابق جنوب شرقي مدينة أوجستا في تقسيم الذرات لإنتاج كهرباء خالية من الكربون، ما سيساهم في قلب آفاق الطاقة النووية في الولايات المتحدة على المدى القريب رأساً على عقب.
وبدأت الوحدة 3، التشغيل التجاري في الصيف الماضي، لتنضم إلى مفاعلين قديمين ظلا قائمين في الموقع منذ عقود، وهما أول مفاعلين نوويين تم بناؤهما في الولايات المتحدة منذ عقود.
ومن المتوقع أن تكلف مفاعلات "فوجتل" الجديدة، شركة "جورجيا باور" وثلاثة مالكين آخرين 31 مليار دولار، إضافة إلى مبلغ 3.7 مليار دولار التي دفعها المقاول الأصلي لشركة Westinghouse لأصحاب Vogtle للابتعاد عن البناء، ليصل المجموع إلى 35 مليار دولار.
ودفع عملاء الكهرباء في جورجيا بالفعل المليارات مقابل ما قد يكون أغلى محطة للطاقة على الإطلاق، إذ كان من المتوقع في الأصل أن تبلغ كلفة المفاعلات 14 مليار دولار، وأن يتم الانتهاء منها بحلول عام 2017.
تغيير مفاهيم الطاقة النووية
ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن محطة "فوجتل" تعد الآن أكبر محطة نووية في الولايات المتحدة، وتحتوي على أكبر مولد للكهرباء خالٍ من الكربون، ويأتي إتمام هذا المشروع مع تغير المفاهيم العامة للطاقة النووية.
ويستطيع كل من المفاعلين الجديدين توصيل الطاقة إلى نحو 500 ألف منزل، إذ أدت تجربة "فوجتل" إلى إضعاف حماس صناعة المرافق لمتابعة المشاريع النووية، وبدلاً من ذلك بدأت المرافق في جميع أنحاء الولايات المتحدة في إدراج الجيل القادم المقترح من المشاريع النووية في تخطيطهم طويل الأمد.
وتتمثل الفكرة وراء ما يسمى بـ "المفاعلات المعيارية الصغيرة" SMRs في أنها قد تقدم "بدائل أوفر"، لأن بنائها يمكن أن يتم داخل مصنع ليتم لاحقاً شحنها إلى الموقع.
ورغم ذلك، لم يقم أحد بتسليم مفاعلات معيارية صغيرة في الولايات المتحدة، وسيتعين على هذه الصناعة أيضاً أن تثبت قدرتها على التنفيذ بتكاليف معقولة ووفق جداول زمنية معقولة أيضاً.
وفي الولايات المتحدة، يمكن أن تتضمن مشاريع المفاعلات المعيارية الصغيرة شركة TerraPower المملوكة للملياردير بيل جيتس، والتي تخطط لبناء أول مفاعل نووي لها في ولاية وايومنج، كما دعم الرئيس التنفيذي لشركة Open AI، سام ألتمان، شركة Oklo، الناشئة والتي تعمل في مجال الانشطار النووي وتخطط لطرح اسمها للاكتتاب العام من خلال الاندماج مع شركته للاستحواذ لأغراض خاصة.
طاقة خالية من الكربون
وفي الإطار، عبر حاكم ولاية جورجيا بريان كيمب، عن امتنانه لـ"هذا الإنجاز التاريخي الذي حققته شركة جورجيا باور وشركاؤها"، في حين قال الرئيس التنفيذي لشركة Southern Co المالكة لشركة Georgia Power كريس ووماك، إن محطة "فوجتل" ستجعل الشبكة الكهربائية في الولاية أكثر موثوقية ومرونة وتساعد المرافق على تحقيق هدفها المتمثل في التخلص من انبعاثات الكربون بحلول عام 2050.
وأضاف ووماك في بيان، أن "الوحدات الجديدة هذه لن تدعم الاقتصاد داخل مجتمعاتنا الآن وفي المستقبل فحسب، بل إنها تثبت قيادتنا النووية العالمية، إذ يستطيع كل من المفاعلين الجديدين توفير الطاقة لنحو 500 ألف منزل وشركة دون إطلاق الكربون".
وتابع: "حتى أن بعض معارضي فوجتل قالوا إن الولايات المتحدة لا تستطيع تحقيق كهرباء خالية من الكربون دون الطاقة النووية، لكن شركة جورجيا باور، مثل غيرها من المرافق، تخطط لبناء المزيد من محطات توليد الوقود الأحفوري في السنوات المقبلة".
وتظهر الحسابات أن كهرباء "فوجتل" لن تكون أبداً أرخص من المصادر الأخرى التي كان من الممكن أن يختارها أصحابها، حتى بعد أن خفضت الحكومة الفيدرالية تكاليف الاقتراض من خلال ضمان سداد قروض بقيمة 12 مليار دولار.
بدورها، قالت المديرة التنفيذية لمجموعة Georgia Watch، ليز كويل: "نأمل، على الرغم من التأخير سبع سنوات وتجاوز الميزانية بالمليارات، أن تحقق الوحدتان الجديدتان في فوجتل أداءً جيداً على مدار السنوات الـ 80 القادمة على الأقل، لتبرير الكلفة المفرطة".
وبحسب "وول ستريت جورنال"، فإن الولايات المتحدة تخطط لمحاولة إعادة تشغيل محطة نووية مغلقة للمرة الأولى، إذ تقدم وزارة الطاقة 1.52 مليار دولار لضمان قرض لتمويل إعادة تشغيل مفاعل بقدرة 800 ميجاوات في ولاية ميشيجان تم إغلاقه منذ عامين.
وقال جاكوبو بونجيورنو، أستاذ الهندسة النووية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT، إن "محاولة أميركية أخرى لبناء مفاعل كبير قد تسير بسلاسة أكبر"، مرجعاً ذلك إلى "الدروس المستفادة وتحسين سلاسل التوريد".
وأضاف: "لقد اجتزنا الكثير والكثير من الصعاب في هذا المشروع، وهذا هو الوقت المناسب للاستفادة من التجربة"، مشيراً إلى أن الانتظار لخمس سنوات للبدء في محاولة أميركية أخرى يعني مرة أخرى خسارة الخبرة الأميركية في بناء مشاريع نووية كبيرة.
وقد تؤدي الإعفاءات الضريبية الفيدرالية المتاحة في الوقت الراهن لمنتجي الطاقة النووية إلى تغيير التوقعات، حيث تستطيع المحطات القائمة الآن الحصول لأول مرة على إعفاء ضريبي على الإنتاج، مماثل لما تحصل عليه مشاريع إنتاج الطاقة من الرياح.
ويمكن تعزيز الإعفاءات الضريبية بأشياء من قبيل دفع أجور أعلى، أو التواجد في مجتمع وقود أحفوري سابق، أو استخدام محتوى محلي أثناء البناء.
تصنيفات
