حاولت كوريا الجنوبية واليابان تسوية نزاع بشأن تعويضات عن عمالة قسرية لكوريين أثناء الحرب العالمية الثانية، في خلاف قوّض علاقاتهما وسبّب صعوبات لواشنطن، التي تعتمد على تعاون حليفيها من أجل استتباب الأمن في المنطقة، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ".
وأعلن وزيرا الخارجية، الكوري الجنوبي بارك جين والياباني يوشيماسا هاياشي، خلال اجتماع في طوكيو الاثنين، عزمهما السعي للتوصّل إلى حلّ مبكّر لملف التعويضات، علماً أن كوريين أُرغموا على العمل في مصانع ومناجم يابانية، خلال الاستعمار الياباني لشبه الجزيرة الكورية، بين عامَي 1910 و1945.
وأبلغ بارك هاياشي، أن حكومته ستسعى إلى حلّ في المحاكم بكوريا الجنوبية، بشأن بيع أصول لشركتين يابانيتين صودرت من أجل تعويض العاملين.
وسيبقى بارك الذي يجري أول زيارة رسمية لوزير خارجية كوري جنوبي إلى طوكيو منذ نحو 5 سنوات، حتى الأربعاء، وقد يلتقي رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، بحسب هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية "إن إتش كيه".
ملف العمالة القسرية
وسعى الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، وهو محافظ تولّى منصبه في مايو الماضي، إلى تحسين العلاقات مع طوكيو. كذلك دعم سياسات أمنية تتخذ موقفاً أكثر صرامة بشأن كوريا الشمالية والصين، وتتماشى مع سياسات اليابان، في خطوة تساعد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، في جهود تشكيل جبهة موحّدة بين شريكيها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وفق "بلومبرغ".
وأشارت الوكالة إلى أن يون لديه خيارات جيدة محدودة لحلّ ملف تعويض العمالة القسرية، والذي شكّل مصدر قلق بالغ لسلفه التقدمي مون جاي إن.
وتعتبر اليابان أن الملف "سُوّي بالكامل ونهائياً"، بموجب اتفاق أُبرم عام 1965 وشمل إقامة علاقات دبلوماسية بين الجانبين ودفع طوكيو تعويضات للمتضررين. ويُرجّح ألا تساند طوكيو خطة يطرحها يون من أجل تأسيس صندوق مشترك بين الحكومتين، إذ أن اليابان لا تزال غاضبة بعدما أحبط مون صندوقاً للنساء اللواتي تم الاتجار بهنّ في بيوت الدعارة التابعة للجيش الإمبراطوري الياباني.
واستبعدت "بلومبرغ" أن يحصل يون على أموال من أجل تأسيس صندوق مشترك، أو أن تدفع كوريا الجنوبية بمفردها، من برلمان يحظى فيه "الحزب الديمقراطي" بزعامة مون بالأغلبية، ويحضّ اليابان على إبداء "ندم مناسب" على ممارساتها السابقة.
ويجازف يون بإثارة مزيد من النفور الشعبي في كوريا الجنوبية، من خلال تحرّكات تُعتبر تودداً إلى اليابان، علماً أن معدل شعبيته سجّل تراجعاً قياسياً بالنسبة إلى رئيس مُنتخب حديثاً في البلاد.
وقال تشيون سيونج وون، وهو سكرتير سابق للاستراتيجية الأمنية في مكتب الرئاسة بكوريا الجنوبية: "يبدو أن يون يفتقر إلى خيارات رائدة كثيرة، يمكن أن تسوّي هذه المشكلة دفعة واحدة. المشكلة الحقيقية هنا تكمن في ما إذا كان يون لا يزال قادراً على المضيّ في تحسين العلاقات الثنائية (مع طوكيو)، رغم انخفاض معدل شعبيته".
تصفية أصول شركتين يابانيتين
في غضون ذلك، تنظر محاكم كورية جنوبية في ملفات بشأن العمالة القسرية، وقضت منذ أواخر عام 2018 بأن عمالاً لم يحصلوا على تعويض مناسب عن معاناتهم. وتبلّغت اثنتان من أضخم الشركات اليابانية، هما "ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة" و"نيبون ستيل آند سوميتومو ميتال كورب"، أوامر بتصفية أصولهما في كوريا الجنوبية من أجل دفع تعويضات. ووصفت طوكيو هذه القرارات بأنها غير قانونية وتنتهك اتفاقاتها مع سول.
كان كيشيدا وزيراً للخارجية عندما أبرم البلدان ما اعتبراه آنذاك اتفاقاً "نهائياً لا عودة عنه" في عام 2015، من أجل تعويض نساء تم الاتجار بهنّ في بيوت دعارة في الخطوط الأمامية للجبهة خلال الحرب العالمية الثانية.
لم ينجح يون في تأمين لقاء خاص مع كيشيدا، على هامش قمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" التي عُقدت في مدريد الشهر الماضي، رغم أنهما تحدثا لفترة وجيزة خلال عشاء استضافه ملك إسبانيا فيليبي السادس، وعقدا اجتماعاً ثلاثياً مع بايدن.
اقرأ أيضاً: