رحلة مخاطر يومية بحثاً عن إنترنت.. طالبة جامعية في غزة تواصل الدراسة وسط الأنقاض

تدمير كل مؤسسات التعليم في القطاع.. ومصير مجهول لـ 90 ألف طالب

time reading iconدقائق القراءة - 7
الطالبة الفلسطينية شهد أبو عمر تجلس فوق أنقاض منزل للدراسة عبر الإنترنت من خلال هاتفها المحمول في خان يونس جنوب قطاع غزة. 20 أغسطس 2024 - REUTERS
الطالبة الفلسطينية شهد أبو عمر تجلس فوق أنقاض منزل للدراسة عبر الإنترنت من خلال هاتفها المحمول في خان يونس جنوب قطاع غزة. 20 أغسطس 2024 - REUTERS
خان يونس، (قطاع غزة) -رويترز

كانت شهد أبو عمر (20 عاماً) في سنتها الجامعية الثالثة في دراسة علوم الكمبيوتر بفرع جامعة الأزهر في مدينة غزة، التي حوّلتها الحرب الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني إلى أنقاض.

وأصبحت شهد الآن واحدة من بين 90 ألف طالب جامعي، تقطعت بهم السبل في حرب لا تبدو لها نهاية في الأفق، ودمرت جميع مؤسسات التعليم العالي الـ 12 في القطاع، وفقاً لبيانات رسمية فلسطينية.

لكن عزم شهد على مواصلة الدراسة لا يلين، فهي تقطع رحلة يومية محفوفة بالمخاطر للحصول على اتصال مستقر بالإنترنت يسمح لها بالتعلّم عن بعد، وأصبحت تجلس وسط أنقاض منزل مدمر لتتعلّم على هاتفها المحمول.

قالت شهد: "يعني المفروض مخلصة تالتة، وطالعة رابعة لكن بسبب الظروف اللي صارت فأنا مضطرة أبدأ تالتة من أول وجديد. يعني سنة كاملة راحت علينا يعني مش أنا وبس (وحدي)، أنا وكتير من طلاب قطاع غزة طبعاً. جامعة الأزهر اتدمرت كل فروعها اتدمرت، كل شيء اتدمر".

وقالت والدتها حنين سرور إنهم وصلوا إلى المنطقة للحصول على اتصال بالإنترنت، مشيرة إلى أن الاتصال الذي يعد ضرورياً لتثبيت المحاضرات المسجلة والتواصل مع الأساتذة، ما زال ضعيفاً.

وأضافت الأم: "إحنا عشان نقدر نتواصل على الإنترنت طبعاً مع الناس اللي بدنا إياها، وننزل محاضرات ونتواصل مع الجامعة ومع الدكاترة، بنضطر نيجي (نأتي) للمكان هذا اللي أنتم شايفينه (ترونه)، طبعاً بيت مقصوف وكله محفوف بالمخاطر، وبنفس الوقت بطاقة الإنترنت ضعيفة كتير، يعني بصعوبة كبيرة أما ننزل محاضرة أو ننزل فيديو أو نقدر نتواصل مع أي حدا (شخص) فكل خطوة محفوفة بالمخاطر وصعبة كتير".

وتستعد شهد لامتحاناتها النهائية التي تحل بعد أسبوعين فقط، ولكنها تخشى ما هو أسوأ.

وقالت: "الصعوبات اللي واجهتها الأسبوع اللي فات، كان عندي امتحان في مادة معينة، كنت فايتة (أعمل على أن) أقدم في الامتحان، فجأة لقيت حالي نازحة في الشارع، إشي إكتير صعب جداً، ودكاترتنا (المعلمون) بيعانوا نفس المعاناة. الدكاترة أغلبهم في القطاع ما هم عارفين يتابعوا معنا، ولا هم موجودين في كل وقت إحنا محتاجينهم فيه، ولا عارفين يحملوا كل المحاضرات لإلنا (لنا) والفاينال (الامتحان النهائي) على الأبواب تقريباً، أقل من أسبوعين ويبدأ الفاينال، فالإشي (الأمر) كتير صعب".

حلم العودة إلى الدراسة

وتحلم شهد بالعودة إلى الجامعة، لتجلس في قاعة الدراسة والالتقاء بالأساتذة والأصدقاء.

وتابعت: "أبسط أحلامنا أن ترجع حياتنا طبيعية نعيش زي الباقيين يعني أبسط حقوقنا الآن، التعليم هذا حق يعني المفروض أنه يكون حق مكتسب للجميع لكن هذا الآن بالنسبة لنا إشي كبير، حلم إنك ترجع جامعتك، تقعد في قاعتك، تشوف دكتورك، تحضر محاضراتك تشوف زملاءك، تشوف صحباتك. لأنه تقريباً أنت مش عارف ولا أي إشي عن أي حدا، لا عارف تروح جامعتك ولا أنت عارف تدرس حتى وأنت بعيد عنها".

وتسببت الحرب التي دخلت الآن شهرها الـ 11 في حجب التعليم عن نحو 625 ألف طفل في سن الدراسة في غزة، لم يعد بوسعهم الحضور في الفصول الدراسية.

ومن المرجح أن تظل شهد، والطلاب في مختلف أنحاء الجيب الساحلي الصغير في حالة من التوجس وعدم اليقين إلى حين. وقالت إنه حتى بعد انتهاء الحرب، يخشى الطلاب أن تظل أبواب الجامعات مغلقة.

وأردفت: "يعني حلمك طموحك جامعتك، يعني أنت الآن مش عارف تحقق حلمك ولا تحقق طموحك ولا موجود في جامعتك. كل إشي بيروح من إيدك وأنت مش عارف إيش تعمل، أنت مش بايدك تعمل أي إشي. فالإشي كتير صعب بصراحة، حتى أما تخلص الحرب، إحنا مش عارفين متى هترجع الجامعة، يعني غير السنة اللي راحت أنا متأكدة أن فيه سنين جاية هتروح برضه، فالإشي كتير صعب بصراحة".

ولكن على الرغم من كل الصعوبات، ستواصل شهد الدراسة على أمل ألا تضيع سنة دراسية كاملة، وقالت: "لا فيه نفسية منيحة (جيدة) تخليكي تركزي أساساً وتتبع تدرس إمنيح. ما في طاقة أساساً، كل شوية أنت في مكان أنت الآن قاعد وموجود في مكان، مش عارف كمان شوية وين هتروح، فالإشي كتير صعب بصراحة، بس إحنا مكملين، رغم كل إشي، بس الأمل أن الوقت أن كل السنة راحت على الطالب، فبندور أن شوية نكون حصلنا إشي منيح في السنة اللي راحت".

وأودت الحرب التي تشنها القوات الإسرائيلية على غزة بحياة أكثر من 40 ألف فلسطيني في غزة، وفقاً للسلطات الصحية في القطاع، التي تقول إن أكثر من نصف الضحايا من النساء والأطفال.

تصنيفات

قصص قد تهمك