أعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عن رفض إيران "إجراءات تركيا في بناء السدود على المياه الحدودية" بين البلدين، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، الثلاثاء.
وأوضح في كلمة خلال جلسة لمجلس الشوری الإسلامي (البرلمان) أنه "ليس من المقبول أن تقوم تركيا بإجراءات في مجال بناء السدود، تكون نتيجتها مشكلات للشعب الإيراني وشعوب المنطقة.. نعلن بصوت عالٍ معارضتنا لهذه الإجراءات".
وأشار الوزير الإيراني إلى جهود دبلوماسية لحل قضية المياه الحدودية، لافتاً إلى أنه بحث مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو خلال الأشهر الأخيرة "ثلاث مرات على الأقل هذه القضية".
تأثيرات سلبية
وشدد وزير الخارجية الإيراني على أنه طالب وزير الخارجية التركي بـ"إیلاء الاهتمام الجاد تجاه ما يجري بشأن بناء السدود على نهر أراس الحدودي، وذلك على أساس سياسة حسن الجوار".
وتابع "لم يكن هناك اتفاق ثنائي بين طهران وأنقرة بشأن التعاون المائي في الماضي، لكننا قدمنا طلباً إلى الحكومة التركية قبل أربعة أشهر لإنشاء لجنة مياه ثنائية مشتركة لمعالجة المخاوف في هذا المجال، لنتأکد من أن السدود التركية ليس لها تأثير سلبي على المیاه التي تجري في تركيا وتمتد إلی داخل أراضينا".
وأكد عبد اللهيان أن فريقاً من خبراء وزارة الخارجية ووزارة الطاقة الإيرانية قام بزيارة إلى تركيا كما أن من المقرر أن يزور وفد من تركيا إيران قريباً، بحسب "إرنا".
وأوضح وزير الخارجية أن "جميع الإجراءات القانونية والسياسية بين إيران وتركيا قد أنجزت بهذا الصدد"، لافتاً إلى أنه أجرى محادثات مسهبة مع الجانبين العراقي والتركي حول قضية بناء السدود".
وكانت وزارة البيئة الإيرانية حذرت بالفعل من أن تحرك أنقرة لبناء سد على نهر دجلة سيشكل تهديداً بيئياً خطيراً للعراق وإيران من خلال تقليل تدفق مياه دجلة إلى الأراضي العراقية بنسبة 56%، وفقاً لوكالة "تسنيم" الإيرانية.
وعلى مدار الـ50 عاماً الماضية، قامت شركة الأشغال الهيدروليكية الحكومية في تركيا (المعروفة بالاختصار التركي DSI) ببناء 22 سداً و19 محطة للطاقة الكهرومائية على نهري دجلة والفرات، كجزء من مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) الذي تبلغ تكلفته مليارات الدولارات.
وترك تأثير هذا المشروع على الأنهار الواقعة في اتجاه مجرى النهر أجزاءً كبيرة من سوريا والعراق في جفاف شديد، وهو ما فاقم الأزمة بين العراق وإيران.
مشكلة إقليمية
وكان وزير الموارد المائية العراقي مهدي الحمداني قال في أبريل إن مخزون المياه في البلاد انخفض إلى النصف مقارنةً بالعام الماضي.
وأكد أن "المشاريع الإيرانية تحرم البلاد من 20% من مواردها المائية، وستتسبب بالتالي في دمار كبير في العراق"، إلا أن طهران نفت هذه المزاعم وقالت الأسبوع الماضي إن 7% فقط من مياه العراق تجري من إيران والباقي يجري من تركيا.
وخاض العراق مفاوضات عسيرة مع طهران لحل الأزمة، لكن مسؤولاً عراقياً قال لـ"الشرق"، إن المفاوضات مع طهران "لم تُفضِ إلى أي حل".
وبحسب "إرنا"، قال السفير الإيراني في العراق إيرج مسجدي، إن ملف المياه "مشكلة إقليمية ولا تنحصر بدولة واحدة"، مؤكداً أن "إيران ستتعاون بشكل كامل مع العراق في هذا الملف".
وأضاف أن طهران "لم تقم بخفض مناسيب المياه المشتركة مع العراق"، مطالباً بحل هذه المشكلة بالتعاون مع جميع دول المنطقة.
أما في سوريا، فانخفض تدفق نهر الفرات في البلاد، إذ أطلق خبراء ومنظمات إنسانية تحذيرات من كارثة في شمال سوريا وشمال شرقها، تهدد سير العمل في سدود النهر التي أدى تراجع منسوب المياه بها منذ يناير، إلى انقطاع المياه والكهرباء عن ملايين السكان.
وتقع المناطق المهددة بالجفاف تحت سيطرة الإدارة الذاتية الكردية، ويتهم كثيرون تركيا بمنع المياه واستخدامها كسلاح ضد المقاتلين الأكراد، الأمر الذي نفاه مصدر دبلوماسي تركي لوكالة "فرانس برس"، مرجعاً أسباب الجفاف إلى التغير المناخي.
كورا وأراس
وعلى مدى العقدين الماضيين، قامت تركيا أيضاً بإقامة سدود على موارد المياه في كل من نهري "كورا" الذي ينبع من شمال شرق تركيا عبر جوريا مروراً بأذربيجان حيث يصب في بحر قزوين، و"أراس" المعروف أيضاً باسم "آراكس" ويقع بين تركيا وأرمينيا وأذربيجان وإيران، ويعد شرياناً حيوياً في المنطقة الشمالية الغربية لإيران.
زادت تركيا بشكل كبير من جهودها لبناء السدود في نهر أراس، فأنشأت عدداً أكبر من السدود هناك، وبحسب "تسنيم"، بنت أنقرة في عامين منذ 2012 إلى 2014، 6 محطات للطاقة الكهرومائية في أراس، وتخطط حالياً لبناء ثماني محطات أخرى فيه.
ومن المنتظر أن تنفذ تركيا المزيد من المشروعات الكبيرة المحتملة التي لا تزال على قائمة الانتظار، ومن بينها، يبرز بشكل خاص سد تم الإعلان عنه مؤخراً بارتفاع 113 متراً وبطاقة استيعابية تبلغ 1.4 مليار متر مكعب.
وبشأن عدم تقديم إيران لشكوى ضد أنقرة على الصعيد الدولي، قال عبد اللهيان: "لو كانت تركيا عضواً في معاهدة نيويورك 1997 لكان بإمكاننا المضي بهذه القضية عن طريقها، إلا أننا اليوم نتابع القضية عن طريق اللجنة الحدودية المشتركة، وكذلك في إطار العلاقات الدبلوماسية".
نهر هلمند
وفي سياق متصل، أعرب الوزير الإيراني عن استيائه من طريقة تعاطي مجلس الحكم الأفغاني المؤقت والذي شكلته حركة طالبان، بملف نهر هلمند الحدودي، قائلاً إن "قضية حقوق إيران المائية تعتبر أحد الأمثلة لاختبار العلاقات بين إيران وأفغانستان".
ورداً على سؤال بشأن سبب عدم اتخاذ إجراءات جادة في ما يتعلق بالأنهار الحدودية، بما في ذلك نهر هلمند، أعلن عبد اللهيان عقد اجتماعات مشتركة بین لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني ووزارة الخارجية لبحث هذه القضیة قریباً.
وأضاف أن "الجهود التي يبذلها نواب مجلس الشورى لمتابعة حقوقنا المائية في ما يتعلق بالأنهار الحدودية توفر لنا الأرضیة المناسبة لمتابعة هذه القضية".
وينبع نهر هلمند الذي يقدر طوله بـ 1150 كم من سلسلة جبال بابا في وسط أفغانستان، ويعبر الحدود مع إيران ويسمح بريّ نحو 140 ألف هكتار من الأراضي الزراعية في جنوب شرقي إيران. ومنذ سنوات تشهد المنطقة جفافاً متكرّراً.
وكانت حركة طالبان أعلنت في أبريل الفائت، التزامها بكل تعهداتها بخصوص حق إيران المائي، مشيرة إلى أنها "مستعدة للمحادثات لتسوية المشكلة وإزالة القلق الإيراني".
وكان المتحدث بإسم طالبان ذبیح الله مجاهد أعلن في وقت سابق عن ارتياحه للعلاقات القائمة بين بلاده وإيران، مؤكداً التزام أفغانستان بالاتفاقيات المبرمة بخصوص حق إيران المائي.
لكن في أواخر يناير الماضي، هاجم قرويون إيرانيون شاحنات أفغانية في جنوب شرقي البلاد عند الحدود بين البلدين خلال تظاهرة للمطالبة بحصتهم من مياه نهر هلمند، وفق ما أوردت وكالة "إرنا" الرسمية.
وجرت تظاهرات مماثلة أمام القنصلية الأفغانية في زاهدان عاصمة محافظة سيستان بلوشستان، رغم حظر السلطات هذا التحرك.
اقرأ أيضاً: