تفاؤل بشأن المرحلة الأولى من مسودة الاتفاق وتعقيدات متوقعة أمام الثانية

حرب غزة.. مفاوضات غير مباشرة و"ملفات صعبة" تنتظر "حلولاً وسط"

وحدة مدفعية إسرائيلية متنقلة تطلق النار باتجاه غزة، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة "حماس" بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة، في إسرائيل. 31 يناير 2024 - Reuters
وحدة مدفعية إسرائيلية متنقلة تطلق النار باتجاه غزة، وسط الصراع المستمر بين إسرائيل وحركة "حماس" بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة، في إسرائيل. 31 يناير 2024 - Reuters
رام الله -محمد دراغمة

تواجه المفاوضات "غير المباشرة" التي انطلقت، الخميس، بين حركة "حماس" وإسرائيل في القاهرة، عدداً من الملفات الصعبة التي تتطلب الكثير من الجهود لتجسير الهوة الكبيرة بين مواقف الطرفين.

وأعلنت "حماس" موقفها التفاوضي في ورقة مفصلة سلمتها للوسطين القطري والمصري، ووصلت نسخة منها إلى الجانب الإسرائيلي، يقوم جوهرها على وقف الحرب بصورة تامة، ورفع الحصار عن غزة، وإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

في المقابل أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو موقفاً تفاوضياً مناقضاً، يقوم على تحقيق "الانتصار المطلق" على الصعيد العسكري. وأعلن عقب لقائه بوزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن، مواصلة العمل على "القضاء على حركة حماس"، و"ضمان أن تصبح غزة منزوعة السلاح إلى الأبد".

"حلول وسط"

وتقول مصادر مطلعة على مواقف الطرفين، إن هناك فرصة لـ"حل وسط" في بعض الملفات، لكن هذه الفرص تقل كثيراً في ملفات أخرى.

وتشير المصادر إلى وجود فرصة كبيرة للقيام بالمرحلة الأولى من الصفقة التي تتضمن إطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين من المدنيين الذين تقل أعمارهم عن 19 عاماً والمرضى وكبار السن مقابل أسرى فلسطينيين، إذ طالبت "حماس" في ردها، بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من الفئات المذكورة. وحددت كبار السن ممن تزيد أعمارهم عن 50 عاماً.

كما طالبت أيضاً بإطلاق سراح 1500 أسير فلسطيني، و 500 أسير تسميهم "حماس" وهم المحكومون بالسجن مدى الحياة على خلفية عمليات مسلحة ضد أهداف إسرائيلية.

وتنطبق هذه المعايير على عدد من كبار قادة العمل الوطني والمسلح الفلسطيني الذين رفضت إسرائيل إطلاق سراحهم في عمليات تبادل سابقة، مثل عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" مروان البرغوثي، المحكوم بالسجن المؤبد 5 مرات، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد سعدات المحكوم بالسجن 35 عاماً، وقادة الجناح العسكري لحركة "حماس" الذين اعتقلوا على خلفية الهجمات المسلحة في الانتفاضة الثانية، وحكم عليهم بالسجن مدى الحياة، مثل عبد الله البرغوثي، وعباس السيد، وحسن سلامة، وإبراهيم حامد، وغيرهم.

وتوقعت المصادر أن تواجه المفاوضات صعوبات كبيرة في التوصل إلى حل وسط في هذه الملفات.

المرحلة الثانية الأكثر صعوبة

وتواجه المفاوضات، صعوبات أشد في مرحلتها الثانية التي تهدف إلى إطلاق سراح بقية الأسرى الإسرائيليين، وجلهم من الجنود أو جنود الاحتياط وبينهم عدد من كبار الضباط.

وتشترط حركة "حماس" التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب بصورة تامة قبل الدخول إلى هذه المرحلة من المفاوضات. كما تشترط إطلاق سراح من تبقى من أسرى فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

أما إسرائيل، فتشترط لوقف الحرب إبعاد كبار قادة "حماس"، وفي مقدمتهم رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة يحيى السنوار، والقائد العسكري لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف، وعدد من قادة الجناح العسكري مثل مروان عيسى ومحمد السنوار. وتطالب أيضاً بتجريد قطاع غزة بالكامل من السلاح وتنحي حركة "حماس" عن الحكم في القطاع.

وترفض "حماس" بشدة المطلبين الأول والثاني، وتبدي استعداداً للتنحي عن الحكم لصالح حكومة وفاق وطني فلسطيني تعمل على إدارة قطاع غزة والضفة الغربية.

"صيغ معتدلة"

وقال مسؤولون في حركة "حماس" لـ"الشرق"، إنهم لن يتنازلوا عن شرط وقف الحرب بصورة تامة، لكنهم منفتحون على صيغ معتدلة في هذا الشأن مع تعهدات كاملة من الوسطاء الأميركيين والمصريين والقطريين بوقف الحرب. ورشحت "حماس" دولاً أخرى ضامنة لمثل هذا الاتفاق مثل روسيا وتركيا.

ويرى كثير من المراقبين أن المفاوضات ستستغرق الكثير من الوقت، و"الكثير من الحبر" في صياغة حلول وسط مقبولة من الطرفين.

واقترحت حركة "حماس"، في ردها على "الاتفاق الإطاري" للتهدئة في غزة، خطة لوقف إطلاق النار من شأنها تهدئة القصف الذي يتعرض له قطاع غزة منذ أربعة أشهر ونصف الشهر، وتتضمن الإفراج عن جميع المحتجزين وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة والتوصل لاتفاق لإنهاء الحرب، فيما اعتبر مسؤولون إسرائيليون أن هذا الرد "يجعل فرص إتمام هذه الصفقة صعبة للغاية".

"الاتفاق الإطاري" نقله وسطاء قطريون ومصريون، ويحظى بدعم الولايات المتحدة وإسرائيل، في إطار أهم مسعى دبلوماسي حتى الآن بهدف التوصل إلى هدنة طويلة في قطاع غزة.

وسلّمت "حماس" للوسيطين القطري والمصري، تصورها للهدنة المحتملة في القطاع، والذي يقع في 3 صفحات، بينها تعديلات على ورقة "الاتفاق الإطاري"، التي قُدمت لها بعد اجتماع باريس، إضافة إلى ملحق خاص بالضمانات والمطالب الهادفة إلى "وقف العدوان وإزالة آثاره".

وأكد عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" غازي حمد، الأربعاء، عدم تراجع الحركة عن مواقفها السابقة في ردها على "الاتفاق الإطاري"، سواء ما يتعلق بملف تبادل الأسرى، أو مسألة الوقف الشامل لإطلاق النار قبل التفاوض، معتبراً أن ما جرى "نوع من الالتفاف على الصيغة" من أجل تسهيل عمل الوسطاء في التوصل إلى اتفاق.

وشدد حمد في مقابلة مع "الشرق"، على انفتاح "حماس" على تشكيل حكومة فلسطينية سواء "تكنو قراط، أو فصائلية، أو وفاق وطني" بشرط استنادها إلى أجندة فلسطينية لا أميركية أو إسرائيلية".

وقال إن الحركة "ستكون جزءاً من صياغة السياسة والوضع الوطني الفلسطيني بالتوافق مع كل المكونات الوطنية الفلسطينية"، منبهاً إلى أن "هذه نقطة جوهرية لا يمكن التخلي عنها".

تصنيفات

قصص قد تهمك