روسيا تفاجئ الغرب بزيادة إنتاج الأسلحة.. وخبراء يشككون في الأرقام

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزور مصنع أورالفاجونزافود لإنتاج الدبابات في مدينة نيجني تاجيل. 15 فبراير 2024 - AFP
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يزور مصنع أورالفاجونزافود لإنتاج الدبابات في مدينة نيجني تاجيل. 15 فبراير 2024 - AFP
دبي-الشرق

فوجئ الغرب بقدرات روسيا في إنتاج الدبابات والصواريخ والقذائف مما زاد الضغوط على أوكرانيا في ساحة المعركة، لدرجة أن مسؤولين ومحللين غربيين شككوا في حقيقة الأرقام المعلنة عن حجم الإنتاج العسكري الروسي، وأشاروا إلى تحديات مثل نقص العمالة وتراجع مستوى الجودة، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية. 

وتوقع المسؤولون والمحللون ألا تستمر زيادة معدل الإنتاج الدفاعي الروسي لفترة طويلة بدعوى أنها تستنزف موارد اقتصاد البلاد، وتوقعوا أن يؤدي أي انخفاض في الإنتاج إلى زيادة اعتماد روسيا على مساعدات حلفاء مثل الصين وإيران وكوريا الشمالية.

وقال الباحث في جامعة الدفاع السويدية أوسكار جونسون: "تمكنت روسيا بشكل مبهر من زيادة معدل الإنتاج في العديد من قطاعات الدفاع"، لكنه شكك في "قدرتها على استمرار العمل بنفس الوتيرة".

وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى تصاعد أهمية قدرة روسيا على إنتاج الأسلحة مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثالث، لافتةً إلى أن ذلك يأتي في ظل شكوك بشأن المساعدات العسكرية الأميركية المستقبلية لكييف.

وذكرت الصحيفة أن خسارة أوكرانيا بلدة أفدييفكا الشرقية في فبراير أظهر كيف كانت زيادة إمدادات موسكو من قذائف المدفعية "مسألة حاسمة".

عقوبات غربية

وفي أعقاب غزو لأوكرانيا عام 2022، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها مجموعة من العقوبات تهدف إلى عرقلة صناعة الأسلحة الروسية، وسرعان ما فقدت روسيا جزءاً كبيراً من معداتها، كما نفد مخزونها من الصواريخ والقذائف، لكن الكرملين سارع إلى ضخ الموارد في قطاع صناعة الأسلحة، حيث ذهب العام الماضي، 21% من إجمالي الإنفاق الفيدرالي إلى قطاع الدفاع، مرتفعاً من قرابة 14% عام 2020.

وتشير ميزانية عام 2024 الفيدرالية إلى تسجيل نسبة أكبر من الإنفاق على الدفاع هذا العام، بأكثر من 29%.

ورأت الصحيفة أن موسكو باتت خبيرة في التهرب من العقوبات، حيث حصلت على مكونات مثل الرقائق الدقيقة الغربية، ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية التي لا يمكنها شراؤها مباشرةً عبر دول أخرى.

وكان وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو قال، في ديسمبر، إن "روسيا تنتج 17.5 ضعف من الذخيرة"، و"17 ضعفاً من الطائرات المسيرة"، و"5.6 ضعف من الدبابات" عما كانت تنتجه قبل الحرب.

وأكد مسؤولون غربيون أن روسيا زادت من معدل إنتاج الصواريخ والأسلحة الأخرى، لافتين إلى ارتفع إنتاج قذائف المدفعية من 400 ألف قذيفة عام 2021 إلى 600 ألف في عام 2022، وهو ما يمثل أكثر من الإنتاج الإجمالي المشترك للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحسب تقديرات الاستخبارات العسكرية الإستونية.

ورجح مسؤول كبير في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لم تكشف الصحيفة عن هويته، أن "تستمر روسيا في جهودها الحربية بنفس المستوى الحالي لمدة عامين إلى 5 أعوام أخرى".

وأشارت الصحيفة إلى اعتقاد وكالتين استخباريتين عسكريتين في أوروبا أن "روسيا قادرة على إنتاج أسلحة تكفي لعدة سنوات أخرى".

تراجع معدلات الاستثمار

ونما إنتاج العديد من الصناعات المرتبطة بقطاع الدفاع في روسيا، منها المنتجات البصرية والمعادن المُصنَعة، بما يصل إلى الضعف منذ بداية الحرب، وفقاً لتحليل الإحصاءات الروسية الذي أجراه البنك المركزي الفنلندي.

وخلص التحليل إلى أن زيادات الإنتاج ومستوى الإنفاق العسكري الحالي قد لا يستمر نظراً لتراجع معدلات الاستثمار ونقص القوى العاملة والمواد من قطاعات أخرى من الاقتصاد الروسي.

وأظهر تحليل البنك المركزي الفنلندي أن قسماً كبيراً من الزيادة في الإنتاج المرتبط بالدفاع كان في منتجات منخفضة التقنية، مثل الفولاذ المُصنع، وليس في عناصر أكثر تعقيداً، مثل أشباه الموصلات التي تعتمد روسيا في تصنيعها على الموردين الأجانب.

وعلى الرغم من أن موسكو تمكنت من الالتفاف على العقوبات المفروضة على بعض المنتجات، فإن المكونات الأخرى الأكثر تخصصاً التي كانت تشتريها من الغرب، مثل البصريات الخاصة بالدبابات التي تساعد أفراد الطاقم على الرؤية، يصعب شراؤها من خلال أطراف ثالثة.

وشكك بعض المحللين في أرقام معدلات الإنتاج الدفاعي الروسي، قائلين إن موسكو لا تفرق مثلاً بين أرقام إنتاج المركبات المدرعة المنتجة حديثاً والقديمة التي تم إخراجها من المخازن وتجديدها.

ووصف الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية مايكل جيرستاد أرقام موسكو بـ"المبالغ فيها"، وقال إنها "أخرجت، العام الماضي، ما لا يقل عن 1200 دبابة قديمة من مخازنها، وذلك بناءً على مراجعة صور الأقمار الاصطناعية قبل وبعد بداية الحرب، وهو ما يعني أنها أنتجت على أقصى تقدير 330 دبابة جديدة العام الماضي".

ورجح جيرستاد أن "يكون الرقم الحقيقي نصف هذا العدد"، مضيفاً: على سبيل المثال، يوجد ما يصل إلى 200 دبابة خارج مصنع "Omsktransmash" في مدينة أومسك بسيبيريا، منذ أواخر عام 2022، وفقاً لصور الأقمار الاصطناعية، وذلك على الرغم من أن المصنع لم ينتج أي دبابات جديدة منذ عدة سنوات قبل بدء الحرب.

وذكر نيكولاس دروموند، وهو مستشار للدفاع، أن هذه الدبابات تبدو مثل دبابات T-62 التي لم يتم إنتاجها منذ السبعينيات، وT-55/54 التي تم تصميمها لأول مرة بعد الحرب العالمية الثانية.

وقالت "وول ستريت جورنال" إن هذه الدبابات القديمة ليست ذات نوعية جيدة مثل النماذج الجديدة.

ولجأت روسيا خلال حربها مع أوكرانيا إلى استخدام ذخيرة المدفعية القديمة في مخزونها الذي يبلغ الآن حوالي 3 ملايين طلقة، معظمها في حالة سيئة، بحسب المعهد الملكي للخدمات المتحدة، وهو مركز أبحاث بريطاني.

ورأى المعهد ومحللون آخرون أن إنتاج الذخيرة المحلي في روسيا "ليس كافياً لتلبية احتياجاتها في كييف"، مما يعني أن موسكو ستصبح أكثر اعتماداً على الحلفاء الأجانب.

إمدادات خارجية

وأوضح محللون أن كوريا الشمالية وإيران وبيلاروس زودت روسيا بالذخائر، بينما تلقت من الصين مكونات مثل رقائق الكمبيوتر والمواد الكيميائية.

وقال وزير الدفاع الكوري الجنوبي شين وون سيك مؤخراً إن مصانع الذخيرة الكورية الشمالية تعمل حالياً بكامل طاقتها لإمداد روسيا، مبيناً أن بيونج يانج ربما تكون قد شحنت ما يعادل حوالي 3 ملايين قذيفة مدفعية عيار 152 ملم منذ سبتمبر الماضي.

ووصفت الاستخبارات العسكرية الأوكرانية نوعية الذخيرة الكورية الشمالية بـ"السيئة"، مضيفةً: "في بعض الأحيان أدت لتدمير الأسلحة الروسية نفسها".

وقال المسؤول الكبير في "الناتو" لـ"وول ستريت جورنال" إن "هناك أدلة على أن روسيا شاركت معلومات عسكرية فنية مع الصين وكوريا الشمالية مقابل الحصول على هذه الإمدادات".

وتواجه مصانع الأسلحة في روسيا تحديات تتعلق بالعمالة، وخلال زيارته لأكبر مصنع للدبابات في البلاد، في فبراير، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأحد العمال أنه على علم بنقص العمال المهرة.

وأشارت الصحيفة إلى أن أزمة نقص العمالة في شركة "أورالفاجونزافود" كانت سيئة للغاية بداية العام الماضي، لدرجة أنها استقبلت 250 سجيناً من سجن قريب.

وفي يونيو 2022، قال نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف إن صناعة الأسلحة تعاني نقصاً في العمالة يبلغ حوالي 400 ألف شخص، لافتاً هو ومسؤولون روس آخرون إلى أن القطاع يحتاج إلى حوالي مليوني عامل، مما يشير إلى عجز في عدد العمال يبلغ حوالي 20%.

ولتعزيز الإنتاج، بدأت "أورالفاجونزافود"، التي تضم نحو 30 ألف عامل، الإنتاج على مدار 24 ساعة في مصنعها، ولكن العمال اشتكوا على وسائل التواصل الاجتماعي من عدم كفاية التدريب، ونقص المعدات، وسوء إجراءات السلامة.

تصنيفات

قصص قد تهمك