اتفقت السعودية وروسيا على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وأهمية التزام إيران بسلمية برنامجها النووي وإجراء مفاوضات شاملة تشارك بها دول المنطقة، ودعم التوصل إلى حل سياسي شامل لأزمة اليمن، ودعم استقرار سوريا ووحدة أراضيها، فضلاً عن تعزيز التعاون المشترك بين الرياض وموسكو في العديد من المجالات.
وصدر بيان سعودي روسي مشترك الخميس، عقب زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى العاصمة السعودية الرياض، حيث التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في قصر اليمامة الأربعاء، وعقدا جلسة مباحثات رسمية، استعرضا خلالها العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين البلدين، وسبل تطويرها في جميع المجالات، وتبادل وجهات النظر حول الأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة.
وأشاد الجانبان بالتعاون الوثيق بينهما في مجال الطاقة، وبالجهود الناجحة لدول مجموعة "أوبك+" في تعزيز استقرار أسواق البترول العالمية، وأكدا أهمية استمرار هذا التعاون، وضرورة التزام جميع الدول المشاركة بـ"اتفاقية أوبك+"، بما يخدم مصالح المنتجين والمستهلكين، ويدعم نمو الاقتصاد العالمي.
واتفق الجانبان على أهمية تعزيز التنسيق والتعاون بين البلدين في المنظمات الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومجموعة العشرين لمواجهة التحديات الاقتصادية التي يمر بها العالم.
وقف إطلاق النار في غزة
وقال البيان إن الرئيس الروسي وولي العهد السعودي ناقشا تطورات الأوضاع في فلسطين، وأعربا عن بالغ قلقهما حيال الكارثة الإنسانية في غزة، وشددا على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وضرورة حماية المدنيين وفقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
وشددا على ضرورة تمكين المنظمات الدولية الإنسانية من القيام بدورها في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الشعب الفلسطيني بما في ذلك منظمات الأمم المتحدة، خاصة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) ودعم جهودها في هذا الشأن.
وأكد الجانبان أنه "لا سبيل لتحقيق الأمن والاستقرار في فلسطين إلا من خلال تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بحل الدولتين، بما يكفل تهيئة الظروف المناسبة للتعايش السلمي والتنمية الاقتصادية وتمكين الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه المشروعة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
وثمن الجانب الروسي استضافة المملكة للقمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية في الرياض، وما أثمرت عنه من قرارات تجاه الأحداث الجارية في فلسطين، مشيداً بقيادة المملكة للجهود المبذولة في تنفيذ قرارات القمة لبلورة تحرك دولي لوقف العدوان على غزة، بحسب البيان.
الأزمة الأوكرانية
وفيما يخص الأزمة في أوكرانيا، أعرب الجانب الروسي عن تقديره للجهود الإنسانية والسياسية التي يقوم بها الأمير محمد بن سلمان، ومنها الإفراج عن عدد من الأسرى من جنسيات مختلفة، والجهود المستمرة في هذا الشأن.
الشأن اليمني
وفي الشأن اليمني، أكد الجانبان دعمهما الكامل للجهود الأممية والإقليمية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.
وأشاد الجانب الروسي بجهود المملكة لتشجيع الحوار والوفاق بين الأطراف اليمنية، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية لكل مناطق اليمن، وما تقدمه المملكة من دعم مالي لمعالجة الأوضاع المالية الصعبة التي تواجه الحكومة اليمنية، والمشاريع التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.
العلاقات مع إيران
ورحب الرئيس الروسي، خلال اللقاء، باستئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، معرباً عن أمله في أن تسهم هذه الخطوة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وبما يحفظ سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.
وأكد الجانبان أهمية التزام إيران بسلمية برنامجها النووي، والتعاون بشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأهمية تضافر الجهود في إجراء مفاوضات شاملة تشارك فيها دول المنطقة، وتتناول مصادر تهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
استقرار سوريا
وفي الشأن السوري، أشاد الجانبان بقرار جامعة الدول العربية استئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة والمنظمات والأجهزة التابعة لها، وأعربا عن تطلعهما في أن يسهم ذلك في دعم استقرار سوريا ووحدة أراضيها، وحل الأزمة وتسيير العودة الطوعية الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم.
صراع السودان
وتطرق الجانبان إلى الأزمة في السودان، وأكدا أهمية البناء على إعلان جدة (الالتزام بحماية المدنيين في السودان) الموقع بتاريخ 11 مايو الماضي، والترتيبات الإنسانية في إطار القانون الدولي الإنساني الموقع بتاريخ 20 من الشهر ذاته، لإنهاء الصراع القائم في السودان وعودة الحوار السياسي بين جميع الأطراف.
ورحبا بالتقدم المحرز في محادثات جدة الثانية بتاريخ 7 نوفمبر الماضي، واستئناف الحوار بين طرفي الصراع في السودان بهدف الوصول إلى وقف دائم للأعمال القتالية، وبما يسهم في تخفيف معاناة الشعب السوداني.
وأشاد الجانب الروسي بجهود المملكة في عمليات إجلاء عدد من رعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، وما قدمته من مساعدات إغاثية وإنسانية للشعب السوداني.
تعاون دفاعي
وفي الجانب الدفاعي والأمني، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون الدفاعي، بما يدعم ويحقق المصالح المشتركة بين البلدين. وأكدا رغبتهما في تعزيز التعاون الأمني القائم، والتنسيق حيال الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك مكافحة الجرائم بجميع أشكالها، ومكافحة الإرهاب والتطرف وتمويلهما، وتبادل المعلومات لمواجهة التنظيمات الإرهابية، بما يحقق الأمن والاستقرار في البلدين.
وأكد الجانبان عزمهما العمل على تعزيز وتنسيق التعاون الدولي الثنائي فيما بين الأجهزة المعنية لديهما لمكافحة جرائم الفساد العابرة للحدود بجميع أشكالها، وملاحقة مرتكبيها، واسترداد العائدات المتحصلة من جرائم الفساد، وذلك من خلال الاستفادة من شبكة العمليات العالمية لسلطات إنفاذ القانون المعنية بمكافحة الفساد GlobE.
تغير المناخ
ورحب الجانب الروسي بمبادرتي (السعودية الخضراء) و(الشرق الأوسط الأخضر)، اللتين أطلقتهما المملكة، مؤكداً دعمه لجهود السعودية في مجال التغير المناخي من خلال تطبيق نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته المملكة، وأقره قادة دول مجموعة العشرين.
وأكد الجانبان أهمية الالتزام بمبادئ الاتفاقية الإطارية للتغير المناخي، واتفاقية باريس، وضرورة تطوير الاتفاقيات المناخية وتنفيذها بالتركيز على الانبعاثات دون المصادر.
تعزيز العلاقات
وفي المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، أشاد الجانبان بنمو حجم التجارة في العام 2022 بمعدل (46%) مقارنة بالعام 2021، منوهين بحجم المصالح الاقتصادية المشتركة بين البلدين، مؤكدين عزمهما مواصلة العمل المشترك على تعزيز وتنويع التجارة بينهما، والعمل على تكثيف التواصل بين القطاع الخاص في البلدين لبحث الفرص التجارية والاستثمارية الواعدة وتحويلها إلى شراكات فاعلة.
وأكد الجانبان استمرار العمل في سبيل تعزيز الاستثمارات المتبادلة والمشتركة بين البلدين، وتمكين القطاع الخاص، وتبادل الزيارات، وعقد المنتديات والفعاليات الاستثمارية المشتركة، وتطوير البيئة الجاذبة للاستثمار، وتوفير الممكنات اللازمة، ومعالجة أي تحديات في هذا المجال.
واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في مجالات "البترول والغاز"، مثل الشراء والتوريد والتوحيد القياسي للمعدات في مجال البترول والغاز، وخدمات البحث والتطوير في البترول والغاز، والبتروكيماويات، وتقييم استخدام التقنيات الحديثة في هذا المجال بين الشركات في البلدين، والاستخدامات السلمية للطاقة النووية، والكهرباء والطاقة المتجددة بما في ذلك الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الجوفية والحرارية، وتطوير مشروعاتها وتقنياتها، وتطوير سلاسل الإمداد لقطاعات الطاقة واستدامتها، وتمكين التعاون بين الشركات لتعظيم الاستفادة من الموارد المحلية في البلدين بما يسهم في تحقيق مرونة إمدادات الطاقة وفعاليتها، وكفاءة الطاقة وترشيد استهلاكها ورفع الوعي بأهميتها.
واتفقا على تعزيز التعاون في "المجال العلمي الجيولوجي وتبادل المعرفة" بما يسهم في زيادة القدرات الفنية الجيولوجية من خلال الدراسات الجيولوجية والتعدينية والبيئية، والاستفادة من الفرص الاستثمارية في القطاعات المستهدفة في استراتيجية المملكة الوطنية للصناعة بما في ذلك الصناعات الدوائية، والأجهزة الطبية.
التقنيات الناشئة
وتضمنت المجالات محل الاتفاق على التعاون، البيئة والمياه والزراعة والأمن الغذائي، والاتصالات، والتقنية، والاقتصاد الرقمي، والابتكار، والفضاء، والنقل والخدمات اللوجستية، والقضاء والعدل بحيث يتم بدء التباحث بشأن مشروع اتفاقية تعاون بين البلدين في المجال القضائي في المسائل المدنية والتجارية.
وشملت المجالات السياحة المستدامة، وتنمية الحركة السياحية بين البلدين، فضلاً عن تعزيز التعاون في "الرياضة، والتعليم، والتعليم العالي، والبحث والابتكار والتدريب الطبي، والتدريب التقني والمهني، وتعليم اللغتين العربية والروسية، والإعلام، والصحة".
وعبر الجانبان عن رغبتهما في تعظيم الاستفادة من المحتوى المحلي في مشاريع قطاعات الطاقة، والتعاون على تحفيز الابتكار، وتطبيق التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة وتطوير البيئة الحاضنة لها.
وأشاد الجانبان بمستوى الاستثمارات المشتركة بين البلدين في المشاريع الصناعية في المملكة بما فيها (4) مصانع في مدن الهيئة الملكية للجبيل وينبع باستثمارات تصل إلى 300 مليون ريال.