بلوشستان.. منطقة حدودية مضطربة تشعل التوتر بين إيران وباكستان

طائرة عسكرية مروحية تهبط في مقاطعة بلوشستان جنوب غرب باكستان. 7 أكتوبر 2021 - REUTERS
طائرة عسكرية مروحية تهبط في مقاطعة بلوشستان جنوب غرب باكستان. 7 أكتوبر 2021 - REUTERS
دبي-الشرق

تشهد منطقة بلوشستان المضطربة على الحدود بين إيران وباكستان، صراعاً منذ سنوات بين قوات الأمن وجماعات مسلحة، إلا أنّها كانت، الأسبوع الجاري، السبب في تصاعد التوتر بين طهران وإسلام أباد، قبل أن يتفق البلدان على التهدئة وإعادة السفيرين.

وكثيراً ما تقع مناوشات على جانبي الحدود، لكنّها نادراً ما تشتعل على غرار ما حدث، الأسبوع الجاري، بعد أن ضربت إيران وباكستان ما تسميه "أهدافاً إرهابية" داخل أراضي كل منهما.

وأعلنت باكستان، الخميس، شن سلسلة ضربات جوية ضد ما سمتها "مخابئ إرهابية" في مقاطعة سيستان وبلوشستان في إيران، أسفرت عن قتل عدد من "الإرهابيين" على حد وصفها، بعد يومين من ضربة جوية شنّتها طهران ضد مواقع في باكستان أودت بحياة طفلين، وقالت إيران إنها هاجمت قواعد تابعة لجماعة "جيش العدل" داخل الأراضي الباكستانية.

هذه بعض الحقائق عن الجماعتين اللتين استهدفتهما باكستان وإيران، وإقليم بلوشستان الذي يقع في قلب المواجهة:

ما هي "جبهة تحرير بلوشستان" التي استهدفتها باكستان؟

تسعى "جبهة تحرير بلوشستان" التي قال مسؤول بالمخابرات الباكستانية، إن الضربات استهدفتها في إيران، إلى استقلال إقليم بلوشستان الذي يقع غرب باكستان.

ويقاتل مسلحون من أقلية البلوش العرقية، حكومة إسلام أباد، منذ عقود، من أجل إعلان دولتهم المستقلة، متهمين الحكومة المركزية بإساءة استغلال موارد الإقليم الغني بالغاز والمعادن والمتاخم لأفغانستان وإيران.

وتستهدف الجبهة وجماعات متمردة ومسلحة أخرى، في كثير من الأحيان مشروعات الغاز والبنية التحتية والمواقع الأمنية في الإقليم، وبدأت في شن هجمات على أجزاء أخرى من باكستان، كما تهاجم مشروعات صينية في المنطقة، وتقتل عمالاً صينيين في بعض الأحيان، على الرغم من تأكيد باكستان أنها تبذل كل ما في وسعها لحماية المشروعات الصينية.

ومنذ عام 2014، استهدف الانفصاليون، المشروعات المرتبطة بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني (CPEC)، وهو مشروع تبلغ تكلفته 58 مليار دولار، ويعد جزءاً من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية (BRI) والتي تمر أجزاء كبيرة منه عبر منطقة بلوشستان الغنية بالمعادن.

ما هي جماعة "جيش العدل" التي استهدفتها إيران؟

تعتبر جماعة "جيش العدل" امتداداً لتنظيم "جند الله"، الذي أطلق تمرداً ضد إيران عام 2000، واستمر لمدة 10 سنوات، مستهدفاً المدنيين والمسؤولين في جنوب شرق إيران، المنطقة الحدودية المضطربة، لكن هذه الجماعة أصابها الوهن منذ أعدمت إيران قائدها عبد الملك ريجي عام 2010، بعد أن اعتقلته في عملية لافتة.

وكان ريجي في رحلة جوية متجهة إلى قرجيزستان، حين اعترضت مقاتلات إيرانية الطائرة، وأجبرتها على الهبوط في طهران، قبل أن تعتقله.

تأسس "جيش العدل" عام 2012 على يد صلاح الدين فاروقي، وهو ناشط معروف بمعارضته دعم إيران للرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية في سوريا.

ومنذ ذلك الوقت، أعلن مسؤوليته عن عشرات الهجمات الدامية التي استهدفت قوات الأمن الإيرانية في تلك المنطقة المضطربة، وكذلك عن عمليات خطف أيضاً.

وتصنف إيران هذا التنظيم الذي تطلق عليه تسمية "جيش الظلم"، جماعة "إرهابية"، وتقول إنه يتلقى دعماً من الولايات المتحدة وإسرائيل.

ما أهمية إقليم بلوشستان؟

تسيطر الطبيعة الجبلية والصحراوية القاحلة على معظم مناطق الإقليم الذي يبلغ عدد سكانه نحو 15 مليون نسمة، ويحتوي على ثروات معدنية غير مستغلة.

الإقليم هو الأكبر من حيث المساحة والأصغر من حيث عدد السكان في باكستان. ويقع على حدود إقليم سيستان-بلوشستان الإيراني حيث نفذت باكستان ضرباتها.

ونظم مئات من البلوش، العديد منهم من النساء، احتجاجات في العاصمة الباكستانية إسلام آباد في الأسابيع القليلة الماضية، اتهموا خلالها الحكومة بالتعامل بقسوة مع سكان الإقليم، والتسبب في الاختفاء القسري، والقتل خارج إطار القانون.

وبلوشستان موقع رئيسي ضمن الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني الضخم الذي تبلغ تكلفته عدة مليارات من الدولارات، ويعد جزءاً من مبادرة "الحزام والطريق". ونفذت الصين مشروعات في قطاع التعدين، كما بنت مطاراً دولياً وميناءً في بلدة جوادار الساحلية جنوب الإقليم.

وتمتلك شركة التعدين الكندية "باريك جولد"، 50% في منجم "ريكو ديك" في بلوشستان، فيما تملك الحكومة الباكستانية والإقليم الحصة المتبقية. 

وتعتبر شركة "باريك"، منجم "ريكو ديك"، أحد أكبر مواقع النحاس والذهب التي لم تحظ باستكشاف وتطوير كاف بعد في العالم.

ما أبرز شكاوى البلوش؟

واجهت محافظة سيستان وبلوشستان الإيرانية، حالة من عدم الاستقرار عام 2022، عندما انضم سكانها إلى تحركات احتجاجية اندلعت في مختلف أنحاء إيران على خلفية وفاة الفتاة الكردية مهسا أميني (22 عاماً) بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق بدعوى عدم التزامها بالقواعد الصارمة للزي في إيران.

وعكست الاحتجاجات التي كان لها وقع خاص، الغضب السائد في البلاد، في حين أقدمت قوات الأمن على قمع التظاهرات.

وفي 30 سبتمبر 2022، لقي أكثر من 80  شخصاً حتفهم، بحسب منظمة العفو الدولية، عندما استهدفت قوات الأمن تحركاً في مدينة زاهدان الرئيسية في سيستان وبلوشستان.

وكثيراً ما اشتكى الناشطون من أن المنطقة تعرضت لتمييز اقتصادي وسياسي من السلطات الإيرانية التي أعدمت أعداداً كبيرة من البلوش، بتهم عدة أبرزها تهريب المخدرات.

وفي انعكاس للفقر الذي يسود المنطقة، يعمل عدد كبير من البلوش في شاحنات نقل الوقود، كما يهربون المحروقات عبر الحدود إلى باكستان حيث يمكن بيعه بسعر أعلى.

وقتلت قوات الأمن الإيرانية العشرات من البلوش خلال السنوات الماضية، وفق ناشطين لوكالة "فرانس برس".

وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنّ 19% من عمليات الإعدام عام 2021 في إيران، كانت بحق أفراد من البلوش.

ويشكو البلوش على الجانب الباكستاني من أنهم محرومون من حقوقهم، ومن عدم الإنفاق على الإدارة المحلية والاحتياجات الاجتماعية.

تصنيفات

قصص قد تهمك