ضربات بعمق روسيا تثير تساؤلات عن "قدرات خفية" لمسيرات أوكرانيا

آثار الدمار إثر هجوم بمسيرات أوكرانية على جمهورية تتارستان في روسيا. 2 أبريل 2024 - Reuters
آثار الدمار إثر هجوم بمسيرات أوكرانية على جمهورية تتارستان في روسيا. 2 أبريل 2024 - Reuters
دبي-الشرق

تُظهر موجة الضربات الأخيرة، التي شنتها أوكرانيا على روسيا، قدرات غير معروفة حتى الآن للطائرات بدون طيار الأوكرانية، خاصة الاستخدام المبتكر للطائرة المدنية الصغيرة من طراز A-22، التي يمكن أن تمثل خيار الضربة العميقة بوقت تتردد فيه الدول الغربية في تقديم صواريخ بعيدة المدى لمساعدة كييف.

وبعد وقت قصير من هجمات 2 أبريل على جمهورية تتارستان الروسية، أفادت العديد من وسائل الإعلام الأوكرانية المحلية بأن الهجمات كانت جزءاً من عملية مشتركة قامت بها فروع جهاز الأمن الأوكراني (SBU) ومديرية الاستخبارات الرئيسية للقوات المسلحة (HUR)، بحسب موقع Breaking Defense.

وأكد متحدث الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أندريه يوسوف أن ضربات الطائرات بدون طيار، مثل تلك التي تم تنفيذها على المنشآت العسكرية داخل روسيا، ستستمر و"سيزداد مداها".

والمنشأتان اللتان تعرضتا للقصف هما مصفاة النفط TANECO في المنطقة الصناعية ببلدة نيجنكامسك، والمصنع الذي تم بناؤه مؤخراً لإنتاج سلسلة من الطائرات بدون طيار ذات التصميم الإيراني Shahed-136 /Geran-2 في مدينة ييلابوجا المجاورة. 

وتقع كلتا المنشأتين على بعد أكثر من 1300 كيلومتر خلف الخطوط الروسية، ما يجعل هذه الهجمات هي الأعمق داخل روسيا حتى الآن.

واستخدمت أوكرانيا نوعين من الطائرات بدون طيار بعيدة المدى في هذه الهجمات، وفقاً لتقييم صادر عن الصحيفة الروسية "كوميرسانت".

ويبدو أن الطائرة الأصغر حجماً هي Ukrjet UJ-22. ويبلغ طول جناحيها 4.2 متر، وطولها 3.7 متر، وتبلغ سرعتها القصوى 200 كيلومتر في الساعة، وقدرة حمولة تصل إلى 20 كيلوجراماً.

ويمكن أن تكون عمليات تحميل الذخائر للطائرة الأوكرانية قنابل السقوط الحر، أو أربع قذائف هاون عيار 82 مليمتر، أو 6 قذائف من طراز PG-7VM.

واستخدمت أوكرانيا طائرتين من طراز UJ-22 على الأقل في هذه الهجمات، أصابت إحداهما المهجع الذي تم بناؤه لإيواء عمال إنتاج طائرات شاهد بدون طيار في مصنع ألابوجا. 

وضربت الطائرة الأخرى مصفاة تانيكو، تاركة وراءها جزءاً محطماً من الطائرة بدون طيار. 

ويبدو أن الطائرة بدون طيار، التي جذبت أكبر قدر من الاهتمام في أعقاب هذه الهجمات، هي A-22، التي تعتبر طائرة صغيرة خفيفة للغاية من صنع شركة Aeroprakt. 

والطائرة A-22 عبارة عن تصميم ذو مقعدين يبلغ طول جناحيها 10.1 متراً وطولها 6.3 متراً، ويبلغ وزن الإقلاع الأقصى 450 كيلوجراماً.

وجرى تحديد الطائرة عن طريق الخطأ على أن من المحتمل أن تكون من تصميم سيسنا، وذلك عندما وقعت الهجمات في تتارستان لأول مرة، لكن في حين أن جناحي طائرة A-22 أصغر قليلاً وأقصر من الطائرة الأميركية، فإن الحد الأقصى لوزن الإقلاع لها أقل من نصف طرازات سيسنا 172.

ويوجد نحو 900 من هذه الطائرات التي تم بيعها من قبل الشركة في جميع أنحاء العالم. 

وملء الطائرة بالمتفجرات بدلاً من الطاقم الجوي العادي المكون من شخصين، يجعلها سلاحاً هجومياً عالي الإمكانات. 

قدرة فائقة 

ويصف يوري ميشينكو، مدير ومالك مركز كازان للتدريب على الطيران "أفييتور"، الطائرة A-22 بأنها "طائرة جيدة الصنع".

وقال إن الطائرة، التي طورتها أوكرانيا، تحلق لمدة 6.5 ساعة، أي 750 كيلومتراً، وإذا قمت بإزالة الأشخاص وتركيب خزان إضافي سعة 100 لتر، فهذا يعني حوالي 700 كيلومتر إضافية. 

وأضاف أن من غير المرجح أن يكون وزن معدات التحكم غير المأهولة كبيراً، وهو الحد الأدنى بالنسبة لمستوى الطيران. وتبلغ سرعة التشغيل 140 كيلومتراً في الساعة، والسرعة الاقتصادية القصوى 120 كيلومتراً، وستكون قادرة على الطيران بسلاسة وهدوء شديد ومنخفض.

ويعتقد الخبراء الروس أن الطائرة A-22 كانت على الأرجح تحت التحكم المستمر عن بعد عبر القمر الصناعي، ربما من خلال نظام Starlink.

ويزيد استخدام هذه الطريقة من قدرة الطائرة على تجاوز أنظمة الدفاع الجوي الروسية على الأرض.

ويحتمل أن يتطلع الأوكرانيون إلى تكرار الخدعة باستخدام الطائرة A-22، لأنها بمثابة تهديد غير تقليدي ورخيص نسبياً لتنفيذ ضربة عميقة، وفقاً لفاليري رومانينكو، أحد كبار الموظفين العلميين وخبير الطيران من متحف أنتونوف الحكومي.

وأوضح أن الطائرة تمكنت من التحليق لمسافة 1200 كيلومتر دون أن يتم اكتشافها تقريباً.

وأشار رومانينكو إلى أنه بمجرد تجاوز هذه الطائرات الخطوط الأمامية الروسية، لن يكون هناك مكان داخل روسيا لا يمكن استخدامها لضربه. 

وقال إنه إذا حلقت على ارتفاع منخفض، فيمكن الوصول إلى أي نقطة في روسيا تقريباً دون أي مشاكل، لافتاً إلى أنه إذا كان هذا هدفاً بعيداً، فهو سهل لأنه لا يوجد دفاع جوي هناك. 

ويتم مساعدة مشغلي الطائرات بدون طيار من خلال منتج تجاري آخر. 

ويستخدم مشغلو الطائرات بدون طيار الأوكرانيون برنامجاً أميركياً طورته شركة Palantir في الولايات المتحدة، لرسم خريطة طريق إلى هدف يتجنب مواقع الدفاع الجوي الروسية ومحطات التشويش التي يمكن أن تعطل رابط الاتصال بين الطائرة بدون طيار والمشغل. 

سر التوقيت

استمرت النجاحات في استخدام الطائرات بدون طيار لمهاجمة البنية التحتية العسكرية لموسكو في 5 أبريل، عندما ضرب هجوم آخر بطائرة بدون طيار أوكرانية مطار موروفوسك في منطقة روستوف. 

والقاعدة هي موطن لطائرات Su-24، وSu-24M، والنسخ الحديثة من الطائرات والقاذفات المقاتلة Su-34. 

وجرى تدمير ما لا يقل عن 6 طائرات، وتضررت طائرات أخرى فضلاً عن سقوط 20 عسكرياً روسياً.

وتعتبر قدرة أوكرانيا على إلحاق أضرار جسيمة بالقواعد العسكرية الروسية، والمصانع والمراكز اللوجستية والسفن البحرية وأنظمة الدفاع الجوي، وغيرها من الأهداف ذات القيمة العالية، بطائرات بدون طيار يتم الحصول عليها بأسعار زهيدة؛ قد تفسر افتقار كييف للحماس مؤخراً بشأن استلام أول طائرة من طراز F-16. 

وسيتم نقل هذه الطائرات المستعملة من الدنمارك والنرويج وهولندا، لكن تاريخ التسليم لا يزال غير معروف.

وترجع مشاعر الإحباط داخل أوكرانيا من بطء تسليم طائرات F-16 جزئياً إلى خيبة الأمل التي سادت على مدى عامين تقريباً من المناقشات ذهابا وإياباً بشأن حصول أوكرانيا على الطائرات.

وقالت شركات صناعة الدفاع الأوكرانية في تصريحات لـBreaking Defense إن التأخير أعطى الوقت لروسيا لإنشاء شبكات دفاع جوي أفضل.

وأكد أحد المسؤولين التنفيذيين في الصناعة الأوكرانية، أن وحدات صواريخ سام الروسية حققت حتى الآن الحد الأدنى من النجاح ضد الطائرات بدون طيار، لكنها أكثر استعداداً حالياً للتعامل مع طائرة مقاتلة وفقاً لمعايير الناتو مثل طائرة F-16.

وأشار أحد المسؤولين التنفيذيين الأوكرانيين إلى أن طائرات F-16 تشبه تحديث الدفاعات الجوية BUK من خلال دمج صاروخ RIM-7 في هذه المنصة. 

وأعرب عن أسفه قائلاً: "سينتهي الأمر بهذا البرنامج أيضاً إلى أن يكون ضئيلاً للغاية ومتأخراً للغاية".

تصنيفات

قصص قد تهمك