قالت السفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر، الخميس، إن المملكة لا تضع مسألة تطبيع العلاقات مع إسرائيل في "جوهر سياستها" بل "السلام والازدهار"، مؤكدةً حاجة الشعب الفلسطيني إلى "دولة ذات سيادة"، وأشارت إلى أن التطبيع هو شيء وضعته السعودية على الطاولة منذ عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز، ولكنه لن يحدث "دون الشعب الفلسطيني".
وأشارت السفيرة في جلسة بمنتدى دافوس بعنوان "السعودية: جهود مستمرة نحو اقتصاد أكثر استدامة"، إلى أن الشعب الفلسطيني "يستحق دولة وسيادة ومساراً لا رجعة فيه لحل قضيته".
وقالت إن الحرب في غزة والتي خلفت أكثر من 30 ألف ضحية، وسط أوضاع صعبة يعيش فيها الفلسطينيون، "لا تقدم حلاً للسلام ولا مساراً لتحقيق الأمن".
وتابعت: "نتحدث عن 30 ألف ضحية، لنتحدث كذلك عن هؤلاء الذين يعيشون هناك، الأطفال الذين بترت أطرافهم، والناس الذين يختبئون في الكنائس. ليس طبيعياً في أي مجتمع أن تجري مياه الصرف الصحي في الشوارع".
وأضافت: "هذا ليس حلاً للسلام والسيادة، ولا يقدم مساراً لتحقيق الأمن"، وذكرت أنه "فيما تعترف المملكة بحاجة إسرائيل إلى الشعور بالأمان، لكن ذلك لا يمكن أن يكون على حساب الشعب الفلسطيني".
وبسؤالها عن الموعد المحتمل الذي يمكن أن تطبع فيه السعودية العلاقات مع إسرائيل، قالت الأميرة ريما بنت بندر، إن "المملكة كانت واضحة جداً بأنه في ظل العنف واستمرار القتل لا يمكن أن نتحدث عن اليوم التالي وما بعده؛ لأنه يجب حل المشكلة فوراً".
وأضافت: "لكن ما أستطيع أن أقوله، المملكة مستمرة في مد يدها للسلام، لكن حينما نرى اليد الأخرى (إسرائيل) تحمل الدولة الفلسطينية، وهذه مسؤوليتنا التي نأخذها على محمل الجد".
وأشارت إلى أن "السلام كما قلت هي سياسة المملكة، وتعني أن نحدد اليوم مساراً لا رجعة فيه للشعب الفلسطيني، هكذا سنحقق الأمن، فنحن نحمل السلام والازدهار والأمان وصولاً إلى الدولة الفلسطينية".
منطقة "ساخنة ومتقلبة"
وعن توسع حرب غزة في المنطقة، أعربت السفيرة عن "قلقها" من ذلك، قائلة: "قلقون للغاية لأن كل الشرق الأوسط اتفق على الدعوة إلى السلام وخفض التصعيد، لكن في ظل استمرار الوضع، فإن العودة إلى الوراء حتمية مع أي عمل لكيان مارق، أو خطأ".
ووصفت السفيرة السعودية في واشنطن المنطقة بـ"الساخنة والمتقلبة"، مضيفة: "لا نريد تحميل أحفادنا هذا العبء ليقولوا كان لدينا الحل، ولم نكن بحاجة إلى الوصول إلى هذا الوضع".
وتابعت: "اليوم القيادة تقول نحن نشعر بالألم، ولكن سأقوم بالأمر الصحيح، شعبي يتألم لكن سأقوم بالأمر الصحيح؛ لأن المستقبل يتطلب مني القيام بذلك، ونحن نعترف بالصدمة التي تعرض لها الشعب الإسرائيلي في 7 أكتوبر، لكن يجب أن نعترف بالصدمات اليومية المستمرة، والتي تحدث للرجال والنساء في غزة، إضافة إلى الضفة الغربية، وهذا شي لا نستطيع غض الطرف عنه".
واعتبرت الأميرة ريما بنت بندر، أن التحرك نحو الازدهار "مستحيل" في منطقة الشرق الأوسط، "في ظل وجود شعب يعاني من الجوع، ومساعدات متواجدة على الحدود، وسقوط آلاف القذائف".
ووصفت السفيرة السعودية، هجوم "حماس" على إسرائيل في 7 أكتوبر الماضي، بأنه "مروع، وبشع، ومثير للاشمئزاز"، ولكنها أشارت إلى أنه لمعرفة ما حدث ذلك اليوم "يجب العودة إلى جذور المشكلة وعدم الاستقرار في المنطقة، وهو استمرار الاحتلال لمدة 75 عاماً، شهدت توسعاً وانتشاراً العنف في المنطقة".
ولفتت إلى أن "الحل ليس معقداً، وهو واضح، ويجب تحقيقه الآن، وهو حل الدولتين"، وأشارت إلى أن المملكة "تدعم هذا الحل منذ عهد الملك فهد، ومبادرة السلام العربية في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز"، مضيفةً أن "ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قال كنا أقرب من أي وقت مضى".
وشددت على "وجوب أن يسود الهدوء"، لافتة إلى أن كلا الجانبين يعاني الألم والصدمة"، ولكن ما يمكن فعله الآن، هو "وقف فوري لإطلاق نار".
وقالت: "كم من الأطفال يجب أن يموتوا، وكم من الأطراف يجب أن تبتر؟ وكم من الآباء يجب أن يفقدوا مصدر رزقهم".
تحول اقتصادي
من جانبه، أعرب وزير المالية السعودي محمد الجدعان، عن أسفه بشأن الوضع الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط، لكنه أكد أن بلاده "مصممة" على "مضاعفة اقتصادها"، مضيفاً أن "العالم بحاجة إلى سعودية قوية، وإذا لم نكن كذلك، فلن تكون لدينا القدرة على مساعدة المنطقة".
ورغم كل "الصدمات" التي شهدها العالم خلال السنوات الثلاث الماضية، اعتبر الجدعان أن "النظرة المستقبلية" للسعودية "إيجابية جداً"، "لأننا ننطلق من موقع قوي، ففي الجانب المالي، فإن طرق الإدارة المالية شهدت تحسناً كبيراً خلال السنوات السبع الماضية، بكفاءة أكبر، مع خفض عجز الميزانية، وفي الوقت نفسه التركيز على الإنفاق مع تنويع اقتصادنا".
وأكد وزير المالية السعودي أن المملكة "تركز على الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي"، لافتاً إلى "انخفاض معدل الناتج المحلي الإجمالي النفطي من 70% إلى 35%، وهذا إنجاز مهم، ويشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي".
ووصف وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل الإبراهيم، أن الوقت الراهن يمثل "تحدياً"، لكنه اعتبر أن رؤية 2030 "جعلت السعودية دولة قوية وأفضل، وستستمر في التطور".
ولفت إلى أن "الإصلاحات" أدت إلى تحسن الوضع الحالي، مضيفاً "نحن مستمرون في تلك الإصلاحات وبناء القوة، ونحن بدأنا من موقع قوة، إضافة إلى أننا سنستمر في استخدم نفوذنا الدبلوماسي لمعالجة التحديات، فالمنطقة قوية ودائماً ما تواجه التحديات".
وأشار إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في السعودية بنحو 20% منذ عام 2016، موضحاً أن السعودية عام 2022 "كانت أسرع دولة نمواً في مجموعة العشرين بمعدل 8.7%".