اكتشاف أسرار جديدة لمكافحة الشيخوخة من أطول الفقاريات عمراً في العالم

time reading iconدقائق القراءة - 5
قرش جرينلاند أطول الفقاريات عمراً في العالم - Wikimedia
قرش جرينلاند أطول الفقاريات عمراً في العالم - Wikimedia
القاهرة-محمد منصور

أظهر بحث تجريبي جديد أن نشاط التمثيل الغذائي للعضلات قد يكون عاملاً مهماً يساهم في طول العمر المذهل لأقدم أنواع الفقاريات الحية في العالم "قرش جرينلاند".

وقد يكون لهذه النتائج تطبيقات للحفاظ على هذه الأنواع المعرّضة للخطر ضد تغير المناخ، وربما لتعزيز صحة القلب والأوعية الدموية البشرية.

وأسماك قرش جرينلاند (Somniosus microcephalus) هي أطول الفقاريات عمراً، إذ يصل عمرها إلى 270 عاماً على الأقل، ومن المحتمل أن تعيش لأكثر من 500 عام.

وتتواجد هذه القروش بشكل أساسي في شمال المحيط الأطلسي والمحيط المتجمد الشمالي، وتسكن المياه العميقة الباردة، وتتميز بمعدلات نموها البطيئة وتأخر نضجها الجنسي.

وعلى الرغم من أن طولها يصل إلى 7 أمتار، إلا أن هذا النوع من أسماك القرش بطيء وله مستويات نشاط منخفضة نسبياً.

لماذا أسماك قرش جرينلاند أطول الفقاريات عمراً؟

ويقول المؤلف الرئيسي للبحث إيوان كامبليسون، وهو أيضاً باحث في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة: "نريد أن نفهم التكيفات التي لدى أسماك قرش جرينلاند والتي تسمح لها بالعيش لفترة طويلة".

وفي السابق، اعتقد العلماء أن العمر الطويل لقرش جرينلاند يرجع إلى بيئته الباردة وقلة حركته، لكن العوامل الكامنة وراء طول العمر الشديد لهذا النوع تبدو أكثر تعقيداً، ما دفع كامبليسون وفريقه إلى البحث عن نظريات بديلة.

ويضيف كامبليسون أن "معظم أنواع الحيوانات تُظهر تبايناً في عملية التمثيل الغذائي الخاصة بها عند تقدمها في العمر".

ويشير إلى أنه "نريد تحديد ما إذا كانت أسماك القرش في جرينلاند تُظهر أيضاً هذه العلامة التقليدية للشيخوخة، أو ما إذا كان التمثيل الغذائي لها لا يزال دون تغيير بمرور الوقت".

وركز البحث على نشاط التمثيل الغذائي للعضلات لدى قرش جرينلاند لتعرف ما إذا كانت أسماك القرش تعاني من التغيرات الأيضية المرتبطة عادة بالشيخوخة أو إذا كانت تحافظ على عملية التمثيل الغذائي مستقرة طوال حياتها الطويلة.

ما علاقة قرش جرينلاند بصحة القلب لدى البشر؟

ويقول الباحثون إن فهم هذه الآليات لا يمكن أن يساعد فقط في جهود الحفاظ على قرش جرينلاند، بل يوفر أيضاً نظرة ثاقبة لعملية الشيخوخة وصحة القلب والأوعية الدموية لدى البشر.

ولقياس التمثيل الغذائي لأسماك قرش جرينلاند، أجرى كامبليسون وفريقه فحوصات إنزيمية على عينات أنسجة عضلية محفوظة من هذه الأسماك، كما قاموا بقياس النشاط الأيضي لهذه الإنزيمات باستخدام مقياس الطيف الضوئي عبر مجموعة من أعمار أسماك القرش المختلفة ودرجات الحرارة البيئية.

والمثير للدهشة أن كامبليسون وفريقه لم يجدوا أي اختلاف كبير في نشاط التمثيل الغذائي للعضلات عبر مختلف الأعمار، ما يشير إلى أن عملية التمثيل الغذائي لديهم لا يبدو أنها تنخفض بمرور الوقت، وقد تلعب دوراً رئيسياً في طول عمرها.

ويختلف هذا تماماً عن معظم الحيوانات التي تميل إلى إظهار بعض الاختلاف في نشاط الإنزيم الأيضي مع تقدمها في العمر، بحسب كامبليسون.

ويتناقص نشاط التمثيل الغذائي عادة مع التقدم في العمر، ما يؤدي إلى انخفاض كتلة العضلات وقوتها ووظيفتها، وغالباً ما يؤدي إلى حالات مثل ضمور العضلات والضعف.

ويرتبط هذا الانخفاض في النشاط الأيضي بانخفاض وظيفة الميتوكوندريا، وانخفاض نشاط الإنزيم، وتغيير إنتاج الطاقة الخلوية، ما يساهم في عملية الشيخوخة الشاملة ويؤثر على حيوية الكائن الحي وصحته.

ومع ذلك، فإن بعض الأنواع، مثل قرش جرينلاند، تُظهر تكيفات أيضية فريدة تسمح لها بالحفاظ على نشاط استقلابي عضلي مستقر طوال حياتها، ما يشير إلى أن معدل الأيض الثابت قد يلعب دوراً رئيسياً في طول عمرها الاستثنائي، ويُقدّم نظرة ثاقبة حول الاستراتيجيات المحتملة للتخفيف.

قرش جرينلاند لا يُظهر علامات الشيخوخة التقليدية

وتدعم النتائج الفرضية القائلة بأن قرش جرينلاند لا يُظهر علامات الشيخوخة التقليدية نفسها مثل الحيوانات الأخرى.

كما تُظهر نتائج البحث أن الإنزيمات الأيضية لدى قرش جرينلاند كانت أكثر نشاطاً بشكل ملحوظ في درجات الحرارة المرتفعة.

ويوضح كامبليسون: "يشير هذا إلى أن عملية التمثيل الغذائي للعضلات لدى سمك القرش لا تتكيف بشكل خاص مع البيئة القطبية، وإلا كنا نتوقع أن نرى اختلافاً أقل في النشاط المتعلق بدرجات الحرارة".

وفي عالم يتسم بمناخ سريع التغير، قد تكون الأنواع طويلة العمر الأقل قدرة على التكيف هي الأكثر عُرضة لخطر الانقراض.

ويضيف كامبليسون: "قد لا تصبح أنثى قرش جرينلاند ناضجة جنسياً حتى تبلغ من العمر 150 عاماً، ومع مرور جيل طويل كهذا، سيكون لدى هذا النوع فرصة أقل بكثير للتكيف مع التغيرات البشرية في بيئتها".

ويهتم كامبليسون أيضاً بالتطبيقات المحتملة لهذا البحث لفهم أمراض القلب البشرية، "من خلال دراسة قرش جرينلاند وقلبه، قد نتمكن من فهم صحة القلب والأوعية الدموية بشكل أفضل".

تصنيفات

قصص قد تهمك