"خرائط بانجينوم" سعودية يابانية تساعد في الكشف المبكر عن الأمراض الوراثية

time reading iconدقائق القراءة - 18
تطوير خرائط بانجينوم مخصصة للسكان في السعودية واليابان. المصدر: كاوست - kaust.edu.sa
تطوير خرائط بانجينوم مخصصة للسكان في السعودية واليابان. المصدر: كاوست - kaust.edu.sa
القاهرة -محمد منصور

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية "كاوست"، وجامعة تافتس الأميركية، ومعهد اليابان لأمن الصحة، تطوير "خرائط بانجينوم" للسكان في السعودية واليابان، ما يساعد في تعزيز الطب الدقيق وعلم الوراثة السريرية، لفئتين سكانيتين طالما غاب تمثيلهما الكافي عن قواعد بيانات "البانجينوم" العالمية.

ومصطلح "البانجينوم" يعني وجود مرجع جيني شامل يدمج التباينات الوراثية المستخلصة من عدد كبير من الأفراد داخل مجتمع أو نوع معين، بدلاً من الاعتماد على تسلسل جينوم فرد واحد فقط. ويمنح هذا النهج العلماء صورة أوضح للتنوع الجيني والأنماط الوراثية المميزة لكل مجتمع، مما يرفع دقة التشخيص والعلاج.

ويُعد مشروع البانجينوم السعودي، امتداداً طبيعياً لمشروع الجينوم البشري السعودي، لكنه يضيف بعداً جديداً في دقة التمثيل الوراثي.

فبينما ركّز مشروع الجينوم البشري السعودي، على بناء مرجع جيني يعتمد على تسلسل واحد أو عدد محدود من الأفراد لرصد الطفرات الشائعة في المجتمع، يهدف مشروع البانجينوم إلى جمع ودمج التباينات الوراثية من عدد كبير من الأفراد لتكوين خريطة شاملة تعكس التنوع الجيني الكامل للسكان.

هذا النهج لا يكتفي بتحديد الطفرات المسببة للأمراض، بل يمكّن أيضاً من فهم أعمق للأنماط الجينية النادرة والشائعة على حد سواء، مما يعزز دقة التشخيص وتطوير الطب الدقيق الموجه خصيصاً لاحتياجات المجتمع السعودي.

مشروع الجينوم السعودي

بدأت فكرة رسم الخريطة الجينية للبشر على المستوى العالمي مع مشروع الجينوم البشري الذي أُطلق رسمياً في عام 1990 كمبادرة دولية ضخمة شاركت فيها الولايات المتحدة وبريطانيا واليابان وفرنسا وألمانيا والصين، بهدف فك شفرة الحمض النووي البشري بالكامل وفهم ترتيب الجينات ووظائفها.

وبعد 13 عاماً من العمل المكثف، أُعلن في عام 2003، اكتمال المشروع، ما فتح الباب أمام ثورة في علم الوراثة والطب الدقيق. 

تلت ذلك مشروعات وطنية في عدة دول، مثل مشروع الجينوم البريطاني الذي ركز على دمج الفحوص الجينية في الرعاية الصحية، والمشروع الياباني الذي استهدف دراسة الأمراض الشائعة في المجتمع الياباني. 

وقد ألهم هذا الزخم العالمي، العديد من الدول، ومنها السعودية، لإطلاق برنامج الجينوم السعودي في عام 2018، ليكون مشروعاً وطنياً يستفيد من أحدث تقنيات التسلسل الجيني لرسم أول خريطة وراثية شاملة للمجتمع السعودي، مع التركيز على مكافحة الأمراض الوراثية وتحسين جودة الرعاية الصحية.

لكل شعب بصمته الوراثية الفريدة التي تميزه عن غيره، وينبع هذا التنوع من اختلاف البيئات التي يعيش فيها الأفراد، وتباين العادات وأنماط الحياة. ونظراً لأهمية هذه الاختلافات في تحديد الاستجابة للأدوية والعلاجات، بدأت مراكز الأبحاث حول العالم في إنشاء قواعد بيانات وراثية خاصة بكل مجتمع، لتطوير أدوية وفحوصات مخصصة له، إذ قد لا تكون المراجع الجينية المستمدة من شعوب أخرى فعّالة أو دقيقة بالقدر نفسه. وهنا تبرز أهمية القواعد الوطنية للبيانات الوراثية.

في إطار "رؤية السعودية 2030" وبرنامج تحول القطاع الصحي، يمضي برنامج الجينوم السعودي بخطوات كبيرة نحو إحداث تحول جذري في قطاع الرعاية الصحية، من خلال إنشاء قاعدة بيانات وراثية غير مسبوقة توثق أول خريطة جينية شاملة للمجتمع السعودي. 

ولا تهدف هذه المبادرة النوعية، إلى دعم التشخيص والعلاج فقط، بل تسعى أيضاً إلى تقليل تكاليف الرعاية الصحية وتحسين جودة الحياة على المدى البعيد.

ويعد البرنامج، أحد ركائز التقدم الطبي في السعودية، إذ يوفر تشخيصاً أدق، وعلاجات موجهة، وسبل وقاية متقدمة، ما ينعكس مباشرة على صحة الأجيال المقبلة.

الطفرات الجينية المسببة للأمراض

يعمل برنامج الجينوم السعودي على الحد من انتشار الأمراض الوراثية من خلال الكشف المبكر عن الطفرات الجينية المسببة لها، مما يتيح فرصاً أكبر للتشخيص المبكر والوقاية قبل ظهور الأعراض أو انتقالها إلى الأجيال القادمة؛ ويسهم هذا التوجه في تحسين الصحة العامة وخفض العبء على قطاع الرعاية الصحية. كما يحرص البرنامج على تمكين العلماء والباحثين من الوصول إلى قاعدة بيانات وراثية شاملة للمجتمع السعودي، تمثل كنزاً معرفياً لدراسة الأمراض وفهم العوامل الجينية المؤثرة في صحتهم، ودعم الأبحاث التي قد تفتح آفاقًا لعلاجات مبتكرة.

ويولي البرنامج أهمية كبيرة لدراسة المتغيرات الجينية وفهم تأثيرها على الصحة، سواء كانت مرتبطة بأمراض وراثية معروفة أو بعوامل تزيد من القابلية للإصابة بأمراض مزمنة، مما يتيح تطوير استراتيجيات علاجية ووقائية مخصصة لكل فرد. وفي جانب الابتكار، يسعى البرنامج إلى تطوير أدوات التشخيص والوقاية، بما يشمل الاختبارات الجينية المتقدمة والبرامج الوقائية التي تقلل فرص الإصابة بالأمراض الوراثية أو الحد من مضاعفاتها.

كما يستهدف البرنامج تقليل حالات الإصابة بالأمراض الوراثية عبر دمج الفحوص الجينية في منظومة الرعاية الصحية، بما يضمن تدخلات وقائية مبكرة وعلاجات أكثر دقة. ويعتمد البرنامج على إنشاء بنية تحتية متقدمة لعلم الجينوم والمعلوماتية الحيوية، تضم أحدث تقنيات التسلسل الجيني وأنظمة تحليل البيانات الضخمة، لضمان إدارة فعّالة للبيانات وتحقيق أقصى استفادة بحثية منها.

إلى جانب ذلك، يسهم البرنامج في تحسين نتائج العلاج من خلال استخدام التسلسل الجيني للمرضى، مما يتيح اختيار الأدوية والجرعات الأكثر ملاءمة لخصائصهم الوراثية، ويعزز فعالية العلاج ويقلل من الآثار الجانبية. كما يركز البرنامج على بناء القدرات السعودية في مجال الجينوم، عبر تدريب الكوادر السعودية وتأهيلهم للعمل في مجالات علم الوراثة والمعلوماتية الحيوية، لضمان استدامة هذه الجهود على المدى الطويل.

تحليل المواد البيولوجية

يهدف البرنامج إلى تحقيق تقدم ملموس في ثلاث مجالات رئيسية تشمل تقليص زمن التشخيص، ورفع دقة وكفاءة تحديد الأمراض، وتغذية قواعد البيانات الوطنية بمعلومات وراثية شاملة للمجتمع السعودي. 

وحاليا، يخضع الأزواج لفحوصات الدم قبل الزواج، للكشف عن بعض الأمراض الوراثية الشائعة، لكن مع برنامج الجينوم سيتم توسيع الفحص ليشمل آلاف الأمراض، مما يتيح للأزواج معرفة ما إذا كانوا يحملون جينات قد تسبب أمراضاً لأطفالهم مستقبلًا.

وحتى الآن؛ تم فحص63 ألف عينة وتوثيق 7 آلاف و500 متغير وراثي، وإنشاء 13 لوحة تسلسل جيني، إضافة إلى نشر 140 بحثاً علمياً في مجلات دولية مرموقة، مما يضع المملكة على طريق الريادة العالمية في مجال الطب الدقيق.

وتُجمع العينات في برنامج الجينوم السعودي، من متطوعين أو مرضى وفق معايير دقيقة، ثم تُنقل إلى مختبرات متخصصة حيث تُفصل المادة الوراثية وتُحلل باستخدام تقنيات متقدمة مثل "التسلسل الجيني عالي الإنتاجية" ويتيح هذا الفحص، الكشف عن الطفرات أو التغيرات في تسلسل الحمض النووي، والتي قد تكون مرتبطة بأمراض أو سمات وراثية.

أما المتغيرات الوراثية فهي اختلافات طبيعية أو طفيفة في تسلسل الحمض النووي بين الأفراد. بعضها شائع في المجتمع ولا يؤثر على الصحة، بينما قد يتسبب البعض الآخر في زيادة خطر الإصابة بأمراض وراثية أو مزمنة وتمنح دراسة هذه المتغيرات، الباحثين فهماً أعمق لعلاقة الجينات بالصحة والمرض، وتساعد الأطباء في تطوير استراتيجيات علاجية ووقائية مخصصة، مما يدعم مفهوم "الطب الدقيق" الذي يعالج المريض بناء على خصائصه الجينية الفريدة.

أما "اللوحة الجينية" فهي مجموعة مختارة من الجينات أو المواقع الجينية التي تُفحص معاً في اختبار واحد للكشف عن متغيرات محددة مرتبطة بأمراض أو سمات وراثية.

وفي برنامج الجينوم السعودي، تصمم اللوحات الجينية بحيث تضم الجينات الأكثر ارتباطاً بالأمراض الشائعة في المجتمع السعودي، مما يتيح إجراء فحوص مركزة وفعالة.

على سبيل المثال، يمكن أن تحتوي اللوحة على جينات مسؤولة عن أمراض الدم الوراثية، أو اضطرابات التمثيل الغذائي، أو بعض أنواع السرطان. وتكمن أهميتها في أنها تختصر الوقت والتكلفة مقارنة بفحص الجينوم الكامل، وتوفر أداة تشخيصية سريعة للأطباء لتحديد الخطر أو التشخيص بدقة أكبر. 

كما تستخدم هذه اللوحات في برامج الفحص المبكر قبل الزواج أو الحمل، وفي متابعة الحالات المرضية المعقدة، مما يجعلها عنصرًا أساسيًا في الوقاية والعلاج الموجه.

في السعودية، يمثل ارتفاع معدلات زواج الأقارب أحد أبرز العوامل المؤثرة في الخريطة الجينية للسكان. فبحسب دراسة للدكتور أحمد الفارس من جامعة القصيم، نُشرت في العدد الأول من "مجلة الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة السريرية السعودية" في عام 2019، تصل نسبة زواج الأقارب في المملكة إلى نحو 58%. ويؤدي هذا النمط من الزواج إلى زيادة احتمالية ظهور الأمراض الوراثية المتنحية النادرة، حيث يحمل كلا الوالدين الجين المسبب للمرض، ما يرفع احتمال أن يرث الأبناء نسختين منه فتظهر لديهم الإصابة.

في أواخر تسعينيات القرن الماضي، بدأ الباحثون في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث إجراء دراسات واسعة لرصد الأمراض الوراثية في المجتمع السعودي، وتبين أن نسبة الأمراض المتنحية تصل إلى 84%، مقابل 15% للأمراض غير المتنحية. 

وشكلت هذه النتائج الدافع وراء التفكير في تأسيس قاعدة بيانات وراثية وطنية، وهو ما تحقق لاحقاً عبر برنامج الجينوم البشري السعودي؛ كمشروع وطني لدراسة الأساس الجيني للأمراض الوراثية في المملكة.

ما هو "البانجينوم"؟

أما "البانجينوم" فهو مفهوم متطور في علم الجينوم يهدف إلى تقديم صورة شاملة ومتنوعة للتركيب الجيني لنوعٍ ما، بدلاً من الاعتماد على جينوم مرجعي واحد فقط. في الجينوم التقليدي، يجرى تحليل تسلسل الحمض النووي لشخص أو كائن واحد، ويُستخدم هذا الجينوم كنموذج أساسي للمقارنة. 

لكن "البانجينوم" يتجاوز ذلك عبر دمج بيانات من العديد من الأفراد المختلفين، مما يسمح بتمثيل أوسع للتنوع الجيني في المجتمع أو النوع المدروس. هذه المقاربة توفر خريطة جينية أكثر دقة، تكشف عن المتغيرات النادرة والمناطق التي قد لا تظهر في الجينوم المرجعي التقليدي.

وأطلق اتحاد المرجع البانجينومي البشري (HPRC)، أول مسودة للبانجينوم البشري، بعد تجميع وتسلسل 47 جينوماً مزدوج المجموعة الكروموسومية بالكامل، اختيرت بعناية لتمثيل التنوع الجيني العالمي، وبموافقة أصحاب العينات على إتاحة البيانات بلا قيود. 

وقد شملت العينات، بيانات من مشروع "الألف جينوم"، مع اختيار خطوط خلوية طبيعية من الناحية الكروموسومية، وبتمثيل جغرافي ووراثي واسع، لضمان بناء مرجع يعكس التنوع البشري بدقة أكبر، ويكون أساسًا لأبحاث الجينوم في المستقبل.

ورغم أن أول بانجينوم بشري أُعلن عنه في عام 2023، إلا أنه استند أساساً إلى عينات لم تضم أي أشخاص من أصول عربية أو يابانية، ما يعني أن قرابة 10% من سكان العالم لم يكونوا ممثلين فيه؛ وقد دفع هذا النقص الباحثين مؤخراً إلى إعداد خرائط بانجينوم فرعية لمجموعات سكانية محددة، لتكون مراجع أدق وأكثر ملاءمة لها.

جاء الاهتمام بدراسة البانجينوم استجابة لتحديات واضحة في مجال البحث الجيني، أبرزها محدودية الاعتماد على جينوم مرجعي واحد، إذ إن جينوم فرد واحد لا يمكنه أن يعكس التنوع الوراثي الكبير بين البشر. 

كما أن التنوع العرقي والجغرافي يفرض فروقاً ملحوظة في الجينات بين المجموعات السكانية، ما يجعل "البانجينوم" أداة أساسية لفهم هذا الاختلاف. إضافة إلى ذلك، فإن تحسين دقة التشخيص للأمراض الوراثية يتطلب الكشف عن متغيرات جينية نادرة قد لا تظهر في الجينوم المرجعي التقليدي. 

ويسهم البانجينوم كذلك في دعم الطب الشخصي عبر تصميم خطط علاجية دقيقة ومخصصة لكل فرد، فضلًا عن دوره في دراسة تطور الإنسان وفهم تاريخه عبر تتبع الهجرات البشرية القديمة وآليات التكيف مع البيئات المختلفة.

يمثل اختيار تسلسل مرجعي في تحليل الجينوم خطوة محورية، إذ يُبنى عليه كل ما يلي من تحليلات جينية. وقد برز نموذج رسم البانجينوم البياني كحل مبتكر يدمج الأنماط الجينية لعدة أفراد، ما يعكس التنوع الوراثي بصورة أشمل. 

وأصبح من الممكن تقنياً في السنوات الأخيرة، بناء الجينومات البشرية من الصفر بفضل تقنيات تسلسل القراءة الطويلة، لكن عدد الجينومات المتاحة بحرية ودون قيود ما زال قليلاً، وهذا يمثل عائقاً أمام بناء المراجع الجينومية أو البانجينومات. 

وتشمل التحديات الحالية؛ قلة عدد وجودة الجينومات المتاحة للعامة، والتعقيدات التقنية في التعامل مع رسوم البانجينوم البيانية وبرمجياتها، بالإضافة إلى الاعتبارات الأخلاقية، حيث أن عددًا محدودًا من العينات البشرية حصل على الموافقات الأخلاقية اللازمة للإتاحة المفتوحة.

مشروع مشترك

رغم أن رسوم البانجينوم البيانية تمثل نوعاً حديثاً من هياكل البيانات، فإن تقنياتها ما زالت في طور النضج. وعلى عكس الجينوم الخطي الذي طُورت حوله أدوات وخوارزميات على مدى عقود، فإن البانجينوم البياني يواجه نقصاً في الأدوات البرمجية المتاحة، ولا يمكنه حتى الآن النمو ليشمل آلاف الأفراد من جميع أنحاء العالم بسبب قيود الموارد، خاصة في المناطق التي تفتقر للبنية التحتية الحاسوبية. ولهذا يُتوقع أن تلعب رسوم البانجينوم الخاصة بالمجتمعات دوراً مهماً في التحليلات الجينومية الموجهة لمجتمع بعينه، بما في ذلك التطبيقات السريرية، وهناك بالفعل عدة رسوم بيانية خاصة بمجموعات سكانية قيد التطوير.

وفي الدراسة الجديدة، قدم مشروع JaSaPaGe، وهو مرجع بانجينوم بياني خاص بالسكان في السعودية واليابان، وهما مجموعتان بشريتان ظلتا ممثلتين بشكل محدود في الدراسات الجينومية السابقة. 

وقد استخدم الباحثون في الدراسة السعودية، تقنيات تسلسل متعددة لتسلسل جينومات 10 أفراد يابانيين و سعوديين، وبنوا تجميعات ثنائية الصيغة الصبغية لكل عينة. استُخدمت هذه التجميعات لإنشاء رسم بانجينوم بياني خاص باليابانيين من 10 عينات، وآخر خاص بالسعوديين من 8 عينات أضيف إليها جينوم سعودي منشور سابقًا، ليصبح المجموع 9 عينات سعودية. 

ورغم أن اليابان والسعودية تقعان على طرفي قارة آسيا، فإنهما لم تكونا ضمن الإصدار الأول من مشروع اتحاد المرجع البانجينومي البشري، كما أن الاختلاف الجيني الكبير بينهما قد يكشف عن نطاق أوسع من التنوع في الأنماط الجينية عبر القارة.

قام الفريق أيضاً بدمج الرسمين البيانيين الخاصين بالمجموعتين في رسم بانجينوم بياني مشترك يضم شعبين مختلفين جينياً إضافة إلى مرجعين جينوميين عالميين.

والبيانات الناتجة، بما في ذلك بيانات التسلسل، وتجميعات الجينوم، ورسوم البانجينوم البيانية، إلى جانب البرمجيات والبرامج النصية المستخدمة في إنشائها وتقييمها، متاحة للجميع مجاناً.

وتمت عملية بناء المرجع باستخدام تقنيات متقدمة جداً لضمان أعلى درجات الدقة في قراءة وترتيب الجينوم. من بين هذه التقنيات تقنية تسلسل الجينوم بقراءات طويلة ودقيقة في الزمن الحقيقي، وهي طريقة تعطي قراءات طويلة ودقيقة للحمض النووي، مما يساعد في فك شيفرة المناطق الصعبة والمعقدة.

كما استخدم الباحثون تقنية "التسلسل عبر المسام النانوية"، التي تقرأ سلاسل طويلة من الحمض النووي بشكل مستمر، حتى لو احتوت على تكرارات جينية معقدة. كما استخدموا البنية ثلاثية الأبعاد للحمض النووي داخل نواة الخلية لمعرفة كيفية ارتباط أجزاء الجينوم معاً داخل النواة، مما يساعد في ترتيب الأجزاء بشكل صحيح أثناء التجميع.

ويعكس المرجع الجديد، التنوع الجيني في المجموعتين السكانيتين (السعودي والياباني) بشكل أدق، مما يرفع من قيمته للأبحاث الطبية والوراثية وتقول المؤلفة المشاركة في الدراسة، ملاك عابد الثقفي، أستاذة ورئيسة قسم علم الأمراض والطب المخبري في مركز تافتس الطبي، إن المشروع يمثل امتداداً لسنوات من العمل على الجينوم السعودي، مضيفة: "هذا الإسهام يعزز التمثيل في علم الجينوم ويضمن أن يخدم الطب الدقيق جميع الفئات السكانية".

أما المؤلف المشارك في الدراسة، روبرت هوهن دورف، الباحث في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، فأوضح أن الجمع بين بيانات مجتمعين مختلفين جينياً مثل السعودية واليابان، اللتين تفصل بينهما مسافات وتاريخ وراثي طويل، أتاح دراسة تأثير اختلاف المراجع على دقة تحديد المتغيرات الجينية، مما يوفر رؤى جديدة يمكن أن تنعكس على تحسين الصحة العامة. 

بينما المؤلف المشارك في الدراسة، يوسوكي كاواي، الباحث في معهد اليابان لأمن الصحة، فقد اعتبر أن التعاون في إعداد "خرائط بانجينوم" مخصصة لليابانيين والسعوديين يمثل خطوة مهمة لسد فجوة واضحة في التمثيل الجيني على مستوى العالم. وأضاف أن دمج البيانات الوراثية المتنوعة من البلدين أتاح إنشاء مرجع قوي يسهم في رفع دقة تحديد المتغيرات الجينية، ويفتح آفاقًا واسعة لتطوير طب دقيق مصمم خصيصاً لاحتياجات كل مجموعة سكانية.

تصنيفات

قصص قد تهمك