تصدر الرئيس رجب طيب أردوغان، نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التركية بحصوله على 49,5% من الأصوات خلافاً للتوقعات، واستطلاعات الرأي التي توقع بعضها فوز منافسه الأبرز كمال كيليجدار أوغلو من الجولة الأولى.
وحصل كيليجدار أوغلو على 44.88%، ما يعني فشل كليهما في الوصول إلى عتبة 50% من الأصوات، وتوجههما إلى جولة إعادة بعد أسبوعين.
وهناك خمس ملاحظات يمكن استخلاصها من الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية التركية 2023.
1- الاقتصاد "ليس الأهم"
هبوط الليرة التركية الذي أدَّى إلى رفع التضخم إلى 85% في الخريف، كان يعتبر عائقاً أمام أردوغان.
لكن الرئيس التركي الذي رفع ثلاث مرات خلال سنة الحد الأدنى للأجور، كثّف وعود حملته الانتخابية، وبينها مضاعفة رواتب موظفي القطاع العام.
هذه الإجراءات أقنعت شريحة من الناخبين، في بلد "لا يعتبر فيه التصويت الاقتصادي مهماً بقدر ما يراه المعلقون"، كما يقول بيرك إيسن الباحث في العلوم السياسية في جامعة سابانجي في إسطنبول.
ولإعادة الاقتصاد إلى مساره، وعدت المعارضة برفع أسعار الفائدة لخفض التضخم إلى ما دون 10% "في غضون عامين".
ويرى أستاذ الاقتصاد الدولي أوميت أكجاي، أن وعود المعارضة، والتي من المرجح أن تؤدي إلى إبطاء النشاط، "لم تثر حماسة لدى الأشخاص الذين يواجهون صعوبات أساساً".
2- تصويت الأكراد "لا يكفي"
يلفت يوهانان بنحاييم، من المعهد الفرنسي لدراسات الأناضول في إسطنبول، إلى أنَّ "تصويت الأكراد هو الذي يفسر النتيجة الجيدة للمعارضة".
ونال كمال كيليجدار أوغلو أفضل النتائج في المحافظات الواقعة في جنوب شرق البلاد ذي الغالبية الكردية، لا سيما في دياربكر، حيث حصل على 72% من الأصوات بعد التفاف حزب الشعوب الديموقراطي المؤيد للأكراد حوله.
لكن الناخبين الأكراد، الذين لطالما كانوا يعتبرون "صانعي ملوك" في الانتخابات الرئاسية، لم يتمكنوا هذه المرة من تغيير نتيجة الانتخابات.
ويقول بيرم بلجي، الباحث في CERI-Sciences Po، إن "استراتيجية أردوغان القائمة على ربط المعارضة بالأكراد وبحزب العمال الكردستاني والإرهاب، تبين أنها ناجحة".
3- زلزال تركيا.. "تداعيات محدودة"
وعبّر ناجون عن غضبهم بعد الزلزال المدمر الذي ضرب البلاد في 6 فبراير، متهمين الدولة بالتأخر في الوصول إلى محافظاتهم لمساعدتهم، لا سيما في أديامان وهاتاي.
لكن أردوغان وعد بإعادة بناء 650 ألف منزل للناجين من الزلزال في أسرع وقت ممكن. وبحسب بيرك إيسن، فإن "الرسالة بدت ذات مصداقية" لقسم من الناخبين.
وهكذا، احتفظ الرئيس التركي بنتائج عالية جداً في غالبية المحافظات المتضررة ونال 72% من الأصوات في قهرمان مرعش، و69% في ملطية، و 66% في أديامان. وفي هاتاي، بقيت نتيجته على حالها عند 48%.
4- سنان أوغان.. "اختراق قومي"
شكل الاختراق الذي حققه المرشح القومي سنان أوغان، إحدى مفاجآت الاقتراع. نال هذا النائب السابق أكثر من 5% من الأصوات.
ويقول أوموت أوزكيريملي، الباحث في معهد برشلونة للأبحاث الدولية، إن "القومية مكون في المشهد السياسي التركي"، مضيفاً: "هي عنصر ثابت منذ التسعينات".
ويمكن تفسير ثقل القوميين الذين جمعت تنظيماتهم المختلفة، الأحد، 22% من الأصوات في الانتخابات التشريعية التي جرت تزامناً مع الانتخابات الرئاسية، أيضاً عبر مسألة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا.
ويقول يوهانان بنحاييم: "التغير الأكبر للوضع هو أن اليمين وأقصى اليمين باتا بشكل كبير ضمن اللعبة".
5- استطلاعات الرأي "ليست حاسمة"
وكل استطلاعات الرأي أو معظمها، أظهرت تقدم كيليجدار أوغلو على أردوغان، حتى أن بعضها توقع فوز المعارض اعتباراً من الدورة الأولى.
لكن الرئيس التركي أثبت أنها على خطأ بحصوله على 49,50% من الأصوات، رغم عدم حسم المعركة من الجولة الأولى كما حصل في 2018.