
أعلن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، في مذكرة داخلية لموظفي شركته، الاثنين، تفعيل "الكود الأحمر" Code Red بهدف تحسين جودة ChatGPT بشكل عاجل، مع تأجيل تطوير منتجات أخرى لإعطاء الأولوية الكاملة لرفع مستوى التجربة اليومية للمستخدمين، لمواجهة تفوق نموذج الذكاء الاصطناعي الجديد الذي تطوره جوجل "جيميناي 3".
ووفق ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، أوضح ألتمان في مذكرته أن OpenAI، لا تزال بحاجة إلى العمل على عدة جوانب أساسية تخص روبوت الدردشة، بما في ذلك تعزيز قدرات التخصيص الفردي للمستخدمين، وزيادة السرعة وتحسين الاستقرار، إلى جانب توسيع قدرة ChatGPT على الإجابة عن نطاق أوسع من الأسئلة.
وتُعد هذه الخطوة المؤشر الأوضح على حجم الضغوط التي تواجهها الشركة في ظل المنافسة المتصاعدة التي تقلّص الفارق التقني بينها وبين الشركات المنافسة.
وفي إطار إعادة توجيه جهودها نحو تحسين ChatGPT، شدد ألتمان في رسالته لموظفيه على أن الشركة، ستؤجل عدداً من المبادرات المهمة التي كانت تعمل عليها، بما في ذلك مشروع الإعلانات، وتطوير وكلاء ذكاء اصطناعي مخصصين في قطاعي الصحة والتسوق، بالإضافة إلى المساعد الشخصي الجديد ChatGPT Pulse.
وشجع ألتمان الموظفين، على قبول التنقل بين الفرق بشكل مؤقت لدعم جهود التطوير، إلى جانب الإعلان عن عقد اجتماع يومي لمتابعة تقدم العمل في تحسين ChatGPT.
وفي مساء اليوم نفسه، أكد رئيس ChatGPT، نيك تيرلي، عبر منصة "إكس"، أن الشركة باتت تركّز على توسيع قاعدة مستخدمي ChatGPT، وتطوير تجربة المستخدمين بشكل "أكثر سلاسة"، مع تعزيز "الطابع الشخصي".
يٌذكر أن تلك مذكرة ألتمان تعتبر الثانية من نوعها خلال شهر تقريباً، فقد أرسل مدير OpenAI التنفيذي لموظفيه، رسالة تنبيهية، إلى أن خطوات جوجل السريعة في سوق الذكاء الاصطناعي، قد تشكل ضغطاً على شركته، معترفاً بأن "جوجل تنجز عملاً رائعاً على كل المستويات"، خاصة في عمليات الإعداد السابقة لتدريب النماذج الذكية.
ورغم اعترافه بأداء جوجل القوي، إلا أن مدير الشركة التي تطور ChatGPT، أكد أن شركته قادرة على مواكبة المنافسة سريعاً.
شدد ألتمان في رسالته، حسبما أورد موقع "ذا إنفورميشن"، على ضرورة توجيه التركيز إلى إحراز تقدم سريع على المدى القصير، لمواجهة ضغط المنافسة من جانب الشركات العاملة في سوق الذكاء الاصطناعي.
ويبدو أن المنافس الأبرز الذي يثير قلق ألتمان هو جوجل، التي طرحت الشهر الماضي نسخة جديدة من نماذج "جيميناي" والتي تفوّقت على نماذج OpenAI في اختبارات معيارية معتبرة، وهو ما انعكس مباشرة على ارتفاع أسهم عملاق البحث.
وتشير البيانات إلى أن "جيميناي" يشهد نمواً لافتاً منذ طرح الجيل الجديد من نموذج توليد الصور Nano Banana Pro في أغسطس الماضي، إذ ارتفع عدد المستخدمين النشطين شهرياً من 450 مليوناً في يوليو الماضي، إلى 650 مليوناً في أكتوبر.
وفي الوقت نفسه، تواجه OpenAI ضغوطاً متزايدة من شركة "أنثروبيك" التي تكتسب نماذجها، شعبية كبيرة، بين الشركات والعملاء المؤسسيين.
وتتزامن هذه التحديات مع التزامات مالية ضخمة تتعلق باستثمارات OpenAI في مراكز بيانات بتكلفة تصل إلى مئات مليارات الدولارات، ما أثار مخاوف في الأسواق بشأن الجدول الزمني الذي يمكن خلاله تحويل تلك الاستثمارات إلى إيرادات حقيقية.
ورغم أن الشركة ما تزال ملكية خاصة، كانت رئيسة الشؤون المالية، سارة فراير، قد أكدت في فعالية نظمتها "وول ستريت جورنال" في نوفمبر الماضي، أنه لن يتم إجراء الطرح العام الأولي، في المدى القريب، إذ ستبقى الشركة مرتبطة مالياً بشكل وثيق بشركاء كبار مثل مايكروسوفت و"إنفيديا" وأوراكل.
كما تشير التوقعات المالية الداخلية، إلى أن OpenAI بحاجة إلى رفع إيراداتها إلى أكثر من 200 مليار دولار بحلول عام 2030، لتتمكن من تغطية نفقاتها فقط، في ظل إنفاق يفوق ما تنفقه منافستها الناشئة أنثروبيك.
تحديات كبرى
وتوضح المذكرة أيضاً، عدم وصول OpenAI إلى الربحية المالية، حتى الآن، ما يجبرها على الدخول في جولات تمويل متتالية لتأمين استمراريتها، وهو ما يضعها في موقع مالي أصعب مقارنةً بشركات عملاقة مثل جوجل التي تموّل استثماراتها من إيراداتها التشغيلية.
ومع ذلك، تمكن ألتمان في الفترة الماضية من تهدئة المخاوف حول الوضع المالي للشركة، معتمداً على قاعدة مستخدمي ChatGPT الهائلة التي تتجاوز 800 مليون مستخدم أسبوعياً، إلى جانب التقدم المستمر الذي تحققه OpenAI في أبحاث الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
وتشير المذكرة إلى أن الشركة تستعد لإطلاق نموذج جديد للاستدلال المنطقي، الأسبوع المقبل، مؤكدة أنه يتفوق على أحدث إصدارات "جيميناي"، وأن أداء الشركة ما يزال قوياً على عدة أصعدة تقنية.
وتلفت مذكرة ألتمان أيضاً إلى تحديات واجهتها OpenAI في الشهور الأخيرة، خصوصاً ما يتعلق بالموازنة بين تعزيز معايير السلامة وتقديم تجربة تفاعلية.
وقد أثار نموذج GPT-5 الذي أُطلق في أغسطس الماضي، شكاوى بعض المستخدمين، الذين رأوا أن ردوده أصبحت أكثر جموداً، فضلاً عن معاناته في الإجابة عن أسئلة حسابية بسيطة وأخرى جغرافية.
ورداً على ذلك، قامت OpenAI بترقية النموذج الشهر الماضي ليصبح أكثر حميمية وقدرة على اتباع التعليمات.
وتشير الوثائق إلى أن الشركة سبق أن دخلت في "حالة إنذار برتقالي" Code Orange ضمن جهودها لتحسين ChatGPT، موضحة أن منظومة الإنذارات في الشركة تعتمد ثلاث درجات هي: الأصفر والبرتقالي والأحمر، للتعبير عن مستوى الاستعجال المطلوب في التعامل مع المشكلات حسب خطورتها.











