طفلة بريطانية تكتشف حفرية لأكبر الزواحف البحرية على الإطلاق

عالم الحفريات دين لوماكس لـ"الشرق": "الإكتيوصورات" حكمت البحار حتى حدث الانقراض العالمي

time reading iconدقائق القراءة - 8
صورة متخيلة لحيوان الإكتيوصور العملاق. 17 أبريل 2024 - Dean Lomax
صورة متخيلة لحيوان الإكتيوصور العملاق. 17 أبريل 2024 - Dean Lomax
القاهرة -محمد منصور

في صبيحة يوم مُشرق من أيام مايو 2020؛ وبينما تتنزه الطفلة "روبي رينولدز" مع والديها على ضفاف شاطئ في مقاطعة سومرست البريطانية، تعثرت قدم الفتاة التي كانت تبلغ من العمر وقتها 11 عاماً، ببقايا متحجرة لفك عملاق، ولأن عائلتها لطالما أخبرتها عن الحفريات؛ عرفت الفتاة على الفور أنها وجدت "كنزاً أحفورياً".

ويقول عالم الحفريات الشهير "دين لوماكس- Dean Lomax" الذي يعمل في قسم علوم الأرض بجامعة مانشستر إن "روبي" أدركت أن المنطقة ربما تعج بقطع أخرى، وهو ما جعلها تقوم مع العديد من أفراد الأسرة، بزيارة الموقع مرة أخرى للبحث عن المزيد من القطع من هذا الاكتشاف النادر، وبمرور الوقت، عثر الفريق على قطع إضافية من الفك نفسه، تتناسب معاً بشكل مثالي.

تواصلت "روبي" بعد ذلك بمركز الحفريات بجامعة مانشستر؛ ومركز علوم الأرض بجامعة بريستول، ووصل الفريق البحثي للمنطقة بعد عدة أيام؛ ليستخرجوا مزيد من القطع التي تبين أنها لحيوان الإكتيوصور العملاق. 

يقول "لوماكس" لـ"الشرق" إنه وبمجرد رؤية العظام "شعر بالذهول" وتواصل هو الآخر على الفور بـ"بول دي لا سال" وهو جامع أحفوري متمرس عثر على أول عظم فك عملاق لذلك الحيوان، في مايو 2016 في الساحل البريطاني.

وبعد نحو 4 سنوات من البحث؛ عرف الخبراء أن العظام تنتمي إلى فكي نوع جديد من "الإكتيوصور"، وهو نوع من الزواحف البحرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، وتشير التقديرات إلى أن طول ذلك الحوان العملاق كان يزيد عن 25 متراً.

"الإكتيوصور"، مجموعة متنوعة من الزواحف البحرية التي عاشت خلال عصر الدهر الوسيط، وهي تختلف عن الديناصورات، إذ إنها زواحف تطورت لتعيش في المحيط.

تتمتع "الإكتيوصورات"، بأجسام انسيابية، تشبه الدلافين المعاصرة، مما سمح لها بأن تكون سباحة ماهرة، كما كان لديهم أنوف طويلة مملوءة بأسنان حادة للقبض على الفرائس، وتطورت أطرافهم إلى هياكل تشبه المجداف للدفع عبر الماء.

وتنوعت هذه الزواحف بشكل كبير في الحجم، حيث كانت بعض الأنواع صغيرة جدًا، حيث يبلغ طولها حوالي متر واحد، في حين أن البعض الآخر، مثل "الإكتيوصور"، المكتشف حديثاً، يمكن أن يصل إلى أحجام هائلة، يصل طولها إلى 25 متراً.

كانت "الإكتيوصورات" من بين أقدم رباعيات الأرجل البحرية التي حققت أحجاماً هائلة، وقبل سنوات؛ اكتشف الباحثون في ولاية نيفادا بالولايات المتحدة الأميركية؛ نوعاً منها يقدر طوله من 15 لـ 17 متراَ.

وتقول دراسة منشورة حديثاً في دورية "PLOS ONE" إن "الإكتيوصورات"، وصلت إلى حجم كبير خلال 3-5 ملايين سنة فقط من ظهورها، لكن خلال فترة العصر الترياسي المتأخر ظهرت أكبرها، والتي تنتمي إلى عائلة تُعرف باسم "شاستاصوريداي".

وتكيفت تلك الزواحف مع بيئات مختلفة، وأصبحت حيوانات مفترسة مهيمنة في المحيط، ومع ذلك، مثل العديد من المخلوقات الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ، انقرضت في النهاية، ربما بسبب التغيرات البيئية والمنافسة من الزواحف البحرية الأخرى والثدييات البحرية الناشئة.

في عام 2018، اكتشف "لوماكس" جزء فك كبير ومعزول من "الإكتيوصور" العملاق الذي تم جمعه من طبقة تنتمي إلى العصر الترياسي (منذ حوالي 202 مليون سنة) في المملكة المتحدة. 

تشير هذه العينة، بالإضافة إلى عينة مستطيلة كبيرة أخرى تم العثور عليها حديثاً، إلى وجود تصنيف لم يكن معروفاً من قبل، وتم العثور على كلتا العينتين في سومرست بالمملكة المتحدة، وتم جمعهما من طبقات يرجع تاريخها إلى حوالي 202 مليون سنة.

وبحسب الدراسة، فإن عظام الفك التي تنتمي إلى النوع الجديد من "الاكتيوصورات" تُشبه العينات التي عُثر عليها "لوماكس" من قبل؛ لكن بتفاصيل أكبر، إذ تكشف أن حجمه ربما كان مساوياً لحجم الحوت الأزرق؛ وهو الأمر الذي مكن فريق "لوماكس" من تسمية النوع الجديد.

أطلق العلماء اسم Ichthyotitan severnensis على "الإكتيوصور" الجديد، والذي يعني "سحلية سمكة سيفيرن العملاقة"، ويبلغ عمر العظام المكتشفة حوالي 202 مليون سنة، ويعود تاريخها إلى نهاية العصر الترياسي في العصر المعروف باسم الريتيان، وخلال هذا الوقت، سبحت "الإكتيوصورات" العملاقة في البحار، بينما كانت الديناصورات تمشي على الأرض. 

ومع ذلك، كان هذا هو الفصل الأخير من حياة العمالقة، حيث تسجل القصة المروية في الصخور فوق هذه الحفريات كارثة تُعرف باسم حدث الانقراض الجماعي العالمي في أواخر العصر الترياسي، وبعد هذا الوقت، انقرضت "الإكتيوصورات" العملاقة.

ويقول "لوماكس" لـ"الشرق" إن أحد الأشياء المثيرة للاهتمام التي أخبرنا بها الاكتشاف هي أن هذه الزواحف البحرية الضخمة حكمت البحار حتى حدث الانقراض العالمي، والذي قضى حرفياً على عائلة الإكتيوصورات بأكملها "فلن تصبح الزواحف البحرية بهذا الحجم مرة أخرى أبداً".

وحقيقة أنهم وصلوا إلى هذه الأحجام الهائلة تشير إلى أنه لا بد من وجود شبكات غذائية منتجة لدعمهم في جميع أنحاء العصر الترياسي "وبالتالي فالمنطقة التي عُثر على الحفريات فيها تتطلب المزيد من البحث؛ إذ إن اكتشافهم في نهاية العصر الترياسي يقدم دليلاً محيراً على وجود هذه المجموعة الغامضة من الإكتيوصورات العملاقة".

ومن المحتمل أن النوع المكتشف حديثاً كان يتغذى على مجموعة واسعة من الفرائس، بما في ذلك الحبار والأسماك الكبيرة ولا شك الزواحف البحرية الأخرى "فخلال فترة هيمنتهم على البحار، لم تكن هناك حيوانات مفترسة أخرى بهذا الحجم، ومن المحتمل جداً أنها كانت تجلس على قمة السلسلة الغذائية".

وبالنسبة لـ"روبي رينولدز"، التي شاركت في الاكتشاف الأخير "فهي الآن عالمة صغيرة" على حد ما يقول " لوماكس" والذي يشير إلى أنها لم تعثر على هذه الحفرية المهمة فحسب، بل ساعدت أيضاً في تسمية نوع من الزواحف العملاقة التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ.

ويقول "لوماكس " إنه وسواء سارت "روبي" في طريق علم الحفريات أو العلوم أم لا "فإن الشيء المهم هو أنها ساهمت بشكل كبير في علم الحفريات وفهمنا للعالم القديم"، مؤكداً أن ذلك النوع من العلوم "يمكن لأي شخص أن يقدم فيها مساهمة كبيرة.. ليس من الضروري أن تكون أستاذاً أو خبيراً عالمياً.. كل ما تحتاجه هو عين ثاقبة، والكثير من الصبر، وقليل من الحظ".

تصنيفات

قصص قد تهمك