بعد 20 عاماً على الغزو.. لماذا تبقى القوات الأميركية في العراق؟

فرقة أميركية مدرعة تعبر إلى الحدود العراقية من الكويت بعد تقدم فرقة مدرعة محمولة جواً 150 كيلومتراً داخل العراق. 21 مارس 2003 - REUTERS
فرقة أميركية مدرعة تعبر إلى الحدود العراقية من الكويت بعد تقدم فرقة مدرعة محمولة جواً 150 كيلومتراً داخل العراق. 21 مارس 2003 - REUTERS
دبي - الشرق

بعد 20 عاماً على الغزو الأميركي للعراق، والذي بدأ بعملية قصف عنيف أُطلق عليها "الصدمة والترويع"، لا تزال القوات الأميركية تحافظ على تواجد صغير، ولكنه مستمر في البلاد؛ ورغم أن السبب الرسمي لعودة القوات في 2014 بعد الانسحاب الكامل في 2011، هو مواجهة تنظيم "داعش"، إلا أن هذا لم يعد السبب الرئيسي وراء بقائها، وفق تقرير لوكالة "أسوشيتد برس".

وينتشر ما يقرب من 2500 جندي أميركي في جميع أنحاء العراق، ويتواجد معظمهم في منشآت عسكرية في بغداد وشمال البلاد.

ورغم أن هذا العدد أقل بكثير من عدد القوات الأميركية التي تواجدت في العراق في ذروة الحرب في عام 2007، عندما بلغ أكثر من 170 ألف جندي، يقول مسؤولون أميركيون إن التواجد المحدود والمستمر في البلاد ضروري لإظهار "الالتزام تجاه المنطقة، والتحوّط من مخاطر النفوذ الإيراني، وتهريب الأسلحة".

بداية التواجد الأميركي

بدأ الغزو الأميركي للعراق في 19 مارس 2003 بحملة قصف ضخمة أضاءت السماء، أطلقت عليها الولايات المتحدة "الصدمة والترويع"، تسببت في تدمير أجزاء كبيرة من البلاد، ومهدت السبيل للقوات البرية الأميركية للوصول إلى بغداد.

واستند الغزو إلى مزاعم بأن نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، كان يخفي "أسلحة دمار شامل"، ولكن تبين لاحقاً أن هذه المزاعم خاطئة. وأدى الغزو إلى الإطاحة بصدام حسين من السلطة.

ورغم ترحيب العديد من العراقيين بالإطاحة بصدام، لكنهم شعروا بخيبة أمل بسبب "عجز الحكومة عن استعادة الخدمات الأساسية، والمعاناة الإنسانية الناجمة عن المعارك المستمرة"، وفق "أسوشيتدبرس".

وأدى "الشعور بالاستياء والصراع على السلطة"، إلى تأجيج الصراع الدائر، إلى أن انسحبت الولايات المتحدة بشكل كامل من العراق في ديسمبر 2011. ولعب الانقسام دوراً رئيسياً في انهيار قوات الشرطة والجيش في البلاد أمام هجوم تنظيم "داعش" الذي اجتاح العراق وسوريا في عام 2014، وفق الوكالة.

عودة القوات الأميركية

دفع ظهور تنظيم "داعش"، الذي استمد جذوره من الجماعات التابعة لتنظيم "القاعدة"، وتهديده المتزايد للولايات المتحدة وحلفائها في جميع أنحاء أوروبا، الولايات المتحدة إلى العودة إلى العراق بطلب من الحكومة العراقية في عام 2014.

وشن التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة حملات قصف جوي في العراق ثم سوريا، واستأنف جهداً كبيراً في عمليات التدريب وتقديم المشورة للجيش العراقي. واستمرت جهود التحالف بدعم من قوات تابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، حتى بعد القضاء على حملة تنظيم "داعش" لإنشاء ما أسماه بـ"دولة الخلافة" في مارس 2019.

ويتمركز نحو 2500 جندي أميركي في قواعد مشتركة مع القوات العراقية، حيث يقدمون التدريب والمعدات للقوات هناك. ولكن العدد الإجمالي للقوات يتغير، ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) لم تكشف عن عدد قوات العمليات الخاصة الأميركية التي تتحرك بانتظام داخل وخارج البلاد لمساعدة القوات العراقية، أو تسافر إلى سوريا لتنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب، وفقاً لـ"أسوشيتد برس".

ونقلت الوكالة عن الجنرال المتقاعد من قوات مشاة البحرية الأميركية، فرانك ماكنزي، والذي كان القائد الأعلى للقوات الأميركية في الشرق الأوسط من عام 2019 إلى عام 2022، قوله، إن "العراق لا يزال يتعرض لضغوط بسبب "داعش". سنساعدهم على مواصلة القتال. لقد فعلنا الكثير من الأمور لمساعدتهم على تحسين سيطرتهم على سيادتهم، التي تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للعراقيين".

جنود على الأرض 

يتمثل السبب الذي يُقال كثيراً لاستمرار تواجد القوات الأميركية في العراق في مساعدة القوات هناك على محاربة العناصر المتبقية من تنظيم "داعش"، ومنع عودته مجدداً.

ولكن السبب الرئيسي بحسب "أسوشيتد برس"، يتمثل في إيران، إذ "يثير النفوذ السياسي لطهران، وقوة الفصائل المسلحة في العراق، وفي جميع أنحاء المنطقة مخاوف أمنية لدى الولايات المتحدة منذ سنوات". 

ولفتت الوكالة إلى أن تواجد القوات الأميركية بالعراق "يزيد من صعوبة تهريب الأسلحة الإيرانية عبر العراق وسوريا إلى لبنان ليستخدمها وكلاؤها، بما في ذلك جماعة حزب الله اللبنانية، ضد إسرائيل".

وينطبق الشيء نفسه على تواجد القوات الأميركية بالقرب من قاعدة "التنف" العسكرية في جنوب شرق سوريا، التي تتواجد على طريق حيوي يمكن أن يربط القوات المدعومة من إيران من طهران إلى جنوب لبنان. وتعرقل القوات الأميركية في كل من العراق وسوريا، ما يُمكن أن يكون جسراً لإيران إلى شرق البحر المتوسط، وفق "أسوشيتد برس".

وتقدم القوات الأميركية في العراق دعماً لوجستياً هاماً، وغيره من أشكال الدعم للقوات الأميركية في سوريا، التي تتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي يقودها الأكراد في محاربة تنظيم "داعش".

وتشن الولايات المتحدة غارات جوية وعمليات أخرى تستهدف قادة "داعش"، كما تدعم قوات سوريا الديمقراطية في حراسة الآلاف من عناصر "داعش"، وأفراد عائلاتهم المسجونين في سوريا.

ونجح القادة العسكريون في صد جهود الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، لسحب قوات من سوريا والعراق. وقالوا إنهم يجب أن يكونوا قادرين على إرسال القوات والمعدات من العراق إلى سوريا بسرعة إذا حدث أي شيء يعرض القوات الأميركية هناك للخطر.

وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، خلال زيارته إلى بغداد مؤخراً، إن القوات الأميركية مستعدة للبقاء في العراق، للعب دور غير قتالي، بدعوة من العراق. 

الغزو الأميركي للعراق بالأرقام

بعد انسحاب آخر القوات الأميركية من العراق في ديسمبر 2011، لقى عشرات الآلاف من المدنيين العراقيين حتفهم، إلى جانب 4487 جندياً أميركياً. وسقط أكثر من 3500 جندي في أعمال عدائية، وتُوفي ما يقرب من 1000 جندي في حالات غير قتالية بين عامي 2003 و2011. وأُصيب أكثر من 32 ألف جندي بجروح.

وقدمت الولايات المتحدة 60.64 مليار دولار لتمويل قوات الأمن العراقية وإعادة إعمار المدن في الفترة من عام 2003 حتى عام 2012، وفقاً للمفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق. وخصصت واشنطن 20 مليار دولار من هذا المبلغ لتمويل، وتجهيز، وتدريب قوات الأمن العراقية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات