حرب غزة.. طلاب يكافحون لمواصلة التعليم تحت النيران وفي الشتات

time reading iconدقائق القراءة - 6
آثار القصف الإسرائيلي تظهر على أحد مباني جامعة القدس المفتوحة شمال غزة فيما تتوقف آليات عسكرية داخل الجامعة - facebook/Palestinian.MOHE
آثار القصف الإسرائيلي تظهر على أحد مباني جامعة القدس المفتوحة شمال غزة فيما تتوقف آليات عسكرية داخل الجامعة - facebook/Palestinian.MOHE
المواصي (غزة) -رويترز

يجلس تلاميذ القرفصاء على الرمال وهم يحضرون فصولاً دراسية في خيمة قرب خان يونس بقطاع غزة، وتتعلم شقيقتان بالتواصل عبر الإنترنت مع مدرسة في الضفة الغربية من مصر، ويساعد أستاذ في ألمانيا طلاباً فلسطينيين على التواصل مع جامعات أوروبية.

تلك أمثلة على ما يبذله سكان قطاع غزة، الذين لا يزالون داخله ومن اضطروا للخروج، من جهد لاستكمال دراستهم، ومواصلة التعلم بعد إغلاق مدارسهم، وجامعاتهم بسبب ما لحق بها من أضرار، أو دمار كامل خلال الحرب المستمرة منذ أكثر من 7 أشهر.

وقالت أسماء الأسطل، وهي معلمة متطوعة في المدرسة القريبة من ساحل القطاع بالمواصي، والتي افتُتحت داخل خيمة في أواخر أبريل: "افتتحنا المدرسة بشكل تطوعي وجهود خاصة من إخوتنا في مصر، من شقيقاتنا وأصحابنا، نحن اليوم نستقبل الطلبة ولدينا قوائم انتظار طويلة.. هناك أعداداً كبيرة لم نتنمكن من استيعابها".

وأضافت أنهم سيواصلون استقبال الأطفال لتعليمهم بدلاً من تفويت عام دراسي كامل في ظل الحرب.

ويتملك سكان قطاع غزة القلق من حجم الأضرار التي لحقت بمنظومة التعليم نتيجة الحرب الإسرائيلية المدمرة على القطاع المحاصر.

ومعدلات التعليم في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة مرتفعة وفقاً للمقاييس الدولية، لكن قطاع التعليم يواجه متاعب، ويفتقر إلى الموارد بسبب الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، وجولات الصراع المتكررة.

مدارس تحت القصف

وتعرضت المدارس للقصف، أو تحولت إلى ملاجئ للنازحين منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، ما حرم ما يقدر بنحو 625 ألف طفل في سن المدرسة بقطاع غزة من حضور الفصول الدراسية.

أما مؤسسات التعليم العالي في القطاع وعددها 12، فقد تعرضت جميعها للدمار، أو لحقت بها أضرار جسيمة، لتتقطع السبل بحوالي 90 ألف طالب، بالإضافة إلى أن أكثر من 350 معلماً وأكاديمياً قتلتهم إسرائيل في حربها على القطاع، وفقاً للبيانات الرسمية الفلسطينية.

وقالت إسراء عزوم، وهي طالبة في السنة الرابعة بكلية طب جامعة الأزهر بمدينة غزة: "فقدنا أصدقاء، فقدنا أطباء، فقدنا مساعدي تدريس، فقدنا أساتذة، خسرنا أشياء كثيرة في هذه الحرب".

وإسراء متطوعة في مستشفى الأقصى بدير البلح لمساعدة الطاقم الطبي المجهد في التعامل مع موجات من المرضى والمصابين ولكي تبقى أيضاً "على اتصال بالعلم". وأضافت: "لا أشعر بالتعب أبداً لأني أحب القيام بذلك. أحب الطب، أحب العمل كطبيبة، ولا أريد أن أنسى ما تعلمته".

وعبر فهد الحداد، رئيس قسم الطوارئ بالمستشفى، والمحاضر في كلية الطب بالجامعة الإسلامية بغزة، عن أمله في أن يعود للتدريس مرة أخرى رغم أنه فقد الكتب والأوراق البحثية، التي ظل يجمعها على مدى أكثر من 10 سنوات عندما دُمر منزله في مدينة غزة.

وقال إن التدريس عبر الإنترنت سيكون صعباً بسبب ضعف الشبكة، لكنه قد يسمح على الأقل للطلاب باستكمال دراستهم. ولحقت أضرار جسيمة بمباني الجامعة الإسلامية، وجامعة الأزهر في مواقع متجاورة داخل مدينة غزة، وأصبحت مهجورة.

وأضاف: "مستعدون للعطاء بأي شكل من الأشكال، لكن داخل غزة أفضل بكثير من خارجها. فلا تنسوا أننا أطباء ونمارس العمل".

"قطرة في محيط"

يواجه عشرات الآلاف من سكان غزة الذين عبروا الحدود إلى مصر تحديات أيضاً. ورغم شعورهم بالأمان النسبي فإنهم لا يملكون الوثائق اللازمة لتسجيل أطفالهم في المدارس، ولذلك سجَّل البعض للحصول على التعلم عن بعد من الضفة الغربية.

وتخطط السفارة الفلسطينية بالقاهرة للإشراف على امتحانات نهاية العام الدراسي لنحو 800 طالب بالمرحلة الثانوية.

وقال كمال البطراوي، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 46 عاماً، إن ابنتيه بدأتا الدراسة عن بعد عقب وصول الأسرة إلى القاهرة قبل 5 أشهر.

وتابع قائلاً: "بدأت بناتي (الصف العاشر والصف الخامس) دراسة إلكترونية مع مدارس الضفة بعد وصولنا بشهر، والدوام منتظم بشكل يومي من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الواحدة والنصف ظهراً... وهذا منع خسارة سنة دراسية لهم".

وفي جنوب قطاع غزة، حيث نزح أكثر من مليون شخص، تقدم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) أنشطة ترفيهية مثل الغناء والرقص مع بعض التعليم الأساسي. وتعتزم إنشاء 50 خيمة تستوعب 6 آلاف طفل يمكنهم فيها تلقي الدروس على 3 فترات في اليوم.

وقال جوناثان كريكس رئيس قسم الاتصالات في اليونيسف بالأراضي الفلسطينية المحتلة: "من المهم القيام بذلك، لكنه يظل مجرد قطرة في محيط".

وذكر وسام عامر عميد كلية الاتصال واللغات في جامعة غزة أنه على الرغم من أن التدريس عبر الإنترنت يمكن أن يكون حلاً مؤقتاً، لكنه لا يوفر خبرة التعلم بالحضور والتدريب العملي المطلوب لتخصصات مثل الطب والهندسة.

وبعد مغادرة قطاع غزة إلى ألمانيا في نوفمبر الماضي، يقدم عامر المشورة للطلاب بشأن كيفية العثور على ما يناسب دراستهم من الخيارات المتاحة في جامعات الضفة الغربية، أو أوروبا.

وأضاف عامر: "تحديات ما بعد الحرب ليست فقط فيما يتعلق بالبنية التحتية، أو بنايات الجامعات، ولكن أيضاً حقيقة أن العشرات من الكادر الأكاديمي قد قتلوا خلال الحرب وإيجاد البديل لهم سيشكل مهمة صعبة".

ومن بين من قتلوا خلال الحرب رئيس الجامعة الإسلامية في غزة سفيان تايه. وأودت ضربة على منزل شقيقته في ديسمبر بحياته هو وزوجته وأبنائهما الخمسة.

وقال شقيقه نبيل لـ"رويترز"، إن سفيان، أستاذ الفيزياء النظرية والرياضيات التطبيقية الحائز على جوائز، كان لديه "شغف كبير" بالعلوم مشيراً إلى أنه ظل يعمل على أبحاثه وسط الحرب.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 72.5% من المدارس في قطاع غزة ستحتاج إلى إعادة بناء بالكامل، أو جهود كبيرة لإعادة تأهيلها للعمل.

وقال كريكس إن الأطفال سيحتاجون بشدة أيضاً إلى دعم يتعلق بالصحة العقلية والنفسية والاجتماعية "ليشعروا بالأمان عند العودة إلى المدرسة التي ربما تكون قد تعرضت للقصف".

تصنيفات

قصص قد تهمك