هل الترسانة النووية التكتيكية ضمن خيارات موسكو في حرب أوكرانيا؟

الفرقاطة الروسية "الأدميرال جورشكوف" تُطلق صاروخاً أسرع من الصوت من طراز "تسيركون" خلال تدريبات للقوات النووية - 19 فبراير 2022 - REUTERS
الفرقاطة الروسية "الأدميرال جورشكوف" تُطلق صاروخاً أسرع من الصوت من طراز "تسيركون" خلال تدريبات للقوات النووية - 19 فبراير 2022 - REUTERS
باريس-أ ف ب

طُرحت مجدداً تساؤلات بشأن إمكانية استخدام روسيا أسلحة نووية تكتيكية في حرب أوكرانيا، بعدما حذرت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية من أن موسكو قد تلجأ إلى خطوة كهذه من شأنها أن تشكل تطوراً غير مسبوق منذ عام 1945.

وطرحت الفرضية في السابق بعيد بدء النزاع حينما أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنه أمر قادته العسكريين بوضع "قوة الردع النووية الروسية في حال تأهب".

وجدد مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي.آي.آيه" وليام بيرنز، الخميس، التحذير من أن انتكاسات روسيا العسكرية في أوكرانيا قد تدفع بوتين إلى استخدام سلاح نووي تكتيكي أو منخفض القوة.

وقال بيرنز في كلمة ألقاها بأتلانتا إن "اليأس من شأنه أن يدفع ببوتين والقيادة الروسية نظراً للانتكاسات العسكرية التي يواجهونها حتى الآن" إلى اتخاذ خطوة كهذه.

لكنه أقر بأن الولايات المتحدة لم تر "أدلة عملية" كثيرة على عمليات نشر فعلية لهذه الأسلحة من شأنها أن تفاقم القلق الغربي على هذا الصعيد.

قدرة روسيا النووية

وتمتلك روسيا الكثير من الأسلحة النووية التكتيكية، وهي أقل قوة من القنبلة التي ألقتها الولايات المتحدة على هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية، ويمكن تزويد ناقل يقلّ مداه عن 5 آلاف و500 كلم بها.

وفي نهاية مارس الماضي، قال المحلل بمركز تشاتهام هاوس البريطاني للأبحاث ماتيو بوليج في تصريح لوكالة "فرانس برس"، إنه "على المستوى العمودي. هناك خطر حقيقي. إنهم بحاجة ماسة إلى تحقيق انتصارات عسكرية لاستثمارها سياسياً".

وتابع: "السلاح الكيميائي لن يغير شكل الحرب. لكن سلاحاً نووياً تكتيكياً من شأنه أن يدمر مدينة أوكرانية يمكنه ذلك. إنه أمر غير مرجح لكنه ليس مستحيلاً، وفي حال حصل فإنه سينسف فرضية ردع نووي عمرها 70 عاماً".

والعقيدة العسكرية الروسية مدار جدل. ويؤكد العديد من الخبراء ومسؤولون عسكريون، خصوصاً في واشنطن، أن موسكو تخلّت عن العقيدة السوفييتية التي تقضي بعدم المبادرة لاستخدام السلاح النووي.

وتتميز العقيدة العسكرية الروسية بمبدأ يسمى التصعيد من أجل احتواء التصعيد، والذي قد يشمل شن ضربة أولى بسلاح نووي منخفض القوة لإجبار حلف شمال الأطلسي على التراجع. فيما لم تبدّد المواقف الروسية الصادرة مؤخراً الشكوك التي تحيط بهذا التفسير.

وفي تصريح أدلى به لشبكة "سي.ان.ان" الإخبارية الأميركية قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن روسيا لن تستخدم السلاح النووي في سياق الحرب مع أوكرانيا إلا إذا واجهت "تهديداً وجودياً"، مشيراً إلى أحد أسس العقدية الرسمية الروسية من دون إعطاء أي توضيح.

وتقنياً روسيا مجهزة، فبحسب "مجلة علماء الذرة" "نشرت روسيا 1588 رأساً نووية" بينها 812 رأساً جهّزت بها صواريخ مرابض أرضية، و576 رأساً مجهّزة بها غواصات و200 رأس تم تجهيز قاذفات بها.

وبحسب بافل لوزين المحلل بمركز ريدل للأبحاث ومقره موسكو، يمكن لروسيا أن تستخدم سلاحاً نووياً تكتيكياً "لتثبيط معنويات خصم، ولمنع العدو من مواصلة القتال".

وقال لوزين في تصريح لـ"فرانس برس"، إن الهدف هو في المقام الأول التلويح بهذا السلاح لغايات الردع "لكن في حال أراد الخصم مواصلة القتال، يمكن استخدامه بشكل أكثر صراحة".

لكن حتى في حال حققت التهديدات الهدف منها لا يمكن استبعاد الخطر بشكل كامل، في حين ذكّر مسؤول فرنسي رفيع طالباً عدم كشف هويته بأنه "في حال المراوحة أو الإذلال، يمكن تصور تصعيد عمودي. هذا الأمر هو جزء من الثقافة الاستراتيجية الروسية التي تنص على المضي قدماً في الترهيب والتصعيد بهدف التوصل إلى احتواء التصعيد"، مضيفاً: "بوتين لم يدخل هذه الحرب لكي يخسرها".

لكن آخرين يصرون على استحالة استخدام السلاح النووي، معتبرين أنه إذا قرر بوتين أن يبيد ولو قرية أوكرانية لإظهار مدى تصميمه، فإن كل أشكال الحياة البشرية في المنطقة قد تفنى لعقود.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات