كيف نجح القادة العسكريون في إقناع المرشد الإيراني بتوجيه ضربة صاروخية لإسرائيل؟

هجوم إيران على إسرائيل.. الاستراتيجية العسكرية تتفوق على السياسة في طهران

منظومة (القبة الحديدية) الإسرائيلية تعترض صواريخ أطلقت من إيران فوق مدينة عسقلان جنوب غربي إسرائيل. 1 أكتوبر 2024 - REUTERS
منظومة (القبة الحديدية) الإسرائيلية تعترض صواريخ أطلقت من إيران فوق مدينة عسقلان جنوب غربي إسرائيل. 1 أكتوبر 2024 - REUTERS
دبي -الشرق

بعد أيام من النقاشات على أعلى مستوى في حكومة إيران، نجح كبار القادة العسكريين الإيرانيين، في فرض رأيهم بإطلاق عشرات الصواريخ الباليستية صوب إسرائيل، الثلاثاء، بعد أن أقنع كبار القادة العسكريين في الحرس الثوري الإيراني المرشد الأعلى علي خامنئي، بأنها المسار الوحيد إذا رغبت إيران بأن تظهر بمظهر القوة، وفقاً لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" عن ثلاثة مسؤولين إيرانيين. 

وفي ظل التصعيد الإسرائيلي في الأيام الأخيرة من هجماته على جماعة "حزب الله"، لم يكن من الواضح كيف، سيكون الرد الإيراني حال عزمه على فعل ذلك. 
 
كان الرئيس الإيراني الجديد، مسعود بيزشكيان، من بين الذين حثوا على ضبط النفس في أول الأمر، لكنه عاد وقال، الثلاثاء، بعد تنفيذ الهجمات الصاروخية، أن ذلك كان عملاً مشروعاً من أجل الدفاع عن النفس. محذراً رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن "إيران لا تسعى للحرب، لكنها ستتصدى بحزم لأي تهديدات"، مضيفاً "هذه لمحة صغيرة من قدراتنا. لا تدخلوا في حرب مع إيران".

ووفقاً لمسؤولين إيرانيين، كان بيزشكيان يحث على الحذر بشكل خاص، محذراً من أن إسرائيل تحاول إيقاع إيران في صراع أوسع، إذ تحدث قبل أيام فقط من اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصر الله.

وشن على إثرها المحافظون الإيرانيون هجوماً على الرئيس والحكومة في حملة قاسية، عبر منصات التواصل الاجتماعي، ووسائل الإعلام الإيرانية، قائلين إن "دعواتهم لضبط النفس تعادل الخيانة"، إذ أشار الهجوم الصاروخي الباليستي على إسرائيل، لمن رجحت كفة النقاش وانتصر، على الأقل في الوقت الحالي.

وخلص كبار القادة العسكريين الإيرانيين، إلى أنه من الضروري ردع إسرائيل وبسرعة، لتخفيف الهجوم الإسرائيلي على "حزب الله" ولبنان، لكن الأهم من ذلك، جادلوا بأن إيران بحاجة إلى التحرك لمنع إسرائيل، من تحويل انتباهها نحوهم.

ووفقاً للمسؤولين الإيرانيين الذين رفضوا كشف أسمائهم، أُطلقت الصواريخ من قواعد الفضاء التابعة للحرس الثوري في كرج وكرمانشاه ومقاطعة أذربيجان. 
 
كما أراد الإيرانيون استعادة المصداقية مع أعضاء "محور المقاومة"، وعكس أي تصور بأن إيران أو حلفاءها الإقليميين ضعفاء. 

القضاء على زخم إسرائيل

وقال علي فايز، مدير شؤون إيران بمجموعة الأزمات الدولية، قبل الضربة الصاروخية، إن هناك توافقاً في إيران بشأن الرد على إسرائيل "من أجل قتل الزخم الذي تمكنت إسرائيل من تحقيقه خلال الأيام القليلة الماضية"، محذراً في الوقت نفسه، من أن القرار قد يؤدي إلى نتائج عكسية.

وقال فايز: "الرد الإيراني الأحادي لا يزال محفوفاً بالمخاطر بشكل كبير؛ لأنه سيعطي مبرراً لإسرائيل للرد على إيران الآن بعد أن أصبحت مكشوفة جداً لأن (حزب الله) في حالة ضعف".

وأضاف: "إذا ضرب الإيرانيون إسرائيل، فهذا يشير إلى أنهم قد حسبوا أن تكلفة عدم التحرك تفوق مخاطر اتخاذ إجراء ضد إسرائيل".

وقال مساعد رفيع المستوى للرئيس الإيراني في مقابلة هاتفية قبل الهجوم الصاروخي، إنه بغض النظر عن تحفظات الرئيس الخاصة بشأن الحرب مع إسرائيل، فإنه سيدعم علناً أي قرار يتخذه خامنئي، كما فعل الثلاثاء.

وأفاد المسؤولون، بأن تحول إيران في الاستراتيجية جاء نتيجة تقييم بين قادتها، بما في ذلك وزير الخارجية عباس عراقجي.

 وقرروا أن إيران قد أساءت التقدير بعدم الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية في يوليو الماضي، وكذلك على اغتيال القائد الإيراني البارز، الجنرال عباس نيلفروشان، إذ اعتقدوا أن ضبط النفس، فُهم على أنه "ضعف".

وأخبر عراقجي مسؤولين آخرين أن الدول الغربية خدعت إيران عندما طلبت منها ممارسة ضبط النفس والسماح بالتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، وفقاً لما ذكره المسؤولون الثلاثة. 

ومن المتوقع أن يتولى خامنئي إمامة صلاة الجمعة في طهران هذا الأسبوع، وسيلقي خطبة من المتوقع أن تحدد نبرة ما سيأتي بعد ذلك، حسبما أفادت وسائل الإعلام الإيرانية.

وعادة ما يقود خامنئي صلاة الجمعة فقط في الظروف الاستثنائية المتعلقة بالأمن الوطني. وكانت آخر مرة قاد فيها الصلاة في عام 2020 بعد اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني.

هجمات متبادلة 

ولمدة تقارب السنة، منذ هجوم 7 أكتوبر الذي قادته "حماس" على إسرائيل، والحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، انخرط "حزب الله" وإسرائيل في هجمات متبادلة. بدأت الأعمال العدائية بعد أن بدأت الجماعة اللبنانية بإطلاق صواريخ عبر الحدود في إظهار للدعم لـ"حماس".

وخلال الهجوم المفاجئ، أطلقت إيران حوالي 180 صاروخاً باليستياً على إسرائيل، بحسب ما قاله الجيش الإسرائيلي. وسقط بعضها، لكن تم اعتراض معظمها، وفقاً لإسرائيل. 

لكن الجيش الإيراني أعد أيضاً مئات الصواريخ للإطلاق من الحدود الغربية في حالة قيام إسرائيل أو حليفها الرئيسي، الولايات المتحدة، بالرد، وفقا لما قاله اثنان من أعضاء الحرس الثوري المطلعين على التخطيط.

وقال الحرس الثوري في بيان: "إذا رد النظام الصهيوني على عملية إيران، فسيواجه هجمات أكثر شراسة".

وجاء في البيان، أن الصواريخ أُطلقت للرد على اغتيال إسرائيل الأسبوع الماضي لحسن نصر الله، أمين عام "حزب الله". وكان نصر الله الشخصية الأقوى في "محور المقاومة" وكان مستشاراً مقربا من خامنئي.

كما كان الهجوم يهدف للانتقام لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، ولقائد إيراني كبير كان مع نصر الله في ذلك الوقت، وفقاً للبيان. 

تصنيفات

قصص قد تهمك