الرئيس الجزائري: الوقت غير مناسب لطرح موضوع ترشحي

تبون يكشف أسباب انتخابات الرئاسة المبكرة بالجزائر.. وموعد مع التاريخ في فرنسا

الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يتحدث إلى وسائل الإعلام الجزائرية. 30 مارس 2024 - Facebook/AlgerianPresidency
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يتحدث إلى وسائل الإعلام الجزائرية. 30 مارس 2024 - Facebook/AlgerianPresidency
الجزائر-أمين حمداوي

كشف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن أسباب تقديم موعد الانتخابات الرئاسية في بلاده، وقال إن زيارته المرتقبة إلى فرنسا لا تزال قائمة، ووصف لقاءه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأنه "موعد مع التاريخ".

وفي لقاء مع وسائل إعلام جزائرية، السبت، قال تبون: "سننظر إلى الأمور كما يجب أن نراها وليس عاطفياً، نحن اليوم في مرحلة إعادة تأسيس للعلاقات" بين البلدين.

وأضاف: "لن نتخلى عنها (الذاكرة)؛ كما لن نترك أي ميليمتر من الواجب إزاء شهدائنا الأبرار، سواء تعلّق الأمر بشهداء المقاومة الوطنية أو شهداء الثورة التحريرية المجيدة".

وأشاد تبون بما اعتبره عملاً إيجابياً قامت به الجمعية الوطنية الفرنسية، التي تبنّت قراراً يندّد بما وصفته "القمع الدامي والقاتل" ضد أبناء الجالية الجزائرية تحت سلطة مدير الشرطة موريس بابون في 17 أكتوبر 1961 في العاصمة الفرنسية باريس، والذي راح ضحيته ما بين 30 وأكثر من 200 متظاهر سلمي بحسب شهادات مؤرخين.

واعتبر تبون أن العلاقات مع فرنسا وصلت إلى النضج، وينبغي أن يعاد لها التأسيس مجدداً، دون التراجع عن أي جزئية من ملف الذاكرة".

 حرب غزة

ووصف الرئيس الجزائري قرار مجلس الأمن وقف إطلاق النار في غزة بأنه "انتصار الحق على الباطل"، مؤكداً أن بلاده تخوض معركة لتمكين فلسطين من أن تكون بعضوية كاملة في الأمم المتحدة، وأن هناك أملاً حقيقياً لقيام دولة فلسطينية.

وبشأن أزمتي مالي والنيجر، ذكر تبون أن البلدين قررا حل مشاكلهما بدون الجزائر، مشيراً إلى أن بلاده تسير منذ استقلالها وفق سياسة حسن الجوار، وأنها دولة غير استعمارية أو استغلالية، وليس لها أطماع في البلدين، لافتاً إلى أن الجزائر كانت متطرفة في الدفاع عن وحدة مالي وشعبها. 

واعتبر تبون أن المصالحة هي الحل الوحيد في مالي، وأن الماليين أحرار في إدارة شؤونهم، محذراً في السياق ذاته من تداعيات التدخلات الخارجية.

وكان المجلس العسكري الحاكم في مالي قرر، في يناير، إنهاء العمل بـ"اتفاق الجزائر للسلام" مع حركة الأزواد والجماعات الانفصالية في شمال البلاد، والموقع في 2015.

وسبق أن طرحت الجزائر، نهاية أغسطس، مبادرة لحل الأزمة السياسية في النيجر، التي شهدت انقلاباً عسكريا في يوليو، لبلورة حل يضمن عودة النظام الديمقراطي.

الانتخابات الرئاسية

وأوضح تبون أن التعجيل بالانتخابات الرئاسية جاء لأسباب تقنية بحتة لن تؤثر في كيفية سير الانتخابات، معتبراً أن سبتمبر هو الوقت المناسب لإجرائها.

وكانت الرئاسة الجزائرية أعلنت قبل نحو عشرة أيام، في بيان، تقديم موعد الانتخابات، التي كان من المنتظر إجراؤها في ديسمبر، إلى 7 سبتمبر؛ واستدعت على هذا الأساس الهيئة الناخبة بتاريخ 8 يونيو.

وأثار إعلان الرئاسة ردود أفعال على الساحة السياسيّة الجزائريّة، مع عدم نشر الرئاسة توضيحات بشأن الأسباب التي فرضت هذا التقديم وتركِها الباب مفتوحاً أمام التأويلات.

وقال الرئيس الجزائري معلّقاً على الجدل: "لقد قدمت بعض الأسباب حول ذلك، حتى إنه كان هناك تدخل للأجانب في هذه المسألة الذين أدلوا بتكهناتهم في هذا الشأن".

ووصف تبون الأسباب بأنها "تقنيّة محضة، لا تؤثر على الانتخابات أو سيرورتها (سيرها)".

وأضاف: "شهر ديسمبر ليس التاريخ الحقيقي للانتخابات الرئاسية؛ فمن المعلوم أنه في 2019، وبعد استقالة الرئيس المرحوم عبد العزيز بوتفليقة، تولى السلطة رئيس مجلس الأمة الراحل عبد القادر بن صالح مع تحديد تاريخ لتنظيم الانتخابات، غير أنه لم يكن بالإمكان إجراؤها حينها، ليتم بعدها تأجيل هذا الموعد مرة أخرى".

وتابع: "ديسمبر ليس التاريخ الرسمي الذي تعوّدنا عليه لتنظيم الانتخابات الرئاسية بالجزائر؛ والباقي كله فلسفة وتكهنات تختلف حسب الأطراف التي تقف إلى جانبنا أو ضدنا".

ويرى تبون أن شهر سبتمبر الوقت المناسب لإجراء هذا الاستحقاق الانتخابي، خاصة أنه يصادف نهاية العطلة الصيفية وبداية الدخول الاجتماعي بالنسبة للكثير من الجزائريين في الداخل والخارج، والذين سيكون بإمكانهم الإدلاء بأصواتهم.

والدخول الاجتماعي في الجزائر يشير إلى فترة بداية سبتمبر، حيث يعود العمال والموظفون إلى أعمالهم بعد الإجازات الصيفية، والتلاميذ يعودون إلى مدارسهم.

ترشيح تبون أو رحيله

كما رد على الربط بين تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة ووجود أزمة في أعلى هرم السلطة وتوقع بعض التقارير الإعلامية لمغادرة تبون الرئاسة بالقول: "هؤلاء أشخاص في قلوبهم مرض.. سيواصلون سعيهم لزعزعة استقرار البلاد بنشرهم للإشاعات".

وأضاف: "ما يصدر عن هؤلاء أمر طبيعي؛ فهم لم يستوعبوا الدروس التي لقّنها لهم الجزائريون الذين يتحلون بالضمير وحبهم المخلص للوطن".

وإلى جانب التأويلات القائمة على عوامل فنيّة، فإن عدم توضيح الرئاسة مبررات تقديم موعد الانتخابات في بيانها أحدث جدلاً بين المراقبين للشأن السياسي في الجزائر وزاد شكوكهم استخدامُ بيان الرئاسية مصطلح "الرئاسيات المسبقة" بدلاً من "تقديم موعد الانتخابات"، وهو المصطلح الذي أعاد إلى ذاكرة الجزائريين فكرة انسحاب الرئيس من الحياة السياسية.

وشدد تبون على أن الوقت غير مناسب لطرح موضوع ترشحه للانتخابات المقبلة، وقال إن أولويته تتمثل في تجسيد برنامجه الذي التزم به.

واستبعدت مصادر برلمانية، لوكالة أنباء العالم العربي في وقت سابق، خروج تبون من سباق انتخابات الرئاسة الجزائرية، مؤكدين تشكيل لجان مساندة للرئيس.

وفي نهاية العام 2023، أوقف نواب مجلس النواب الرئيس تبون خلال إلقائه خطاباً بقصر الأمم يستعرض فيه حصيلة نشاطه، ليطالبوه بالترشح لولاية ثانية. ورد الرئيس وقتها بقوله: "شكراً على هذه الثقة، وفي آخر المطاف نترك الكلمة للشعب".

وأعلن الجيش الجزائري أيضاً دعمه للرئيس تبون، حيث جاء بافتتاحية مجلة الجيش إن ما تحقق في ظرف 4 سنوات "يبعث على الأمل، ويدعو للاستمرار بخطى ثابتة وواثقة على النهج ذاته"، وهو ما فهمه المتتبعون للشأن السياسي الجزائري على أنه دعم من قيادة الجيش للرئيس تبون.

واكتفت الأحزاب السياسية التي تفاعلت مع إعلان تقديم موعد الانتخابات بتثمينه واعتباره دستورياً؛ ومن بينها حزب "جبهة التحرير الوطني"، الذي ذكر في بيان سابق أنه تلقى بارتياح كبير قرار رئيس البلاد إجراء الانتخابات الرئاسية في سبتمبر.

وكان موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر منذ 1999 يجرى في شهر أبريل؛ لكنّه تأجّل في عام 2019 على وقع احتجاجات شعبية إلى ديسمبر، بعدما أسقطت الانتخابات مرتين.

تصنيفات

قصص قد تهمك